عام 1948، قبل أيام قليلة من انتهاء الانتداب البريطاني، والإعلان عن تأسيس “إسرائيل” دون أن تُعلن حدودها بالضبط، وبعد ثلاث سنوات من نهاية الحرب العالمية الثانية، بدأ جو بايدن، البالغ من العمر ست سنوات، تعليمه خلال جلوسه على مائدة العشاء مع عائلته، مستمعًا إلى والده المسيحي الكاثوليكي الذي كان في حيرة من أمره، وهو يتساءل بصوت عالٍ عن سبب الجدل بشأن الاعتراف بـ”دولة إسرائيل”، موضحًا للشاب جو أن وجود “إسرائيل” كان أمرًا حاسمًا لمنع حدوث “هولوكوست” أو محرقة يهودية أخرى.
تساعد هذه القصة التي يرويها الرئيس الأمريكي جو بايدن في الكثير من المناسبات التي تجمعه بالمسؤولين الإسرائيليين، في تفسير سبب دعمه المطلق لـ”إسرائيل” خلال الأيام الماضية، حتى في مواجهة الضغوط المتزايدة من جماعات حقوق الإنسان والتقدميين داخل حزبه، حيث تقصف الطائرات الإسرائيلية غزة بلا هوادة، ما أسفر عن مقتل أكثر من 4 آلاف فلسطيني، بما في ذلك الأطفال.
بايدن الصهيوني
لفهم سياسة بايدن تجاه “إسرائيل” الآن، عليك أن تنظر إلى ماضيه، فقد بدأ إرثه المؤيد لـ”إسرائيل” في وقت أبكر بكثير من توليه منصب نائب الرئيس أو الرئيس، وكان مخلصًا لـ”إسرائيل” منذ طفولته التي شهدت ولادة “الدولة اليهودية”، وطوال حياته السياسية التي توازي التهديدات المتكررة بتدميرها.
التقى بايدن بكل رئيس وزراء إسرائيلي على مدار أكثر من خمسة عقود، وكانت رحلته الأولى إلى الخارج إلى “إسرائيل” عام 1973 بعد انتخابه عضوًا للمرة الأولى في مجلس الشيوخ عن ولاية ديلاوير.
In NYT @rosnersdomain writes on “Joe Biden’s Israel story” – involving his visit with Golda Meir in Israel in 1973. “Meir tells him: ‘Our secret weapon, senator, is we have no place else to go.’”https://t.co/3NI5zFabNz
Here’s @JoeBiden telling the story to @AIPAC conf. 4/6/1992 pic.twitter.com/kwmWJcnUUe
— Howard Mortman (@HowardMortman) August 10, 2020
-يروي بايدن قصة لقائه رئيسة الوزراء الإسرائيلية آنذاك غولدا مائير
على مدار عقود، كان بايدن يروي مرارًا وتكرارًا قصة مفضلة عن علاقته الطويلة بـ”إسرائيل”، حين التقى في ذلك العام رئيسة الوزراء الإسرائيلية آنذاك غولدا مائير، التي أُعجب بها من بعيد مثل الملايين من الأمريكيين كما يقول، وهو اللقاء الذي وصفه في عام 2015 بأنه “أحد أهم الاجتماعات التي عقدها في حياته على الإطلاق”، لكن أجزاءً من القصة تتغير في كل مرة يرويها.
في ديسمبر/كانون الأول عام 2021، أخطأ بايدن في الحديث عن موعد اجتماعه مع مائير، فقد عُقد اللقاء قبل نحو 5 أسابيع من حرب أكتوبر 1973 أو كما تعرف في “إسرائيل” بـ”حرب يوم الغفران”، وليس خلال حرب الأيام الست – كما تسمى في “إسرائيل” – عام 1967.
والأهم من ذلك أن بايدن ضخَّم أهميته بالنسبة لـ”إسرائيل” في ذلك الوقت، رغم أن زيارته كانت الأولى، ومنصبه حديث العهد داخل دوائر صنع القرار الأمريكية، ولا يوجد دليل على أن مائير كان لديها أي نية لاستخدامه كـ”حلقة الاتصال” بين “إسرائيل” ومصر، بحسب تقرير نشرته شبكة “سي إن إن” الأمريكية.
واصل بايدن التعبير عن دعمه للاحتلال في كل فرصة حتى إنه عارض بشدة مبيعات الأسلحة المتقدمة – مثل طائرات “F-15” الحربية – للسعودية خلال إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان، بحجة أن السعودية تشكل تهديدًا لـ”إسرائيل”، وأن المعدات العسكرية الإضافية تعزز إلى حد كبير القدرات الهجومية للطائرات المقاتلة لذلك البلد.
وكتب في مقال افتتاحي لصحيفة “نيويورك تايمز” عام 1981، تحت عنوان “أوقفوا الأسلحة للسعوديين” أن “الحكومة الإسرائيلية أدركت الآن أن التفوق العسكري والتكنولوجي الإسرائيلي سوف يتآكل بشكل خطير بسبب صفقة الأسلحة، ولا يمكن تعويض ذلك بأي تدابير تعويضية محتملة”.
