في خطابه الذي وجهه إلى مجموعة من أعيان ومشايخ اليمن الموجودين في الرياض في الثلث الثاني من شهر أبريل الحاليّ، أعلن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إعفاء نائبه السابق خالد محفوظ بحاح من منصب مستشار رئاسة الجمهورية بسبب إنه يعمل وفق أجندة لا تتوافق مع الشرعية، حسب ما قاله.
خالد محفوظ بحاح هو الرجل الأبرز الذي تدعمه الإمارات العربية المتحدة وتقدمه كرئيس قادم لليمن
وخالد محفوظ بحاح هو الرجل الأبرز الذي تدعمه الإمارات العربية المتحدة وتقدمه كرئيس قادم لليمن، وتعمل بالتوازي على تثبيت جذوره في حضرموت لتنفيذ خطة انفصال اليمن في حال فشلت في تقديمه كرئيس بديل لهادي، غير أن إقالته من منصبيه السابقين له دلالات ورسائل كثيرة يريد من خلالها هادي مواجهة الإمارات بها.
عينه الرئيس اليمني عبده ربه منصور هادي في 12 من أبريل 2015 نائبًا له ورئيسًا لمجلس وزراء الحكومة، إلا أنه أقاله في 3 من أبريل من العام 2016 وعين بدلاً عنه الجنرال علي محسن الأحمر المقرب لجماعة الإخوان المسلمين، قيل وقتها أن سبب ذلك خلافات بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة اللتين تسعيان لأن يكونا الآمر والناهي، والقيادة السياسية اليمنية مجرد تابعة لها.
أسباب الإقالة
وفقًا لحديث الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، فإن نائبه السابق خالد محفوظ بحاح، تمت إقالته بسبب إﺳﺎءته لـ”ﻠﺸﺮﻋﻴﺔ” ﻭﺗﻘﺪﻳﻢ ﺗﻘﺎﺭير ﻣﻐﻠﻮﻃﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﻟﻠﻤﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ.
ومنذ إقالته، يسعى بحاح إلى تقديم نفسه ليكون الرجل الحكيم في اليمن، وتقديم المبادرات من أجل إنهاء الصراع في البلد المنكوب، إلا أن مبادراته لم تكن نابعة منه، وإنما هي في الأساس لسان حال الإمارات العربية المتحدة وبما يخدم أهدافها أوجندتها.
خلال الفترة الأخيرة زاد نشاط بحاح السياسي، وقدم مبادرة تدعمها الإمارات العربية المتحدة إلى المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، تدعو إلى إقالة الجنرال علي محسن الأحمر، وتنصيب المهندس خالد محفوظ بحاح بدلًا عنه
وخلال الفترة الأخيرة زاد نشاط بحاح السياسي، وقدم مبادرة تدعمها الإمارات العربية المتحدة إلى المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، تدعو إلى إقالة الجنرال علي محسن الأحمر، وتنصيب المهندس خالد محفوظ بحاح بدلًا عنه، بعدها يتم تفويضه بصلاحيات الرئيس اليمني الحالي بمبادرة شبيهة بالمبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية، وفقًا لمصادر سياسية فضلت عدم ذكر اسمها.
تلك المعلومات وصلت إلى الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الذي أرسل بأكثر من رسول إلى بحاح يطالبه بالعمل وفقًا لأجندة الرياض وبما يخدم “الشرعية”، إلا أن الأخير تجاهل رسائله أكثر من مرة، وهو ما جعل هادي يصدر هذا القرار.
التوقيت
لا شك أن توقيت الإقالة لها رسائل سياسية من قبل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى المبعوث الأممي والإمارات العربية المتحدة، وكذلك إلى الشخصيات السياسية العاملة معه تفيد أنه ما زال المسيطر على زمام الأمور في البلاد، ولا مكان لمن يخالفه.
فرسالة هادي إلى المبعوث الأممي، تفيد أن الحل السياسي في اليمن موصد جميع أبوابه، وأن العملية العسكرية هي السائدة في الوقت الراهن، مستغلًا تقدم قواته في المخا والتي اقتربت جدًا من معسكر خالد بن الوليد الاستراتيجي، وهذا يعد إنجازًا كبيرًا لقواته التي تقاتل الحوثيين والقوات الموالية للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح.
والوصول إلى الحل السياسي في الوقت الراهن من شأنه إفساد الانتصارات الحقيقية التي انتزعها خلال الفترة الأخيرة من الساحل الغربي للجمهورية اليمنية، إضافة إلى أنها ستعطي الحوثيين دفعة لمزيد من كسب الوقت للتفاوض وفقًا لأجندتهم، والاستمرار في المعارك والسيطرة على مناطق استراتيجية تكبح جماح الحوثيين، وتجبرهم على تقديم تنازلات سياسية وعسكرية رفضوها منذ انطلاق عاصفة الحزم التي تقودها المملكة العربية السعودية في اليمن.
