لايزال التوتر سيد الموقف بين كوريا الشمالية من جهة والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان من جهة أخرى، حيث دعت كوريا الشمالية الولايات المتحدة، اليوم السبت، إلى ضرورة وقف ما وصفته بـ”الهستيريا العسكرية”، وإلا واجهت انتقامًا. ولا تزال كوريا الشمالية منذ انتهاء الحرب الكورية (1950-1953) تسعى لامتلاك السلاح النووي وصواريخ بالستية قادرة للوصول إلى الولايات المتحدة لحماية نفسها من أي اعتداء أمريكي على أراضيها.
كوريا الشمالية تهدد العالم
يقوم نظام كوريا الشمالي بتجارب صاروخية بين الفينة والأخرى يهدد فيها أمن جيرانه كوريا الجنوبية واليابان والصين، بالمقدمة، والعالم بالمحصلة. فحتى الآن أقدمت كوريا على 5 تجارب نووية وإطلاق العديد من الصواريخ البالستية، وبعد كل تجربة، يجتمع مجلس الأمن ويفرض عقوبات على كوريا ويعزلها دوليًا، ولكن الزعيم الكوري يأبى التراجع، وبالأخص بعد تصريحات وأفعال ترامب الأخيرة.
إذ أمر ترامب بتحريك حاملة الطائرات “كارل فينسون” وثلاث سفن قاذفة للصواريخ التي أرسلت إلى شبه الجزيرة الكورية، و “أسطول” يضم غواصات، أدى بنظام بيونغ يانغ بوصف هذا الانتشار العسكري الأمريكي بأنه “جنوني”. وعلى وقع هذا التوتر، وبمناسبة احتفال كوريا الشمالية أمس الجمعة 14 نيسان/أبريل بذكرى مرور 105 أعوام على ميلاد الأب المؤسس لها،كيم إيل سونغ، أقامت الحكومة اليوم عرضًا عسكريًا ضخمًا في بيونغ يانغ، أمام الزعيم كيم جونغ أون، عُرض فيه لأول مرة صواريخ باليستية تُطلق من غواصات، من طراز “بوكوك سونغ –2” الباليستية.
لا تزال كوريا الشمالية منذ انتهاء الحرب الكورية (1950-1953) تسعى لامتلاك السلاح النووي وصواريخ بالستية قادرة للوصول إلى الولايات المتحدة لحماية نفسها من أي اعتداء أمريكي على أراضيها
وفي الوقت الذي ذكر فيه الرئيس الأمريكي ترامب إن “كوريا الشمالية مشكلة ستتم معالجتها” جاء تنبيه الرجل الثاني في النظام الكوري الشمالي،تشوي ريونغ-هاي، اليوم السبت، من أن بلاده مستعدة للرد على أي هجوم نووي بهجوم نووي على طريقتنا”.
هددت هيئة الأركان الكورية الشمالية بتوجيه ضربة لحاملة الطائرات الأميركية “كارل فينسون” في حال أي هجوم أميركي، ووصفت إرسال الولايات المتحدة سفنًا حربية إلى مياه شبه الجزيرة الكورية بالخطوة المتهورة. كما حذر نائب وزير خارجية كوريا الشمالية مما وصفه باستفزاز واشنطن لكوريا الشمالية عسكريًا، مشددًا على أنه إذا قامت الولايات المتحدة بمناورات عسكرية استفزازية فستواجه ذلك بضربة استباقية.
وقال هان سونغ ريول “نملك قوة ردع نووية قوية، وبالتأكيد لن نبقى مكتوفي الأيدي في وجه أي ضربة استباقية أميركية، من يثير المشكلات ليست جمهورية كوريا الشعبية، بل الرئيس الأميركي دونالد ترمب”. وقال ريول: “كوريا الشمالية ستجري تجربة جديدة في الوقت الذي تراه القيادات العليا مناسبا”، وانتقد تغريدات الرئيس الأمريكي، ترامب، التي يتوعد فيها كوريا بالتحرك، وصفها بـ”العدائية” وأن “ترامب يسعى دوما لإثارة المشاكل”.
أمر ترامب بتحريك حاملة الطائرات “كارل فينسون” والثلاث سفن قاذفة للصواريخ التي أرسلت إلى شبه الجزيرة الكورية،
وفي وقت سابق أعلن الجيش الكوري الشمالي، أنه في حال اندلاع حرب فسيتم “تدمير” القواعد الأميركية في كوريا الجنوبية وما أسمتها “مقرات الشر” مثل الرئاسة الكورية الجنوبية في سيول “خلال دقائق”. وتوقع مراقبون أن ينتهز النظام الكوري هذه الفرصة ويقوم بتجربة نووية سادسة، بعد التجربة التي قامت بها في سبتمبر/أيلول العام الماضي وأثارت غضبًا دوليًا عارمًا وقتها، أو تقوم بإطلاق صاروخ بالستي جديد.
وأن الموقع المخصص لإجراء التجارب النووية أصبح جاهزًا لإجراء تجربة جديدة بحسب بعض المواقع التي ذكرت، إن صورًا التقطتها أقمار صناعية، الأربعاء الماضي، تظهر أن موقع بونغييري المخصص للتجارب النووية صار جاهزًا. ويُعتقد أن الصواريخ التي نُشرت في العرض العسكري الذي جرى اليوم، ضم أنواعًا جديدة من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات.
