أكثر من 15 يومًا، تطلب إعداد “دخلة الباك سبور” لتلاميذ البكالوريا بالمعهد الثانوي بسبيبة من محافظة القصرين (وسط غرب) التونسية، دخلة رياضية صوروا من خلالها حال الطفل العربي الذي يبكي دمًا على حاله وحال أترابه وما حل بأوطانه في ظل غطرسة بوتين روسيا وجنون ترامب أمريكا، حسب قول المشرفين عليها.
15 يومًا للإعداد
بعد أن كانت “الدخلة” حكرًا على الملاعب الرياضية، غزت المدارس الثانوية التونسية، ودخلة الباك سبور هي تظاهرة احتفالية في شكل كرنفالي ينظمها تلاميذ البكالوريا في تونس كل عام يوم اجتيازهم اختبار الرياضة والتربية البدنية نهاية السنة الدراسية بأشكال تختلط فيها مظاهر الاحتفال بالرسائل والشعارات التي يرفعها التلاميذ أنفسهم أو اللافتات العملاقة التي يقومون بإنجازها بطريقة تشاركية فيما بينهم لتبليغ رسالة ما على شاكلة جماهير كرة القدم وفيها رسائل سياسية عدة تعكس وعيًا سياسيًا مثيرًا للاهتمام.
منذ ثورة يناير 2011، عرفت “الدخلة” انتشارًا كبيرًا في المعاهد التونسية وتنوعًا في شعاراتها
يقول عادل الحفيظي، لنون بوست، إن “دخلة الباك سبور” لمعهده السابق – المعهد الثانوي بسبيبة – لهذه السنة تطلب الإعداد لها أكثر من 15 يومًا، وسبقها عملية جمع المال بين التلاميذ وشراء القماش والدهانات اللازمة، ويضيف عادل “كنا دائما السباقين في الحديث عن عديد من القضايا التي تمس العالم العربي، ففي كل مرة يعبر تلاميذ المعهد عن درجة كبيرة من الوعي يتمتعون بها”.
ومنذ ثورة يناير 2011، عرفت “الدخلة” انتشارًا كبيرًا في المعاهد التونسية وتنوعًا في شعاراتها، فمنها من حمل شعارات سياسية محلية أو أخرى تعبر عن قضايا الوطن العربي والإسلامي، بالإضافة إلى العديد من القضايا المحلية التي تعاني منها بعض الجهات، فكانت متنفسًا وفرصة للتلاميذ للتعبير عن أرائهم وإظهار إبداعاتهم.
بوتين وترامب كلاهما قاتلان، والحلم العربي هو الضحية
دخلة هذه السنة، جاءت تحت شعار، ما لم يدركه سياسيو العرب جميعًا أدركه تلاميذ معهد سبيبة، بوتين وترامب كلاهما قاتلان، والحلم العربي هو الضحية، وتتكون اللوحة العملاقة التي قام بها تلاميذ البكالوريا من صورة لرأس الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، توسطهم طفل سوري عربي يبكي دمًا على الصمت العربي وعلى وطنه الذي أستباح ودُمر وعبثت به القوى العظمى، تحت ذريعة محاربة الإرهاب، وكتب أعلى هذا الرسم العملاق باللغة الانجليزية رسالة مفادها “أنا مسلم، أنا لست إرهابيًا” وفي أسفلها كتب “صنعتم الإرهاب لتبرروا عنصريتكم ضدنا”.
خلال هذه اللوحة عبر تلاميذ المعهد عن تضامنهم الكامل مع أطفال سوريا والعراق وفلسطين واليمن
وقال عادل: “بهذه الطريقة صور أبناء معهد سبيبة الحلم العربي في عينيّ ذلك الطفل الصغير الذي وجد نفسه بلا عروبة وبلا وطن، لا يعرف من الحياة إلا لون الدماء التي طاردته في سوريا والعراق واليمن ومصر وغيرها من بلداننا التي دمرت وخربت وعبثت بها قوى الشر”، وتابع “هكذا صور تلامذة سبيبة حال الطفل العربي الذي يبكي دمًا على حاله وحال أترابه وما حل بأوطانه في ظل غطرسة بوتين روسيا وجنون ترامب أمريكا، فهم صنعوا الإرهاب ليبرروا حربهم وعنصريتهم ضد الإسلام والمسلمين”.
وبيّن عادل لنون بوست أن هذه رسالة إلى الشعوب العربية، ومن خلال هذه اللوحة عبر تلاميذ المعهد عن تضامنهم الكامل مع أطفال سوريا والعراق وفلسطين واليمن ومع كل طفل عربي حرم من الابتسامة والأمن والحلم ومع كل بلد اغتيلت فيه الحياة”، حسب قوله.
“دخلة” تحمل صورة الزعيم النازي هتلر
وكثيرًا ما تدعو وزارة التربية التونسية أولياء التلاميذ إلى تحمل مسؤولياتهم في تأطير أبنائهم خلال الاختبارات بجميع مراحلها ومرافقتهم عن كثب ودعوتهم إلى الالتزام بقواعد السلوك المحترم، حتى لا تخرج هذه الاختبارات عن إطار القانون وتصبح مصدرًا لبث العنف والفوضى، حيث سبق لتلاميذ أن رفعوا صورًا للزعيم النازي أدولف هتلر وزعيم تنظيم “القاعدة” السابق أسامة بن لادن وغيرهما، وهو ما دعا رئاسة الحكومة إلى التنديد بالأمر، والتهديد باتخاذ إجراءات صارمة ضد المخالفين.