“إحنا بنعلن حالة الطوارئ مش أبدًا إلا عشان نحمي بلدنا ونحافظ عليها ونمنع أي مساس بقدرتها أو بمقدرتها، والأجهزة الأمنية لا بد أن تكثف جهودها لضبط الجناة والمجرمين ومن خلفهم عشان يتحاسبوا” بهذه الكلمات برر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قرار إعلان حالة الطوارئ الذي أعلنه أمس ردًا على تفجيري كنيستي مارجرجس بطنطا والمرقسية بالإسكندرية، والذي أودى بحياة 47 مصريًا وإصابة 126.
الطوارئ، هذا القانون سيئ السمعة الذي ارتبط في ذهن المصريين منذ إقراره عام 1956 بحملات ضارية ضد منظومة الحقوق والحريات، ها هو يعود من جديد بصورة رسمية وذلك بعد أقل من خمسة أعوام على إلغاء العمل به في أعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير.
العديد من التساؤلات فرضت نفسها مع اللحظات الأولى لإعلان السيسي العمل بهذا القانون لفترة 3 أشهر قادمة، أبرزها مدى قانونية إصداره من الناحية الدستورية، والصلاحيات الممنوحة للنظام في الدستور الجديد 2014، والفارق بين إجراءات تنفيذ القانون المقترحة الآن مقارنة بما كانت عليه في عهد مبارك، ثم محاولة الإجابة على السؤال الأكثر حرجًا: هل الطوارئ هي الحل؟
هل القرار دستوري؟
تنص المادة (154) من الدستور على “يعلن رئيس الجمهورية، بعد أخذ رأي مجلس الوزراء حالة الطوارئ، على النحو الذي ينظمه القانون، ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس النواب خلال الأيام السبع التالية ليقرر ما يراه بشأنه، وإذا حدث الإعلان في غير دور الانعقاد العادي، وجب دعوة المجلس للانعقاد فورًا للعرض عليه، وفى جميع الأحوال تجب موافقة أغلبية عدد أعضاء المجلس على إعلان حالة الطوارئ، ويكون إعلانها لمدة محددة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، ولا تمد إلا لمدة أخرى مماثلة، بعد موافقة ثلثي عدد أعضاء المجلس، وإذا كان المجلس غير قائم، يعرض الأمر على مجلس الوزراء للموافقة، على أن يعرض على مجلس النواب الجديد في أول اجتماع له، ولا يجوز حل مجلس النواب في أثناء سريان حالة الطوارئ”.
وبنص المادة يشترط الحصول على موافقة مجلس الوزراء قبل إعلان الطوارئ، ثم يعرض بعد ذلك على مجلس النواب الذي يشترط أيضًا موافقة أغلبية أعضائه قبل تمرير القرار، وهو ما لم يحدث حتى الآن، وإن كان السيسي أشار في كلمته أن القانون سيتم فرضه بعد استيفاء الشروط.
الطوارئ ما بين السيسي ومبارك
تم سن قانون الطوارئ في مصر والذي يحمل رقم ( 162 لسنة 1958)، بغرض مواجهة الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد أوقات الحروب وغيرها من الأزمات، وتم بمقتضاه فرض حالة الطوارئ بدءًا من حرب 1967، وحتى 1980، ثم تم تجميد العمل به لمدة 18 شهرًا حتى تم إعادته مرة أخرى بعد اغتيال الرئيس أنور السادات في أكتوبر 1981.
وبهذا الإعلان يدخل السيسي ضمن قائمة رؤساء مصر السابقين الذين فرضوا حالة الطوارئ خلال فترات حكمهم، بدءًا بجمال عبد الناصر مرورًا بالسادات وصولاً إلى مرسي، إلا أن المرحلة التي شهدت أطول فترة عمل بهذا القانون كانت في عهد مبارك، حيث استمر العمل به ما يقرب من 30 عامًا منذ ولايته وحتى بعد تنحيه.
وبعد مرور 36 عامًا على فرض مبارك حالة الطوارئ على مصر عام 1981 وحتى إقرار السيسي لها في 2017، هناك تساؤل يداعب أذهان البعض ألا وهو: هل هناك فارق بين طوارئ مبارك وطوارئ السيسي؟ وهو ما يدفع إلى إلقاء الضوء على أبرز نقاط الاتفاق والخلاف بين الحالتين.