هددت هيئة الأركان الكورية الشمالية بتوجيه ضربة لحاملة الطائرات الأميركية “كارل فينسون” في حال أي هجوم أميركي،
يُذكر أنه منذ تجربة كوريا الشمالية النووية الأولى في 2006، فرض مجلس الأمن الدولي على كوريا الشمالية خمس مجموعات من العقوبات، لكن ذلك لم يدفعها إلى التراجع. وتحظر القرارات الدولية على كوريا الشمالية أي برنامج نووي أو بالستي.
ترامب في مواجه كيم جونغ أون
أرسل ترامب خلال الأيام الماضية العديد من الرسائل على طريقته الخاصة، إعلامية تارة وعسكرية تارة أخرى، حيث قال على تويتر في إحدى تغريداته؛ إن “كوريا الشمالية تسعى لإثارة المشاكل. إذا قررت الصين المساعدة سيكون أمرًا عظيمًا. إذا لم تفعل سنقوم نحن بحل المشلكة”، وذيّل ترامب تغريدته بتوقيع USA. ورسائل عسكرية جاءت في رده على مجزرة الكيماوي التي قام بها الأسد ضد شعبه في سوريا، حيث أمر من فوره وبدون التشاور مع أحد من حلفاءه بضرب المطار الذي خرجت منه الطائرات.
يبدو أن ترامب أمر الجنرالات في البنتاغون بإخراج سيناريوهات الحرب في عدد من المناطق التي تهدد المصالح الأمريكية
ومن ثم رمى الجيش الأمريكي ما تسمى بـ”أم القنابل” في أفغانستان أدت لمقتل 36 من أفراد القاعدة هناك، تزن القنبلة 9800 كيلوجرامًا ويبلغ ثمنها 16 مليون وتعد أكبر قنبلة من حيث الحجم غير نووية ضمن ترسانة الجيش الأمريكي، وتم تصنيعها عام 2003 وتعد هذه هي المرة الاولى التي يتم استخدامها عمليا في معارك. ووصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العملية بأنها “نجاح للجيش الأمريكي الذي نفخر به وبالعسكريين الأمريكيين العاملين في أفغانستان” مضيفًا بأنه أعطى موافقته الكاملة على تنفيذ العملية.
التحركات العسكرية الأمريكية الأخيرة تنم عن رسالة موجهة إلى كوريا الشمالية أن الولايات المتحدة في أعلى جهوزيتها لضرب أي عدو لها
التحركات العسكرية الأمريكية تنم عن رسالة موجهة إلى كوريا الشمالية أن الولايات المتحدة في أعلى جهوزيتها لضرب أي عدو لها، في حال لم يضبط ذلك العدو سلوكياته ويلتزم بالمواثيق الدولية، فيما يخص الأسلحة النووية والبالستية.
يأتي هذا بعد رفض الولايات المتحدة الخطة الصينية، التي اعتبرتها الصين “الخيار الوحيد الذي يمكن تطبيقه” وتتحدى واشنطن أن تقدم “عرضًا أفضل”. وقد حذرت الصين، أمس الجمعة، من أن “نزاعًا قد يندلع في أية لحظة”. وقال وزير الخارجية الصيني وانغ يي إن الجهة التي ستبادر إليه “ستتحمل مسؤولية تاريخية وتدفع الثمن” مؤكدًا أن “الحوار هو الحل الوحيد”.
ويقوم الحل الصيني والذي اقترحته منذ عدة أسابيع إلى حل يقوم على “التعليق مقابل التعليق”، أي أن توقف بيونغ يانغ أنشطتها النووية والبالستية، فيما توقف واشنطن مناوراتها العسكرية المشتركة مع كوريا الجنوبية، وهي تدريبات سنوية يعتبرها الشمال استفزازًا له. أما روسيا فقد دعت جميع الأطراف إلى “ضبط النفس” وحذرت من “أي عمل يمكن أن يفسر على أنه استفزاز”، معربة عن “قلقها الكبير”. واتفق كل من الصين وروسيا إلى إعادة جميع الأطراف المتناحرة إلى طاولة المفاوضات.
يقوم الحل الصيني المقترح على ترامب إلى حل يقوم على “التعليق مقابل التعليق”، أي أن توقف بيونغ يانغ أنشطتها النووية والبالستية، فيما توقف واشنطن مناوراتها العسكرية المشتركة مع كوريا الجنوبية،
يؤكد خبراء أن الولايات المتحدة لا يمكنها الذهاب وحدها في حرب مع كوريا الشمالية بدون الصين، ويظهر ذلك عند قراءة تغريدة أخرى لترامب يقول فيها أنه “شرح للرئيس الصيني أن اتفاق التجارة مع الولايات المتحدة سيكون أفضل بكثير بالنسبة لهم فيما لو وجدوا حلاً للمشكلة الكورية”.
مع ذلك يبدو أن ترامب أمر الجنرالات في البنتاغون بإخراج سيناريوهات الحرب في عدد من المناطق التي تهدد المصالح الأمريكية، وأن قرار الضربة العسكرية على كوريا بانتظار إشارة سيد البيت الأبيض، ترامب، إذ لم يستبعد مراقبون أن يتكرر سيناريو الضربة العسكرية الأميركية ضد نظام الأسد في دمشق مع نظام كيم جونغ أون في بيونغ يانغ، خصوصًا أن التحرك العسكري الأميركي في سوريا تزامن مع تصاعد احتمالات المواجهة العسكرية في شبه الجزيرة الكورية.