وفي عام 1984، وفي خطاب ألقاه في المؤتمر السنوي لـ”حركة صهاينة أمريكا”، أمام الحشد الصهيوني اليميني المؤيد لـ”إسرائيل”، سخر بايدن من منظمة التحرير الفلسطينية والحكومات العربية، لأنها تعرقل عملية السلام في الشرق الأوسط عن مسارها المفترض.
“إذا لم تكن هناك إسرائيل، لاخترعت الولايات المتحدة واحدة”، يقول جو بايدن
السيناتور الأمريكي بايدن تحدث حينها عن “ثلاث أساطير تدفع السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط”، وهي “الاعتقاد بأن السعودية يمكن أن تكون وسيطًا للسلام، وأن العاهل الأردني الملك حسين بن طلال على استعداد للتفاوض على السلام، وأن منظمة التحرير الفلسطينية يمكنها التوصل إلى إجماع من أجل السلام”.
وتكشف وثيقة نادرة آراء بايدن في المفاضلة بين “إسرائيل” والسعودية، ففي اجتماع مع سفير “إسرائيل” لدى الولايات المتحدة مائير روزين، قبل عامين من محاولته الأولى ليصبح رئيسًا للولايات المتحدة، في فبراير/شباط 1986، وصف بايدن المساعدات الأمريكية لـ”إسرائيل” بأنها “أكبر قيمة لأموال الولايات المتحدة”، ووصف السعودية بأنها “ليست أكثر من مجموعة من 500 أمير وعائلاتهم”.
ورغم أنه كان عضوًا في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ في الثمانينيات، فإنه لم يكن سيناتورًا ذا أهمية خاصة في نظر السفارة في واشنطن، ولم يكن في بداية مشواره منخرطًا في السياسة اليهودية الديمقراطية في واشنطن أو كانت له علاقة كبيرة بالمنظمات اليهودية، لكن عندما يتعلق الأمر بالحملات التي شنتها “إسرائيل” في الثمانينات في “الكابيتول هيل” (مقر الكونغرس الأمريكي)، كان يدعم دائمًا مواقف “إسرائيل”، وشمل ذلك قضايا مثل بيع نظام الإنذار المبكر والتحكم “أواكس” إلى السعودية، واستمرار المساعدات العسكرية لـ”إسرائيل”، ومنظمة التحرير الفلسطينية.
مع مرور الوقت، عمَّق بايدن تقديره للصهيونية منذ الثمانينات، وترسخت قناعاته المؤيدة للاحتلال، الأمر الذي أدَّى إلى إعلانه في أبريل/نيسان 2007، قبل وقت قصير من اختياره ليكون نائبًا للرئيس باراك أوباما في انتخابات عام 2008، أنه ليس مجرد مؤيد لـ”إسرائيل” – كما كان المعيار بين الساسة الأمريكيين – بل هو نفسه صهيوني.
بحسب موقع “ميدل إيست مونيتور“، فإن بايدن على حق بطبيعة الحال، لأن الصهيونية حركة سياسية تضرب بجذورها في قومية وفاشية القرن العشرين، واستخدام بايدن للعقائد الدينية مدفوعًا بالمصلحة السياسية، وليس الروحانية أو الإيمان.
وفي مقابلة مع “تليفزيون شالوم“، أجاب بايدن عن الأسئلة المتعلقة بالقضايا اليهودية، وعلى الرغم من إصراره على أنه “لا يحتاج إلى أن يكون يهوديًا ليكون صهيونيًا”، سعى بايدن إلى إقامة علاقات عائلية مع الشعب اليهودي، فأبنائه الثلاث – بو وهانتر من زوجته الأولى، نيليا بايدن، وآشلي، ابنته من زوجته الحاليّة جيل جاكوبس بايدن – متزوجون من يهود، وكشف أنه شارك في عيد الفصح في منزلهم، بحسب ما نقلته صحيفة “واينت نيوز” الإسرائيلية.
وبنظرة فاحصة على التصريحات الأخرى التي أدلى بها، يبدو مدى تقدير بايدن للصهيونية، فقد اعتبر والده “صهيونيًا في قلبه”، ويتذكر خلال جلسة استماع في فبراير/شباط عام 1999 عن معاداة السامية في روسيا، أن والده كان يتحدث في كثير من الأحيان عن “كيف وقف العالم بصمت في الثلاثينيات في مواجهة هتلر”.