تظهر إقالة بحاح مدى عمق الخلافات بين الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وهادي بسبب الأحداث الأخيرة
وتظهر إقالة بحاح مدى عمق الخلافات بين الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وهادي بسبب الأحداث الأخيرة، ومنع طائرة الرئيس من الوصول إلى عدن، أفرزت آخرها بطرد الحكومة من المحافظة الجنوبية التي يسيطر عليها غالبية المليشيات المطالبة بالانفصال والتي تدين بالولاء لسلطات الإمارات، لكن أراد هادي أن يرسل رسالة إلى “أبو ظبي” أنه ما زال قادرًا على قص الأجنحة السياسية لها، وقطع الطريق أمامها حتى لا تحقق أهدافها في اليمن من خلال السيطرة على عدن وباب المندب وميناء عدن وجزيرة سقطرى أو بناء قواعد عسكرية في المياه الإقليمية أو الجزر الاستراتيجية اليمنية.
وحقيقة تكشف إقالة بحاح والحديث عنه أمام شخصيات قبلية واعتبارية يمنية بشكل لا يليق بمنصب بحاح، يكشف حجم الصراع الدائر بين السعودية والإمارات، بعد نشاطات عدة لبحاح، أبرزها إعداده لمؤتمر جامع لأبناء حضرموت بدعم من سلطات أبو ظبي التي تريد أن تكون حضرموت دولة مستقلة تدين لها بالولاء، وهو نفس الخطط التي تريد المملكة العربية السعودية تنفيذها في حضرموت.
موقف بحاح
يعتقد بحاح أن هناك عملية منظمة من قبل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لإحراقه حتى لا يتبوأ منصبًا سياسيًا كبيرًا قادمًا أو صد مسألة التوافق حوله.
وكان رد بحاح عبر حسابه في الفيسبوك في هذا الصدد، إذ حاول أن يحافظ على تمسكه بالشرعية، والظهور بمظهر الحريص على دماء اليمنيين ووحدة البلاد، منتقدًا بشكل سلسل ما اعتبرها “تسطيح المجتمع وبيع الوهم”، وفي نفس الوقت دعا إلى مواجهة المخطئ والمفسد وتصحيح مسار الجميع وإنقاذ السفينة اليمنية، وهو خطاب ذو رسائل سياسية وموجهة إلى الرئيس هادي متهمًا إياه ببيع الوهم، وهي كلمة لا بد من أن يضع عليها الرئيس اليمني تحتها خطوط عريضة، لكونها رسالة تفيد أن بقاء هادي على سلم السلطة ما هي إلا وهمًا، وتلك كلمة لا يمكن أن يتحدث بها بحاح إن لم يكن يعرف مدلولاتها ومدفوع بالبوح بها.
أما عن الإجراءات الميدانية أو الرد من قبل خالد بحاح على الرئيس اليمني، قد تكون ورقة حضرموت التي قد يستخدمها ورقة ضغط ضد الرئيس اليمني والمملكة العربية السعودية لصالحه وبعدم من الإمارات العربية المتحدة التي تسيطر عليها حاليًا بشكل كامل، وسيعمل على تحريك القبائل الحضرمية، وتنظيم مؤتمر لقبائل المحافظة ورجال أعمالها ومثقفيها، ترفض الانصياع لحكم هادي، أو تطالب بالانفصال عن الجمهورية اليمنية، وهذه مشاكل قد لا يستطيع هادي مواجهتها وهو ما قد يؤثر على منصبه، ومن خلالها تظهر دعوات دولية تدعو هادي إلى الجنوح للسلم وتقديم تنازلات، وسيظهر بحاح الشخصية المتوافق عليها كنائب للرئيس أو الرئيس القادم لليمن.
الإمارات العربية المتحدة قد توغل في الخصومة مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وتمنع هادي وحكومته عبر فصائلها الجنوبية من العودة إلى عدن
أما الإجراءات العسكرية، قد يكون هناك احتقان بين القوات التي تدعمها الإمارات العربية المتحدة (الفصائل الجنوبية) والقوات الموالية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وربما ترفض الإمارات العربية المتحدة مشاركة قوات هادي في التقدم نحو مناطق يسيطر عليها الحوثيين وقوات موالية للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، وهو ما قد يعيق التقدم العسكري للقوات الحكومية.
غير أن الإمارات العربية المتحدة قد توغل في الخصومة مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وتمنع هادي وحكومته عبر فصائلها الجنوبية من العودة إلى عدن، ومضايقة القوات الحكومية والسعودية الموجودة في عدن، من أجل إظهار الرئيس اليمني عدم قدرته على السيطرة الميدانية، وهو ما يدفعها بتقديم بحاح بديلاً لهادي الذي يشترط الحوثيين تنحيه عن السلطة من أجل تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 2216، وتلك نقطة ستلعبها أبو ظبي بإحكام.
الخلاصة
إن إقالة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لنائبه السابق ومستشاره المهندس خالد محفوظ بحاح ناتجة عن مخاوف متزايدة لديه من انتقال سلطاته، وعمدت مخاوفه من نشاطه الأخير ولقائه بمنظمات أممية والمبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد.
وسيكون رد بحاح تصاعديًا، وسيستخدم حضرموت ورقة ضغط لصالحه، تدعمه الإمارات العربية المتحدة لبلوغ هدفه المحتمل نجاحه.