رغم أن اسمها يوحي بأنها تقتصر على تقنيات استخدام الأرجل والأقدام، إلا أن تقنيات استخدام الرأس تُعد رئيسيةً ولا غنى عنها في لعبة كرة القدم، إذ يتم بفضلها التعامل مع الكرات العالية في الحالتين الدفاعية والهجومية، بما أن قوانين الكرة تحظر استخدام اليدين لغير حراس المرمى.
وقد تطورت تلك التقنيات بشكل كبير مع تطور اللعبة، لدرجة أصبحت فيه إحدى أهم الأسلحة الفنية التي تصنع الفارق في عالم الساحرة المستديرة، إذ يبني معظم المدربين الناجحين أجزاءً واسعةً من خططهم، بالاعتماد على قدرات لاعبيهم في ألعاب الهواء، التي تمنحهم السيطرة على الكرات العالية في خطي الدفاع والوسط، إضافةً إلى إمكانية تسجيل الأهداف الرأسية، التي تُعد بدورها إحدى أبرز المعالم الجمالية للعبة كرة القدم، بحيث يمكننا اعتبارها كالملح الذي لا تطيب وجباتها الكروية الدسمة دونه.
الألماني كلوزة سجل 3 أهداف بالرأس في مرمى السعودية بكأس العالم 2002
ويتميز أخصائيو الكرات الرأسية عادةً بصفات تكوينية أبرزها طول القامة وقوة البنيان، فضلًا عن صفات فنية يكتسبونها بفضل التدريب، كعلو الارتقاء وحسن التمركز ودقة توقيت القفز وقوة ضربات الرأس ودقة توجيهها، وغيرها من المهارات التي تعطيهم ميزة التفوق في ألعاب الهواء، وتسجيل الأهداف الرأسية أو المساهمة فيها.
يتميز أخصائيو الكرات الرأسية عادةً بصفات تكوينية أبرزها طول القامة وقوة البنيان، فضلًا عن صفات فنية يكتسبونها بفضل التدريب، كعلو الارتقاء وحسن التمركز ودقة توقيت القفز وقوة ضربات الرأس ودقة توجيهها
وقد توفرت معظم تلك الصفات لدى العديد من نجوم الماضي، فتوجتهم ملوكًا للأهداف الرأسية عبر تاريخ الكرة، نذكر منهم: الأسطورة البرازيلية بيليه، الجوهرة الهولندية باتريك كلويفرت، مواطنه الرائع رود غوليت، المكسيكي الطائر هوغو سانشيز، نجم الكرة الأرجنتينية غابرييل باتيستوتا، العملاق الألماني أوليفر بيرهوف، مواطنه الهداف التاريخي غيرد مولر، الهداف الفرنسي دافيد تريزيغيه، الإيطالي لوكا توني، والإنجليزي ألان شيرر، التشيلي إيفان زامورانو، الإسباني فيرناندو مورينتس، إضافةً إلى الهداف الألماني الفذ ميروسلاف كلوزة، الذي يذكر التاريخ أنه سجل 3 أهداف رأسية في مباراة واحدة، كانت أمام المنتخب السعودي في كأس العالم عام 2002.
نجم ريال مدريد البرتغالي كريستيانو رونالدو أشهر ملوك الأهداف الرأسية حاليًا
أما ملوك الأهداف الرأسية في وقتنا الحاضر فهم كثر، ويأتي على رأسهم أفضل لاعب في العالم 4 مرات البرتغالي كريستيانو رونالدو نجم ريال مدريد الإسباني، الذي تُعتبر ضربات الرأس المركزة إحدى أهم أسلحته التهديفية الفتاكة، ويشاركه تلك الميزة زميله في هجوم النادي الملكي، الويلزي غاريث بيل، نجم أتلتيكو مدريد الفرنسي أنتوني غريزمان، مهاجما أتلتيك بلباو آريز آدويز وراؤول غارسيا، عملاق ريال سوسيداد البرازيلي ويليان جوزيه، وجميعهم من نجوم الليغا الإسبانية.
الجزائري إسلام سليماني يعد أبرز مختصي الكرات الرأسية من محترفينا العرب
وفي البريمير ليغ حيث يكثر الاعتماد على الكرات العالية، يبرز مهاجم ويستهام الإنجليزي ميشيل أنطونيو في طليعة مختصي أهداف الرأس، إلى جانب هداف إيفرتون البلجيكي روميلو لوكاكو ومواطنه كريستيان بنتيكي مهاجم كريستال بالاس، هداف أرسنال الفرنسي أوليفيه جيرو، لاعب وسط مانشستر يونايتد البلجيكي مروان فيلايني، نجم ويست برومتش الكولومبي خوسيه روندون، عملاق ستوك سيتي بيتر كراوتش وزميله في المنتخب الإنجليزي أندي كارول مهاجم ويستهام، إضافةً إلى نجم ليستر سيتي الجزائري إسلام سليماني، الذي يُعد أبرز مختصي الكرات الرأسية من محترفينا العرب.