ويبدو بايدن متأثرًا بوالده في موقفه الداعم للاحتلال، ويصفه بأنه كان “مسيحيًا صالحًا، ورجلًا لطيفًا، وعاملًا من ذوي الياقات البيضاء، وهو مؤيد مخلص لـ”إسرائيل”، ويقول إنه (والده) كان دائمًا مستاءً من أن أي شخص كان بإمكانه دعم “إسرائيل” ولم يفعل، خاصة إذا كان يهوديًا منذ عام 1948 عندما كانت النقاشات تدور في المجتمع اليهودي في واشنطن، وكما يقول فقد تعلم على طاولته إن “الطريقة الوحيدة لضمان عدم حدوث ذلك مرة أخرى هي إنشاء ووجود دولة إسرائيل اليهودية الآمنة على أنقاض الوطن الفلسطيني”.
بايدن يعترف بأنه صهيوني
وأصبح التزام بايدن تجاه “إسرائيل” أكثر وضوحًا عندما تولى مسؤوليات سياسية أكبر كنائب للرئيس الأمريكي في عهد إدارة أوباما، ففي مؤتمر “أيباك” في مارس/آذار عام 2013، تحدث بالتفصيل عن معتقداته الأيديولوجية الصهيونية والتزام رئيسه تجاه ما أسماها “دولة إسرائيل اليهودية”، وقال: “لقد عملت مع ثمانية رؤساء للولايات المتحدة الأمريكية، وأستطيع أن أؤكد لكم، بشكل لا لبس فيه، أنه لم يقم أي رئيس بنفس القدر لتأمين دولة إسرائيل ماديًا مثل الرئيس باراك أوباما”.
تكرر ذلك بعد شهور، حين وصل بايدن إلى مؤتمر “جي ستريت” (J Street)، وهي مجموعة ذات ميول يسارية مؤيدة لـ”إسرائيل”، وتروج لحل الدولتين لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، في سبتمبر/أيلول عام 2013، برسالة حازمة: “ربما تكون إدارة أوباما قد جددت نهجها تجاه الشرق الأوسط لكن موقفها تجاه إسرائيل لم يتغير”، مشيرًا عدة مرات إلى التزام الرئيس باراك أوباما تجاه “إسرائيل”، وأن “دعم أمريكا لأمن إسرائيل لا يتزعزع” حسب قوله.
كان بايدن يعرف نتنياهو منذ ما يقرب من أربعة عقود، عندما كان الأول عضوًا في مجلس الشيوخ، وكان الثاني يتولى منصب المندوب السياسي لدى السفارة الإسرائيلية في واشنطن
وخلال خطابه أمام الجمعية العامة السنوية للاتحادات اليهودية في ولاية ماريلاند، في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، حاول بايدن تهدئة المخاوف بشأن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية في أعقاب تصريحات سيئة أدلى بها أحد كبار مساعدي إدارة أوباما بشأن نتنياهو، وكذلك المحادثات النووية التي كانت جارية مع إيران، وأكد مسؤولية بلاده لضمان أمن “إسرائيل” المطلق، وأن “أمن إسرائيل والولايات المتحدة مرتبطان ارتباطًا وثيقًا، ولن نتخلى أبدًا عن إسرائيل من منطلق مصلحتنا الشخصية”.
وأضاف بايدن في خطابه عنصرًا جديدًا إلى الفهم الأمريكي لعلاقته مع “إسرائيل”، يتجاوز النفعية السياسية أو الروابط الأيديولوجية، ويقوم على “الالتزام الأخلاقي”، وعبَّر عن ذلك بقوله: “نتحدث دائمًا عن إسرائيل من هذا المنظور، كما لو كنا نقدم لها معروفًا ما، نحن نفي بالتزام أخلاقي، بل إن حماية إسرائيل هي أكثر من مجرد التزام أخلاقي بالنسبة للولايات المتحدة، إنها أيضًا ضرورة إستراتيجية، من المصلحة الذاتية للولايات المتحدة بشكل كبير أن يكون لديها صديق آمن وديمقراطي وشريك إستراتيجي مثل إسرائيل”.
وعلى الرغم من أنه لم يتطرق إلى المقال المحدد في مجلة “The Atlantic”، فإن بايدن بذل قصارى جهده للتأكيد على ولعه الشخصي بنتنياهو بغض النظر عن اختلافاتهم الصارخة في الرأي، وبعث إليه برسالة مع سفير “إسرائيل” لدى الولايات المتحدة رون ديرمر الذي كان يجلس بين الحضور “من الأفضل أن تبلغ بيبي (كما اعتاد أن يصف نتنياهو) أننا ما زلنا أصدقاء”.
لكن هذه ليست المرة الأولى التي تظهر فيها التوترات بين المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين علنًا، ففي أكتوبر/تشرين الأول 2014، وقبل أسبوع من نشر المقال، تجاهلت إدارة أوباما وزير دفاع الاحتلال موشيه يعالون خلال زيارة إلى واشنطن، ومُنع من عقد لقاءات مع بايدن (نائب الرئيس حينها) ووزير الخارجية جون كيري، ومن المرجح أن يكون ذلك بسبب تصريحات يعالون قبل عدة أشهر، عندما نُقل عنه وصف كيري بأنه “مهووس ومسيحي”.
