ترجمة حفصة جودة
كتب كيت ليونز وباميلا دونكان
أكثر من خمسة أضعاف طالبي اللجوء في بريطانيا يعيشون في الثلث الأكثر فقرًا مقارنة بمن يعيشون في الثلث الأكثر ثراءً، وذلك وفقًا لتحليل أجرته الغارديان، مما دفع كبار السياسيين إلى المطالبة بإجراء إصلاح شامل لنظام التوزيع.
وصف أعضاء البرلمان طريقة توزيع اللاجئين في بريطانيا بأنها “مروعة” و”مصممة بشكل سيء” و”غير عادلة على الإطلاق”، فهي تضع الناس بشكل غير متناسب في أكثر الأماكن فقرًا ومناطق تجمع العمال في شمال إنجلترا وويلز وغلاسكو أيضًا.
وفقًا لتحليل الغارديان لبيانات وزارة الداخلية، يعيش أكثر من نص طالبي اللجوء (57%) في الثلث الأفقر في البلاد، أما المنطقة الأكثر ثراءً فيعيش بها 10% فقط من طالبي اللجوء، وذلك استنادًا لحسابات متوسط الدخل في السلطات المحلية حيث تتوافر بيانات الدخل، تقول إيفيت كوبر النائبة العمالية ورئيس لجنة الشؤون الداخلية: “إنه أمر كارثي وغير عادل تمامًا”، كانت كوبر قد نشرت تقريرًا مروعًا عن مساكن اللجوء في يناير الماضي.
تضيف كوبر: “تتركز مناطق سكن اللاجئين في أقل الأماكن دخلاً، وفي عدد صغير من المناطق أيضًا، هذه الطريقة ليست عادلة ولا تساعد على التلاحم مع المجتمع كما أنها ليست جيدة للسلطات المحلية، وتخلق شعورًا بالاستياء، هذه الخطة مصممة بشكل مريع”، وتقول كوبر إن هذه المشاكل نتجت عن تغيير السياسات والتي قام بها المحافظون عام 2012، حيث خصصوا عقود سكن اللاجئين ومنحوها لشركات “G4S” و”Serco” و”Clearsprings”، هذه العقود وخفض المال اللازم لتنفيذها أدى حتمًا إلى قيام تلك الشركات بشراء مساكن رخيصة في المناطق الفقيرة في البلاد.
في نهاية عام 2016 كان هناك نحو 39.389 لاجئ في البلاد يحصلون على الدعم الحكومي، استقبل الجزء الشمالي الغربي من البلاد 9.491 لاجئ أي نحو 16 ضعف الرقم الذي استقبله الجزء الجنوبي الشرقي (580)، رغم أن الجنوب الغربي لديه كثافة سكانية أعلى بنحو 1.7 مليون نسمة، هناك 10 سلطات محلية مسؤولة عن دعم أكثر من ثلث طالبي اللجوء في المملكة المتحدة (35.5%)، 6 منهم – مانشستر وبولتون وروكدال ونوتنغهام وليستر وسوانسي – لديهم دخل سنوي متوسط مما يضعهم في الربع الأفقر من البلاد.
يقول ستيورات ماكدونالد – المتحدث باسم مراقبة الحدود وشؤون الهجرة واللجوء في الحزب القومي الإسكتلندي: “هذا ليس عدلاً بالنظر إلى الموارد، هناك سلطات محلية مثل ميدلزبره وغلاسكو تضطران إلى إنفاق مبالغ كبيرة على التعليم وتقديم الخدمات الأخرى لطالبي اللجوء بينما لا تضطر غيرها من السلطات المحلية الغنية إلى القيام بذلك”.
يحصل طالبو اللجوء على الإقامة في أثناء النظر في طلبات اللجوء ويتم إرسالهم إلى السلطات المحلية التي وافقت على المشاركة في خطة توزيع اللاجئين، يحصل اللاجئون في تلك الفترة على الرعاية الصحية الأساسية وإلحاق أطفالهم بالمدارس المحلية، لكن السلطات المحلية لا تحصل على أي مدفوعات إضافية من الحكومة المركزية لتغطية تلك النفقات.
وجد تحليل بيانات وزارة الداخلية أيضًا أن معظم طالبي اللجوء يتم إرسالهم إلى مناطق ذات مجالس محلية يقودها العمال، ففي المتوسط، تستقبل المجالس العمالية نحو 11.6 من كل 10 آلاف من طالبي اللجوء، بينما تستقبل المجالس المحلية التي يقودها المحافظون نحو 7 من كل 10 آلاف من طالبي اللجوء، هناك أيضًا ما يقارب 174 مجلسًا محليًا (45% من مجموع المجالس المحلية) لا يستقبلون أي طلبات لجوء، أما نحو 69% من جميع المجالس المحلية فتستقبل أقل من 10% من طالبي اللجوء، من بين هذه المجالس التي لا تستقبل أي طالبي لجوء، نجد أن نحو 62.6% منهم مجالس محلية بقيادة المحافظين و10.9% فقط بقيادة العمال.
