ازدادت التعزيزات العسكرية الأردنية على الحدود مع الأراضي السورية خلال اليومين الأخيرة بشكل كبير وملحوظ، وذلك بحسب معلومات أكدتها مصادر رسمية أردنية وسكان في لواء مدينة الرمثا شمال البلاد، وذلك عقب الضربة الأمريكية لمطار الشعيرات العسكري، التابع لنظام الأسد قبل يومين.
هذه التعزيزات غير المسبوقة، ترافق معها سقوط قذائف عشوائية بشكل يومي ومستمر على مدينة الرمثا من داخل الأراضي السورية، حيث لم تسبب هذه القذائف أي خسائر في الأرواح، بعد سقط جلها في مناطق مفتوحة. لكن سكان مدينة الرمثا الأردنية ما زالوا يشعرون بخوف وخطر كبير، بسبب ازدياد معدل سقوط هذه القذائف في الفترة الأخيرة، حيث لم تكن تسقط بهذا الحجم من قبل، منذ اندلاع الأزمة السورية في 2011.
بالعودة للتعزيزات العسكرية، فقد قالت مصادر أمنية أردنية “إن زيادة التحركات العسكرية أو تخفيفها على الشريط الحدودي مع سوريا، تحدث من باب الإجراءات الاحترازية الاعتيادية، ووفقا لتغييرات الأوضاع على الأرض في الداخل السوري”، بحسب ما تناقلت صحف محلية هذه التصريحات.
تحاول الحكومة الأردنية احتواء الموقف أو تفضل عدم الربط بين هذه التعزيزات العسكرية والضربة الأمريكية لمطار الشعيرات
وهنا، ربما تحاول الحكومة الأردنية احتواء الموقف أو تفضل عدم الربط بين هذه التعزيزات العسكرية والضربة الأمريكية لمطار الشعيرات، حيث تقول المصادر الأمنية “إن المناطق الحدودية الشمالية لم تشهد أي تحركات عسكرية وأمنية غير اعتيادية مؤخرًا على الشريط الحدودي مع سوريا”، على حد وصفها.
المصادر ذاتها أكدت أن “هذه التحركات جاءت لرفع مستوى الجاهزية في حماية الحدود، مشيرة إلى أن ما شاهده السكان من إمدادات عسكرية تكون اعتيادية في مثل هذه الظروف”. مؤكدة في الوقت نفسه أن “القوات المسلحة الأردنية قادرة على حماية الحدود مع سوريا والتصدي لأي ظرف قد يحصل، ومنع حالات التسلسل عبر الحدود، في ظل اشتداد المعارك هناك”.
ما الذي ينتظر الأردن إذا؟
المعارك الضارية التي اندلعت مؤخرًا في جنوب سوريا على الحدود الشمالية للمملكة وتحديدا في ريف درعا، باتت تشكل تحديًا كبيرًا للأردن، لأن القذائف العشوائية طالت أراضيه وبشدة مؤخرًا.
الآن : سقوط قذيفة من الجانب السوري في بلدة#الطرة #الرمثا خلف ديوان عشيرة الرشيدات
ولا يوجد اصابات او خسائر مادية ولله الحمد pic.twitter.com/U8ZiJ78rTc
— Ellena | HKJ ?? (@Ellena_HKJ) April 4, 2017
وفي هذا الجانب، ما تزال بعض المؤشرات الدولية السياسية والميدانية الاقليمية، توحي بأن هناك حربًا وشيكة في جنوب سوريا على الحدود الشمالية للأردن مع انتهاء معركة الباب، وأن الأردن سيكون جزءًا من هذه الحرب بتوافق وتنسيق أمريكي روسي.
فكما هيأت معركة حلب لمعركة الباب بقيادة تركيا من خلال درع الفرات، فإن هذا الدرع فيما يبدو سيهيء لمثله في الجنوب السوري بقيادة الأردن. وبضوء ذلك، يقول محللون إن الأردن بات يتهيء لأسوأ الاحتمالات مع وجود تنظيم “داعش” على بعد خطوات قليلة من الحدود، وعليه، فقد اتخذت القوات المسلحة الأردنية إجراءات عسكرية طارئة على الحدود هذه اليومين.
توزع السيطرة في مدينة درعا جنوب سوريا حتى تاريخ 06/04/2017 بحسب مصادر المعارضة السورية
ووفقا للمحلل السياسي الأردني د.محمد أبو رمان، فإن فالموقف العسكري والأمني الجديد يعقد الأوضاع في درعا أكثر، إذ كان الأردن قد نجح خلال الأشهر الماضية في إقرار تفاهمات مع الروس، وسعى أخيرًا إلى تطويرها لإقامة “منطقة آمنة” تمتد من التنف في أقصى الحدود الجنوبية الشرقية لسوريا، وصولاً إلى الجولان المحتل بما يحمي سكان المنطقة أولاً، ويشكّل فرصة لتحسين الأوضاع الاقتصادية، وربما إعادة نسبة من اللاجئين السوريين إلى مناطقهم، بعد ضمان أمنهم الإنساني.
