“استدعت شيوخ اليمن الشمالي وتجاهلت شيوخ قبائل الجنوب، تستضيف الصحافيين الشماليين وتصرف لهم رواتبًا شهرية، فتحت قناة الشرعية لمهاجمة الجنوبيين”، جزء من حديث طويل لسياسي جنوبي حضر لقاء جمع لفيف كبير من شيوخ اليمن الشمالي، وغاب عنه شيوخ القبائل الجنوبية التي انتصر رجالها في معركة التصدي للعدوان الإيراني على الجنوب في منتصف العام 2015، وفشل من تستضيفهم السعودية.
قلت له: “السعودية تعتقد أن الجنوبيين في (الجيب) وهي تحاول شراء ذمم المتمرديين فقط”، ضحك ثم قال: “يبدو ذلك”.
اللجنة الخاصة والجنوبيين
في مايو/ آيار 2016، تلقيت اتصالًا من مسؤول في وزارة الإعلام اليمنية (جنوبي)، أبلغني أن اللجنة الخاصة السعودية طلبت منهم تقديم أسماء صحافيين جنوبيين من أجل دعمهم وصرف رواتب شهرية لهم من اللجنة الخاصة، أسوة بالصحافيين الشماليين، وأنه خلق نوعًا من التوازن في الدعم، بعد أن ظل محصورًا على الشماليين دون الجنوبيين.
قال لي هذا المسؤول الذي أقيل لاحقًا من منصبه في وزارة الإعلام اليمنية: “جلسنا مع اللجنة الخاصة وطلبنا منهم دعم الصحافيين الجنوبيين، وطلبوا منا تقديم أسماء”.
أجبته بأنني لست مخولًا لطرح أسماء، ولا أحب أن أقحم نفسي في مثل هكذا مواضيع، ولا أعرف توجهات الكثير من الصحافيين، وطلبت منه أن يعذرني، وانتهت حينها المكالمة التليفونية.
مرت الأيام والشهور والتقيت هذا المسؤول في عدن بعد أُن أبعد من وزارة الإعلام وتناقشنا في العديد من القضايا خاصة الجنوبية، وعرجنا على موضوع اللجنة الخاصة السعودية، وأبلغني أن الجانب السعودي رفض كل الأسماء الجنوبية، وأنه تم استبدالهم بصحافيين من حزب الإصلاح البعض منهم يقيم في مصر وتركيا، حديث ليس مستغربًا أبدًا.
ابن سلمان يتغزل باليمن
“اليمن عُمقنا العربي”، هكذا تحدث محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي متغزلًا في لقاء جمعه بعشرات من شيوخ وزعماء القبائل اليمنية في شمال اليمن، في أعقاب اجتماع، ألقى فيهم كلمة جدد فيها التأكيد على أهمية العلاقة السعودية اليمنية.
بن سلمان: “المملكة تنظر لليمن على أنه العمق الاستراتيجي للأمة العربية”
وقال الأمير محمد بن سلمان: “المملكة تنظر لليمن على أنه العمق الاستراتيجي للأمة العربية”، قائلًا لكبار مشايخ القبائل اليمنية: “نحن معكم في كل خطوة إلى آخر يوم في حياتنا”.
عمق العرب
وجدد بن سلمان تأكيد التزام المملكة بالوقوف إلى جانب اليمن ودعم الشرعية فيه، مشيرًا إلى أن أكبر خطأ قام به العدو – في إشارة إلى الحوثيين – أنه يحاول المس بعمق وصلب العرب، مضيفًا أن الوضع في المنطقة انقلب تمامًا خلال عام ونصف.
وأضاف “نعلم أن رجال اليمن ليسوا بحاجة للمساعدة من أحد وأنهم إذا استنفروا سيقضون على العدو ولن يقفوا إلا في عقر داره، لكننا لا نستطيع في السعودية أو الدول العربية الأخرى أن نرى استنفار الرجل اليمني إلا ونقف بجانبه سواء في الخير أو الشر”.
تخليص اليمن من عدو غاشم
ونقلت صحيفة عكاظ السعودية عن شيخ قبلي من اليمن الشمالي التقته في الفندق الذي يقيم فيه قوله “لأنه يثق بحكمته وحنكته في عودة الأمن والاستقرار لليمن، ولأنه يحرص على بنائه من جديد، بعد تخليصه من عدو غاشم، تجاهل ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في حديثه للمشايخ الإشارة إلى الحوثيين والمخلوع صالح وأنصاره، وترفع عن الدخول معهم في جدل، وركّز على المستقبل”.
