“لا تتمحور القضية حول ما نأكله، بل أيضًا حول ما يأكلنا”.
كانت تلك بداية الفيلم الوثائقي “الجوع من أجل التغيير”، وهو أحد الأفلام التي تحاول لفت أنظارنا إلى أهمية ما نأكله، وكيف نأكله، ليس لأنهم أصحاب مراكز للتجميل تحاول كسب الأموال على حساب من يرغبون في فقدان الوزن بأسرع طريقة ممكنة، ولكن لأنهم يقولون الحقيقة.
أصبحنا نعتبر الطعام منتجات ليس إلا، ولهذا اتجه اهتمامنا إلى شكله ورائحته بدلاً من القيمة المضافة منه، حيث يجهل الناس الحقيقة التي تقول بأن الجمال الخارجي ينبع من الداخل وليس العكس، ولهذا نحن نهتم بكل ما كان مظهريًا، وكل ما يجعلنا ننظر لأنفسنا بحالة من الرضا في المرآة باستخدامنا كل ما سيرضينا بنتائج سريعة، إلا أن ما يحدث بالفعل بالنسبة لمتبعي الحمية الغذائية، هو جنيهم مزيد من الوزن أكثر مما كانوا عليه في البداية بعد توقف الحمية الغذائية!
أصبحنا مبرمجين على تناول الدهون والمأكولات المليئة بالسمن بشكل عادٍ ومقبول للغاية
بعد انتشار صناعة المواد الغذائية ومحلات الأطعمة الجاهزة والمأكولات سريعة التحضير، أصبحنا مبرمجين على تناول الدهون والمأكولات المليئة بالسمن بشكل عادٍ ومقبول للغاية بالنسبة إلينا، مثلما عرض القائمون على صناعة الفيلم من خبراء تغذية وخبراء في الإدمان وكذلك حالات قامت بخسارة الكثير من الوزن بالفعل.
إعلان فيلم “الجوع من أجل التغيير”
الفرق بين المجتمعات البدائية والمتحضرة
صور من تجربة “ويستون برايس”
يدعي البعض أن هذا ليس جديدًا على الإنسان، فإذا عدنا لتاريخ الإنسان مع الطعام منذ البداية مع ظهور الإنسان البدائي المعتمد على الصيد وتناول ما يجده من طعام، نجد أن أجسامنا تعودت على تخزين الكثير من الطعام في مواسم مختلفة للحفاظ عليه في شكل دهون للنجاة من نقص الطعام في فصل الشتاء نتيجة للبرد، هذا لأن نقص الطعام تتم ترجمته داخل الدماغ على شكل ضغط عصبي، وهو ما يتعامل معه دماغ الإنسان كخطر في عدم توازن الهرمونات داخل الجسد ويحاربه بمزيد من السعرات الحرارية.
تلك الفرضية ليست خاطئة، إلا أنها عذر غير مقبول، خصوصًا أن كثير من تلك المجتمعات البدائية تحولت من زراعية ومن مجرد صيادين إلى متمدينين، كما أنه ليس هناك نقصًا في محاصيل الشتاء في العديد من أنحاء العالم كذلك، وكان هناك إثباتًا آخر من ناحية التجارب العلمية أيضًا، تجربة الطبيب “ويستون”.
الصحة الجيدة للمجتمعات البدائية، وكثير من الدهون والشحوم في المجتمعات المتمدينة
إذ إن تجربة طبيب الأسنان الأمريكي “ويستون” في أنحاء مختلفة من العالم أثبتت العلاقة الوطيدة بين الاختلاف الجذري في الحالة الصحية للمجتمعات البدائية، حيث المزيد والمزيد من كميات الخضروات والفواكه الطبيعية نتيجة لكون أغلبهم طبقات من الفلاحين، والمجتمعات المتمدينة وخصوصًا في المدن الكبيرة في كون أجسادهم تتكون من كميات كبيرة من الدهون والشحوم وقليل جدًا من القيم المغذية، وهذا ما أثبته الفيلم الوثائقي أيضًا.
لماذا نحتاج إلى مزيد من السعرات الحرارية؟
من المهم العلم أن السكر يعمل عمل “الهيروين”، حيث يقوم بإفراز هرمون الدوبامين ، وهو الهرمون الذي يشعر الإنسان بالسعادة
تحتاج أجسامنا إلى عناصر غذائية معينة يوميًا، كتلك التي تحتوي على الألياف وفيتامين سي وفيتامين د وفيتامين أ، ويستجيب الجسم لهذا الاحتياج عن طريق الشعور بالجوع، إلا أننا نعوضه بالطريقة الخطأ، فبدلًا من المحاولة لجعل وجباتنا تحتوي على كل ما سبق، نعوضها بالزيوت المهدرجة والسكريات والدهون، ليكون الشبع مؤقتًا، ويستمر الجسد في حالة من الاحتياج لتلك العناصر المعينة، فتكون النتيجة أننا لا نشبعه، ونخزن مزيدًا من الدهون داخل الجسم، ولهذا نرى ارتفاعًا في حالات الإصابة بمرض السكري، ومزيدًا من حالات التعرض لأزمات قلبية على الرغم من صغر عمرهم، والمزيد من حالات السمنة المفرطة.
من المهم أن تعلم أن السكر يعمل عمل “الهيروين”، حيث يقوم بإفراز هرمون الدوبامين، وهو الهرمون الذي يشعر الإنسان بالسعادة، ويعطيه شعورًا بالانتعاش والطاقة، وهو ما يحتاجه الإنسان يوميًا ليقوم بالإنتاج والعمل، ولذلك نحن نشعر بالحاجة للسكريات، ونقوم بالبحث عنها عندما نشعر فورًا بالجوع أو التعب أو الحزن، وعند ذكر السكريات لا نعني الحلوى فحسب، بل هي موجودة وبكميات عالية في كل المأكولات الجاهزة وغيرها من الأطعمة سريعة التحضير.