يقول كوبر: “هذا النظام أنشأته حكومة المحافظين، لذا ينبغي عليهم أن يتأكدوا من أن مجالس المحافظين تقوم بدورها، لقد شاركت المجالس العمالية بحسن نية وقالت إنها ستفعل ما بوسعها، لكن النتيجة كانت غير عادلة وأصبحوا مطالبين بالقيام بأكثر من قوتهم”، يقول سيمون دانزوك نائب الحزب العمالي في منطقة روكدال: “إنهم يتجنبون إرسال أي طالبي لجوء إلى مناطق المحافظين، يبدو أن الأمر متعمد، إنه شيء مروع، تستقبل روكدال نحو 1.061 لاجئ وهي سابع أكبر منطقة من حيث عدد اللاجئين في البلاد”.
وصف دانزوك نظام التوزيع بأنه “غير عادل تمامًا” ووصف السلطات المحلية الغنية التي لم تشارك في النظام بأنهم “متهربون”، وأشار إلى أن ويندسور وميدنهيد (حيث الدائرة الانتخابية لتريزا ماي) تستقبل فقط 4 لاجئين، يقول إن الأمر يتعلق بالعدالة، فإذا لم يكن هناك أي لاجئين أو اثنين أو ثلاثة فقط في الدائرة الانتخابية لرئيس الوزراء فلماذا تستقبل روكدال 1000 لاجئ.
بينما تتطوع المجالس المحلية لإيواء طالبي اللجوء، فإنهم لا يملكون السيطرة الكاملة على عدد اللاجئين في مناطقهم، فقد وضعت وزارة الداخلية حدًا لعدد اللاجئين في أي مجلس محلي بحيث لا يتجاوز لاجئ مقابل كل 200 مواطن، في ديسمبر وصل عدد طالبي اللجوء في غلاسكو إلى 3311، أي 1.09 لكل 200 مواطن، وفي روكدال وصل إلى 99. لكل 200 مواطن، تمتلك السلطات المحلية الحق في منع استخدام ممتلكاتها في إيواء اللاجئين، لكن العديد من العاملين في إيواء اللاجئين قالوا إن هذا الحق تتجاوزه وزارة الداخلية في بعض الأحيان وكذلك متعهدو السكن الخاص.
يقول كوبر إن النظام الحالي لتوزيع طالبي اللجوء يعني أن السلطات المحلية في النهاية لا تملك سوى القليل من التحكم في إدارة الأمر، وبمجرد أن توقع على العقد فلا مجال للانسحاب لذا فإن العديد من المجالس لا توقع من البداية، وعليه فالأمر لا يتعلق بسبب عدم توقيع السلطات المحلية، فالكثير من السلطات المحلية ستقوم بالتوقيع في حال قدمت الحكومة نظامًا أفضل.
يرى ماكدونالد أن هناك عدة أسباب لرفض السلطات المحلية المشاركة في خطة توزيع اللاجئين، مثل نقص التمويل الذي توفره الحكومة المركزية، والخوف من التعرض للفضيحة (مثل فضيحة إيواء اللاجئين في بيوت ذات أبواب حمراء في منطقة ميدلزبره)، بالإضافة إلى التقارير التي تتحدث عن ظروف السكن السيئة مثل التفاصيل التي نُشرت في تقرير لجنة الشؤون الداخلية الأخير.
ويضيف ماكدونالد: “أعتقد أن هناك العديد من السلطات المحلية الإسكتلندية التي ترغب في المشاركة، لكن عند التفكير في كل هذه القصص التي انتشرت عن سكن اللاجئين في الثلاث سنوات الأخيرة، فلماذا سيرغبون في المشاركة؟”، بدلاً من ذلك، شاركت العديد من السلطات المحلية في البرنامج السوري لإعادة توطين الضعفاء، وهو مشروع يوفر السكن للاجئين السوريين.
يقول كوبر إن على الحكومة أن تتعلم من نجاحها مع خطة إعادة توطين السوريين، فقد كشفت الغارديان أن أكثر من ثلثي السلطات المحلية تعهدت بالمشاركة إذا كانت خطة توزيع اللاجئين ستعمل بشكل أفضل، ويضيف كوبر: “عند النظر إلى البرنامج السوري، نرى أنه وسيلة جيدة للحصول على شراكات مع السلطات المحلية، فهو يستغل ما أعتقد أنه شعور الناس بتحمل المسؤولية، فطالما أنه أمر يمكن إدارته والسيطرة عليه بدلاً من مجرد القيام به فقط”.