وفي حادثة أخرى، ألقى كيري – وكان مهندس استئناف محادثات السلام بين يوليو/تموز 2013 وأبريل/نيسان 2014 – باللوم على “إسرائيل” في صعود الجهاد العالمي، وأصر على أن “إسرائيل” أذلت العرب الفلسطينيين، وأن ذلك أدى إلى “فقدان الكرامة”، مما أدى إلى جذب التجنيد نحو داعش.
سرعان ما أُسدل الستار على هذه الخلافات، وفي واحدة من أكثر الخطب المؤيدة لـ”إسرائيل” على الإطلاق التي ألقاها مسؤول أمريكي كبير، قال بايدن أمام المنتدى السنوي لمعهد بروكينغز، المعروف باسم منتدى “سابان”، في 6 ديسمبر/كانون الأول 2014: “إذا لم تكن هناك إسرائيل، لاخترعت الولايات المتحدة واحدة”، مبررًا حتمية وجود “إسرائيل” بـ”حماية مصالح الولايات المتحدة في المنطقة”.
تكشف تصريحات بايدن المتكررة مدى دعمه المطلق لـ”إسرائيل”
في الواقع، لم تكن هذه المرة الأولى التي يردد فيها بايدن هذه الجملة التي تؤكد ضرورة وجود “إسرائيل” في منطقة الشرق الأوسط، فقد ذكر هذا التعبير لأول مرة في يونيو/حزيران 1986، عندما كان حينها عضوًا شابًا في لجنة القضاء بمجلس الشيوخ الأمريكي، وكانت المرة الأخيرة في أكتوبر/تشرين الأول 2022، خلال استقباله رئيس الاحتلال الإسرائيلي إسحاق هرتسوج، وقال وقتها: “لقد قلت في كثير من الأحيان، إذا لم تكن هناك إسرائيل، لكان علينا أن نخترع واحدة”.
لكن هذا الترحيب الحار لم يخف التوتر السائد على خلفية سعي نتنياهو لإقرار التعديلات القضائية المثيرة للانقسامات، وفي التوسع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وبعد وقت قصير من لقاء جمع أوباما ونتنياهو في البيت الأبيض، في سبتمبر/أيلول عام 2013، استحضر بايدن في مؤتمر “جي ستريت”، هذه العبارة قائلًا: “سيتعين علينا اختراع إسرائيل إذا لم تكن موجودة بالفعل، للتأكد من الحفاظ على مصالحنا”.
في كثير من الأحيان لا تحتاج تصريحات بايدن لتأويل لنفهم موقفه من “إسرائيل”، فهو يتحدث علانية مرارًا وتكرارًا عن دعمه المطلق لها، على سبيل المثال، في أبريل/نيسان عام 2015، بدأ خطابه خلال الاحتفال السنوي الـ67 بيوم الاستقلال الإسرائيلي في قاعة أندرو دبليو ميلون في واشنطن العاصمة، بالقول “اسمي جو بايدن، والجميع يعرف أنني أحب إسرائيل”.
وقال نائب الرئيس الأمريكي حينها: “في بعض الأحيان ندفع بعضنا البعض إلى الجنون”، في إشارة إلى الخلافات بين “إسرائيل” والولايات المتحدة بشأن رفض نتنياهو وقف بناء المستوطنات اليهودية غير القانونية، وأضاف “لكننا نحب بعضنا البعض، أنتم تحمون مصالحنا مثلما نحمي مصالحكم”.
ومع ذلك، ما زال بايدن يمتلك مخزونًا كبيرًا من التصريحات العامة الداعمة للاحتلال بعد عقود من العمل في الحكومة والسياسة، وردًا على سؤال موقع “AXIOS” الإخباري، الذي طرحه على مختلف مرشحي الحزب الديمقراطي، عما إذا كان الرئيس الديمقراطي سينقل السفارة الأمريكية إلى تل أبيب، أجابت حملة بايدن: “نائب الرئيس بايدن لن يعيد السفارة الأمريكية إلى تل أبيب، لكنه سيعيد فتح قنصليتنا في القدس الشرقية للتواصل مع الفلسطينيين”.
وفي مارس/آذار 2020، كان خطاب بايدن – وهو مزيج من المفاهيم الأيديولوجية المشوشة والأفكار الدينية والمصالح السياسية – أمام لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية “إيباك”، وهي مجموعة الضغط المؤيدة لـ”إسرائيل” الأكثر نفوذًا في الولايات المتحدة، في مؤتمرهم السنوي، مجرد استمرار لإرث طويل يعتمد على دعم بلاده الأعمى لـ”إسرائيل”، وبلغ خطابه حينها ذروته في الدعوة إلى الدعم الأمريكي لـ”إسرائيل” بما يتجاوز حدود السياسة الخارجية الأمريكية.