وقال الكاتب عبد الله آل هتيلة في عكاظ: “المتابع لحديث الأمير محمد بن سلمان إلى مشايخ اليمن، يدرك الأبعاد المهمة التي يرمي إليها، وتأكيده على ربط أمن اليمن بالأمن العربي، باعتباره عمق استراتيجي، يحتل موقعًا مميزًا يتأثر بالأحداث ويؤثر فيها، محملًا الجميع مسؤولية المحافظة على يمن هو أصل العرب وملتقى حضاراتهم”.
رسالة قوية
وقال الكاتب “بحديث ابن سلمان إلى مشايخ اليمن عن أهمية البلد الجار إلى السعودية فإنه قد وجه رسالة قوية، بأن على الحوثيين والمخلوع صالح أن يتخلوا عن إيران، وأن يعودوا إلى جادة الصواب، وأن يرتهنوا للقرارات الدولية والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني، وأن ينهوا انقلابهم بتسليم السلطة للحكومة الشرعية، ليثبتوا للعالم أنهم أخطأوا بحق اليمن وشعبه، ولديهم الرغبة الجادة في بناء السلام العادل في ربوع اليمن الذي دمروه وقتلوا فيه الأبرياء”.
ولفت الكاتب إلى أن الرد من مشايخ قبائل اليمن جاء بالشكر والعرفان إلى دور المملكة العربية السعودية ودعمها المتواصل لليمن.
استراتيجية سعودية متواصلة
لم تغير الحرب أي شيء في استراتيجية المملكة العربية السعودية وعلاقتها بزعماء القبائل الذين تقدم لهم رواتب شهرية عن طريق ما يسمى باللجنة الخاصة، لكن الكثير من زعماء القبائل الذين يتلقون أموالًا من الرياض قاتل البعض منهم إلى جانب الحوثيين.
دعم سعودي كبير لمشايخ يقاتل أفرادها مع الحوثيين
يتركز الدعم السعودي لقبائل حاشد وبكيل كبرى قبائل اليمن الزيدي، لكن أفراد تلك القبائل يقاتلون في صف الانقلاب والبعض منهم يشن هجمات على السعودية، لكن الرياض وفقًا للعديد من المصادر لا تزال تقدم لهم دعمًا كبيرًا ومتواصلًا.
لم تطلب المملكة من زعماء تلك القبائل إجبار أفرادهم على عدم القتال في صف الحوثيين وقوات المخلوع صالح
لم تطلب المملكة من زعماء تلك القبائل إجبار أفرادهم على عدم القتال في صف الحوثيين وقوات المخلوع صالح، وكشفت مصادر يمنية أن شيخ قبائل بكيل محمد ناجي الشائف طالب المملكة العربية السعودية بزيادة الدعم للقبيلة ومنح أبنائها امتيازات خاصة.
وعلى الرغم من تأييد الشائف للانقلابيين ومناهضة التحالف العربي عند انطلاق عاصفة الحزم، فإنه حين شاهد السيطرة الحربية على كل اليمن، عاد لتأييد عاصفة الحزم ولكن بعد أن وصفت وسائل إعلام تابعه له وتمولها الرياض، التحالف العربي بالعدوان.
الشائف: صالح رجل حكيم والحوثي رقم صعب
في العام 2012، ظهر الشائف في مقابلة مع قناة اليمن اليوم للتعليق على خلافه مع رئيس الحكومة اليمنية حينها محمد سالم باسندوة.
يعرف الشائف بأنه أحد رجالات صالح، حيث وقف إلى جانب رئيس اليمن المعزول إبان الثورة الشعبية التي أطاحت به من الحكم في العام 2012، وقال الشائف حينها: “علي عبد الله صالح رجل حكيم وقوي ومحبوب لدى عامة الناس”، مشيرًا إلى أنه لو ترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة لفاز بها.
“العدوان” وهو الوصف الذي يطلقه الانقلابيون على قوات التحالف الذي تقوده السعودية
وقال الشايف إنه لولا هروب الفاسدين إلى ساحة الجامعة لانضم إليها لكن بعد أن التحق كبار الفاسدين إلى الساحة فضل البقاء مع علي عبد الله صالح، مشيرًا إلى أن أغلب مشايخ حاشد مع علي عبد الله صالح، وعن علاقته بالحوثي قال الشائف إن الحوثي أصبح رقمًا صعبًا ومن يقول غير ذلك غبي.
