المصدر: فورين بوليسي
يعتبر الجنرال رائد الحمداني من القلائل الذين امتلكوا القدرة على معارضة الرئيس العراقي السابق صدام حسين علنية دون أن يعدموا أو يبعدوا من وظائفهم، ففي سنة 2002 وبينما كان صدام يردد على كبار الجنرالات رأيه بأن أمريكا لن تتورط في حرب على العراق، كان حمداني يقول بأن الأمريكيين سيحتلون بغداد وبأن الحل الوحيد للنصر عليهم هو جعلهم ينزفون ببطئ.
وبعد غزو العراق، وتعرضه للاعتقال وللتحقيق من قبل الأمريكيين وكذلك من قبل حكام العراق الجدد، انتقل حمداني للإقامة في العاصمة الأردنية عمان، حيث عين في سنة 2005 مستشارا عسكريا في مركز أبحاث يدعى “مؤسسة عراق المستقبل” أسسه أحد زعماء عشائر الأنبار طلال الجوود، حسب ما ورد في إحدى وثائق ويكيليكس.
ومن عمان فتح طلال وحمداني خط علاقات مع الأمريكان لتنفيذ فكرته التي تهدف إلى أن يقوم الجيش الأمريكي بتسليح عشائر الأنبار السنية حتى تقوم هي بمواجهة ميليشيات القاعدة. وهو ما حدث فعلا وما أدى إلى تكوين مجلس صحوات الأنبار الذي هزم القاعدة وأعاد الأمن والاستقرار لمحافظة الأنبار.
وأما الآن وبعد تدخل قوات رئيس الوزراء العراقي الحالي نوري المالكي لفض الاعتصام المعارض له في محافظة الأنبار، وإصداره لأمر باعتقال النائب السني المشارك في الاعتصام، أحمد العلواني، وقتل أربع من حراسه الشخصيين، يرى طلال وحمداني أن إنجازهما في دحر تنظيم القاعدة من الأنبار ينهار بسبب سياسات نوري المالكي.
حمداني يرى بأن عشائر الأنبار يشتركون مع الأمريكان في نقطة واحدة وهي العداء لتنظيم القاعدة، ويرى بأن تصرفات الحكومة “الشيعية” الأخيرة هي السبب الرئيسي لعودة القاعدة للأنبار ولسيطرة تنظيم “داعش” على بعض المناطق في الأنبار وفي محافظات أخرى، ويقول: “المسؤول الوحيد عن هذا هو نوري المالكي”.
فبالإضافة إلى حالة اليأس التي وصل إليها أبناء هذه المحافظات من جراء سياسات الحكومة طيلة السنوات الماضية، فقد زادهم المالكي يأسا آخر عبر استخدامه للأسلحة في وجه المتظاهرين السلميين ومحاولاته لإذلال أبناء تلك المناطق عبر فرض حظر التجوال والتعامل مع المدنيين على أنهم إرهابيون.
والمالكي وقع الآن في نفس الأخطاء التي وقع فيها الأمريكيون عند غزو العراق، إذ أن الأمريكيين تعاملوا في البداية مع عشائر الأنبار على أنهم “إرهابيون” مما جعل الأنبار تتحول إلى حاضنة لتنظيم القاعدة، وأدركوا في ما بعد أن الحل الوحيد هو ترك الأنبار لعشائرها التي تمكنت من إضفاء استقرار سياسي واقتصادي عبر مجلس الصحوات، مما أدى إلى إنهاء وجود القاعدة هناك.
ومرة أخرى، يتفق حمداني مع آراء عسكريين أمريكيين مختصين في الشأن العراقي، أن الحل لدحر تنظيم القاعدة من الأنبار يكمن في توحد عشائر الأنبار من جديد لإضفاء شيء من الاستقرار السياسي بالتوازي مع النمو الاقتصادي، مما سيمنع أبناء العشائر من التوجه إلى الإرهاب.
ويختم الجنرال رائد الحمداني كلامه قائلا: “الأنبار تمثل فقط 28 بالمائة من مساحة العراق، ولكن تأثيرها أكبر من ذلك بكثير.. أبناء الأنبار يحاربون اليوم لأجل حقوقهم المدنية، وهي نفس المواجهة التي يمكن أن نراها في أي بلد عربي آخر”.