أذاعت قناة “مكملين” المصرية المعارضة التي تبث من الخارج، أمس الخميس مقطعًا مصورًا، أظهر جنودًا من الجيش المصري يقتلون مدنيين عزل في سيناء.
تسريب #سيناء من قناة مكملين يكشف بالصوت والصورة كيف يتم قتل المصريين في #سيناء بدم بارد بيد جنود الجيش#مع_زوبع#تسريب_سيناء#مكملين pic.twitter.com/DP88CS4QfF
— قناة مكملين الفضائية (@mekameleentv) April 20, 2017
حيث يظهر الفيديو قيام عدد من الأشخاص يرتدون زيًا عسكريًا مصريًا، حاملين أسلحة رشاشة، بإنزال عدد من الرجال بزي مدني، من أحد مركبات الجيش ثم قاموا بسحبهم إلى الأرض وتصفيتهم ميدانيًا بالرصاص، حيث أظهر الفيديو 3 جثث ملقاة على الأرض.
كما أظهر الفيديو، قيام شخص يتحدث باللهجة المحلية السيناوية بسؤال شخصًا معصوب العينين، عن قبيلته، ثم قام بسحبه وأجلسه على الأرض، وأطلق النار عليه وعلى شخص آخر بجواره.
لسنا بحاجة لتسريب
الإجرام واضح للكل
#تسريب_سيناء
— أشرف عثمان (@ashrafothmaan) April 21, 2017
في حين يقوم أحد عناصر الجيش -يحمل كاميرا- بتصويرالجثث وهي ملقاة على الأرض، ووضع بجانبهم سلاح أثناء التصوير، ثم سحب السلاح الذي كان بجوار القتيل، وقد حدث ذلك مع المقتولين، بعد إطلاق النار بشكل مباشر على الرأس من قبل الجنود.
أثار هذا المقطع ضجة كبيرة في الأوساط الإعلامية والحقوقية المصرية، حيث أنه يثبت عمليات التصفية خارج إطار القانون التي تتحدث عنها المنظمات الحقوقية، ونشطاء في سيناء.
إذ تتهم قوات الجيش المصري المتواجدة في سيناء بشن هجمات عشوائية على المدنيين في أماكن متفرقة من سيناء، أثناء عمليات مواجهة مستمرة منذ فترة ضد مسلحين من تنظيم ولاية سيناء الفرع المصري من تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.
هذه الهجمات التي تتم بشكل عشوائي تسفر عن عشرات القتلى والجرحى، بالإضافة لمئات الاعتقالات العشوائية التي تليها حالات للاختفاء القسري والتصفية خارج إطار القانون.
تقارير سابقة حول الإعدامات الميدانية غير القانونية
كانت منظمة هيومن رايتس ووتش قد تحدثت سابقًا عن إنه من المحتمل أن تكون قوات الأمن الداخلي المصرية، التي تقوم بحملة ضد عناصر من فصيل مقرب من تنظيم “الدولة الإسلامية” في شبه جزيرة سيناء، قد أعدمت بين 4 و10 رجال خارج إطار القضاء، كما قد تكون قوات الأمن احتجزت أيضا هؤلاء الأشخاص تعسفا وأخفتهم قسرا ثم لفّقت المداهمة لتغطية الإعدامات.
لإن صحَّ #تسريب_سيناء
لكانت خسارتنا بهذا التسريب
أكبر من خسارتنا في 1967
— الشيخ الشافعى محمد (@shafeym20) April 21, 2017
وخلصت المنظمة إلى إنه يبدو أن الإعدامات تتبع نمط انتهاك ضد المدنيين على يد الجيش وقوات الأمن الداخلي اللذين يحاربان “داعش” في أوسع انتشار عسكري مصري في سيناء منذ حرب 1973 مع إسرائيل. وأضافت أسفر القتال في سيناء عن مئات القتلى منذ 2013، بما في ذلك مدنيون وعناصر في القوى الأمنية ومقاتلون مزعومون في داعش.
المتحدث العسكري باسم الجيش المصري مشارك في الجريمة.
وبالعودة إلى مقطع الفيديو الذي بثته قناة مكملين الفضائية اتضح أن الشباب الذين تمت تصفيتهم في المشاهد التي أظهرها المقطع بعد تصوريرهم بجوار أسلحة، ظهرت صورهم في منشور على الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري باسم الجيش المصري، في تاريخ 6 ديسمبر/كانون الأول 2016، وهو ما يعني أن الإعلان بهذه الطريقة التي تمت كان تلفيقًا ممنهجًا باستغلال منع السلطات المصرية للصحف من التواجد داخل أراضي سيناء، وبموجب قرار يحظر نشر روايات مخالفة لما يعلنه الجيش المصري في الصحف والإعلام.
فيما أثارت حوادث التصفية المتكررة غضب أهالي سيناء وهو ما أدى إلى احتجاجات -نادرا ما يُسمح بحدوثها – ضد وزارة الداخلية أثناء جنازات بعضهم، وقد التقى كبار العائلات المحلية في 14 يناير/كانون الثاني لتشكيل “لجنة شعبية” وأعلنوا عددا من المطالب من بينها الإفراج الفوري عن المحتجزين بدون تهم واستقالة نواب شمال سيناء، ومحاسبة المسؤولين عن القتل.
