ترجمة حفصة جودة
قبل عدة أيام واحتفالاً بيوم الأسرى الفلسطينيين، أضرب نحو 1000 أسير عن الطعام احتجاجًا على عقود من الاعتقال التعسفي والمعاملة اللاإنسانية، حيث يُحتجز الآن ما يقارب 6300 أسير فلسطيني في سجون ومراكز احتجاز الاحتلال الإسرائيلي، بينهم حوالي 300 طفل.
في عام 2014 وكجزء من وفد نقابة المحاميين الوطنية، التقينا بأطفال فلسطينيين في قرية بيت أمر بالقرب من الخليل في الضفة الغربية المحتلة، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي محمد – 15 عامًا – وتنقل بين 3 مراكز احتجاز مختلفة وتعرض للحبس الانفرادي، ثم أفرجوا عنه في نهاية المطاف بعد 3 أشهر، بعد أن اعترف تحت التعذيب بإلقائه الحجارة، ومنذ إخلاء سبيله اتجه محمد للسجائر وترك المدرسة، فقد كان مضطرًا لإعادة الصف السابق نتيجة غيابه عن المدرسة 3 أشهر.
الأمر لا يتعلق بمحمد وحده، فبعد الإفراج يتعرض الكثير من الأطفال لأعراض اضطراب ما بعد الصدمة والكوابيس والتغيرات السلوكية وفقدان الاهتمام بالمدرسة، وبعضهم يضطر إلى إعادة الصف أو ترك الدراسة، في الواقع يتعرض أطفال الضفة الغربية المحتلة للاحتجاز بشكل روتيني من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، في نهاية فبراير 2016 كان هناك نحو 440 طفلاً محتجزًا في سجون الاحتلال الإسرائيلي من بينهم 104 أطفال تتراوح أعمارهم بين 12 وحتى 15 عامًا، ومنذ عام 2012 يحتجز الاحتلال الإسرائيلي نحو 200 طفل فلسطيني كل شهر.
كثيرًا ما يضطر الأطفال للتوقيع على اعترافات باللغة العبرية دون فهم اللغة أو محتوى الاعتراف، أما التهمة الأكثر شيوعًا بين الأطفال فهي رمي الحجارة، وتتراوح مدة العقوبة القصوى بين 10 إلى 20 عامًا.
في كثير من الأحيان، يستخدم اعتقال الأطفال كوسيلة انتقامية بهدف مكافحة نشاط الشباب أو الانتقام من أفراد الأسرة الأكبر سنًا، فمثلاً تعرض حمزة حماد للاعتقال الإداري لمدة 10 أشهر (وهو تكتيك يستخدمه جيش الاحتلال الإسرائيلي لسجن الفلسطينيين دون تهمة أو محاكمة)، كان عمر حمزة وقتها 16 عامًا، وبذلك يعتبر أصغر فلسطيني يتعرض للاعتقال الإداري، فقد اعتقل يوم 28 من فبراير 2016 في الساعة الثانية صباحًا عندما اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي منزل عائلته بعد أن فجرت الباب الأمامي للبيت، وكان حمزة قد سبق اعتقاله قبل ذلك وتعرض للتعذيب أيضًا.
يمتلك الاحتلال الإسرائيلي نظامين قانونيين منفصلين في الضفة الغربية المحتلة، ويعتمد ذلك على إذا ما كان المواطن يهوديًا أم فلسطينيًا، بدأ تطبيق القانون العسكري على الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة منذ عام 1967، وهذا يعني أن هذا العام يصادف مرور 50 عامًا من الحياة دون حرية أو مساواة أو حتى الحقوق الأساسية.
وفي الوقت نفسه فإن المستوطنين الإسرائيليين – الذين يحتلون الأراضي الفلسطينية في انتهاك صارخ للقانون الدولي – يخضعون للقانون المدني الإسرائيلي، ووفقًا لوزارة الخارجية الأمريكية فإن المحاكم العسكرية تدين نحو 99% من المدعى عليهم من الفلسطينيين، يعتبر الاحتلال الإسرائيلي النظام الوحيد الذي يحاكم بشكل منهجي وتلقائي ما يقارب 500 إلى 700 طفل كل عام في المحاكم العسكرية، ووفقًا لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف) فإن سوء المعاملة يحدث في مراكز الاحتجاز العسكرية بشكل واسع وممنهج طول الوقت.
