ترجمة وتحرير: نون بوست
لدى الجيش والحكومة الإسرائيلية تاريخ طويل وموثق جيدًا في الإدلاء بتصريحات كاذبة ومضللة للتغطية على جرائم الحرب المرتكبة ضد الفلسطينيين وتجنب تحمل المسؤولية عنها. وتقدم هذه المقالة بعض الأمثلة الأكثر فظاعة في السنوات الأخيرة.
الكذب بشأن استخدام الفسفور الأبيض في انتهاك للقانون الدولي – تشرين الأول/ أكتوبر 2023
في 10 تشرين الأول/ أكتوبر في لبنان و11 تشرين الأول/ أكتوبر في غزة، استخدم الجيش الإسرائيلي قذائف الفسفور الأبيض في انتهاك واضح للقانون الدولي. ونفت إسرائيل هذا الادعاء، قائلة إنه “كاذب بشكل لا لبس فيه”. مع ذلك، تحققت هيومن رايتس ووتش من مقاطع فيديو تظهر “انفجارات جوية متعددة للفوسفور الأبيض المدفعي” أطلقها الجيش الإسرائيلي فوق ميناء مدينة غزة وعلى طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية، واصفة إياها بانتهاك القانون الإنساني الدولي. كما وثقت منظمة العفو الدولية وجود قذائف الفسفور الأبيض على قاعدة للجيش الإسرائيلي في جنوب إسرائيل بالقرب من غزة.
في سنة 2009، خلال الهجوم الإسرائيلي على غزة المعروف باسم عملية الرصاص المصبوب، أنكرت إسرائيل في البداية “بشكل صريح” أنها استخدمت الفسفور الأبيض،إلا أن هيومن رايتس ووتش وثقت فيما بعد استخدام إسرائيل واسع النطاق لقذائف الفسفور الأبيض في غزة، بما في ذلك في المناطق الحضرية المكتظة بالسكان، ومجمع الأمم المتحدة، ومدرسة تابعة للأمم المتحدة. وفي المجمل، أطلقت إسرائيل أكثر من 200 قذيفة فسفور أبيض خلال الهجوم.
كما اتهمت إسرائيل حماس بإطلاق قذيفة فسفور أبيض في سنة 2009، وهو ادعاء خلصت هيومن رايتس ووتش إلى أنه كاذب.
ادعاءات لا أساس لها حول قطع رؤوس الأطفال – تشرين الأول/أكتوبر 2023
ادعى الجيش الإسرائيلي ومكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن مقاتلي حماس قطعوا رؤوس ما يصل إلى 40 طفلا خلال هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر على بلدة كفر عزة. انتشرت هذه المزاعم التحريضية بسرعة وتكرر تناقلها على نطاق واسع وسائل الإعلام ومن قبل الرئيس جو بايدن، الذي ادعى كذبا خلال اجتماع مع زعماء يهود أنه رأى شخصيا صورا لأطفال مقطوعة الرأس، وهو ما تراجع عنه البيت الأبيض لاحقا، معترفا بأنه لم ير مثل هذه الصور وأن الولايات المتحدة لم تتحقق من هذا الادعاء. ومع ذلك، فإن الصحفيين الإسرائيليين الذين زاروا مكان عمليات قطع الرؤوس المزعومة لم يروا أي دليل يدعم هذا الادعاء ولم يذكره المسؤولون العسكريون الإسرائيليون المرافقون لهم. ورفض الجيش الإسرائيلي بعد ذلك تأكيد هذا الادعاء، وبعد أكثر من أسبوع لم يظهر أي دليل يدعمه.
