تعود “حرية التعبير والإعلام” من جديد إلى واجهة النقاش في تونس لتتصدر المشهد، بعد ارتفاع عدد الاعتداءات ضد الحريات الصحفية في البلاد مؤخرًا، وتهديد نقيب الصحفيين التونسيين بتنفيذ إضراب عام في المؤسسات الإعلامية كافة.
إضراب عام ومساءلة وزير الداخلية
هدد نقيب الصحفيين التونسيين ناجي البغوري، في مؤتمر صحفي اليوم، بمقر النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، بتنفيذ إضراب عام في المؤسسات الإعلامية التونسية كافة، ضد عودة ما وصفها بممارسات النظام المخلوع (نظام زين العايدين بن علي) في التعاطي مع الشأن الإعلامي.
البغوري، طالب أيضًا، برلمان بلاده بمساءلة الهادي مجدوب وزير الداخلية على خلفية استعمال قانون الطوارئ ضد الصحفيين وتنامي الاعتداءات الأمنية ضدهم، معبرًا عن رفض النقابة رفضًا قاطعًا إحالة الصحفيين بموجب ما أسماه “القانون سيئ الذكر” ألا وهو قانون الطوارئ الصادر منذ سنة 1978 والذي اعتبره قانونًا غير دستوري، ومواصلة استعمال السلطة التنفيذية إلى اليوم هذا القانون هو تهديد خطير للنقابة والصحفيين عمومًا.
وقفة احتجاجية أمام مقر نقابة الصحفيين
وكانت نقابة الصحفيين التونسيين، قد عبرت الأسبوع الماضي، عن رفضها لتدخل السلطة التنفيذية ووزارة الداخلية بالخصوص، التي لها سجل سيء في قمع الحريات العامة وخاصة حرية الصحافة، في التعامل مع التجاوزات والأخطاء المهنية وتعتبرها غير مخولة للبت في ذلك، واتهمت النقابة، السلطات بمحاولة السيطرة على الإعلام الخاص والحكومي عبر التدخل في خطها التحريري وتعيين مديرين موالين لها على رأس وسائل الإعلام الحكومية.
السياق السياسي الحالي يتميز بسعي الحكومة غير المسبوق لوضع يدها على الإعلام العمومي، وتوجيه الإعلام الخاص
وقالت نقابة الصحفيين التونسيين في تقرير لها نشر، اليوم، أن السياق السياسي الحالي “يتميز بسعي الحكومة غير المسبوق لوضع يدها على الإعلام العمومي، وتوجيه الإعلام الخاص بما من شأنه أن يخدم مصالح سلطوية ضيقة لا تراعي المكتسبات الحقيقية في حرية التعبير والصحافة وحق الجمهور في إعلام مستقل ومتنوع، وتبدد الآمال بتوفير بيئة آمنة وملائمة لممارسة العمل الصحفي، وتضع المجتمع التونسي أمام منعرج خطير يختبر يقظته وصلابته في منع محاولات التقهقر بنا إلى مربعات الاستبداد والديكتاتورية”.
20 اعتداءً خلال شهر مارس
شهد شهر مارس من العام الحالي، حسب نقابة الصحفيين التونسيين، ارتفاعًا ملحوظًا في عدد الاعتداءات ضد الحريات الصحفية في تونس مقارنة بالفترات السابقة ووثقت وحدة الرصد بمركز السلامة المهنية التابعة للنقابة، 20 اعتداءً على 41 صحفيًا ومؤسسة إعلامية من بينهم 7 صحفيات و34 صحفيًا يعملون في 11 إذاعة و8 قنوات تليفزيونية و4 صحف وموقع إلكتروني واحد.
ارتفاع عدد الاعتداءات ضد الصحفيين في تونس
التقرير أوضح تصدر قوات الأمن قائمة المعتدين على الصحفيين بـ4 اعتداءات، حيث عملت على منع الصحفيين من العمل وإيقافهم والاعتداء عليهم، ومن أبرز الاعتداءات التي طالت الصحفيين هذا الشهر حالات المضايقة في 6 مناسبات والمنع من العمل في 5 مناسبات، كما تم الاعتداء (ماديًا ومعنويًا) عليهم في 4 مناسبات ووقع تتبع الصحفيين أمام القضاء وممارسة الرقابة عليهم في مناسبتين لكل اعتداء، إضافة إلى عملية الإيقاف التي طالت صحفي مصري في شارع الحبيب بورقيبة بتونس العاصمة.
منظمة مراسلون بلا حدود وضعت تونس في صدارة البلدان العربية في مجال حرية الصحافة لعام 2016
وأكدت نقابة الصحفيين التونسيين، في تقريرها “تنامي ممارسات التضييق على حق الحصول على المعلومة عبر الاعتداء اللفظي والمادي والمنع على العمل على الصحفيين، وتواصل الجدل بشأن الهيئة الوطنية للنفاذ إلى المعلومة التي ينص عليها القانون الأساسي عدد 22 المتعلق بالنفاذ إلى المعلومة والتي كان من المفترض انطلاق عملها في 29 من مارس 2017.
وسبق لرئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، أن أكد سعيه لضمان حرية الرأي والتعبير، وذلك في أثناء لقاء جمعه بناجي البغوري رئيس النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، والطيب الزهار رئيس جمعية مديري الصحف.
وكانت منظمة مراسلون بلا حدود وضعت تونس في صدارة البلدان العربية في مجال حرية الصحافة لعام 2016، وذلك بعد أن استبعدت كلاً من موريتانياو جزر القمر من القائمة العربية وصنفتهما ضمن الدول الإفريقية، شهدت تونس خلال المرحلة الانتقالية التي أعقبت الثورة تحسنًا في سجل حرية التعبير، إذ تطور الحقل الإعلامي بشكل ملحوظ من حيث الكم والنوع.