أن يندفع الكاتب إلى مكتبه، ينكب على لوحة المفاتيح لأسابيع وشهور يكتب دون توقف حتى ينهي عمله، ويدخل إلى المطبعة، ثم يوزع على مئات من المكتبات، ويحقق رواجًا ومبيعات ضخمة، ويتعلق القرّاء بشخوص روايته لدرجة أشبه بالهوس، هو أقصى ما يطمح إليه أي كاتب، إلا أنه للبعض قد يعد هذا النجاح لعنة مدمرة لا يمكن التخلص منها، وهي التي تدفع بهم إلى إبداء الندم لكتابة العمل من الأساس.
وقد يختلف ذلك لأسباب تتعلق بآثار سلبية ناجمة عن العمل أو أن صدى شهرته بالغ الأثر للدرجة التي يتم معها تجاهل باقي أعمال المؤلف الأخرى أو وضعها في مقارنة باهتة معها، فرولينج سوف يتم ذكرها دائمًا بأنها صاحبة هاري بوتر، وهنا لن يتوقف القراء عن مقارنة عزازيل يوسف زيدان بما يتبعها من روايات مثل النبطي ومحال.
ستيفن كينج.. غضب Rage
رواية صدرت لستيفن كينج تحت اسمه المستعار “ريتشارد باكمان” عام 1977م، وتدور أحداثها حول طالب ثانوية عامة يدعى تشارلي ديكر والذي لديه مشاكل عدة مع سلطة المدرسة، وبسبب ضربه لمدرس الكيمياء بأنبوبة حديدية وإرساله للمشفى، تم استدعائه إلى مكتب مدير المدرسة والذي بدوره لا يسلم من شخصية تشارلي الغاضبة ولسانه السليط مما يدفعه إلى طرده من المدرسة، إلا أن تشارلي يخرج من المكتب مندفعًا إلى خزانته الشخصية ليأخذ مسدسًا كان قد وضعه هناك مسبقًا، ويذهب إلى فصله، ثم يقتل مدرس الجبر الخاص به، ويقوم باحتجاز 3 من زملائه كرهائن.
بعد اكتشاف وجودة عدة نسخ من رواية Rage بين مقتنيات عدد من مرتكبي حوادث إطلاق النار في المدارس، بدأ ستيفن كينج يعلن على الملأ تبرؤه من الرواية
بعد اكتشاف وجودة عدة نسخ من رواية Rage بين مقتنيات عدد من مرتكبي حوادث إطلاق النار في المدارس بين عامي 1988 و1997 والتي منها الحادثة الشهيرة 97 Heath High School والتي قتل خلالها طالب 3 من زملائه، بدأ ستيفن كينج يعلن على الملأ تبرؤه من الرواية، وكذا حث ناشرها على عدم إعادة طبعها مرة أخرى.
بيتر بنشلي.. الفك المفترس Jaws
الفكان أو الفك المفترس هي رواية ذائعة الصيت للروائي بيتر بنشلي والتي صدرت عام 1974، تنتمي إلى فئة الروايات الخيالية المثيرة وما يمكن تسميته بـ”رعب البحار”، وتحكي عن سمكة قرش ضخمة تهاجم رواد أحد المنتجعات الصغيرة ورحلة 3 رجال في قارب لمحاولة قتلها.
ما أكسب الرواية زخمًا هو الفيلم الذي صدر بعدها بعام واحد من إخراج ستيفن سبيلبيرغ، مما أسهم أيضًا في إطلاق موجة ذعر وفوبيا من القروش وساهم في استمرار الخرافات
وما أكسب الرواية زخمًا هو الفيلم الذي صدر بعدها بعام واحد من إخراج ستيفن سبيلبيرغ، مما أسهم أيضًا في إطلاق موجة ذعر وفوبيا من القروش وساهم في استمرار الخرافات عن كون القروش تتسم بالعدوانية وتهاجم البشر في الشواطئ العامة.
ووفقًا لعدة تقارير أبدى بيتر بنشلي ندمه على كتابة هذه الرواية وما سببته من رؤية سلبية تجاه القروش البحرية، وكرد فعل على ذلك كرس بنشلي بقية حياته المهنية لحماية القروش.
أنتوني بيرجس.. البرتقالة الآلية
“رواية على استعداد لأن أتبرأ منها” هكذا وصف بيرجس البرتقالة الآلية في السيرة الذاتية التي كتبها عن دي. إتش. لورانس.
الرواية التي صدرت مطلع عام 1962 والتي يمكن تصنيفها ضمن أدب المدينة الفاسدة، وضمتها مجلة التايم ضمن أفضل 100 رواية كتبت بالإنجليزية منذ عام 1923.
إلا أن بيرجس كان منزعجًا من ارتباط اسمه برواية البرتقالة الآلية فحسب، ويزعم أنه كتبها في 3 أسابيع من أجل ضائقة مالية، كذلك يقول البعض إن نسخة الفيلم التي أخرجها ستانلي كوبريك عام 1971 وشهرته هي التي جعلت بيرجس يكره عمله كثيرًا، فبالنسبة له رأى أن رؤية كوبريك حرفت روح الرواية وقام بتحويلها لـ”تمجيد الجنس والعنف” مما يسهل الطريق أمام القراء ليسيئوا تفسير الرواية، يقول بيرجس: “سيطاردني سوء التفاهم حتى موتي” ويتابع في موضع آخر “لم يكن عليّ أن أكتب هذا الكتاب بسبب خطورة التفسير الخاطئ له”.
السير أرثر كونان دويل ومقتل شيرلوك هولمز
منذ ظهور شخصية شيرلوك هولمز لأول مرة في رواية “دراسة بالقرمزي” عام 1886م وحتى الآن، وهي لا تفقد بريقها وسحرها على جميع المتابعين، لتحظى بالعديد من الأفلام والمسلسلات المقتبسة عنه، كان لطغيان شخصية هولمز وشهرتها أقوى من الموت نفسه.
تحت غضب الجمهور أعاد هولمز للحياة من جديد في رواية “كلب آل باسكرفال”، لا شك أن هولمز كان لعنة على سير أرثر كونان دويل، لعنة لم يمكن الهرب منها أبدًا
فلم يكن أمام دويل غير أن يقتله ويتخلص منه للأبد في رواية “المشكلة الأخيرة” ويكتب روايات أخرى مميزة مثل “النطاق المسموم” و”العالم المفقود”، إلا أن القراء كانت سلطتهم أكبر، وغضبهم عظيم، أصبح هولمز ملكًا لهم، وليس أمام أرثر كونان دويل غير أن يكتب ويكتب المزيد عن هولمز.
وبالفعل تحت غضب الجمهور أعاد هولمز للحياة من جديد في رواية “كلب آل باسكرفال”، لا شك أن هولمز كان لعنة على سير أرثر كونان دويل، لعنة لم يمكن الهرب منها أبدًا.