المصانع وأهدافها في بيع المنتجات
عليك أن تعلم أيضًا أن المصانع لا تهدف إلى بيع الطعام الصحي المفيد لك، فهم يتسابقون ويتنافسون جميعًا من أجل بيع كل ما كان مذاقه أفضل، ويدوم لوقت أطول، ويكسب المنافسة مع بقية المنتجات بالنسبة للشكل والرائحة، ولهذا تجد أن الطعام تحول بشكل لا واعٍ إلى مجرد منتجات ليس إلا.
كان الحل في ملصقات “خالٍ من السكر”، أو “منتج قليل الدهون”، حتى بدأنا نجد قسم خاص بها في المحلات التجارية
أما عن الحملة المضادة في إثبات ضرر تلك الأطعمة المصنعة والجاهزة للتحضير وتلك المشروبات المليئة بالسكريات، فكانت المصانع المنتجة لذلك على وعي بها أيضًا، ولهذا كان الحل في ملصقات “خالٍ من السكر”، أو “منتج قليل الدهون”، حتى بدأنا نجد قسم خاص بها في المحلات التجارية، ليعجب بها كل من قاطع المنتجات الأصلية منها، وترتفع المبيعات بعدها بشكل جنوني، والرابح هو الشركة، والخاسر من صَدَقَ الخدعة ولم يكترث لقراءة الملصق.
القليل من الدهون ولكن المذاق أطيب
ملح MSG، وهي أملاح سريعة الذوبان، تحسن مذاق مختلف الأطعمة
لا يحتاج الأمر إلى عالم أو خبير تغذية لإخبارك بهذا، فالكل يعلم أن مكسبات الطعم من أكثر المواد المسببة لأمراض السمنة المزمنة مؤخرًا، وتلك المركبات تأخذ أسماءً مختلفة على الملصقات التجارية على المنتجات، حيث تميل بعض الشركات لاستخدام أسمائها الكيميائية لكي لا ينتبه المشتري إلى أنها مكسبات للطعم، مثل “غلوتومات أحادية الصوديوم”، أول ملح MSG، وهي أملاح سريعة الذوبان، تحسن مذاق مختلف الأطعمة، وتجعلها مستساغة بشكل أفضل، وهو بالفعل موجود في أغلب الأطعمة الحديثة التي نتناولها يوميًا.
هل رأيت من قبل فأرًا مفرطًا في السمنة؟ هذا ما يفعله ملح الـMSG بالفعل في أجسام الفئران، حيث يقول أحد خبراء التغذية في الفيلم بأن هذا ما يفعله الأطباء لرؤية تأثير تلك الأملاح على الجسم البشري، فيحقنون الفئران بتلك الأملاح، وخلال مدة وجيزة، يتحول حجمه إلى 3 أضعاف ما كان عليه قبل إجراء التجربة، بل ويموت بعد مدة قصيرة أيضًا!
لا أحد يخدعك أكثر من الكوكاكولا دايت
تحتوي الكوكاكولا دايت على كمية معينة من “الأسبارتيم” و”الكافيين” تجعل الدماغ يشعر بالنشوة والسعادة فور تناول المشروب
إنها المنتج المحبوب من قِبل السيدات، محبوب لدرجة أن بإمكانهم تناول لتر أو لترين في جلسة واحدة، ولا يصابون بالقلق حيال وزنهم بعدها، ذلك بسبب خدعة الشركة الكبرى في صنع منتج “خالٍ من السكر” وأفضل في الطعم، بل ويبدو طعمه أكثر حلاوة من المنتج العادي.
هذا لأنها منتج شديد التلاعب بالدماغ البشري، وذلك لاحتوائها علي كمية معينة من “الأسبارتيم” و”الكافيين” تجعل الدماغ يشعر بالنشوة والسعادة فور تناول المشروب، ولهذا يفضل متناوله شرب المزيد والمزيد منه بسبب شعورهم الجيد عند تناوله، وبهذا تحقق الشركة أرباحًا غير معقولة، أما الخاسر فيكون من تناول مشروبًا يساعد على تدمير خلايا الدماغ، بعد أن منحه شعورًا بالسعادة المؤقتة.
ما يثبت ما سبق أن على لائحة المشروبات الممنوعة على كل طيار تكون الكوكاكولا والكوكاكولا دايت بعد المشروبات الكحولية، هذا لأن المنتجات التي تحتوي على “الأسبارتيم” (aspartame) كالكوكاكولا دايت تؤثر بشكل مباشر على المراكز الإدراكية في الدماغ، كما تسبب مشاكل في الرؤية والتعرف على الأشياء المحيطة، ومن الممكن أن تسبب الصداع المفاجئ أو الصداع النصفي.
ربما خدعك العنوان لتظن نفسك أنك ستقرأ نظامًا غذائيًا جديدًا يضمن لك خسارة الوزن بسرعة، ولكن لا يقتصر الأمر فقط على الحمية الغذائية القاسية، بل يتعلق الأمر بتحول في نمط تناول الطعام كليًا، ربما لن يكون التحول جذريًا، إلا أننا بالفعل في حاجة ماسة له، أي يجب علينا أن نهتم بنتائج الطعام الذي نتناوله على صحتنا العامة وكيف نشبع احتياجات أجسامنا الحقيقة، ربما بهذا لن نتفاجأ بكثير من الكيلوات المتجمعة عبر السنين ونحتاج لكثير من المجهود والحرمان من الطعام للتخلص منها، فالأمر يبدأ من الداخل.