لم أتوقع أن يأتي اليوم الذي تعود فيه الدولة الدكتاتورية التي تفرض موافقات أمنية للسفر وتقيد الحرية الشخصية.. المنطقة الشرقية تحولت إلى سجن كبير” بهذا عبّر محمود خالد (35 عاما) عن استهجانه لقرارالحاكم العسكري للمنطقة الشرقية المعين من مجلس النواب، القاضي بمنع المواطنين الذين تتراوح أعمارهم بين 18-45 عاما من السفر؛ دون الحصول على موافقة أمنية والصادر في آواخر فبراير/شباط الماضي.
بطاقة معلومات
خالد يعتبر نفسه محظوظا، إذ أنه تحصل على موافقة أمنية للسفربغرض العلاج في أحد الدول المجاورة، خلال يومين اثنين، بعد خضوعه لتحقيق في أحد المقرات الأمنية التابعة لجهاز الأمن الداخلي بمدينة بنغازي شرق ليبيا، وجهت له خلالها أسئلة عن عمله وأماكن عمل أقاربه من الدرجة الأولى والثانية وأصدقائه وعن الغرض من السفر والنشاطات والانتماءات السياسية له ولأقاربه وللمقربين منه.
كوريا الشمالية
وفي حديثه لموقع ليبيا الخبر يقول خالد، إن الموافقة التي حصل عليها صالحة لشهر واحد فقط وغير قابلة للتجديد ويتابع: “عندما علمت أنها غير قابلة للتجديد وشاهدت تقاسيم وجه المحقق ومكان التحقيق المريب عزمت على عدم تكرار تلك التجربة وكرهت السفر، للوهلة الأولى خلت أنني من كوريا الشمالية ولست ليبياً”.
ولم يكن أحمد (40 عاما) محظوظا مثل خالد، إذ أن جهاز الأمن االدخلي لم يمنحه إذا بالسفر، كون اسم عائلته هو نفسه اسم عائلة بعض أبنائها من مقاتلي مجلس شورى ثوار بنغازي- تشكيل مسلح مناوئ لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفترالتي تسيطر على شرق ليبيا- وله قريب من الدرجة الثانية وهو رجل أعمال مقيم في تركيا.
وأردف أحمد في حديثه لموقع ليبيا الخبر: “قالوا لي إن قريبك إرهابي ولم يمنحوني الموافقة الأمنية، رغم أني لم أقابل قريبي سوى عدة مرات ولا تربطني به أي صلات بعد سفره خارج ليبيا”، كنت في أشد الحاجة للسفر ومنعوني انطلاقا من ارتباط تركيا بجماعة الإخوان المسلمين التي تدعم مقاتلي مجلس الشورى في نظرهم” يقول محمود.
قرار تعسفي
ويصف أحمد حمزة مقرر اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، القرار بـ”التعسفي والاستبدادي” ؛ لأنه ينتهك حق السفر والتنقل المكفول لكل إنسان مشيرا إلى أن القرار قابل للطعن والإبطال لدى المحاكم داعيا إلى ضرورة الضغط من المجتمع المدني والبرلمان من أجل إلغائه.
ويضيف حمزة في حديثه لموقع ليبيا الخبر، أن القرار يأتي ضمن قرارات التدخل العسكري “السافر” في الشؤون المدنية التي تصدر بها الحاكم العسكري شرق البلاد مؤكدا وصول العديد من الشكاوى إلى اللجنة من مواطنين متضررين في المنطقة الشرقية من القرار.
ويرى مقرر اللجنة الوطنية، أن بطاقة المعلومات التي يجمعها رجال الأمن عن المواطنين الراغبين في السفر تعتبر تعديا صارخا على حق من حقوق الإنسان قائلا: “إن السلطات في شرق ليبيا تتذرع بالحفاظ على الأمن القومي بأن تنتهك حقا مكفولا من القوانين والشرائع لكل إنسان ..وما هكذا تورد الإبل ياعمر”.
قرار باطل
وتتفق معه المستشارة القانونية إيناس الميلادي، التي وصفت القرار بـ”الباطل والمخالف للقانون” مضيفة لموقع ليبيا الخبر : ” إن القرار مخالف للقانون لأن القانون يمنح الليبي الحق في السفر والتنقل ولم يشترط صحيح القانون موافقة أمنية، لذلك بالتالي كل ما يقيد حق الليبي في السافر والتنقل سواء كان موافقة أمنية أو غيره يُعد باطلاً”.
أمن قومي
في المقابل، برر الحاكم العسكري للمنطقة الشرقية المعين من قبل مجلس النواب الليبي في طبرق، عبدالرزاق الناظوري، في نص المادة الثانية من قرار المنع، بأنه جاء لمواجهة ما وصفه بـ “الخطر الخارجي والسلبيات التي صاحبت سفر هذه الفئة العمرية (فئة الشباب) “.
وأوكل الناظوري حسب القرار الذي جاء استبدالا للقرار القاضي بمنع سفر النساء دون محرم الذي آثار موجة من السخط الشعبي الذي دعا الناظوري إلى تجميده، أوكل مهمة إعطاء الموافقة الأمنية للعسكريين لجهاز الاستخبارات العسكرية، في حين يتولى جهاز المخابرات العامة منح الموافقة لمؤسسات المجتمع المدني، فيما يتولى جهاز المباحث العامة منح الموافقة الأمنية للعاملين بالمؤسسات والهيئات والشركات العامة التابعة للدولة.
رفض وقبول
من جانبه يرى عضو مجلس النواب أبو الخير الشعاب أن القرار مرفوض في حالات ومقبول في حالات أخرى، مبينا أن القرار يرفض حين يفرض على المواطنين العاديين لأن الإعلان الدستوري لثورة 17 فبراير كفل حرية التنقل والسفر دون قيود و شروط، فلا يجوز وضع أي قيد علي تنقله وسفره طالما لم يكن قد ارتكب جرما يقضي بتوقيفه من قبل جهات قضائية فقط.
يضيف الشعاب، أن هناك بعض الحالات التي يقبل فيها قرار الموافقة الأمنية كسفر منظمات المجتمع المدني والهيئات غير الرسمية لندوات ومؤتمرات خارج البلاد. وذكر أن قرار فرض الموافقة الأمنية على تلك الجهات مطلوب للإطلاع علي فحوى هذه الندوات والجهات المنظمة لها، وإعداد تقارير أمنية بذلك للحفاظ على الأمن القومي للبلاد.
المصدر: ليبيا الخبر