فرجل صالح الذي أعلن تأييده للانقلابيين في أثناء قصف طائرات التحالف العربي مطار صنعاء وقاعدة الديلمي العسكرية، أعلن تأييد العاصفة، ووصفت وسائل إعلام تابعة للشائف بينها موقع إلكتروني وقناة تليفزيون التحالف العربي بـ”العدوان” وهو الوصف الذي يطلقه الانقلابيون على قوات التحالف الذي تقوده السعودية.
احتواء أم هروب؟
وقالت وسائل إعلام يمنية موالية لجماعة الإخوان: “التوازنات القبلية في اليمن تلعب دورًا محوريًا بالغ الأهمية، لا يمكن لصانع السياسة في الدولة أن يتجاهله، لا سيما أن نظام القبيلة في اليمن أشبه ما يكون بفيدرالية عرفية رخوة شديدة التفتت، حيث ما زال النظام القبلي في اليمن محافظًا على أكثر سماته التقليدية التي ظلت عصية على التمدن، ورغم ذلك تعد القبيلة اليمنية عبر تاريخ الدولة الحديثة وقبلها، عاملًا مؤثرًا في القرارات السياسية للدولة، وجزءًا أصيلًا من مكوناتها الفعالة”.
تقول تلك الوسائل الممولة سعوديًا: “من الواضح أن السعودية تسعى من خلال هذه الخطوة إلى لي ذراع الحوثيين من الجانب المؤلم، وهو الجانب القبلي، الذي غفل عنه التحالف كثيرًا في بداية الأمر، ويسعى الآن إلى احتوائه، كخطوة تصحيحية، يرى كثيرون في الداخل اليمني أنها جاءت في وقتها المناسب”، ولا يبدو أن الاجتماع السعودي بمشايخ اليمن من باب الاحتواء لشيوخ القبائل، فهو ربما هروب من فشل عسكري أو رضوخ لابتزاز القبائل اليمنية، التي تطالب بزيادة الدعم المالي لها.
وعلى الرغم من أن السعودية تقدم دعمًا شهريًا منذ عقود لقبائل اليمن الشمالي فإنها لم تقم بأي تحرك ضد الانقلابيين بل إن أفرادها يقاتلون بشراسة ضد القوات الموالية للشرعية ويصفون تحالف السعودية بأنه عدوان على بلادهم.
دعمت السعودية حكم الإمامة في الشمال إلا أنه انهار ليأتي عقبه حكم جمهوري
تتمسك السعودية بالاستراتيجية القديمة التي اتخذها ملوك سابقون والمتمثلة في دعم قبائل اليمن الشمالي من أجل خلق تحالفات الهدف منها دحر شرور الجار، فاليمن الشمالي مثل مصدر قلق للسعودية طول العقود الماضية.
دعمت السعودية حكم الإمامة في الشمال إلا أنه انهار ليأتي عقبه حكم جمهوري، سرعان ما نجحت السعودية في استمالته وخلق تحالفات معه، رغم وقوفه ضد الثورة التي قادها جمال عبد الناصر وقاتل فيها الجيش المصري بشراسة حتى استعاد الحكم من الملكيين إلى الجمهوريين.
تعتقد الرياض أنها بالمال تستطيع حماية حدودها، لكن الحرب الأخيرة تركت أثرًا في نفوس اليمنيين الشماليين الذين يرون السعودية دولة قادت تحالفًا عربيًا لتدمير بلادهم، رغم مناهضة جزء منهم لحلف الحوثيين وصالح، لكن السعودية ترى أنه لا خيار أمامها غير استمرارها في شراء ذمم شيوخ اليمن الشمالي للحد من تهديد أراضيها وخلق تحالفات جديدة، رغم الواقع الذي أفرزته الحرب.
لن يحقق شيوخ الشمال رغبة السعودية في دعم الحرب ضد الحوثيين، لكنهم قد ينجحون في التخفيف من حالة العداء للسعودية في اليمن، لكن السعودية تجاهلت بشكل ملفت لمشايخ اليمن الجنوبي الذين كان لبلادهم الدور الأبرز في هزيمة تحالف الحوثيين وصالح.