الهولندي فان بيرسي من متخصصي الأهداف الرأسية
وفي الدوري الإيطالي، يبرز اسم مهاجم تورينو الإيطالي الشاب أندريا بيلوتي الذي سجل 6 أهداف برأسه هذا الموسم، إلى جانب مهاجم إنتر ميلانو الأرجنتيني ماورو إيكاردي متصدر هدافي السيري آ، جناح يوفنتوس الكرواتي ماريو مانزوكيتش، لاعب وسط لاتسيو الإيطالي الدولي ماركو بارولو، فيما يمتلك هداف الدوري الألماني الجابوني بيير إيمريك أوباميانج نجم بروشيا دورتموند مهارة استخدام الرأس إلى جانب بقية مهاراته التهديفية المتعددة، ومثله يفعل متصدر هدافي البطولات الأوروبية لهذا الموسم الهولندي باس دوست عملاق سبورتنغ لشبونة البرتغالي، كذلك الفرنسي فاليري جيرمان مهاجم موناكو الفرنسي، الهولندي لوك دي يونج مهاجم آيندهوفن الهولندي ومواطنه المخضرم روبن فان بيرسي مهاجم فريق فنر بخشة التركي حاليًا.
هدف المدافع الإسباني بويو في ألمانيا في نصف نهائي كأس العالم 2010
ولا تقتصر ميزة التهديف بالرأس على المهاجمين ولاعبي الوسط، فهناك العديد من المدافعين الذين يستغلون طولهم الفارع وبنيانهم الجسدي القوي في اصطياد الأهداف الرأسية، التي تأتي غالبًا من الضربات الثابتة، ولعل أبرز مثال حي لظاهرة المدافعين الهدافين هو الإسباني الرائع سيرجيو راموس قائد ريال مدريد الإسباني الذي أنقذ فريقه من عدة مواقف صعبة بأهدافه الرأسية القاتلة التي جعلت المستحيل ممكنًا، كما يبرز اسم الأورغواني دييغو غودين مدافع أتلتيكو مدريد، الإنجليزيين غاري كاهيل وجون تيري مدافعي تشيلسي، الإيطاليين جورجيو كيلليني وليوناردو بونوتشي مدافعي يوفنتوس، البرتغالي بيبي مدافع ريال مدريد، والأرجنتيني نيكولاس أوتامندي مدافع مانشستر سيتي، وجميعهم من النجوم الحاليين.
لا تقتصر ميزة التهديف بالرأس على المهاجمين ولاعبي الوسط، فهناك العديد من المدافعين الذين يستغلون طولهم الفارع وبنيانهم الجسدي القوي في اصطياد الأهداف الرأسية، التي تأتي غالبًا من الضربات الثابتة
أما ملوك الكرات الرأسية من مدافعي الماضي، فنذكر منهم الإسباني فيرناندو هييرو، الإيطالي ماركو ماتيرازي، الصربي نيمانيا فيديتش، الفنلندي سامي هيبيا، الأرجنتيني دانييل باساريلا، الإنجليزي ريو فيرديناند، الفرنسي لوران بلان، إضافةً إلى المدافع الإسباني الرائع كارليس بويول الذي قاد منتخب بلاده إسبانيا وناديه برشلونة لتحقيق العديد من البطولات بفضل اندفاعه الهجومي وقدراته الرأسية المميزة، التي دعت النقاد لنعته بقلب الأسد.
هدفا الفرنسي زيدان في نهائي كأس العالم 1998
وما دمنا في الحديث عن الألقاب والبطولات، فلا بأس من أن نذكر بأبرز الأهداف الرأسية التي لعبت دورًا حاسمًا في تاريخ كرة القدم، ونبدأ بالبطولة العالمية الأهم كأس العالم، حيث يذكر التاريخ بأن أسطورة الكرة البرازيلية بيليه، افتتح التسجيل لمنتخب بلاده عبر هدف جميل بالرأس في مرمى إيطاليا، خلال نهائي كأس العالم الذي استضافته المكسيك عام 1970، ممهدًا الطريق أمام منتخب السامبا لإحراز لقبه العالمي الثالث، كما قاد النجم زين الدين زيدان منتخب فرنسا لإحراز لقبه العالمي الوحيد، بتسجيله هدفين رأسيين في مرمى منتخب البرازيل، خلال نهائي كأس العالم الذي استضافته بلاده عام 1998، ومثله فعل المدافع الإيطالي ماركو ماتيرازي في نهائي عام 2006، حين سجل هدف التعادل لمنتخبه في مرمى فرنسا، ممهدًا الطريق أمام زملائه للفوز بلقب البطولة بعد ماراثون طويل انتهى بركلات الترجيح.
