يسعى نواب لبنانيون إلى التمديد في فترة ولاية البرلمان للمرة الثالثة على التوالي منذ عام 2013، في ظل عدم تمكنهم من الاتفاق بشأن قانون انتخابي جديد للبلاد، وهو ما دفع بالرئيس ميشال عون إلى تعليق عمل البرلمان لمدة شهر.
تعليق جلسات البرلمان
في خطوة مفاجئة، قرر الرئيس اللبناني ميشال عون تعليق جلسات البرلمان لمدة شهر على خلفية أزمة قانون الانتخابات، مستعملاً نص المادة 59 من الدستور، التي تعطيه الحق في تأجيل انعقاد المجلس إلى أجل لا يتجاوز شهرًا واحدًا.
التمديد ضد المبادئ الدستورية لن يكون له سبيل في عهد إنهاض الدولة وسلطاتها ومؤسساتها على أسس دستورية سليمة
وقال عون الذي أوقف بقراره هذا خططًا مقترحة لتمديد فترة ولاية البرلمان للمرة الثالثة منذ العام 2013، في خطاب تليفزيوني: “التأجيل يهدف إلى منح السياسيين مزيد من الوقت للاتفاق على قانون انتخابي جديد ومنع استباحة إرادة اللبنانيين لجهة حقهم في الاقتراع واختيارهم ممثليهم ووضع الجميع أمام مسؤولياتهم الوطنية”، وأكد عون الذي انتخب رئيسًا للبنان في أكتوبر 2016، أن التمديد ضد المبادئ الدستورية ولن يكون له سبيل في عهد قيام الدولة وسلطاتها ومؤسساتها على أسس دستورية سليمة، حسب قوله.
ويعود سبب التمديد إلى فشل الفرقاء السياسيين في التوصل إلى قانون انتخابي جديد تجري على أساسه الانتخابات التشريعية القادمة، إذ يسعى كل فريق إلى فرض قانون يتماشى مع أهدافه، حتى انتهت المهل الدستورية لتنظيم الانتخابات من دون التوصل إلى قانون انتخابي.
تعطيل التمديد
قرار عون سبق جلسة للبرلمان اليوم الخميس، كان قد دعا إليها للبحث في اقتراح قانون لتمديد ولاية البرلمان الحالي حتى يونيو 2018، مما دفع رئيس البرلمان لإرجائها أملاً في التوصل إلى صيغة قانون موحدة تسمح بتمديد تقني ينأى بالبلد عن الفراغ الذي يؤدي إلى الانتحار المؤكد حسب تعبير بري، وعلى مدى سنوات لم تتمكن الأحزاب السياسية الرئيسية في لبنان من الاتفاق على قانون انتخابي جديد، حيث يسعى كل فريق إلى التمسك بقانون يحصل بموجبه على حصة أكبر من منافسه في مجلس النواب.
مطلب التمديد
ويسعى البرلمانيون من وراء الجلسة المؤجلة إلى تمديد ثالث لولاية البرلمان، وتم التمديد الأول يوم 31 من مايو 2013 لمدة سنة وخمسة أشهر حتى 20 من نوفمبر 2014، وبعدها مدد مرة ثانية لمدة سنتين وسبعة أشهر تنتهي يوم 20 من يونيو المقبل، وكان النائب المستقل نقولا فتوش قدم، الثلاثاء، مشروع قانون إلى مجلس النواب جاء فيه: “بسبب الظروف الاستثنائية، وتحاشيا للفراغ في المؤسسة الدستورية الأم المجلس النيابي: تمدد ولاية مجلس النواب الحالي حتى 20 من حزيران 2018، يُعمل بهذا القانون فور نشره في الجريدة الرسمية مع استعجال إصداره.”
انتخب نواب البرلمان الحاليون سنة 2009 لمدة أربع سنوات
في غضون ذلك، دعا ناشطون وأحزاب مسيحية لا سيما حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر وحزب الكتائب إلى تنظيم احتجاجات اليوم لمنع التمديد المذكور الذي وصفوه بأنه ضربة للديمقراطية، وانتخب نواب البرلمان الحاليون سنة 2009 لمدة أربع سنوات لكن منذ عام 2013 مدد النواب ولايتهم مرتين، مما أدى إلى مظاهرات واحتجاجات شعبية وحزبية واسعة النطاق في لبنان.
رفض لقانون “الستين”
هذه الاحتجاجات تزامنت مع تأكيد معظم الأطراف السياسية في لبنان على رفضها إجراء انتخابات على أساس القانون الانتخابي المعمول به حاليًا والمعروف باسم “قانون الستين” الذي يعود إلى عام 1960، ويبررون هذا الرفض إلى كون تقسيمات هذا القانون تحول دون تمثيل صحيح للبنانيين وأن أصوات الناخبين المسيحيين خصوصًا تذوب في عدد كبير من الدوائر في أصوات الطوائف الأخرى وهو ما يمنع المسيحيين من اختيار نواب طائفتهم، حسب قولهم.
احتجاجات في الشارع اللبناني
وفي آخر انتخابات نيابية تم اعتماد قانون الستين (نسبة إلى إقراره في العام 1960) الذي يعتمد القضاء دائرة انتخابية مع استثناءات، وعليه فإن الانتخابات تتم وفقًا لتقسيمات إدارية تراعي الخصوصيات الطائفية للقوى السياسية، حيث قسمت بيروت إلى ثلاث دوائر، وجبل لبنان إلى ست دوائر، والشمال إلى سبع دوائر، وتم اعتمد هذا القانون في كل من انتخابات 1960 و1964 و1968 و1972 وهي آخر انتخابات قبل الحرب الأهلية والتمديد لهذا المجلس حتى العام 1992، وفي انتخابات 2009، وفي حال عدم إقرار قانون جديد للانتخابات يتم العمل بقانون الستين بهذه الصيغة.
وفي بيانه الوزاري الأول، أكد رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، أن إعداد قانون جديد للانتخابات النيابية المقرر إجراؤها الربيع المقبل، يمثل أحد أهم أولويات حكومته، إلا أن رغبة الحريري اصطدمت بعقبات سياسية، أبرزها غياب الإجماع الوطني على شكل ومضمون القانون.