أبو رمان: يسعى الجيش النظامي إلى إشعال درعا للتشكيك بقدرة الأردن على إقامة المناطق الآمنة في الجنوب السوري
وقال أبو رمان في مقال له تحت عنوان “الأردن وألغام درعا” نشرت في صحيفة الغد الأردنية، إن “المشكلة في تناقض الأجندات الدولية والمحلية، إذ لا يبدي النظام السوري ومعه الإيرانيون ارتياحا لمشروع المناطق الآمنة، لكنهم لا يسعون إلى مواجهته بصورة مباشرة خشية الاصطدام مع الروس”.
وأردف أبو رمان بقوله “لذلك لجؤوا إلى تخريب الهدنة عبر قصف مواقع المعارضة ومحاولة الوصول إلى منطقة الجمرك الحدودية، ما دفع بالمعارضة إلى الاستنفار والإعلان عن بدء عملية “الموت ولا المذلة” في درعا، لذلك يسعى الجيش النظامي إلى إشعال درعا للتشكيك بقدرة الأردن على إقامة المناطق الآمنة في الجنوب”.
الملك يتوقع سقوط الرقة ويحذّر
العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، توقع مؤخرًا سقوطًا وشيكًا لمدينة الرقة السورية، المعقل الرئيسي لتنظيم الدولة، حيث رأى أنه “ينبغي التوصل إلى تسوية مع روسيا حول شبه جزيرة القرم؛ من أجل الحصول على مساعدتها في سوريا”.
هذه التصريحات والتي جاءت في مقابلة مع صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، خلال زيارته إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، الثلاثاء الماضي، أكد فيها الملك أن “الرقة سوف تسقط، وسوف تكون الأمور على ما يرام في سوريا والعراق في معركة هزيمة الإرهاب”.
الملك الأردني خلال المؤتمر الصحفي مع ترامب الأسبوع الماضي
الملك الواثق من سقوط الرقة، لم يخف أن هناك مشاكل وتخوفات تتجه نحو بلده، حيث اعتبر العاهل الأردني أن “المشكلة الوحيدة هي أن المسلحين سوف يتحركون جنوبا نحونا (الأراضي الأردنية)، ما يشكل تحديًا كبيرًا لنا، ولكننا مستعدون لهم بالتنسيق مع الولايات المتحدة والبريطانيين”.
التحولات الخارجية الأردنية
تصريحات الملك الأخيرة لصحيفة “الواشنطن بوست”، فتحت أبواب السؤال لدى المتابعين والمحللين حول تحول السياسة الخارجية الأردنية خصيصًا تجاه نظام الأسد. فقد عبر الملك عن الموقف الرسمي في الشأن السوري حين سألته الصحفية لالي ويموث، حول موقفه من التخلص من الرئيس السوري بشار الأسد بعد الهجمات الكيماوية في بلدة خان شيخون قائلاً: “المنطق يقتضي بأن شخصاً ارتبط بسفك دماء شعبه، من الأرجح أن يخرج من المشهد”.
الموقف الرسمي للأردن تجاه سوريا ينقسم إلى قسمين، أولهما استراتيجي والآخر تكتيكي، فالاستراتيجي يتمثل بالثوابت وهي الحل السياسي والقلق من الجماعات الإسلامية المسلحة، أما التكتيكي فهو المبني على الموقف الدولي والإقليمي
هذا الوضوح لم يكن قبل الآن ظاهرًا لدى النظام الأردنية الذي اعتاد على سياسة الإمساك بالعصا من الوسط، والرمادية، حيث يقول مدير مركز الشرق الاوسط للسياسات والإعلام في الأردن، د.عامر السبايلة، إن “تصريح الملك بات أكثر وضوحًا تجاه نظام الأسد، والآن بدأ الموقف الأردني من الثورة السورية يأخذ منحا آخر أكثر وضوحًا، بعد أن كان يوصف بالضبابي أو المعتدل”
ورأى السبايلة في تصريحات لموقع “أردن الإخبارية” أن “تصريحات الملك عبد الله تنبئ عن تغير واضح في الموقف، يظهر على أنه انحياز للثورة أو على الأقل نواة عداء للنظام السوري. وأشار الباحث في الشؤون الاستراتيجية إلى أن “الأردن بعلاقاته مع جميع أطراف الأزمة في سوريا، يحاول الموازنة بين مصالحه ويحفظ خط الرجعة في حين فشل أحد الأطراف، فهو بالتالي يسمح للمعارضة السورية بالتحرك بحرية إلى حد ما داخل أراضيه، لكنه في الوقت ذاته لم يقطع العلاقات الدوبلوماسية مع نظام بشار الأسد”.
ويخلص كثير من المحللين السياسيين إلى أن “الموقف الرسمي للأردن تجاه سوريا ينقسم إلى قسمين، أولهما استراتيجي والآخر تكتيكي، فالاستراتيجي يتمثل بالثوابت وهي الحل السياسي والقلق من الجماعات الإسلامية المسلحة، أما التكتيكي فهو المبني على الموقف الدولي والإقليمي”.