في ظل الغزو التكنولوجي، وإدمان الأطفال على الألعاب الإلكترونية، وقضاء وقت طويل للاستمتاع بها، الأمر الذي بات يؤثر سلبًا على تطوير مهارات الأطفال، والابتعاد عن طرق التعلم بالألعاب التقليدية المحسوسة، حيث يعتبر اللعب أحد أهم وأكبر الطرق لتعليم الأطفال ولتحسين صحتهم النفسية والتواصلية والجسمية، ومما لاشك فيه أن أطفال التوحد ومتلازمة دوان، يفتقرون إلى واحدة أو أكثر من هذه الامتيازات.
ديما الشرفا، خريجة جامعية فلسطينية، ابتكرت لعبة تعليمية على شكل كتاب يحتوى على عدة صفحات من قماش “الجوخ” الملون أو القماش العادي، ويوجد على كل صفحة لعبة صغيرة أو شكل معين صُمم من خامات ومواد متنوعة، تهدف إلى تعلم الطفل وظيفة حياتية أو عمل بسيط يمكنه القيام به والاعتماد على نفسه، فيحقق لدى الطفل ما يسمى بالتعلم من خلال اللعب.
بداية الفكرة
تقول الشرفا: “بدأت الاهتمام بالألعاب التعليمية، واتباع منهج التعليم عن طريق اللعب بعد ولادة ابني البكر والذي يعاني من متلازمة داون، فأصبح لديّ شغف كبير في صنع الألعاب التعليمية المناسبة للعمل على تطوير مهارته”.
وتضيف الشرفا: “الكتاب التفاعلي busy book ساهم بشكل كبير في رفع مستوى التفاعل لدى طفلها، من خلال التمارين والألعاب الموجودة داخل صفحاته، وساعده على فهم كثير من المفاهيم والأمور والأحداث المحيطة في بيئة الطفل”.
تنمية المهارات الحياتية
وتشير الشرفا إلى أن المهارات التي يكتسبها الطفل من خلال اللعب بالكتاب التفاعلي عديدة ومتنوعة مثل المهارات اليومية وذلك من خلال تمرين السحابات (السوستة) وربط شريط الحذاء وربط الحزام بالضغط وتثبيت “الكلبس”، بالإضافة إلى تعلمه كيفية “تزرير” الملابس والحقائب وغيرها من الأشياء التي يحتاج الطفل وقتًا ليتدرب عليها حتى يستطيع أن يطبقها في حياته اليومية.
وتوضح الشرفا أن الطفل يكتسب أيضًا مهارات حسية من خلال الصفحات التي تمنحه فرصة التعرف على نوع ملمس الأشياء من حوله، وذلك عن طريق مجموعة متنوعة من القماش مثل الحرير والقطن والصوف، ويتعرف الطفل أيضًا على الألوان من خلال أنشطة تحديد الألوان.
وتؤكد الشرفا على أهمية تعلمه المهارات الرياضية وذلك من خلال مطابقة الأشكال الهندسية المتنوعة وعد الخرز ومطابقة الأعداد بالأرقام، كما يمكن زيادة الحصيلة اللغوية للطفل وقدرته على التخيل من خلال التعرف على أسماء الأشياء المتعددة الموجودة في كل صفحة كأسماء الحيوانات والطيور وأعضاء الجسم والأدوات الشخصية مثل المشط وفرشاة الأسنان.
أطفال التوحد وتأخر النمو
تواصل الشرفا أن المهارات والأنشطة لا حصر لها، بحيث يمكن تصميم ألعاب داخل الكتاب تناسب أطفال التوحد والأطفال الذين يعانون من تأخر في النمو وصعوبة النطق من خلال تمرين تحريك كرة بلاستيكية صغيرة من مكانها عن طريق النفخ، وبذلك يعمل هذا التمرين على تحريك عضلات الفك عند الطفل.
أ.ديما صاحبة الكتاب التفاعلى
وتشير أنه يمكن تعديل الكتاب بما يتناسب مع جميع فئات العمرية للطفل ابتداءً من عمر 6 شهور وحتى خمس سنوات، كما يمكن استخدامه للأطفال المدارس الابتدائية كوسيلة مساعدة لفهم المنهاج وإيصال المعلومات بسهولة.
بديل الأجهزة الذكية
تقول الشرفا إن استعمال الأطفال للأجهزة الذكية في سنّ مبكرة يؤدي إلى خلل في نمو الطفل الاجتماعي والنفسي والجسدي، وهو ما يزيد من حالات القلق والإحباط والاكتئاب لديهم، مما يجعلهم يعانون من عدم الاستقرار العصبي والتوتر والشرود الذهني.
وأشارت إلى أن الطفل يحتاج بشكل أساسي للنظام والشعور بالمسؤولية وتنسيق الحركة وحسن تقدير الذات، ويمكن أن يتحقق هذا من خلال الكتاب التفاعلي باعتباره نموذج لألعاب هادفة وآمنة ويمكن استخدامها كبديل للأجهزة الذكية.
دراسات وأبحاث
ومن الجدير ذكره، أن العلاج النفسي للأطفال عن طريق اللعب من أنسب الطرق والوسائل المهمة في دراسة وتشخيص وعلاج بعض المشاكل والاضطرابات النفسية لدى الأطفال، حيث إنه يعد بديلاً عن التداعي الحر أو التداعي الطليق في علاج الكبار والراشدين، كما تشير الدراسات إلى الأهمية النفسية للعلاج باللعب التفاعلي لدى الأطفال حيث يعتبر متنفسًا طبيعيًا ومخرجًا وعلاجًا لمواقف الإحباط الموجودة في حياة الطفل.