بعدما أطلق الاتحاد السوفيتي أول قمر صناعي إلى الفضاء وأول رحلة فضائية بقيادة امرأة ورجل بعد الحرب العالمية الأولى، أصبحت الرحلات الفضائية جزءًا من الإنجازات البشرية وساحة للمنافسة بين قوى العالم مثل روسيا والولايات المتحدة الأمريكية والصين، إلى جانب ذلك، أصبح الفضاء ساحة للتميز وتحقيق نجاحات فريدة من نوعها ومثيرة للذهول.
على الرغم من بطء إدماج المرأة في برامج الفضاء، فإن أول مشاركة كانت لها عام 1963، ويذكر أن معظم النساء في الفضاء كن مواطنات أمريكيات إذ يبلغ عددهن 40 امرأة أمريكية من أصل 50 امرأة سافرت إلى الفضاء، من أوائل هؤلاء النساء السوفيتية فالنتينا تريشكوفا والأمريكيتين سالي رايد وكاثرين سلويفان، لكن لم تحظ أي منهن بفرصة السفر إلى القمر، على عكس الـ24 رجلًا الذين حالفهم الحظ وهبطوا على القمر.
في الأعوام الأخيرة لمع اسم بيغي ويتسون في مجال الفضاء كواحدة من أبرز رائدات الفضاء الأمريكيات، والتي تم اختيارها لتصبح رائدة فضاء عام 1996، وصاحبة الرقم القياسي في البقاء خارج الكوكب لمدة 377 يومًا، وفي مهمتها التالية في شهر نوفمبر القادم ستقضي أكثر من 534 يومًا في الفضاء، متفوقة بذلك على زميلها جيف ويليامز البالغ من العمر 58 عامًا، والذي حقق رقمًا قياسيًا بـ534 يومًا خارج الكوكب.
منذ 2007 تولت ويستون إدارة محطة الفضاء الدولية، لتصبح أول امرأة تدير محطة فضائية
قالت ويتسون في لقاء مع وكالة ناسا: “أحب أن أقضي وقتي في العيش والعمل في الفضاء، وذلك لأنني أشعر بأني أقوم بإنجاز عظيم، وهذا ما يجعلني أستغل كل لحظة أقضيها في الفضاء لأن هذا ما تمنيته طول حياتي”.
أول مهمة في الفضاء كانت عام 2002، ومنذ 2007 تولت ويستون إدارة محطة الفضاء الدولية، لتصبح أول امرأة تدير محطة فضائية، إلى جانب ذلك تتولى رئاسة مكتب رواد الفضاء في مركز جونسون الفضائي التابع لوكالة ناسا.
تعتبر ويستون أكبر رائدة فضاء سنًا في العالم بالمقارنة مع باربرا مورغان التي سافرت إلى الفضاء عام 2007 وهي في الـ55 من عمرها، في هذا السياق أشارت ويتسون لهذا الأمر قائلة: “أدري أنني متقدمة في العمر، لكن هذا الأمر يجعلني أكثر قدرة على توقع ما قد يحدث خلال الرحلة وكيف يمكنني تحديد الأولويات اللازمة لأي طوارئ ويجعل العملية أكثر سهولة بسبب تجربتي الطويلة”.
بجانب ذلك، تعد ويستون من أكثر رواد الفضاء خبرة، ففي رحلتها الأخيرة تعرضت مركبتها الفضائية لخلل وظيفي مما أدى إلى هبوطها في الغلاف الجوي وتعرضها إلى قوة تبلغ ثمانية أضعاف الجاذبية، بسبب فقد المركبة لإحدى الدروع الكبيرة التي تعمل كحاجز للوقاية من التغيرات في درجات الحرارة.
قالت الفرق الأرضية المراقبة للبعثة أن هذه الدرع تزن نحو 8 كغم ويصل طولها لأكثر من 1.5 مترًا وعرضها نصف متر، ويستون وزميلها شين كميرو ابتكروا طريقة في استخدام قطع مختلفة من القماش والأسلاك كبديل للدرع الضائعة، وفي هذا الخصوص قالت ويستون لـ سي بي سي نيوز: “أي هبوط يمكنك الفرار منه هو أمر جيد للغاية”.
تقول ويتسون أن: “ناسا تعمل على أن نعيش على المريخ في السنوات المقبلة، هذا ما أتمنى أن نصل إليه قبل أن أموت”.
في صفحة شخصية على تطبيق تمبلر تسمى “قرية ناسا” تعرض فيها ويتسون صورًا لها ولفريق المدربين والتقنيين، أشارت ويستون أن هدف الصفحة عرض صور خطط الفريق وما يقومون به من إنجازات وتدريبات واختبارات علمية قبل إطلاق أي رحلة فضائية وذلك بهدف التأثير على الناس ليدركوا أن هناك مجالات واسعة ومختلفة في مجال الاستكشاف الفضائي.
وفي مؤتمر صحفي قبل رحلتها قالت ويتسون:”إنه مكان عظيم للعمل والعيش، وأشعر أنني محظوظة حقًا لأننا سنكون مع الأصدقاء بينما نحن هناك”.
عندما عُرض على ويتسون العمل في مركز جونسون الفضائي حاول أحد العلماء إخبارها بألا ترتكب أكبر أخطاء حياتها
من المتوقع عودة ويتسون في شهر يونيو، لتبدأ رحلة جديدة في شهر نوفمبر تمتد لثلاثة أشهر آخرين، تقول ويستون: “الصعب في الأمر هو افتقادي لعائلتي وتحدي قلة الأطعمة وتنوعها”، وتضيف “لكنني بلا شك محظوظة لحصولي على هذه الفرصة المذهلة، وأن ناسا تعمل على أن نعيش على المريخ في السنوات المقبلة، هذا ما أتمنى أن نصل إليه قبل أن أموت”.
قبل أن تبدأ رحلتها في الحياة كرائدة فضاء ناجحة ومتميزة تقول ويتسون إنها كانت مخيرة للعمل في معهد قرب سان دييغو كربان سفينة في نفس الوقت عرض عليها العمل في مركز جونسون الفضائي وحاول أحد العلماء إخبارها بألا ترتكب أكبر أخطاء حياتها، لكنها اختارت العمل في المركز وتقول: “أعتقد أنه كان القرار الأنسب لي على ما أظن”.