بدأت البارحة الخميس الجولة الأولى من المفاوضات بين مقاتلي حركة طالبان الباكستانية والحكومة في العاصمة إسلام أباد، وذلك بعد تأجيلها لأكثر من مرة مما زاد الشكوك حول فرص نجاحها.
جولة المفاوضات هذه التي استمرت لثلاث ساعات أكد فيها الجانبان التزامهما بالحوار ، وقال بيان صدر لهذا الشأن:”توصلت كلتا اللجنتين إلى ضرورة امتناع جميع الأطراف عن أي عمل قد يلحق الضرر بالمحادثات”، مضيفاً أن كلتا اللجنتان “نددت بأعمال العنف التي وقعت في باكستان في الآونة الأخيرة قائلتين إنه لا بنبغي لمثل هذه الأعمال أن تخرب المحادثات”.
المفاوض الحكومي عرفان صديقي أرسل رسالة نصية أثناء الإجتماع المنعقد في مبنى حكومي في إسلام أباد واصفاً الأجواء بأنها “وديّة”، مضيفاً: “اليوم، بدأت الرحلة للسلام، وقد اتفق الجانبان على أكمالها في اسرع وقت ممكن”.
ولم ترشح طالبان الباكستانية أعضاء منها للمشاركة في التفاوض بل رشحت بدلاً عنها شخصيات مؤيدة لها لتقديم وجهات نظرها في المفاوضات، منهم سامي الحق الذي يعرف بأنه “أب حركة طالبان” ، بالإضافة إلى كبير الشيوخ في المسجد الأحمر في إسلام آباد مولانا عبد العزيز وكذلك رئيس حزب الجماعة الإسلامية ابراهيم خان.
ويعتبر هذا الإجتماع جولة تمهيدية تهدف إلى اتفاق الجانبين على خارطة طريق عامة بشأن الاتصالات بينهما في المستقبل، في الوقت الذي تراقب الدول المجاورة لباكستان المحادثات عن كثب وهي مدركة أن أي فشل آخر في التوصل إلى حل سلمي سيزيد من زعزعة استقرار منطقة متوترة بالفعل قبل الانسحاب المتوقع لمعظم القوات الأجنبية من أفغانستان المجاورة.
وكانت محاولات سابقة لإبرام اتفاقات للسلام بين الحكومة وطالبان الباكستانية قد فشلت في إنهاء أعمال العنف، في الوقت الذي أتاحت للحركة اعادة ترتيب صفوفها وتجنيد مقاتلين جدد وتنفيذ المزيد من الضربات، الأمر الذي يجعل الشك يساور كثيرين في باكستان من فرص نجاح المفاوضات مع جماعة يعتبرونها متمردة تشن هجمات شبه يومية في أنحاء متفرقة من البلاد، في الوقت الذي يعتقد رئيس الوزراء نواز شريف أن كلا الجانبين مستعدان الآن للتوصل لتسوية عن طريق التفاوض ووقف القتال.
الحكومة بدورها كانت قد قدمت خمسة شروط في الجلسة الأولى للمفاوضات هي أن تجري جميع المباحثات ضمن إطار الدستور الباكستاني، أن تظل المحادثات محددة بالمناطق المتضررة بالعنف وليس عموم البلاد، إيقاف كافة الأعمال العدائية خلال فترة المفاوضات، أن توضح حركة طالبان دور اللجنة المكونة من تسعة أعضاء التي أنشأتها بشكل منفصل، أن لا تمتد المحادثات لفترة طويلة ولأجل غير محدد، الأمر الذي وافق عليه ممثلو طالبان بالعودة إلى شمال غربي البلاد لمناقشة هذه الشروط مع القيادة هناك والرد للحكومة في أقرب وقت ممكن.
وتقاتل حركة طالبان الباكستانية المتمردة على الحكومة وتتخذ من الجبال المحاذية للحدود الباكستانية الأفغانية مقرات لها، تقاتل الحكومة منذ 2007 للإطاحة بالحكومة في اسلام اباد وإقامة حكم إسلامي.
وفي الوقت الذي كان كلا الطرفان يستعدان للحوار فجر شخص نفسه قرب مسجد للشيعة في بيشاور موقعاً 8 قتلى الأمر الذي حاولت طالبان الباكستانية أن تنأى بنفسها عنه، لكن التفجير عزز الشكوك في جدوى المحادثات، في الوقت الذي تقول الإحصائيات أن أكثر من 100 شخص – بينهم جنود – قد قتلوا في الهجمات التي شنتها حركة طالبان في مناطق مختلفة من البلاد في يناير الماضي.
ومما يجعل الأمر معقداً من وقف العنف المتزامن مع المحادثات هو انطواء عشرات الكيانات المفككة تحت لواء حركة طالبان الباكستانية، مما قد يعني أن التوصل إلى اتفاق مع الحركة لن يوقف العنف بالضرورة.