“لا تيأس من العائلة، لا تيأس من عائلة التطبيقات”
هكذا افتتح مارك زوكربيرغ خطابه لمؤتمر فيسبوك الثامن F8، وهو المؤتمر الذي أعلن فيه فيسبوك عن خطته المفاجئة للحضور والمستمعين، حيث صرّح فيها “زوكيربيرغ” بأنه سيستعمل الدماغ البشري في أساليب تطوير وسائل التواصل بين الناس، هل هذا يعني أننا سنكتب بعقولنا بدلًا من أيدينا؟ في الحقيقة، الإجابة ستكون بنعم!
بدأ مارك زوكيربيرغ بسرد التطورات التي يزعم فيسبوك على تغييرها وتنميتها خلال الفترة القادمة في بداية المؤتمر عازمًا على أن ما سيكشف عنه من خطة فيسبوك القادمة ستغير مفهومنا عن التواصل الاجتماعي كليًا؛
سيهيمن التواصل بالفيديو على طريقة تواصلنا خلال عقد من الآن
“يبدو أننا نسيء تقدير حجم التغير المحتمل أن تراه خلال عشر سنوات من الآن، سيهيمن التواصل بالفيديو على طريقة تواصلنا خلال عقد من الآن، وسيغير نظرتنا لعملية التواصل نفسها كما فعل جهاز الهاتف المحمول من قبل، لن تختصر تطبيقات التواصل الاجتماعي نفسها على إرسال الرسائل الفورية فحسب، بل ستكون متداخلة مع كثير من التطبيقات الأخرى في نفس الوقت”.
هل يُلمح “مارك” بالعبارة الأخيرة لما فعله في تطبيق واتس اب وفيسبوك ماسنجر وإنستغرام بعد إضافته لخاصية القصص المصورة “ستوري” في كل من التطبيقات السابقة معللًا بأن تلك الخاصية لا تحتاج لتطبيق خاص بها وإنما يمكنها أن تكون جزءًا من تطبيق موجود بالفعل؟ ربما تكون احتمالية تطوير التطبيقات كما تحدث “مارك” ستفوق فقط تقليده لخاصية القصص المصورة من تطبيق سناب شات، فماذا سيفعل بعدها؟ لنرى ما قاله إذًا.
ستكون الكاميرا ذات قيمة مركزية أكثر بكثير من الكلام، ولهذا وضع فيسبوك كاميرا في أغلب تطبيقاته، هذا يعني أن خاصية التصوير المباشر وإرسال الصور والفيديوهات القصيرة أو القصص المصورة “ستوري” بدلًا من الكتابة سيهيمن على شكل التواصل الاجتماعي خلال التطبيقات المختلفة.
ستكون الكاميرا ذات قيمة مركزية أكثر بكثير من الكلام، ولهذا وضع فيسبوك كاميرا في أغلب تطبيقاته
خطة فيسبوك من أجل عالم متصل ببعضه
ذكر “مارك زوكيبريغ” من قبل أن سيكون لفيسبوك القدرة على توصيل خاصية الإنترنت للجميع، وليس فقط للدول الغنية، ولا لمن يستطيع دفع تكلفته، بل سيكون للجميع، وسيساعد بذلك توفير وسائل للتعليم والصحة و كذلك وظائفًا شاغرة للعمل، إلا أنه لم يكشف عن آليته في ذلك.
فعلى الرغم من أن الإنترنت متاح للأغلبية بالفعل، إلا أن هناك العديد من الحكومات القامعة تشرف بشكل مباشر على الرقابة الإلكترونية، وتستحوذ لنفسها بإمكانيات إلكترونية على الإنترنت لا توفرها للشعب بشكل عام، فهل سيكون لفيسبوك يد في تغيير تلك السياسات؟ لم يجب “مارك” تحديدًا على هذا، إلا أنه أعطى لنا معطى مهم، ألا وأننا سنرى ما تحدث عنه في ذلك المؤتمر قريبًا جدًا.