شراكة في زمن الحرب
يبدو سجل بايدن المؤيد لـ”إسرائيل” ثابتًا مثل أي سجل آخر في التيار الرئيسي للحزب الديمقراطي، ولا تزال علاقاته مع جماعات الضغط الإسرائيلية طويلة الأمد، وقد أكد لصانعي السياسات الإسرائيليين أنه لن يوجه انتقادات علنية لأفعالهم، ودعم عمليات القتل خارج نطاق القانون التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي، وروج لصداقته طويلة الأمد والمعقدة مع نتنياهو.
وكان بايدن يعرف نتنياهو منذ ما يقرب من أربعة عقود، عندما كان الأول عضوًا في مجلس الشيوخ، وكان الثاني يتولى منصب المندوب السياسي لدى السفارة الإسرائيلية في واشنطن، وتسلق الاثنان السلم السياسي بالتوازي، فأصبح نتنياهو سفيرًا لـ”إسرائيل” لدى الأمم المتحدة، ووصل بايدن إلى رئاسة لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، ومرا بعلاقة أكثر دفئًا من علاقة نتنياهو بالرئيس أوباما، وصولًا إلى توليهما أعلى مناصب السلطة في تل أبيب وواشنطن، وانغماسهما الآن في شراكة في زمن الحرب ردًا على هجوم حماس المفاجئ على “إسرائيل”.
وخلال جولته في الشرق الأوسط في مارس/آذار 2010 عندما كان نائبًا للرئيس الأمريكي، اعترف بايدن خلال لقائه نتنياهو في “إسرائيل” بدوره في العلاقة بين واشنطن وتل أبيب، وقال: “العلاقة بينهما كانت، وستظل، محورًا أساسيًا في السياسة الأمريكية، وكان الأمر على هذا النحو منذ عام 1948″، مضيفًا “بصراحة تامة، كان هذا هو المحور الرئيسي لعملي طوال تلك السنوات باعتباري عضوًا في مجلس الشيوخ الأمريكي ورئيسًا للجنة العلاقات الخارجية”.
بما أن “إسرائيل” تتمتع بميزة عسكرية مطلقة على حماس، فإن الدعم العسكري الأمريكي لـ”إسرائيل” هو أكثر من أداة سياسية لإدارة بايدن لإظهار تحالفها مع الاحتلال وسياسيه المحليين
لطالما أظهر بايدن لنتنياهو أن “أمن إسرائيل” من أولويات سياسته في منطقة الشرق الأوسط، ففي زيارته إلى “إسرائيل”، حيث كان من المفترض أن يخفف من أي قلق إسرائيلي بشأن التزام واشنطن تجاه تل أبيب، وقد فعل ذلك بكلمات مطمئنة، أكد على “الالتزام المطلق والكامل بأمن إسرائيل”، لافتًا إلى أن “التقدم في الشرق الأوسط يحدث عندما يعلم كل شخص أنه ببساطة لا توجد مسافة بين الولايات المتحدة و”إسرائيل” عندما يتعلق الأمر بأمن إسرائيل”، وأشاد باتفاقية الحدود البحرية الإسرائيلية اللبنانية ووصفها بأنها “اختراق تاريخي”.
ومع ذلك، لم تسر العلاقة بينهما على وتيرة واحدة، فقد أحرجت حكومة نتنياهو بايدن بإعلانها عن 1600 منزل جديد للمستوطنين اليهود في القدس الشرقية في منتصف زيارة بايدن إلى “إسرائيل” عام 2010، والتي أدانها، ووصفها بأنها “تقوض الثقة التي نحتاجها الآن”.
وفي وقت لاحق، اعتذر وزير أمن الاحتلال إيلي يشاي، وزعيم حزب شاس اليميني، علنًا عن توقيت الإعلان، وقد جعل يشاي من الاستيطان اليهودي في القدس الشرقية إحدى قضاياه المركزية، وهو ما يناقض سياسة الرئيس أوباما الذي كان أكثر صخبًا من معظم الرؤساء السابقين فيما يتعلق بالتوسع الاستيطاني الإسرائيلي، ودعت إدارته حينها “إسرائيل” بوقف جميع عمليات بناء المستوطنات من أجل استئناف محادثات السلام.
وكان أحد أسباب التوتر أيضًا هو قرار نتنياهو إلقاء كلمة أمام جلسة مشتركة للكونغرس لمعارضة الاتفاق النووي الإيراني الذي أبرمته الدول الكبرى مع إيران في عام 2015، ومِثل العديد من الديمقراطيين، لم يحضر بايدن الخطاب.
كانت هناك أوقات نادرة أخرى أعرب خلالها بايدن عن معارضته لخطط “إسرائيل” ضم الأراضي الفلسطينية، وكان آخرها خلال حملته الرئاسية عام 2020، حين قال إنه سيتراجع عن بعض سياسات سلفه دونالد ترامب التي أدَّت إلى خطط إسرائيلية لضم أجزاء من الضفة الغربية، قائلًا إنه لا يؤيد هذه الخطوة.