نجح الجنوبيون في الانتصار لبلادهم وللتحالف العربي الذي تقوده السعودية، إلا أن الرياض لا تزال تتعامل بقطيعة معهم
نجح الجنوبيون في الانتصار لبلادهم وللتحالف العربي الذي تقوده السعودية، إلا أن الرياض لا تزال تتعامل بقطيعة معهم، وقد أثار اجتماع قبائل اليمن الشمالي بابن سلمان حالة من الجدل عقب استثناء مشايخ القبائل الجنوبية.
في هذا الصدد يقول القيادي الجنوبي أديب العيسي معلقًا على الاجتماع “عقد في الرياض اجتماع بالقبائل اليمنية مع سمو الأمير محمد بن سلمان حضرت قبائل الشمال ولم يحضر من الجنوبيين سوى المنصب والعيدروس”، متسائلاً “لماذا هذا التجاهل المتعمد لكل شيء في الجنوب رغم أن الحرب أفرزت واقعًا جديدًا؟”.
علاقة محصورة في الشمال
يبدو أن السعودية لا ترغب في خلق تحالفات مع الجنوبيين وتفضل أن تظل علاقتها منحصرة في إقليم اليمن الشمالي، على الرغم من أن الجنوبيين أسهموا بشكل كبير في تنمية الاقتصاد السعودي عبر رؤوس أموال جنوبية.
لم يحضر الاجتماع شيوخ وسلاطين من الجنوب يعيشون في السعودية، حيث قالت مصادر حاضرة إن الاجتماع اقتصر على زعماء الشمال ولم يحضر من الجنوب غير شخصيتين ليستا من زعماء القبائل وإنما شخصيات اجتماعية.
وربطت مصادر سياسية تجاهل شيوخ الجنوب من قبل حكومة المملكة أنها تعتقد أن الجنوبيين لا يمكن أن يكونوا مصدر عداء للسعودية، والرياض تفكر جديًا في خلق بيئة صديقة في الشمال خاصة في ظل الحرب وحالة الغضب الذي تولد لدى غالبية السكان في الشمال، الأمر الذي استغله الانقلابيون في تجييش القبائل لخوض حرب بالنيابة عن طهران في مواجهة الخليج العربي والسعودية تحديدًا.
تبقى السعودية بحاجة إلى خلق تحالفات مع الجنوبيين الذين صدقوا في الحرب أفضل من غيرهم
تحالفات الرياض لن تأتي بجديد، فهي تحالفات صورية، فلا يمتلك زعماء القبائل التأثير على أفراد القبائل التي تصر على أن الحرب في اليمن هي حرب تقوم بها أمريكا وإسرائيل ضد بلادهم، وفقًا لما يروج له إعلام الانقلاب.
تبقى السعودية بحاجة إلى خلق تحالفات مع الجنوبيين الذين صدقوا في الحرب أفضل من غيرهم، لكن المؤشرات تؤكد أن السعودية ماضية في الوقوف ضد تطلعات الجنوبيين وهو ما قد يصعب المسألة أكثر ويعرقل أي جهود لإحلال السلام في البلد المضطرب منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي.
وتظل التحالفات اليمنية السعودية، محل ترقب لما بعد الحرب، حيث من المؤكد أن تظهر للسطح تحالفات جديدة، فالشماليون الذين نجحوا في ابتزاز السعودية عسكريًا وماليًا، لا يمكن أن يكونوا حلفاءً للرياض مهما قدمت لهم من أموال، فالحرب قضت على كل الأمل في خلق تحالفات، وهو مشهد متكرر لمشهد العدوان اليمني على الجنوب في صيف 1994م، حين شن اليمنيون الشماليون حربهم المدمرة على الجنوب، الأمر الذي ولد مقاومة سلمية في العام 2007م، أجبرت على خوض القتال مرة ثانية للدفاع عن بلادهم ضد الغزو الشمالي، مما ولد رفض جنوبي لكل ما هو شمالي وهو ما يهدد بحرب جهوية في حال شن الشماليون حربًا ثالثة.
تدعم بقاء الوحدة وتمارس الانفصال الضمني
لا شك أن السعودية لا ترغب في خلق تحالفات مع الجنوبيين الذين انتصروا في معركة ردع العدوان على بلادهم، والانتصار لبلادهم وللتحالف العربي الذي تقوده الرياض، لكن الأخيرة لم تعر أصحاب الانتصار الوحيد في الحرب أي اهتمام وذهبت لخلق تحالفات مع قوى يمنية شمالية لا تزال تقصف الأراضي السعودية بشكل يومي وذهب عشرات المدنيين قتلى نتيجة لقصف قام به عناصر قبائل زيدية استضافت السعودية شيوخها مؤخرًا وتصرف عليهم رواتبًا شهرية منذ عقود.