لا يكون هناك مؤتمرًا لفيسبوك مؤخرًا إلا ويكون مصطلح الذكاء الاصطناعي حاضرًا وبقوة، وهذا ليس رأي عام، بل هو رأي “زوكربيرغ” نفسه، حيث قال أن الذكاء الاصطناعي سيهيمن على وسائل التواصل بشكل كبير، ليس هذا فحسب، بل سيكون المصدر لتطوير وتنمية مختلف أنواع الخدمات، بشكل أفضل وأقوى من العامل البشري نفسه، ولكن ما الذي سيطر هذه المرة في مؤتمر F8؟
ماذا بعد؟
إطلاق أول مشروع للواقع المعزز على منصات التواصل الاجتماعي في مؤتمر F8
“هدفنا هو أن نجعل العالم متصلًا ببعضه”
هذا هو الهدف الأسمى في مهمة فيسبوك للعشر سنوات القادمة التي يذكرها “زوكيربيغ” دومًا، ولكن ماذا بعد؟
“خاصية الواقع المعزز” (augmented reality)، تلك كانت إجابة “زوكيبربيغ” هذه المرة، فبحسب كلام مؤسس فيسبوك، أنه حان الوقت لبناء مجتمع عالمي، وهي الفكرة التي أشار إليها “مارك” في تدوينة له مؤخرًا عن نية فيسبوك لأن يجعل العالم متصلًا ببعضه، ليس فقط عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي للمحادثة، بل يكون مجتمعًا كاملًا، آمنًا، و متطورًا، وفعالًا أيضًا.
كان تركيز فيسبوك الكامل على بناء الروابط الاجتماعية بين العائلات والأصدقاء، إلا أن مهمته خلال العشر سنوات المقبلة ستكون مركزة على بناء “المجتمع العالمي”، فبعد أن كان لفيسبوك دورًا مهمًا في انفتاح العالم على وجهات مختلفة للنظر، أصبح الآن يسعى نحو إيجاد المشترك بين وجهات النظر المختلفة تلك، وهذا ما يأمل فيسبوك أن يكون أساسًا لما سيبني عليه من قيم.
مهممة فيسبوك خلال العشر سنوات المقبلة ستكون مركزة على بناء “المجتمع العالمي”
بالحديث عن الواقع المعزز من جديد، لا يأمل “مارك” أن نرتدي نظارات تجعلنا ننفصل عن العالم الواقعي، فبحسب كلامه في المؤتمر، يقول أنه سيجعل من المعلومات والنشاطات شيئًا متاحًا للجميع الوصول إليه في ثوان قليلة جدًا، ذلك لكي لا نحتاج أن ننفق أموالنا على كثير من الأجهزة، فبدلًا من أن نشتري جهاز تلفزيون يكلفنا مئات الدولارات، لم لا نشترك في تطبيق بدولار واحد يجعل لنا شاشة تلفيزيون رقمي أينما رغبنا؟
هل يمكن أن نكتب بعقولنا؟
من خلال مشروع (بناء8) (Building8)، سيتم التركيز على “المحادثات الصامتة”، حيث يعمل فيسبوك على مشروع يُمكّن الناس من الكتابة بعقولهم ما يقرب من 100 كلمة خلال دقيقة واحدة، بدون الكتابة على شاشات هواتفهم المحمولة، ذلك بدون أخذ الأفكار العشوائية في الاعتبار، سيقوم المشروع على تحديد الكلمات التي لها صلة، وينقلها لتُكتب على الشاشة، ليس هذا فحسب، بل سيمكن للغة أن تنتقل عبر الجلد أيضًا، كيف هذا؟ يعمل فيسبوك “الذي وصفه الإعلام الغربي بعد ذلك المؤتمر بعملاق التكنولوجيا، بأن يُمكن الناس من خلال مشروع مماثل لمشروع “بناء8” من أن يسمع المستخدمين اللغة من خلال الجلد.