ادعاءات الاغتصاب غير الموثقة – تشرين الأول/ أكتوبر 2023
تداول المسؤولون الإسرائيليون مزاعم بأن مقاتلي حماس اغتصبوا النساء أثناء هجومهم في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وهي مزاعم تكررت على نطاق واسع في وسائل الإعلام الأمريكية ومن قبل السياسيين الأمريكيين، بما في ذلك الرئيس بايدن خلال خطاب ألقاه على شاشة التلفزيون الوطني. ومع ذلك، في 10 تشرين الأول/ أكتوبر، قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي لصحفي من صحيفة “فوروورد”، أرنو روزنفيلد، إن إسرائيل “ليس لديها حتى الآن أي دليل على حدوث اغتصاب خلال هجوم يوم السبت أو في أعقابه” وبعد مرور أكثر من أسبوع، لم تقدم إسرائيل بعد أي دليل على حدوث اغتصاب. كما تتبع الصحفي روزنفيلد كيف انتشرت القصة بناءً إلى حد كبير على ادعاءات أشخاص لم يقولوا في الواقع إنهم شهدوا عمليات الاغتصاب المزعومة.
الكذب بشأن الغارة الجوية القاتلة على قافلة مدنية تبحث عن الأمان في غزة – تشرين الأول/ أكتوبر 2023
في 13 تشرين الأول/ أكتوبر، تعرضت قافلة مدنية كانت تفر من مدينة غزة بناءً على أوامر الجيش الإسرائيلي على طريق حددته إسرائيل على أنه “طريق آمن”، لقصف جوي إسرائيلي، مما أسفر عن مقتل 70 شخصًا وإصابة 200 آخرين على الأقل. ونفى الجيش الإسرائيلي مهاجمة القافلة. مع ذلك، تحققت منظمة العفو الدولية من مقاطع فيديو للهجوم وخلصت إلى أنها كانت نتيجة غارة جوية.
الكذب بشأن مقتل الصحفية الفلسطينية الأمريكية شيرين أبو عاقلة – أيار/ مايو 2022
في 11 أيار/ مايو 2022، أصيبت الصحفية الفلسطينية الأمريكية الشهيرة شيرين أبو عاقلة برصاصة في رقبتها على يد قناص إسرائيلي أثناء تغطيتها لغزو الجيش الإسرائيلي لمخيم جنين للاجئين في الضفة الغربية المحتلة، على الرغم من أنها لم تكن قريبة من أي قتال حينها وكانت ترتدي سترة مكتوب عليها بوضوح كلمة “صحافة”. ألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك نفتالي بينيت والجيش الإسرائيلي باللوم في مقتل أبو عاقلة على الفلسطينيين، ووزعوا مقطع فيديو غير ذي صلة لإطلاق النار الفلسطيني أثناء الغزو كدليل مفترض.
في المقابل، خلصت التحقيقات المستقلة المتعددة، بما في ذلك التي أجرتها صحيفة واشنطن بوست، ونيويورك تايمز، ووكالة أسوشيتد برس، وسي إن إن، وكذلك جماعات حقوق الإنسان على غرار منظمة العفو الدولية، ولجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة بشأن الأراضي الفلسطينية المحتلة، جميعها إلى أن أبو عاقلة قتلت برصاص جندي إسرائيلي. وتراجع الجيش الإسرائيلي نفسه في وقت لاحق، مشيرًا إلى أن أبو عاقلة ربما قُتل على يد أحد جنوده.
الكذب بشأن قصف المكاتب الإعلامية بغزة – أيار/مايو 2021
خلال هجومها على غزة في أيار/مايو 2021، قصفت إسرائيل برجًا شاهقًا يضم مكاتب وسائل إعلام – بما في ذلك وكالة أسوشيتد برس والجزيرة – مما أدى إلى تسوية المبنى المكون من 14 طابقًا بالأرض. وزعمت إسرائيل أن المبنى يحتوي على “أصول عسكرية تابعة لمكاتب المخابرات التابعة لحماس. ومع ذلك، خلصت هيومن رايتس ووتش إلى أن إسرائيل “لم تقدم أي دليل يدعم هذه الادعاءات” وأن الهجوم “ينتهك على ما يبدو قوانين الحرب وقد يرقى إلى مستوى جرائم حرب”.