جمعت المنظمة الفلسطينية الدولية للدفاع عن الأطفال (DCIP) شهادات نحو 400 طفل تعرضوا للاحتجاز ما بين يناير 2012 وحتى ديسمبر 2015، تعرض ما يقارب ثلاثة أرباع هؤلاء الأطفال للعنف البدني بعد الاعتقال والجلوس على كراسي معدنية قصيرة خلال جلسات الاستجواب الطويلة، وفي بعض الأحيان ربط أيديهم وأقدامهم بالكراسي، كما تعرض الأطفال للتهديد وتعرض بعضهم للحبس الانفرادي لانتزاع الاعترافات، تعرض 66 طفلاً للحبس الانفرادي لمدة 13 يومًا في المتوسط، وأفاد نصف الأطفال منعهم من الحقوق الأساسية مثل الطعام والمياه ودخول دورات المياه، وتم منع نحو 97% منهم من حضور والديهم في أثناء الاستجواب أو الاستعانة بمحامٍ، والغالبية العظمى منهم لم تكن على دراية كافية بحقوقهم.
تتنافى معاملة الاحتلال الإسرائيلي للأطفال مع قانون حقوق الإنسان الدولي ومع القانون الإنساني الدولي، والذي يقول بأن تمتلك جميع البلدان نظامًا مميزًا لعدالة الأحداث والذي يعترف بخصوصية وضع الأطفال ويحمي القاصرين من العنف ويركز على إعادة التأهيل وإعادة الاندماج.
أما رئاسة ترامب فقد جعلت المشهد الفلسطيني أكثر سوءًا فيما يتعلق بحق تقرير المصير، فكما رأينا قام الكنيست الإسرائيلي بتمرير قانون يضفي الشرعية بأثر رجعي على المستوطنات المقامة على أراضي الفلسطينيين، ولأنها تثق بأن لديها حليفًا حقيقيًا في البيت الأبيض، فعلى الأرجح لن تتوقف حكومة الاحتلال الإسرائيلي عن الانتهاك الممنهج لحقوق الإنسان خاصة العنف ضد الأطفال، وفي الواقع قال تقرير صدر مؤخرًا عن الأمم المتحدة بأن إسرائيل تمتلك نظامًا للفصل العنصري.
قد يصبح الوضع أكثر حدة في الواقع على الفلسطينيين في غياب حركة دولية مستمرة تسلط الضوء على الانتهاكات وتضغط على حكومة الاحتلال الإسرائيلي من خلال بعض التكتيكات مثل حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات (BDS).
في يوم الأسير الفلسطيني، ما الذي يجب أن نفعله كأمريكيين للمساعدة في حماية حقوق الأطفال الفلسطينيين وجميع الفلسطينيين؟ ينبغي علينا أن نوظف أمين المظالم لرصد وضع الأطفال الفلسطينيين، في الصيف الماضي أرسل 20 عضوًا في الكونغرس رسائل للرئيس السابق أوباما يطالبون بتعيين مبعوث خاص للشباب الفلسطيني، وتجميد المساعدات العسكرية الأمريكية للاحتلال الإسرائيلي.
لكن بدلاً من مساءلة الاحتلال الإسرائيلي عن انتهاك القانون الدولي وحقوق الإنسان، وافقت الولايات المتحدة على منح الاحتلال الإسرائيلي 38 مليار دولار من المساعدات العسكرية خلال العشر سنوات المقبلة، وهو أكبر مبلغ تحصل عليه على الإطلاق، لذا ينبغي علينا أن نواصل دعم الجهود الرامية لمساءلة حكومة الاحتلال الإسرائيلي من خلال حركات المقاطعة وسحب الاستثمار وغيرهم من الوسائل.
يجب أن يعرف رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أنه بينما يمتلك صديقًا في البيت الأبيض، فإن الشعب الأمريكي لن يدعم هذه الانتهاكات التي تُرتكب باسمه.
المصدر: ذا نيشن