الخطاب كاملًا في مؤتمر F8
ما بين المادية والرقمية
ما الفائدة من الماديات ما دمنا نستطيع أن نحولها إلى رقميات؟، أجاب “مارك” عن هذا السؤال قائلًا بأن فيسبوك سيتمكن من توسيع العالم المادي “Physical world” ليمتد إلى العالم الرقمي “Digital World”، ولهذا سيستخدم فيسبوك خاصية الواقع المعزز ليطور من الواقع المادي الملموس ويمزجه مع العالم الرقمي.
فيسبوك سيتمكن من توسيع العالم المادي “Physical world” ليمتد إلى العالم الرقمي “Digital World”
اعتقد “مارك” بأن الواقع المعزز سيكون بشكله الذي نرغب في رؤيته عليه خلال خمس أو عشر سنوات من الآن، إلا أننا بدأنا بالفعل في رؤية تطبيقاته، كما رأيناها في لعبة “بوكيمون جو”، وكما رأيناها في المؤثرات البصرية لصورنا التي نلتقطها من خلال سناب شات أو إنستجرام.
تابع “زوكيربيرغ” أن الواقع المعزز لن يقف عند هذا الحد فحسب، بل سيمتد ليكون جزءًا من أغلب التطبيقات التي تلحق فيسبوك، مثل إنستجرام و واتس آب، وكل ذلك من خلال الكاميرا.
ستصبح الكاميرا أول منصة للواقع المعزز من خلال شركة فيسبوك
يمكن اختبار ذلك الآن، حيث قام فيسبوك بالخطوة الأولى، وهي نشر المنصة الأولى للواقع المعزز من خلال تطبيقاته المختلفة على هيئة القصص المصورة “ستوري”، ويمكننا بالفعل رؤية المؤثرات البصرية المتاحة حاليًا (Effects)، ولكن سيتم بناء الكثير من الخطوات على تلك الخطوة الأولى، وبدلًا من الاختيار من عدة مؤثرات، ما رأيك بالاختيار من بين الآلاف من مختلف الثقافات والأشكال والخلفيات.
ماذا عن البيئة المحيطة؟
ستمدد خاصية “الواقع المعزز” للبيئة المحيطة كذلك، وستمكن المستخدم من التحكم في كل ما حوله عن طريق خاصية “التحديد الدقيق للموقع” (SLAM)، كما يمكن لك استخدام خاصية 3D للتحكم في البيئة المحيطة، حيث عرض “زوكيربيغ” صورة لمكتب فيسبوك في ولاية “سياتل” وقام بالتحكم بالغرفة عن بعد، فأطفأ الأنوار وأعاد إشعالها، كما قام بملأ الغرفة الماء، ومن ثم ملأها بالأيقونات التعبيرية الصفراء (Emojis)، كل ذلك من خلال الواقع المعزز و خاصية التعرف على الأشياء (Object Recognition).
يتنبأ فيسبوك بأننا سيكون لدينا بالفعل امتدادات في الواقع الافتراضي ليست مختلفة كثيرًا عنّا
هل سيكون الشخص الذي يصوّرنا (Avatar) في الواقع الافتراضي “VR” يكون مجرد امتداد لنا، نشعر به كأنه نحن بالفعل، من تجربة الشركة، يتنبأ فيسبوك بأننا سيكون لدينا بالفعل امتدادات في الواقع الافتراضي ليست مختلفة كثيرًا عنّا، ولهذا فيسبوك يعدك بأنه من خلال الـ VR، سيخلق لنا أقوى المنصات الاجتماعية في المستقبل القريب.
من الألعاب المزودة بخاصية الواقع المعزز، إلى الفن بالواقع المعزز،ومن ثم الانتقال إلى الواقع الافتراضي، ما يعد به فيسبوك سيكون نقلة نوعية في طريقة استخدامنا للهواتف الذكية و للتكنولوجيا بأكملها، وكل ذلك خلال شهور قليلة مقبلة بحسب وعد “مارك زوكربيرغ”، ولكن هل سيتوقف فيسبوك عند الحد في كون ذلك مسليًا وممتعًا للمستخدمين، سنرى ذلك في المجتمع العالمي الذي يزعم فيسبوك على بناءه في السنوات المقبلة.