مجال المنافسة لا ينحصر فقط على الشركات والمؤسسات وتقديمها للزبون، بل يتعداه أيضًا على الحكومات وطريقة تقديمها الخدمات للمواطنين. إذ لم تكد حكومات حول العالم تعلن تحولها لتقديم خدماتها بشكل إلكتروني حتى ظهرت الحكومة الذكية التي تفوق الحكومة الإلكترونية في سرعة وجودة تقديم الخدمة للمواطن.
الحكومة الإلكترونية والذكية
الحكومة الإلكترونية هي نظام تتبناه الحكومات باستخدام شبكة الانترنت العالمية في ربط مؤسساتها بعضها ببعض، وربط مختلف خدماتها بالمؤسسات الخاصة والأفراد عمومًا، ووضع المعلومة في متناولهم. وعرفت الأمم المتحدة الحكومة الإلكترونية في العام 2002 بأنها “استخدام الإنترنت والشبكة العالمية العريضة لتقديم معلومات وخدمات الحكومة للمواطنين”.
وقدمت كذلك منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في العام 2003، التعريف التالي للحكومة الإلكترونية بأنها “استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وخصوصًا الإنترنت للوصول إلى حكومات أفضل”.
الحكومة الإلكترونية هي استخدام الإنترنت والشبكة العالمية العريضة لتقديم معلومات وخدمات الحكومة للمواطنين.
بينما جاءت الحكومة الذكية كتطور طبيعي لنموذج الحكومة الإلكترونية، فبينما كانت الحكومة الالكترونية تسعى إلى تقديم الخدمات العامة الحكومية على الإنترنت من خلال تطبيقات الويب والبوابات الالكترونية. عملت الحكومة الذكية على الاقتراب أكثر من المواطن من جهة، والتفاعل المباشر والمتزامن مع البيانات المنتشرة في المجتمع ومكوناته الإقتصادية والإجتماعية والأمنية من جهة أخرى.
إحدى خدمات الحكومة الذكية
ويروي أحد المهندسين العاملين في دبي لـ”نون بوست” أنه قبل سنوات كان علي أن أذهب إلى بلدية دبي بعد أخذ موعد من خلال الموقع الإلكتروني، لإجراء بعض المعاملات الرسمية وأخذ الموافقة على أخد المشاريع الهدنسية، بينما اليوم لم يعد هناك داع للذهاب للبلدية، وكل ما علينا فعله الدخول على البوابة الإلكترونية المخصصة للبلدية وعمل مقابلة مرئية مع موظف البلدية وأنا جالس في المكتب، ويتم إرسال الوثائق عبر تلك البوابة. عملت هذه الفكرة على اختصار الوقت للمهندس وللموظف بشكل كبير وقضت على جزء من البيروقراطية والروتين الذي كان معمولا به.
أعلنت دبي عزمها التوقف عن استخدام الورق في المعاملات الحكومية بحلول عام 2021
وفي مثال آخر يعبر بشكل جيد عن الحكومة الذكية؛ إتاحة الحكومات لبيانات المواصلات المحلية لإظهار حركة المرور في الشوراع، أمام المبرمجين لعمل تطبيقات تفيد الركاب وأصحاب السيارات. وأحد الخدمات الذكية الأخرى دفع الفواتير المترتبة على كافة الخدمات المتاحة للمواطن من كهرباء وماء واتصالات وغيرها عبر الهواتف الذكية.
كيف تتحول الحكومة إلى حكومة ذكية؟
أعلنت إمارة دبي عزمها التوقف عن استخدام الورق في المعاملات الحكومية بحلول عام 2021 في إطار رؤية تحول حكومة دبي نحو النموذج الذكي، حسبما ذكر الشيخ حمدان بن محمد بن راشد، ولي عهد دبي. وقال يونس آل ناصر، المدير التنفيذي لمؤسسة بيانات دبي أنه “تم اطلاق منصة مركزية تجمع كافة بيانات الجهات الحكومية، بحيث تضع البيانات المناسبة في متناول الجهة المناسبة متى احتاجتها”.