- مدة إعلان الطوارئ
في عهد مبارك.. أجاز الدستور حينها تمديد العمل بقانون الطوارئ لمدة 3 سنوات على أن تجدد وفق الحاجة، إلا أن مبارك ظل يعمل بهذا القانون منذ 1981 وحتى بعد تنحيه حين توقف العمل به في مايو 2012 خلال الفترة الانتقالية لحكم المجلس العسكري بعد ثورة يناير.
في عهد السيسي.. حدد الدستور فترة العمل بقانون الطوارئ لمدة 3 أشهر، مع إمكانية مدها لفترة واحدة فقط، بشرط موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب، وهو ما يفسر لماذا حدد السيسي فترة إعلان الطوارئ بثلاثة أشهر.
البعض يرى أنه وفق الدستور فإن فرض حالة الطوارئ لا يمكن أن يتجاوز ستة أشهر، وهو ما فنده آخرون بالقول بأن وسائل الالتفاف على هذه الجزئية الدستورية كثيرة، إذ إنه بعد مرور الأشهر الست وهي الحد الأقصى لفرض الطوارئ، من الممكن أن يعلن الرئيس الطوارئ مرة أخرى بعدها بأيام قليلة، ليمدها ستة أشهر جديدة، وهكذا خاصة في ظل وجود برلمان داعم بشكل قوي لكل قرارات الرئيس ونظامه.
حدد الدستور فترة العمل بقانون الطوارئ لمدة 3 أشهر، مع إمكانية مدها لفترة واحدة فقط، بشرط موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب
- المحاكم الاستثنائية
في عهد مبارك.. القانون أعطى الرئيس الحق في العمل بمحاكم أمن الدولة العليا طوارئ، وتشكيل محاكم استثنائية للطوارئ في جميع المحاكم بدرجاتها المختلفة، مشكلة من قضاة مدنيين فقط.
في عهد السيسي.. سيكون من حق رئيس الجمهورية تخصيص دوائر للطوارئ في جميع المحاكم الابتدائية والاستئنافية، مع حقه في ضم ضباط الجيش إلى تلك المحاكم.
- الاحتجاز والاعتقال دون إذن قضائي
في عهد مبارك.. أعطى قانون الطوارئ السلطة التنفيذية خاصة وزارة الداخلية سلطات واسعة النطاق، تغولت بها على السلطة القضائية والتشريعية وقدرتها على التحقق من الكثير من الأحكام والحالات، فضلاً عما منحته من صلاحيات احتجاز واعتقال المواطنين إلى أجل غير مسمى دون تهم محددة.
تقارير منظمات حقوق الإنسان تشير إلى أرقام بعشرات الآلاف من الشباب المعتقلين في عهد مبارك بتهم سياسية دون محاكمة، في ظل هذا القانون الذي حال دون المعتقل وحقه الطبيعي في الدفاع عن نفسه.
في عهد السيسي.. لم تتغير صلاحيات القانون الذي تم منحها في عهد مبارك عن الوضع الحالي، غير أن ثورة يناير أضفت بعض التغيير على هذا القانون في يونيو 2013 حين أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمًا بعدم دستورية بعض الصلاحيات الواردة في قانون الطوارئ، لا سيما الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القانون (رقم 162 لسنة 1958) والتي كانت تنص على إمكانية “القبض على المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام واعتقالهم والترخيص فى تفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية”.
وبهذا الحكم سقط عن الرئيس ومن يفوضه سلطة اعتقال أي مواطن أو احتجازه دون إذن قضائي، إلا أن هذا الحكم على أرض الواقع غير عملي بالمرة، فالنظام ليس بحاجة لهذا الغطاء الدستوري في هذه المسألة، إذ إن هناك الآلاف من الشباب داخل السجون والمعتقلات دون تهم حتى الآن، فضلاً عن حالات الاختفاء القسري المتزايدة.