وظهر الخلاف بين بايدن ورئيس الوزراء إلى الرأي العام في مارس/آذار الماضي بعد أن عارض بايدن دعم نتنياهو للإصلاحات القضائية، وأمضى بايدن عدة أشهر دون دعوة نتنياهو لزيارة البيت الأبيض حتى عُقد اللقاء الأول بينهما في سبتمبر/أيلول بعد عودة نتنياهو إلى منصبه أواخر العام الماضي.
ومع ذلك، كان هناك مسار طويل من دعم بايدن الثابت للنشاط الإسرائيلي غير القانوني في المنطقة على مر السنين حتى مع حث بعض أركان حزبه الديمقراطي على اتباع نهج أكثر انتقادًا تجاه تل أبيب واحتلالها المستمر منذ عقود للأراضي الفلسطينية، الذي يعتبره المجتمع الدولي على نطاق واسع “غير قانوني”.
وفي خطاب ألقاه بايدن في البيت الأبيض تعليقًا على اتفاق وقف إطلاق النار بين “إسرائيل” وحماس الذي تم توصل إليه بعد الصراع الذي استمر قرابة 11 يومًا في مايو/أيار 2021، أكد بايدن أن “الولايات المتحدة تدعم بشكل كامل حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد الهجمات الصاروخية العشوائية التي تشنها حماس وغيرها من الجماعات المتمركزة في غزة وأودت بحياة الأبرياء في إسرائيل” حسب وصفه.
لم يتغير موقف بايدن في أعقاب هجمات حماس الأخيرة على “إسرائيل”، التي تسببت في أكبر خسارة في الأرواح اليهودية في يوم واحد منذ “المحرقة”، وانصب تركيزه على إظهار التضامن الثابت مع “إسرائيل”، بما في ذلك تصريحاته خلال اجتماع في البيت الأبيض مع الزعماء اليهود للحديث عن مكافحة معاداة السامية، وقال بايدن: “لو لم تكن هناك إسرائيل، لما كان أي يهودي في العالم آمنًا في نهاية المطاف، إنها الضمان النهائي الوحيد”.
سنوات من الدعم غير المشروط
طوال مشواره السياسي، تحدث بايدن بصوت عالٍ عن دعمه لمبيعات الأسلحة الأمريكية لـ”إسرائيل”، وعلى موقع حملته الانتخابية، الذي يعرض قائمة كاملة لدعمه لـ”إسرائيل” على مدى سنوات، يروِّج بايدن لسجله الطويل في دعم أمن الاحتلال من خلال تسهيل الحصول على التقنيات التي يصفها بـ”المنقذة للحياة لإسرائيل” مثل القبة الحديدية، ومنظومة الدفاع الجوي الصاروخي “مقلاع داود”، وأنظمة الدفاع الصاروخي والمضادة للصواريخ “حيتس 3”.
وفي كثير من الأحيان، يأتي دعم بايدن على شكل صفقات من الأسلحة الأكثر فتكًا، التي تتزامن في كثير من الأحيان مع اندلاع الصراع في المنطقة، على سبيل المثال، قبل اندلاع الحرب في قطاع غزة، في مايو/أيار 2021، بمستوى لم يشهده منذ عام 2014، وافقت إدارة بايدن على بيع أسلحة دقيقة التوجيه من شركة “بوينغ” الأمريكية بقيمة 735 مليون دولار إلى “إسرائيل”، لكن الصفقة كانت موضع تساؤل في وقت لاحق من بعض المشرعين الأمريكيين، بينما تزايدت الانتقادات الموجهة إلى دعم إدارة بايدن لـ”إسرائيل” وسط المواجهة المحتدمة في الكونغرس.
يتكرر هذا السيناريو أيضًا في الوقت الراهن، فرغم لقطات الأطفال الأبرياء الذين قتلوا في الغارات الجوية الأخيرة التي تسببت في غضب عالمي، ترسل الولايات المتحدة المزيد من الأسلحة والذخيرة إلى “إسرائيل”، ما يزيد من حدة المعركة المسلحة الجارية على الأرض.
أرسلت واشنطن بالفعل عدة سفن عسكرية وسفينة “يو إس إس جيرالد فورد”، أكبر حاملة طائرات في العالم، كاستعراض لقوتها تجاه “أقرب حليف لها في المنطقة”، وسبق أن أعلنت القوات الجوية الأمريكية نشر أسراب طائرات مقاتلة من طراز “إف 15″ و”إف 16″ و”إيه 10” في المنطقة.
وفي الأسبوع الماضي، وعد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، في أثناء حديثه مع نتنياهو، بأن “الولايات المتحدة ستكون دائمًا هناك من أجل إسرائيل”، ولم يكن بلينكن مخطئًا في تأكيده، فقد كانت الولايات المتحدة في الواقع موجودة دائمًا إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي لأكثر من 70 عامًا، حيث كانت تزود البلاد بالأسلحة بشكل مستمر، مما يسمح لها بالحفاظ على أقوى الجيوش في الشرق الأوسط.