“قناة الشرعية” هي أبرز وسيلة إعلام سعودية أنشأتها اللجنة الخاصة للمساهمة في الحرب الإعلامية ضد الانقلابيين، لكنها سلمتها لإعلاميين من الشمال اليمني وأغلبهم من تنظيم الإخوان المسلمين المشهور بعدواته القديمة للجنوبيين، وهو التنظيم الذي سبق وأصدر شيوخه فتوى دينية اعتبرت الجنوبيين ليسوا مسلمين، وشاركت عناصره الجهادية إلى جانب قوات صالح في العدوان الأول على عدن في صيف العام 1994م.
فالسعودية، كشفت وفي صحيفة الرياض الرسمية عن توجهها تجاه اليمن، من خلال تمسكها ببقاء الوحدة اليمنية التي تمت في العام 1990م بين اليمن الجنوبية والعربية اليمنية، قبل أن ينقلب عليها اليمنيون الشماليون بحرب صيف 1994م.
الرياض على لسان السياسي الفوزان “ليس في مصلحتنا إقامة دولة جنوبية”، وهو خطاب فيه نبرة انقلاب على حلفاء الرياض من الجنوبيين
وقالت الرياض على لسان السياسي الفوزان “ليس في مصلحتنا إقامة دولة جنوبية”، وهو خطاب فيه نبرة انقلاب على حلفاء الرياض من الجنوبيين، ونعت الفوزان الجنوبيين بالانفصاليين مع أنه اعترف بأنهم يسعون لاستعادة دولتهم السابقة (اليمن الجنوبية).
وهاجم الفوزان المقاومة الجنوبية التي قاتلت تحت راية علم اليمن الجنوبي بالقول “هم موجودون منذ بدأت عاصفة الحزم وأفعالهم وأقوالهم تكشف نواياهم ونوايا من يدعمهم”، قائلاً: “من مصلحتنا أن تبقى اليمن موحدة، وأن تبقى مصادر الثروة في الجنوب لليمنيين كلهم”.
وعزز التوجه هذا، حديث للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، الذي أكد أنه ضد استقلال الجنوب، وأن الحل هو بقاء الوحدة، مبررًا بإن اليمن الشمالي سيكون في العام 2034 دون ماء وبالتالي فإن سكان اليمن الشمالي دون ماء.
وتناسى هادي الذي ينحدر من الجنوب الحروب التي شنت على بلاده، وشارك في إحداها – هي حرب صيف 1994 -، فانتهاج الرياض هذا النهج المعادي للجنوبيين، سوف يعزز من الانقسام في المنطقة وقد يربك عملية استكمال إنهاء الانقلاب ودحر الاحتلال الايراني من المنطقة.
السعودية تتمسك بالوحدة من أجل حصول الشماليين على نصيب الأسد من ثروات الجنوب، لأنها قد توقف الدعم الذي تقدمه للشماليين، فالتضحية بثروات بلد جار أهون من التضحية بثرواتها
قلت في مقالة سابقة إن السعودية تتمسك بالوحدة من أجل حصول الشماليين على نصيب الأسد من ثروات الجنوب، لأنها قد توقف الدعم الذي تقدمه للشماليين، فالتضحية بثروات بلد جار أهون من التضحية بثرواتها، وربما هي رضخت لابتزاز شمالي، وأعلنت تمسكها بالوحدة اليمنية.
لكن كل تلك المشاريع لن يكتب لها النجاح طالما هناك من يصر على معاداة الجنوبيين وسلبهم حقهم في الحرية والاستقلال، وسقوط اليمن في آتون الفوضى، تأكيد على فشل السعودية في حربها ضد التمدد الإيراني والحفاظ على اليمن مستقرًا يسوده العدل وينصف فيه من ظلم وقتل.
كما أنه من المعيب في حق دول الإقليم أن يصروا على بقاء الوحدة في ظل الحروب التي يشنها اليمنيون الشماليون على الجنوب، وما يمارس ضد بلادهم المحررة من حرب في الخدمات وانقطاع التيار الكهربائي، دليل على فشل الحكومة الشرعية المدعومة سعوديًا.