وردًا على من يعتقد أن حكم الدستورية إلزام على النظام الحالي بعدم اعتقال أو احتجاز أي مواطن دون إذن قضائي، فأمام الرئيس خيار آخر يتمثل في دفع الحكومة لتعديل قانون الطوارئ داخل مجلس النواب، لإعادة سلطة الاعتقال والتفتيش دون إذن مرة أخرى.
المحكمة الدستورية في 2013 أسقطت مادة اعتقال المواطنين واحتجازهم دون إذن قضائي
- الضغوط الدولية
في عهد مبارك.. كانت الضغوط الدولية لا سيما الأمريكية تمثل عقبة أمام نظام مبارك في ممارساته التي ينتهك من خلالها حقوق المواطن المصري وفق الصلاحيات الممنوحة له بقانون الطوارئ، وهو ما كان يكبل يد سلطاته الأمنية إلى حد ما.
تلك الضغوط دفعت مبارك في كثير من الأحيان إلى الإفراج عن عدد من المعتقلين، فضلاً عن تراجعه عن فكرة حبس الصحفيين وتقييد حرية التعبير وغير ذلك من مظاهر الحريات والحقوق التي نص عليها الميثاق الدولي لحقوق الإنسان، والذي كانت تستخدمه واشنطن كورقة ضغط ضد القاهرة، وكان يستجيب مبارك له في أوقات كثيرة.
تراجع الضغوط الدولية على السيسي في ملف حقوق الإنسان يعطيه الضوء الأخضر نحو مزيد من الانتهاكات
في عهد السيسي.. أمام نظام السيسي فرصة سانحة لممارسة ما يحلو له من انتهاكات وتضييق خناق وكبت حريات واعتقالات ضد المصريين في ظل تراجع الضغوط الأمريكية في هذا المجال، وهو ما أشار إليه البيت الأبيض خلال زيارة السيسي الأخيرة لواشنطن، حيث أكد أن ملف حقوق الإنسان لن يكون عقبة أمام عودة العلاقات المصرية الأمريكية.
هذا التصريح يعطي السيسي الضوء الأخضر لفرض الطوارئ وتوسيع دائرة الانتهاكات بدواعي الأمن ومكافحة الإرهاب على عكس موقف إدارة أوباما السابقة والتي كانت تعتبر ملف حقوق الإنسان في مصر خطًا أحمر يحدد شكل العلاقة بين واشنطن والقاهرة.
إسقاط ترامب ملف حقوق الإنسان يعطي السيسي الضوء الأخضر لمزيد من التضييق
ما صلاحيات الرئيس؟
في قانون الطوارئ بصيغته القديمة وعلى رغم من التعديل الطفيف الذي قامت به المحكمة الدستورية العليا، فإن هناك حزمة من الصلاحيات في يد الرئيس ونظامه، أقرها الدستور الحالي، يستطيع من خلالها إحكام السيطرة وفرض قبضته على الشارع بصورة كبيرة، ومن ضمن هذه الصلاحيات:
* إمكانية تقييد حرية الأشخاص في التنقل والإقامة والمرور والاجتماعات في أماكن محددة وأوقات معينة.
* مراقبة الرسائل والصحف والنشرات والمطبوعات ووسائل التعبير والدعاية قبل النشر، مع إمكانية مصادرتها وغلق المطابع حال تسمح الضرورة بذلك.
* التحكم في تحديد مواعيد فتح وغلق المحال العامة، مع صلاحية غلقها بصورة نهائية.
* فرض الحراسة على الشركات والمؤسسات.
* إغلاق مخازن الأسلحة، وإمكانية سحب تراخيص الأسلحة والذخائر والمواد القابلة للانفجار بمختلف أنواعها.
* إمكانية إخلاء بعض المناطق أو عزلها، كذلك تحديد طبيعة ونوعية وسائل النقل والمواصلات في منطقة ما.
كما يسمح القانون بالعودة مجددًا للعمل بمحاكم أمن الدولة العليا طوارئ، وضم بعض ضباط الجيش إليها، ووفق المادة (12) من القانون فـ”لا يجوز الطعن بأي وجه من الوجوه على الأحكام الصادرة من محكمة أمن الدولة طوارئ”، إضافة إلى تخويل الرئيس التدخل في أحكام هذه المحاكم سواء بالعفو أو التخفيف أو المطالبة بإعادة المحاكمة، وألا يتم تنفيذ الحكم إلا بعد تصديق رئيس الدولة.