قال المتحدث باسم وزارة الداخلية: “لدى المملكة المتحدة تاريخ حافل بمنح اللجوء لمن هم بحاجة إلى حمايتنا، ونحن ملزمون بتوفير الأمن والسكن لهم في أثناء النظر في طلباتهم، يتم إيواء طالبي اللجوء الذين يحتاجون للدعم في المساكن المتوفرة والمناسبة، وهذه الاتفاقات بين الحكومة والسلطات المحلية اختيارية، وسياسة التوزيع تضمن انتشارًا معقولاً بين جميع السلطات المحلية، نحن نعمل على تشجيع المزيد من السلطات المحلية للمشاركة في إيواء اللاجئين والتأكد من أن هذه المهمة يتم مشاركتها في جميع أنحاء المملكة المتحدة”.
التناقض الأوروبي
يتناقض نظام توزيع اللاجئين في بريطانيا مع النظام الموجود في الدول الأوربية الأخرى، فألمانيا تدير نظامًا عادلاً للغاية، يستند إلى حجم السكان وثرواتهم في كل منطقة، مشكلته الوحيدة هو أنه لا يضع في اعتباره مساحة المنطقة، فبرلين وهامبورج من أصغر المناطق في المساحات ويتزاحم فيهما الناس، حتى إنهم يضطرون لإيواء اللاجئين في صالات الألعاب الرياضية.
تعتبر ولاية شمال الراين – فستفاليا من أكبر الولايات المضيفة لطالبي اللجوء بنسبة 21% يليها بافاريا بنسبة 15%، وعلى الطرف الآخر تعتبر بريمن أقل ولاية في استضافة اللاجئين بنسبة أقل من 1%، يلقى هذا النظام قبولاً واسعًا مع القليل من المعارضة.
تمتلك كل منطقة نظامها الخاص في توزيع اللاجئين، وفي بعض الأحيان يعترض اللاجئون على برنامج الإسكان، لكن هذه المشاكل تحدث في المناطق الفقيرة والغنية على حد السواء، وينص النظام في ألمانيا على عدم وجود كثافة كبيرة من اللاجئين في المناطق الفقيرة من البلاد، لكن بمجرد أن يحصل الشخص على اللجوء فإنه يستطيع التنقل بين الولايات وغالبا ما يميل اللاجئون إلى الانتقال للمراكز السكانية الكبيرة حيث يوجد أقاربهم وأصدقائهم، فعلى سبيل المثال تشير الدلائل الأولية الصادرة عن مكتب العمل الفيدرالي إلى أن معظم السوريين ينتقلون إلى برلين بمجرد حصولهم على اللجوء.
في إسبانيا يختلف الوضع مرة أخرى، فهناك أربعة أماكن رئيسية لاستقبال اللاجئين تديرها الدولة، اثنان في مدريد وواحد في فالنسيا والأخير في إشبيلية، بالإضافة إلى ذلك توفر الحكومة الدعم للمنظمات غير الحكومية لتوفير الغذاء والمأوى للاجئين.
أما الاحتجاجات والمعارضة فتحدث عندما يشعر الناس بأن الحكومة لا تقوم بما فيه الكفاية لتوزيع اللاجئين في المناطق التي تريد استقبالهم بالفعل، فهناك العديد من المناطق في داخل إسبانيا تكون بسبب قلة الكثافة السكانية، انتقدت العشرات من البلديات الصغيرة والكبيرة تقاعس الحكومة وأعلنت عن استعدادها لاستضافة اللاجئين، وقبل شهر كانت هناك العديد من التظاهرات في 30 مدينة بإسبانيا لصالح المهاجرين واللاجئين ضد “قلعة أوروبا” (مصطلح يشير إلى المناطق التي كانت تسيطر عليها النازية الألمانية).
في فرنسا يصل معظم اللاجئين والمهاجرين عبر الحدود الفرنسية الإيطالية، ويتجه غالبيتهم نحو باريس، وهناك يضطرون أحيانًا للنوم في الشوارع بسبب النظام الرسمي الخانق والذي يقوم بتسجيل 60 شخصًا فقط يوميًا بينما يصل نحو 70 شخصًا يوميًا إلى باريس.
حتى نوفمبر الماضي، كان مخيم كاليه من أكبر الأماكن الجاذبة للمهاجرين واللاجئين، لكن بعد أن قامت الحكومة بتفكيكه انتقل اللاجئون إلى “مراكز الترحيب” المنتشرة حول فرنسا، هناك نحو 400 مركز من هذه المراكز، لكن بعضهم بدأ في الإغلاق لأنهم في الأصل منتجعات لقضاء العطل وهم بحاجة إليها مع اقتراب موسم السياحة.
المصدر: الغارديان