أصداء على مواقع التواصل
تسبب الفيديو الصادم في إثارة زوبعة من التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي بين إظهار الصدمة من قبل المعارضين لنظام الحكم في مصر، وبين دفاع وتشكيك من قبل حسابات مؤيدة للنظام المصري.
#تسريب_سيناء أصل لهجته مش مصرية
طيب هي مشكلة مين فينا بالزبط حضرتك اللي متعرفش بلدك ولا حضرته اللي اتكلم بلهجته ونسي يطلعلك البطاقة؟ pic.twitter.com/bIkzW3FaZU
— حياة اليماني (@HaYatElYaMaNi) April 21, 2017
بين هذه الحالة التي تناولت تفصيلات الفيديو بشكل دقيق مع إيراد تحليلات حول الأمر، وهو ما استدعى تفاصيل قديمة بثتها مواقع عن الوضع في سيناء، كان من بين أبرز التقارير التي أعيد نشرها بين الجمهور، هو تقرير نشره موقع مدى مصر تحت عنوان: “من الشيخ زويد.. مدى مصر يتحدث إلى صحوات سيناء”
تحدث التقرير عن فرقة الموت كما يُطلق عليها المنتسبون إليها أو الكتيبة 103 كما يشير إليها أهالي مدينة الشيخ زويد بحسب التقرير، حيث أن هناك مناطق لا يستطيع الجيش دخولها وحده بدون متعاونين من هذه الفرقة، يعرفون العائلات بدقة والتوزيع الجغرافي للقبائل.
وأورد التقرير شهادات حول هذه الفرقة الموالية للجيش تحصل على السلاح من القوات المسلحة، وتنفذ عمليات مداهمات لصالح الجيش، ويعتقد البعض أن أفرادًا من هذه الفرقة بالتعاون مع عناصر من الجيش هم من نفذوا التصفية الميدانية التي ظهرت في الفيديو.
كانت هذه إحدى الروايات المنتشرة على مواقع التواصل، التي رفضها البعض مدللًا بوجود مجندين في الفيديو تابعين للجيش المصري هما من قاموا بعمليات التصفية، ولم يتسن التأكد حتى الآن أو ترجيح إحدى الروايتين، لكن المؤكد أن الحادثة التي تم فبركتها وإذاعتها على صفحة المتحدث العسكري تشير إلى علم قيادة الجيش في هذه المنطقة بما حدث بدليل التصوير والنشر على وسائل الإعلام.
وكانت منظمة سيناء لحقوق الإنسان قد رصدت الانتهاكات الواقعة على المدنيين في سيناء خلال الربع الأول من هذا العام 2017، للوقوف على حجم معاناة أهالي سيناء في ظل المواجهات الدامية بين قوات الأمن المصرية وتلك الجماعات المسلحة، فضلاً عن استهداف أهالي سيناء وسط هذا القتال.
وأظهر التقرير أن سيناء تعرضت خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام (يناير – فبراير – مارس) إلى ما يقرب من 262 انتهاكًا متنوعًا، أغلبها إطلاق قذائف مدفعية عشوائية، سواء من قوات الأمن أو الجماعات المسلحة، حيث تصدرت منطقة العريش ورفح قائمة المناطق الأوفر حظًا ونصيبًا من هذه الانتهاكات.
بحسب التقرير، بلغ إجمالي القتلى (خارج إطار القانون) من المدنيين في سيناء خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام نحو 107 مدنيين، 88 منهم من الرجال، 10 من النساء، و9 من الأطفال، بينما بلغ عدد المصابين من المدنيين نحو 111 حالة، 62 من الرجال، 28 من النساء، و21 من الأطفال.
#تسريب_سيناء
بعد التسريب ده ما بقاش عندى اى ذرة شك فى أن الجيش هيضرب الشعب لو قامت مظاهرات واحتجاجات واسعة
— abdulaziz elbeik (@AbdulazizElbeik) April 21, 2017
الأرقام الواردة بحسب منظمة سيناء لحقوق الإنسان تشير إلى أن الربع الأول من هذا العام شهد أرقامًا غير مسبوقة في معدلات القتل والإصابة مقارنة بالفترات الماضية، حيث شهد شهر يناير وحده مقتل ما لا يقل عن 44 مدنيًا، من بينهم 4 نساء و3 أطفال، وإصابة نحو 39، من بينهم 10 نساء و9 أطفال، بينما شهد فبراير مقتل 35 مدنيًا، بينهم 4 نساء و3 أطفال، وإصابة نحو 27، من بينهم 8 نساء، وطفل واحد، أما مارس فقد بلغ عدد القتلى فيه من المدنيين 28، من بينهم امرأتان و3 أطفال، وإصابة نحو 45، من بينهم 10 نساء، و11 طفلاً.