وبحسب مصادر عسكرية نقلت عنها شبكة “سي إن إن” الأمريكية، طلبت “إسرائيل” صواريخ اعتراضية إضافية لنظام القبة الحديدية للدفاع الصاروخي وقنابل ذكية من الولايات المتحدة بعد وقت قصير من هجوم حماس الأخير، ورد زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأمريكي تشاك شومر بعد ذلك بيوم بأن مجلس الشيوخ سيمضي قدمًا في حزمة مساعدات عسكرية لمساعدة “إسرائيل” في حربها ضد حركة حماس.
وبما أن “إسرائيل” تتمتع بميزة عسكرية مطلقة على حماس، فإن الدعم العسكري الأمريكي لـ”إسرائيل” هو أكثر من أداة سياسية لإدارة بايدن لإظهار تحالفها مع الاحتلال وسياسيه المحليين، ويبدو ذلك واضحًا بالنظر إلى أن غالبية صفقات الأسلحة والمساعدات العسكرية التي حصلت عليها “إسرائيل”، جاءت في العقد الأخير، أي في ظل إدارة بايدن، أو عندما كان نائبًا للرئيس السابق باراك أوباما.
ووفقًا لتقرير نشرته خدمة أبحاث الكونغرس في مارس/آذار 2023، فإن “إسرائيل” هي أكبر متلق تراكمي للمساعدات الخارجية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية، وحتى الآن، قدمت الولايات المتحدة لـ”إسرائيل” 158 مليار دولار في شكل مساعدات ثنائية وتمويل للدفاع الصاروخي.
وفي عام 2016، أشاد بايدن بدوره في توقيع مذكرة تفاهم غير مسبوقة مدتها 10 سنوات، تعهدت الولايات المتحدة بموجبها بتقديم 38 مليار دولار للمساعدة الدفاعية لـ”إسرائيل”، وهي أكبر حزمة مساعدات عسكرية من نوعها في تاريخ الولايات المتحدة”، بالإضافة إلى المساعدات السنوية، أضافت الولايات المتحدة أيضًا 98.58 مليون دولار هذا العام لتمويل برامج دفاعية تعاونية أخرى وبرامج غير دفاعية، حسبما جاء في التقرير.
وفي مقابلة مع صحيفة “وول ستريت جورنال” في 31 أكتوبر/تشرين الأول عام 2019، سُئل بايدن عما إذا كان يوافق على الموقف الذي سيتخذه منافسه بيرني ساندرز إذا تم انتخابه رئيسًا، فيما يتعلق بالدعم المالي الأمريكي لـ”إسرائيل” والاستيطان اليهودي، في إشارة إلى موقف ساندرز “استخدام مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية الأمريكية للضغط من أجل إحداث تغييرات في السياسة مع الفلسطينيين”.
في إشارة إلى الدعم العسكري والمادي المطلق لـ”إسرائيل”، رد بايدن بقوله “إن فكرة سحب المساعدة العسكرية من “إسرائيل”، بشرط أن يغيروا سياسة معينة، أجدها فكرة شائنة للغاية، لا، لن أشترط ذلك، وأعتقد أنه خطأ فادح، وأتمنى أن يكون بعض المرشحين الذين يتنافسون معي قد أخطأوا في التعبير”.
وبالنسبة للسنة المالية 2023، وافق الكونغرس الأمريكي على 520 مليون دولار لبرامج الدفاع الأمريكية الإسرائيلية المشتركة، ووفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية (بي. بي. سي)، فإن 1.6 مليار دولار من المساعدات العسكرية الأمريكية لـ”إسرائيل” منذ عام 2011 كانت مخصصة لنظام القبة الحديدية قصير المدى المضاد للصواريخ والمضاد لقذائف الهاون والمدفعية.
بيدق واشنطن في الشرق الأوسط
بحسب وصف الباحث في معاهد شنغهاي للدراسات الدولية لي ويجيان، تنظر الولايات المتحدة إلى “إسرائيل”، باعتبارها “بيدقًا أمريكيًا في الشرق الأوسط، تخدم المصالح الجغرافية ومصالح الصناعة الدفاعية الأمريكية”، وقال إن عقودًا من الشراكة الخاصة بينهما لها خلفية تاريخية معروفة للعالم أجمع، ومع ذلك، واصلت الولايات المتحدة دعم “إسرائيل” مع تجنب مسألة الدولة الفلسطينية.
أكد بايدن على هذا منذ عقود، ففي يونيو/حزيران عام 1986، أدلى بتصريحات مماثلة خلال جلسة لمجلس الشيوخ الأمريكي، معلنًا أن “الوقت قد حان لإيقاف أولئك الذين يطلبون منا الاعتذار عن دعمنا لإسرائيل، ليس علينا تقديم أي اعتذار”، مضيفًا أن ذلك كان “أفضل استثمار بقيمة 3 مليارات دولار” قامت به الولايات المتحدة في المنطقة.