وأضاف “سوف تعزز منصة البيانات، التي تحمل اسم “نبض دبي” الكفاءة التشغيلية من خلال خفض تكاليف الوصول إلى البيانات، كما ستعمل على تسهيل تبادل البيانات المفتوحة والمشتركة بين القطاع العام والقطاع الخاص والأفراد، ما من شأنه خلق فرص جديدة للمشاركة في العمل والمساهمة الفاعلة في التحول الرقمي لإمارة دبي بالكامل.
الوضع هذا ليس في دبي وحدها بل في كثير من البلدان حول العالم لم يعد هناك حاجة للمواطن للذهاب إلى الدوائر الحكومة وتقديم طلب الحصول على أوراق ثبوتية أو تسجيل شركة أو الحصول على خدمات أخرى، إذ حل الحكومات الذكية بديلًا عن الخدمات التقليدية، وباتت الدول تتنافس بين بعضها البعض على تطوير عملها وأتمتتها.
وقد أظهرت دراسة في العام 2014 الدول العشرة الأوائل في استخدام “الخدمات الحكومية الرقمية” حول العالم من توفير بوابات إلكترونية على الإنترنت، والوصول إلى الخدمات العامة، واستخدام القنوات الرقمية ووسائل الإعلام الاجتماعية في التواصل والتفاعل مع المواطنين.
سنغافورة في المركز الأول في 2014 في استخدام الخدمات الحكومية الرقمية، وتلتها النرويج في المركز الثاني، والإمارات العربية المتحدة في المركز الثالث.
وجاءت سنغافورة في المركز الأول، وتلتها النرويج في المركز الثاني، والإمارات العربية المتحدة، وكوريا الجنوبية، والسعودية، والولايات المتحدة الأميركية، وبريطانيا، والهند، وألمانيا، وأخيرًا البرازيل في المركز العاشر.
ولكي تتحول الحكومة الإلكترونية إلى حكومة ذكية عليها أن تتبع مجموعة من الخطوات التقنية والإدارية والتشريعية في آن معًا كفيلة بتحويل بوصعها في مصاف الدول المتقدمة والدول التي تقدم خدماتها بشكل ذكي.
ومن تلك الخطوات؛ إنشاء إطار عمل الخدمات الحكومية الذكية على الهواتف الجوالة بشكل يخدم الأفراد. والعمل على فتح بيانات الحكومة الضخمة من أجل تشجيع إطلاق التطبيقات الذكية حولها من قبل المبرمجين في المجتمع. كأن تفتح الحكومة بيانات المعاملات التجارية والاقتصادية ووسائل النقل والمواصلات والاستيراد والتصدير بشكلها الخام، بحيث تفيد في المقام الأول مبرمجي التطبيقات الذكية على الهواتف من أجل خدمة التجار والأفراد سوء داخل البلد أو خارجها.
التحول للحكومة ةالذكية يكون من خلال الاستثمار في وسائل الدفع الالكتروني عبر الهواتف الذكية من أجل تمكين المواطن من تسديد رسوم الخدمات مباشرة عبر المحفظة الرقمية التي يحملها في هاتفه الذكي
وإنشاء شبكات استشعار البيانات الحكومية من أجل تحصيل معلومات في الوقت الحقيقي والمناسب حول قطاعات الأمن والنقل والصحة والمناخ والبيئة وغيرها. والاستثمار في وسائل الدفع الالكتروني عبر الهواتف الذكية من أجل تمكين المواطن من تسديد رسوم الخدمات مباشرة عبر المحفظة الرقمية التي يحملها في هاتفه الذكي. وأخيرًا الانتقال تدريجيًا إلى نموذج “السحابة الالكترونية” لتأمين القدرة الحاسوبية ومخازن البيانات على الطلب لمختلف الأجهزة الحكومية والوزارات.