لعبت الأهداف الرأسية دورًا حاسمًا في تاريخ كرة القدم، على صعيد كؤوس العالم وبطولات أمم أوروبا والشامبيونزليغ
كما يبرز هدف الإسباني كارلوس بويول في مرمى ألمانيا، خلال نصف نهائي عام 2010، هدف الإيطالي باولو روسي في مرمى البرازيل، خلال ربع نهائي عام 1982، هدف البلغاري الأصلع يوردان ليتشكوف في مرمى ألمانيا، خلال ربع نهائي عام 1994، وجميع تلك الأهداف سُجلت بالرأس، وأسهمت في فوز منتخباتها وصعودها.
هدف ميسي في مرمى مانشستر يونايتد خلال نهائي الشامبيونز ليغ 2009
وبعيدًا عن كؤوس العالم، وتحديدًا في بطولات أمم أوروبًا، ساهمت الأهداف الرأسية في حسم 3 نهائيات مشهودة، وتتويج 3 منتخبات باللقب الأوروبي الرفيع، أولها هدف الهولندي رود غوليت في مرمى الاتحاد السوفييتي، خلال نهائي عام 1988، والذي مهد الطريق أمام الطواحين للفوز بلقبهم الأوروبي الوحيد، وثانيها هدف الألماني أوليفر بيرهوف في مرمى التشيك، خلال نهائي عام 1996، الذي حُسم بعد وقتين إضافيين، وثالثها هدف اليوناني أنجيلوس خارستياس في مرمى البرتغال، خلال نهائي عام 2004، والذي حافظ عليه زملاؤه حتى نهاية المباراة، وقادهم لتحقيق المعجزة وإهداء اللقب الوحيد لليونان عبر تاريخها.
كما كان للأهداف الرأسية دورًا حاسمًا في تحديد وجهة العديد من ألقاب بطولة دوري أبطال أوروبا “الشامبيونز ليغ”، نذكر منها هدف أسطورة برشلونة ليو ميسي في مرمى مانشستر يونايتد خلال نهائي عام 2009، وهدف الفيل الإيفواري ديديه دروغبا لفريقه تشيلسي في مرمى بايرن ميونيخ خلال نهائي عام 2012، هدف سيرجيو راموس الشهير في مرمى أتلتيكو مدريد خلال نهائي عام 2014، والذي عدل من خلاله النتيجة في اللحظات الأخيرة، ومهد طريق فريقه الملكي لإحراز لقبه العاشر في المسابقة الأوروبية.
باقةٌ من أجمل الأهداف الرأسية في تاريخ الكرة
وبما أننا شبهنا الأهداف الرأسية بالملح الذي يزكي وجبات كرة القدم، فلا بد أخيرًا من التذكير بأضرار الإكثار من استعمالها، فقد أفضت بعض الدراسات الحديثة إلى أن لاعبي كرة القدم من محترفي استخدام الرأس، قد يواجهون مستقبلًا خطر الإصابة ببعض مشكلات الإدراك المزمنة التي يعاني منها بعض الملاكمين المحترفين، حيث استشهدت الدراسة بإصابة نجم منتخب ألمانيا السابق غيرد مولر وزميله رودي أساور بمرض الخرف “الزهايمر” في خريف عمرهما، ولكن معظم الخبراء أكدوا بالمقابل أن مخاطر تلك الإصابات تبقى متدنيةً للغاية، وتقتصر على حالات فردية قليلة جدًا، لا يمكن البناء عليها.
قد يواجه لاعبو كرة القدم من محترفي استخدام الرأس خطر الإصابة ببعض مشكلات الإدراك المزمنة كمرض الزهايمر
ومع ذلك، تم أخذ تلك الدراسات بعين الاعتبار لدى كثير من أكاديميات إعداد لاعبي الكرة العالمية، وذلك بالحد من استخدام ألعاب الرأس، وخاصةً في تدريبات اللاعبين الذين تقل أعمارهم عن 13 عامًا.