وبحسب المادة (4) من القانون، يصبح للقوات المسلحة الحق في الانتشار وفرض السيطرة على الشارع من خلال الانتشار، وإجبار الموظفين على التعاون معهم، كما جاء في نص المادة الذي يقول: “تنفيذ الأوامر الصادرة من رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه، وإذا تولت القوات المسلحة هذا التنفيذ يكون لضباطها ولضباط الصف ابتداء من الرتبة التي يعينها وزير الحربية (الدفاع حاليًا) سلطة تنظيم المحاضر للمخالفات التي تقع لتلك الأوامر، وعلى كل موظف أو مستخدم عام أن يعاونهم فى دائرة وظيفته أو عمله على القيام بذلك ويعمل بالمحاضر المنظمة فى استثبات مخالفات هذا القانون إلى أن يثبت عكسها.
وفق قانون الطوارئ فهناك صلاحيات جديدة للداخلية لمزيد من القمع ضد المواطنين
شكوك وتخوفات
توقيت إعلان حالة الطوارئ أثار شكوك لدى البعض وتخوفات لدى البعض الآخر، لا سيما أن تفجير كنيستي طنطا والغربية ليس الأول من نوعه، حيث سبقته حوادث وجرائم أخرى لا تقل خطورة عن التي وقعت بالأمس، وهو ما دفع فريق إلى الذهاب إلى أن فرض حالة الطوارئ في هذا التوقيت له مغزى آخر، يتمثل وفق البعض في محاولة الحصول على بعض المكاسب السياسية، وذلك من خلال الآتي:
أولاً: اتفاقية تيران وصنافير.. بعد ماراثون طويل من الجولات القضائية ما بين الحكومة والمعارضة بشأن اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية، والتي بمقتضاها يسعى النظام إلى التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير لصالح المملكة، وهو ما قوبل بمواجهة قضائية وميدانية حاسمة، ها هي الحكومة تعمل على تمرير الاتفاقية بأي طريقة حفاظًا على المكتسبات الحاصلة عليها من السعودية طيلة السنوات الماضية.
النظام ارتأى الذهاب إلى البرلمان والدستورية لفك طلاسم هذه الأزمة، وهو ما يشير إلى احتمالية تمرير الاتفاقية والموافقة عليها خاصة بعدما أبدى كثير من أعضاء البرلمان موافقتهم المبدئية، وهو ما قد يقابل بانتفاضة ورفض شعبي، ولا سبيل لمواجهته إلا بقانون طوارئ يكبح جماح المواطنين، ويواجه تحركاتهم بكل قوة وحزم.
إعلان حالة الطوارئ أثار شكوك لدى البعض وتخوفات لدى البعض الآخر، لا سيما أن تفجير كنيستي طنطا والغربية ليس الأول من نوعه
تظاهرات جمعة الأرض رفضًا للتنازل عن تيران وصنافير
ثانيًا: انتهاء مهلة الستة أشهر.. كان السيسي قد طلب مهلة 6 أشهر فقط لتتحسن الأوضاع المعيشية والأمنية والسياسية داخل البلاد، وذلك في كلمة له في ديسمبر الماضي، وهو ما قد يوقعه في حرج كبير حال مرور هذه المهلة المقررة مايو المقبل دون إنجاز ملموس، مما قد يتسبب في احتجاجات شعبية ضده، لذا كان إعلان حالة الطوارئ للتصدي لمثل هذه الاحتجاجات أمرًا في غاية الأهمية، برأي البعض.
ثالثًا: قمع المعارضة قبيل الانتخابات الرئاسية.. حالة من القلق بدأت تنتاب النظام والموالين له مع قرب نهاية ولاية السيسي الأولى، خاصة مع عزف البعض على وتر الاستعداد للانتخابات الرئاسية القادمة في 2018، وضرورة التفكير في مرشح آخر يحقق أحلام وطموحات المصريين، وهو ما يمثل خطًا أحمر لبعض القوى الراغبة في استمرار السيسي في منصبه لولاية جديدة، ومن ثم كان لا بد من مراقبة جميع التحركات التي تسير في هذا الاتجاه في محاولة لتضييق الخناق عليها حتى لا تتسع رقعتها خلال الفترة القادمة، مما يهدد مستقبل الرئيس السياسي، ومن ثم مستقبل النظام بأكمله.
