وبات المواطن الغزي يستيقظ يومياً على وقع التهديدات الإسرائيلية في ظل واقع معيشي صعب نجم عنه الحصار والإغلاق المتكرر للمعابر التي يتحكم الاحتلال بها بشكل كامل بالإضافة إلى القبضة الحديدية التي تُحكمها السلطات المصرية على الحدود الجنوبية للقطاع ومواصلة هدم الأنفاق التي تُعد شريان الحياة والمتنفس الوحيد لأكثر من مليون وثمانمائة ألف فلسطيني يقطنون غزة.
وتُحاول إسرائيل عبر تسخينها الأجواء في غزة لفرض معادلة ردع والتشويش على وضع التهدئة القائم منذ نوفمبر 2012 إضافة إلى لفت الأنظار عن التعاطف الدولي مع الفلسطينيين.
وتسعى إسرائيل إلى جسّ نبض المقاومة في غزة، على الرغم من رفض حماس التي تسيطر على القطاع التصعيد وتتوعد بأن “أي هجوم جديد سيكون مكلفا على الاحتلال”.
وشدد الاحتلال من وطأة الحصار المضروب على القطاع وباتت المعابر في ظل سياسة “الهدوء مقابل فتح المعابر” التي يتبعها تُفتح بــ”القطارة”.
وقرر وزير الحرب “الإسرائيلي” موشيه يعلون الاثنين مواصلة الحظر المفروض على نقل وإدخال مواد البناء للمشاريع الخاصة في قطاع غزة، والتي تم إيقاف إدخالها قبل عدة أشهر.
وبات معبر كرم أبو سالم الحدودي شرق رفح جنوب قطاع غزة الأمل الاقتصادي الوحيد أمام الفلسطينيين في ظل هدم السلطات المصرية أكثر من 1200 نفق أرضي استخدمها الغزيون في تهريب احتياجاتهم اليومية عبرها.
وأغلقت إسرائيل خلال السنوات السابقة كافة المعابر الاقتصادية المحاذية لغزة كمعبر المنطار شرق غزة ومعبر صوفا شرق خانيونس جنوب القطاع.
وقال مركز الميزان لحقوق الإنسـان إن الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة يقوض جملة حقوق الإنسان بالنسبة للسكان.
وأضاف المركز في بيان له أن إسرائيل تواصل تصعيد عدوانها على القطاع، الذي يترافق مع الحصار الشامل المفروض على غزة والذي يقوض جملة حقوق الإنسان بالنسبة للسكان، ويحرمهم من حقهم في التنقل، ولاسيما وسط شح إمدادات الوقود وارتفاع أسعارها ومنع دخول مواد البناء وغيرها من المواد الأساسية، في ظل تدهور مستمر في الأوضاع المعيشية وسط ارتفاع ظاهرتي البطالة والفقر.
ويترقب الفلسطينيون في ظل المشهد الاقتصادي المتأزم في غزة ما ستسفر عنه الأمور في ظل التهديدات التي يصدرها عدد من القادة السياسيين والعسكريين في إسرائيل بشن هجوم جديد على القطاع لضرب البنية التحتية للمقاومة.
ونفذت الطائرات الحربية الإسرائيلية منذ مطلع العام الجاري عشرات الغارات النهارية والليلة التي استهدفت مناطق متفرقة من قطاع غزة من رفح جنوباً وحتى بيت حانون شمالاً.
وهدد وزير الشئون الاستراتيجية في الحكومة الاسرائيلية يوفال شتاينتس بأن استمرار إطلاق الصواريخ قد يدفع إسرائيل لاجتياح غزة والقضاء على حركة حماس وتسليم القطاع لسلطة محمود عباس.
وقالت وزارة الداخلية في غزة تعقيباً على التهديدات الإسرائيلية المتواصلة إنها لن تسمح للاحتلال باختراق التهدئة، مؤكدة أن “مهمتها هي الحفاظ على تأمين الجبهة الداخلية”.
وأشار المتحدث الرسمي باسم الوزارة المقدم إسلام شهوان إلى إعادة انتشار الأجهزة الأمنية في الوزارة على المناطق الحدودية، مضيفاً أن من مهام الداخلية أيضاً “حماية التوافقات التي تقرها المقاومة فيما يحقق مصالح شعبنا الفلسطيني وأمنه واستقراره.
واستبعد عصام الدعاليس المستشار الخاص لرئيس الحكومة في غزة وفق الاتصالات التي ترعاها مصر، أن تشن إسرائيل عدوانًا على غزة، معتبرًا ما يتم تداوله عبر وسائل الاعلام مجرد “تهويل”.
ورعت مصر اتفاق التهدئة المبرم بين المقاومة في غزة وإسرائيل عقب الهجوم الذي شنته الأخيرة على غزة في تشرين ثان/نوفمبر 2012 وأسفر عن استشهاد 150 فلسطينياً وإصابة العشرات.
ولفت الدعاليس إلى وجود تفاهمات وعمليات تنسيق بين فصائل المقاومة لتوحيد المواقف إزاء التصعيد الميداني مع الاحتلال، مضيفاً “من حق المقاومة أن ترد على الاعتداءات ونستبعد وجود مواجهة في الوقت الراهن”.
وكان رئيس الحكومة في غزة إسماعيل هنية قد أكد في تصريحات سابقة أن تهديدات إسرائيل بضرب غزة لا تخيف الشعب الفلسطيني.
واستبعد هنية خلال مشاركته في حفل تخريج دورة عسكرية لوزارة الداخلية مؤخراً شن إسرائيل حرب جديدة ضد غزة ، معللاً ذلك بقدرة الأجهزة الأمنية والمقاومة على إيجاد توازن الردع والرعب.
ولم تأبه فصائل المقاومة الفلسطينية لـ”تهديدات أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو” لحركة حماس بأخذ تهديداته ضد قطاع غزة على محمل الجد.
وقال صلاح البردويل القيادي في حماس إن “المقاومة لن تصمت على هذه الجرائم، “والدم لن يولد إلّا الدم”.
بينما أكدت حركة الجهاد بالتزامن أن المقاومة تتعامل بحكمة عالية مع محاولات “إسرائيل” جرها إلى إظهار ما لديها من مفاجآت وإمكانات.
يشار أن إسرائيل شنت خلال الشهرين الماضيين عشرات الغارات الجوية على غزة.
وأصدرت منظمات حقوقية عاملة في غزة إحصائية حول الانتهاكات الإسرائيلية التي وقعت خلال شهر كانون الثاني/يناير المنصرم فقد فتحت نيران أسلحتها الرشاشة وقصفت بالمدفعية والصواريخ قطاع غزة في (44) حالة، وتوغلت داخل أراضي قطاع غزة (6) مرات.
وأوقعت الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على غزة (4) شهداء من بينهم طفل و(37) جريحاً من بينهم (7) أطفال و(3) سيدات فيما واصلت استهداف الصيادين في عرض البحر، بحيث فتحت النار تجاههم في (23) حالة، واعتقلت (3) صيادين واستولت على قارب للصيد.
وعبر مركز الميزان عن استنكاره الشديد لاستمرار الحصار المفروض على قطاع غزة، والذي يمس بالحقوق الأساسية للسكان المدنيين، مطالباً المجتمع الدولي ولاسيما الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة، بالتحرك العاجل لحمايتهم.
وقال إنه ينظر بخطورة لتصاعد الانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة لقواعد القانون الدولي الإنساني، ولاسيما استمرار استهداف المدنيين والأعيان المدنية في مخالفة واضحة لقواعد القانون الدولي ولاسيما المادة (147) من اتفاقية جنيف الرابعة.