ترجمة حفصة جودة
خلال زيارته الأخيرة لرام الله، أكد بوريس جونسون وزير خارجية بريطانيا، على دعم بريطانيا الثابت والمستمر لحل “إقامة دولتين”، كما أكد على معارضة بريطانيا للمستوطنات غير القانونية وأنها تقف عقبة في طريق السلام، وفي ديسمبر الماضي أيدت بريطانيا قرار مجلس الأمن رقم 2334 والذي أكد مجددًا على عدم شرعية المستوطنات.
ومع ذلك ففي الشهر الماضي، في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، امتنعت بريطانيا عن التصويت على القرار الذي يقول بأن الاحتلال الإسرائيلي مسؤول عن انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة وأنه يبني المستوطنات بشكل غير قانوني.
يبدو واضحًا أن بريطانيا ترفض الضغط على الاحتلال الإسرائيلي لوقف سرقته المستمرة للأراضي الفلسطينية، وفي شهر فبراير وُضعت السجادة الحمراء للترحيب ببنيامين نتنياهو رئيس وزراء دولة الاحتلال والذي يمثل حكومة اليمين المتطرف العنصرية، وكان وزير الخارجية البريطانية فخورًا بتأكيده أن البلدين أبرما للتو أكبر صفقة تجارية مشتركة.
لكن بالتأكيد لا وجود للسجادة الحمراء عند التعامل مع الفلسطينيين، في عام 2011 قامت بريطانيا بترقية وضع المكتب التمثيلي الفلسطيني من وفد إلى بعثة، لكن في الواقع كانت هذه الترقية شكلية فقط، لأنها لم تنطو على أي امتيازات دبلوماسية، ومنذ ذلك الحين لم نشهد سوى تراجع في الوضع، فموظفو السفارة لم يعودوا يحصلون على نفس الاستحقاقات التي يحصل عليها غيرهم من الدبلوماسيين، لقد أخبرونا أن هذا الأمر يعود إلى عدم اعتراف بريطانيا بدولة فلسطين.
في سياق مؤسسي أوسع، هناك عدائية تجاه من ينتقدون الاحتلال الإسرائيلي، حيث يبدو واضحًا القمع الشديد للأنشطة الطلابية خلال أسبوع التمييز العنصري الإسرائيلي، فالتعامل مع الحقوق الفلسطينية والإسلام الراديكالي كأنها شيء واحد هو أمر خاطئ، وكذلك الخلط بين الانتقادات المشروعة للسياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين ومعاداة السامية، لا يجب تجريم الكفاح من أجل الحقوق الفلسطينية.
ومع ذلك، يبدو أن حكومة المحافظين مستمرة بشكل فردي نحو دعمها غير المشروط للاحتلال الإسرائيلي، فالبرلمان وأحزاب المعارضة الرئيسية ينتقدون بشدة انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي للقانون الدولي، ويدعمون الخطوات التي تتجه نحو لوم الاحتلال الإسرائيلي وتمكين الفلسطينيين، في 2014 صوّت البرلمان على الاعتراف بفلسطين، وكان هناك العديد من المناقشات بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي للقانون الدولي، ومن ضمنها معاملة الأطفال المحتجزين في السجون العسكرية وإنشاء المستوطنات بشكل غير قانوني، وتقوم حاليًا لجنة الشؤون الخارجية المنتخبة بالتحقيق بشأن سياسية المملكة المتحدة في الشأن الفلسطيني الإسرائيلي.
تخطيط الحكومة للذكرى المئوية لوعد بلفور – 2 من نوفمبر 2017 – يلخص تمامًا توجهها أحادي الجانب، فقد أدى هذا الإعلان إلى إنشاء دولة الاحتلال الإسرائيلي وفي الوقت نفسه سلب الشعب الفلسطيني ميراثه وخلق أجيالاً من اللاجئين، رغم ذلك، أخبرت تريزا ماي المحافظين – أصدقاء إسرائيل – أن هذا الإعلان واحد من أهم الرسائل التاريخية وذكراه تجعل حكومتها تشعر بالفخر، هذا الأمر يعمق جراح الفلسطينيين وكذلك الزيارة الملكية للاحتلال الإسرائيلي هذا العام (وهي الأولى منذ عام 1948).
الفلسطينيون مثل أي شعب آخر لهم حق تقرير المصير، فاللاجئون الفلسطينيون يرغبون في تطبيق حق العودة حسب قرار الأمم المتحدة رقم 194، لكن يبدو أن الاحتلال الإسرائيلي لن يمنحهم هذا الحق دون ضغوط دولية.
يبدو أن نافذة حل “إقامة دولتين” سوف تغلق سريعًا، فالاحتلال الإسرائيلي يستولي على المزيد من الأراضي الفلسطينية لإقامة المستوطنات غير القانونية، وقد وصل الفلسطينيون إلى نقطة حيث لم يعد هناك ما يتخلوا عنه، ما الذي يستطيع محمود عباس التفاوض عليه في اجتماعه المقبل مع دونالد ترامب؟ فبالنسبة لشعبه خاصة الجيل المولود خلال الـ25 عامًا الأخيرة، ومنذ اتفاقية أوسلو وبدء عمليات السلام، ما الأمل الذي يملكونه؟
هذا العام والذي يصادف 50 عامًا على الاحتلال و10 أعوام على حصار قطاع غزة و100 عام على وعد بلفور، هو الوقت المناسب حتى تعالج بريطانيا هذا الخطأ الذي دام قرنًا من الزمان، وأن تعمل على إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة، وإلا ستظل المنطقة غير مستقرة لسنوات قادمة، وستتعثر بريطانيا نتيجة لسلوك إدارة الاحتلال الإسرائيلي وتواطؤها معها.
المصدر: الغارديان