الكذب بشأن مقتل أحمد عريقات على حاجز عسكري بالضفة الغربية – حزيران/يونيو 2020
في 23 حزيران/يونيو 2020، كان أحمد عريقات البالغ من العمر 27 سنة في طريقه لاصطحاب أقاربه لحضور حفل زفاف أخته عندما اصطدم بسيارته عند حاجز عسكري إسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة وأطلق جنود إسرائيليون النار عليه وقتلوه. وزعمت إسرائيل أنها كانت محاولة هجوم على جنود من جيش الاحتلال التابع لها.
ومع ذلك، أجرت فورينسك أركيتكتشر، وهي مجموعة بحثية مقرها في غولد سيميثس، جامعة لندن، ومنظمة الحق الفلسطينية لحقوق الإنسان، تحقيقًا متعمقًا وخلصت إلى أنه كان حادثًا مروريًا وأن عريقات أُعدم خارج نطاق القضاء.
فيديو التلاعب للادعاء زورًا بأن المسعف الذي قُتل على يد قناص إسرائيلي كان درعًا بشريًا – حزيران/يونيو 2018
في حزيران/ يونيو 2018، قتل قناص إسرائيلي المسعفة رزان النجار البالغة من العمر 21 سنة، أثناء احتجاجات الفلسطينيين المسجونين بسبب الاحتلال الإسرائيلي والحصار على غزة. وفي محاولة لتشويه سمعتها وتبرير قتلها في أعقاب احتجاجات دولية، نشر المسؤولون الإسرائيليون مقطع فيديو يُزعم أنه يظهرها وهي تقول إنها كانت بمثابة درع بشري لحماس. ومع ذلك، تم الكشف لاحقًا عن أن الفيديو تم التلاعب به من قبل الجيش الإسرائيلي لإخراج تعليقاتها من سياقها.
وكما لاحظت منظمة بتسيلم الحقوقية الإسرائيلية، ادعى الجيش الإسرائيلي في البداية أن “الجنود لم يطلقوا النار على المكان الذي كانت تقف فيه. وفي وقت لاحق، قال الجيش إن النجار ربما قُتلت برصاصة ارتدادية، قبل أن يتهمها في النهاية بأنها كانت بمثابة درع بشري… وخلافاً للروايات العديدة التي قدمها الجيش، فإن وقائع القضية لا تؤدي إلا إلى نتيجة واحدة… وهي أن النجار قتلت برصاصة أطلقها أحد أفراد قوات الاحتلال، وكان يستهدفها بشكل مباشر بينما كانت واقفة على بعد حوالي 25 مترا (82 قدما) من السياج، على الرغم من أنها لم تشكل أي خطر عليه أو على أي شخص آخر وكانت ترتدي زيا طبيا”.
وفقًا للأمم المتحدة، قتل الجنود الإسرائيليون 214 متظاهرًا فلسطينيًا في غزة خلال مسيرة العودة الكبرى، من بينهم 46 طفلاً. وكان من بين القتلى ما لا يقل عن 3 عاملين طبيين وصحفيين، تم التعرف عليهم جميعًا بوضوح
الكذب بشأن مقتل مراهقين فلسطينيين خلال احتجاجات الضفة الغربية – أيار/مايو 2014
في 15 أيار/مايو 2014، قُتل مراهقون فلسطينيون غير مسلحين، نديم نوارة (17 سنة) ومحمد سلامة (16 سنة)، برصاص جنود إسرائيليين باستخدام الذخيرة الحية خلال احتجاج في الضفة الغربية المحتلة. وزعمت إسرائيل في البداية أن جنودها لم يستخدموا الذخيرة الحية. وفي تناقض مع مزاعم إسرائيل، استنادا إلى مقاطع فيديو من مكان الحادث ونتائج التشريح، خلصت هيومن رايتس ووتش إلى أنهما قُتلا بالذخيرة الحية. كما توصل تحقيق أجرته شبكة سي إن إن إلى النتيجة ذاتها.
المصدر: معهد الشرق الأوسط للتفاهم