قرب انتهاء المهلة التي طالب بها السيسي لتحسين الأوضاع أحد دوافع إعلان حالة الطوارئ برأي البعض
سيناء نموذجًا
في أكتوبر 2014 فرض السيسي حالة الطوارئ في بعض مناطق شمال سيناء وذلك في أعقاب مقتل عدد من الجنود في هجوم شنته “ولاية سيناء” على نقطة عسكرية في نفس الشهر، وعلى الرغم من أن الحد الأقصى للطوارئ وفق الدستور كما تم ذكره آنفًا 6 أشهر فقط فإن تمديد حالة الطوارئ في هذه المنطقة استمر قرابة العامين والنصف تقريبًا.
منظمات حقوق الإنسان الدولية اعتبرت القرار حينها مخالفًا للدستور وخرقًا واضحًا للمادة (154)، إلا أن أصوات أخرى طالبت بإعطاء الرئيس الصلاحية الكاملة من أجل القضاء على الإرهاب في سيناء، وهو ما دفع النظام حينها إلى اللجوء لبعض الإجراءات في ضوء الصلاحيات التي منحها قانون الطوارئ ومنها التهجير، وفرض مزيد من القيود على التحرك والتنقل والسكن والإقامة.
1165 عملية إرهابية وقعت في مصر منها 88% في شمال سيناء خلال فترة فرض حالة الطوارئ بها في الأعوام الثلاث الماضية
وعلى رغم من الطبيعة الجغرافية لشمال سيناء، فضلاً عن قلة مساحتها النسبية، والتي تسمح بفرض رقابة أمنية قوية، إلا أنه وبعد مرور ما يقرب من ثلاثين شهرًا على فرض حالة الطوارئ ما زالت الهجمات والعمليات المسلحة والإرهابية في تزايد، وهو ما يتم الإعلان عنه بين الحين والآخر بحسب البيانات الرسمية الصادرة عن القوات المسلحة.
وفي تقرير صادر عن مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، كشف عن وقوع ما يقرب من 1165 عملية إرهابية في الأعوام الثلاث الماضية (2014-2015-2016) وأن نحو 88% من هذه العمليات كان من نصيب شمال سيناء فقط، هذا في الوقت الذي كانت حالة الطوارئ تخيم على أجواء المنطقة، ليبقى السؤال: هل فرض حالة الطوارئ هو الحل؟
هل الطوارئ هي الحل؟
انطلاقًا من تجربة شمال سيناء مع الطوارئ، وبالنظر إلى ما يمكن أن يسمح به هذا القانون من تغيير في الخارطة الإرهابية، يلاحظ أن المنتمين للكيانات المتطرفة والإرهابية يعملون وفق خطة ممنهجة، وبأساليب مدروسة، وبرؤية محددة سلفًا، ومن ثم فإن الطوارئ لن تكون بالدرجة التي يتوقعها البعض كونها ستعمل على تحجيمهم أو تطويق تحركاتهم، خاصة حال فرضها في المحافظات كثيفة السكان متشابكة الحدود الجغرافية.
إلا أنه وفي المقابل سيكون تأثيرها أكبر على المواطن العادي، لكن بصورة سلبية، حيث تعطي رجال الأمن المزيد من الصلاحية لفرض السيطرة مجددًا، وتقييد حريات المصريين بصورة كبيرة، ومن ثم وبحسب ما يذهب البعض فإن مراجعة السياسات الأمنية المتبعة وإعادة النظر في آليات المواجهة على الأصعدة كافة، سياسية ومجتمعية ودينية وثقافية وأمنية، هو النقطة الأولى نحو مكافحة الإرهاب، وإلا فكل ما يدار خلف الأبواب المغلقة لا يعدو كونه مضيعة للوقت ومزيدًا من إهدار حقوق المواطنين وكبت حرياتهم.