وفي عام 2002، نشر أستاذ الاقتصاد في جامعة هارفارد وجورج تاون الأمريكيتين توماس ستوفر دراسة عن تكلفة العلاقة الأمريكية الإسرائيلية، وقال إن الولايات المتحدة دعمت “إسرائيل” منذ العام 1949 وحتى عام 2002 بمبلغ 3 آلاف مليار دولار، أي ما يوازي تكلفة حرب فيتنام 4 مرات، ودُفع ذلك من جيب دافع الضرائب الأمريكي، وكان نصيب كل يهودي أكثر من مليون و70 ألف دولار.
في تفسيره للعائد الذي تحصل عليه الولايات المتحدة مقابل هذا الإنفاق الهائل، يرى المفكر المصري عبد الوهاب المسيري، مؤلف “موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية”، أن “إسرائيل” يُنظر إليها باعتبارها أحد أعمدة الأمن الأمريكي في الشرق الأوسط، ومن دونها، ستضطر واشنطن إلى وضع ما يقرب من 5 حاملات طائرات في البحر الأبيض المتوسط، تتكلف كل واحدة نحو 10 بليون دولار، بإجمالي 50 بليون دولار سنويًا، في حين تحصل تل أبيب على جزء فقط من هذا المبلغ على شكل مساعدات وتمويل عسكري أمريكي.
وفي مارس/آذار 2007، تحدث السيناتور الأمريكي حينها عن “إسرائيل” في مقابلة تليفزيونية في واشنطن العاصمة، قائلًا: “إسرائيل هي وحدها أعظم قوة تمتلكها أمريكا في الشرق الأوسط، دائمًا أقول لأصدقائي: تخيلوا وضعنا في العالم لو لم تكن هناك إسرائيل. إذا لم تكن إسرائيل موجودة، تخيلوا كم السفن الحربية والقوات التي يجب أن تكون متمركزة هناك (الشرق الأوسط)”.
يشير حديث بايدن إلى أن الاستثمار الأمريكي في “إسرائيل” يُنظر إليه على أنه إستراتيجي وليس اقتصاديًا، هذا إلى جانب استخدام “إسرائيل” كقاعدة أمريكية تجنِّب واشنطن المواجهة المباشرة مع دول المنطقة.
ويبرر بايدن دعم أمريكا لأمن “إسرائيل” في المنطقة بأسباب يقول إنها تدعو للقلق، ويحصرها في “عدم الاستقرار الناجم عن البرنامج النووي الإيراني، والحرب الأهلية السورية، والاضطرابات المستمرة في الربيع العربي”، وسبق أن نقل موقع “بوليتيكو” عن بايدن قوله في سبتمبر/أيلول 2013: “لقد انتقلت المنطقة من الهدوء القسري للديكتاتورية إلى نشوة الثورة، هذه التغييرات في الشرق الأوسط تؤثر على مصالح أمننا القومي”.
وعندما اجتمعت مجموعة الضغط المؤيدة للاحتلال الإسرائيلي “أيباك”، في مارس/آذار 2013، أشار بايدن إلى أن “إسرائيل تواجه تهديدات وضغوطًا جديدةً، وحالة من عدم اليقين، لكنها تغيرت مع تغير العالم والمنطقة خلال العقد الماضي” حسب قوله.
ولم تغب تهديدات إيران عن تصريحات بايدن في كثير من المناسبات، ففي اجتماع “أيباك” بذل بايدن قصارى جهده للتأكيد على تهديد أوباما باستخدام القوة العسكرية – إذا فشلت كل الطرق الأخرى – لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي، معتبرًا أن “برنامج إيران النووي ودعمها المستمر للمنظمات الإرهابية مثل حزب الله وحماس لا يعرض “إسرائيل” للخطر فحسب، بل يعرض العالم للخطر أيضًا”.
وفي مناسبات أخرى، عبر بايدن عن وجهة نظر في أن العقوبات التي تقودها بلاده ضد إيران كانت أكثر العقوبات فعالية المفروضة على نظام على الإطلاق، وأن واشنطن لن تسمح لإيران أبدًا بامتلاك سلاح نووي، وقد تعاني من عقوبات اقتصادية متفاقمة أو تتفاوض من أجل العودة إلى المجتمع والاقتصاد العالميين.
تزيد أي حروب في منطقة الشرق الأوسط من ارتفاع مبيعات الأسلحة الأمريكية، على سبيل المثال، يُنظر إلى الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين على أنها مجرد قوة دافعة وراء طفرة مبيعات الأسلحة التي تعمل على تعزيز الأرباح والقدرة على صنع الأسلحة بين الموردين الأمريكيين، وفقًا لصحيفة “نيويورك تايمز“، وتوفر الزيادة في المبيعات لإدارة بايدن فرصًا جديدةً لربط جيوش الدول الأخرى بشكل أوثق بالولايات المتحدة، أكبر مصدر للأسلحة في العالم، بينما تثير أيضًا مخاوف من أن العالم الأكثر تسليحًا سيكون عرضة للاندفاع نحو المزيد من الحروب.