ذهبت إلى المقهى رفقة صديق يحب الفلاسفة ويعشق الباحثين، صديقي متأثر جدًا بواقع الأمة، يعتبر أننا نعيش في زمن النذالة وأن بعض حكامنا ينتمون إلى فصيلة أخرى غير فصيلة البشر، إنهم مستبدون جشعون لا يراعون فينا إلاً ولا ذمة ولا عهدًا ولا ميثاقًا .
سألته عن مواصفات الحاكم الذي يريد أن يحكمنا؟ سكت مليًا ثم حملق في وقال: “أنا أريد حاكمًا من طينة حكام السويد أو فنلندا، صحيح هم غير مسلمين، لكنهم عادلون يحترمون شعوبهم ويوفرون لهم كل متطلبات الحياة الكريمة”.
لو قرأت للعقاد كتابه “عبقرية عمر”، لوجدتهم أكثر اقتداءً بالخليفة العادل عمر بن الخطاب من حكام المسلمين، فهم يتجولون في الأسواق دون حراسات ويركبون القطارات دون أن يثير ذلك فضول العامة .
أبناؤهم مثل عامة الناس وليسوا مثل أبناء بعض حكامنا الذين يعيثون في الأرض فسادًا ويهلكون الحرث والنسل .
نريد حاكمًا متعلمًا يعرف قيمة العلم، حاكمًا سهر من أجل أن يحصل على شهادة دكتوراة وليس مجرد عسكري حصل على كل نياشينه وشهاداته بالوساطة
نريد حاكمًا متعلمًا يعرف قيمة العلم، حاكمَا سهر من أجل أن يحصل على شهادة دكتوراة وليس مجرد عسكري حصل على كل نياشينه وشهاداته بالوساطة أو بمحض الصدفة .
نريد حاكمًا يكون من خريجي السربون أو جورج واشنطن، حاكمًا يحترم القانون ويقدسه لا حاكمًا يتمرد على القانون ويفصله على مقاسه .
نريد حاكمًا يدرك قيمة العدل كقيمة سماوية يكون الناس عنده سواسية كأسنان المشط، يأخذ على يد قويهم ويعطف على ضعيفهم وينشر بينهم الطمأنينة والأمن والعدل .
نريد حاكمًا يكرس التناوب السلمي على السلطة ويكرس مفهوم المحاسبة والمساءلة، حاكمًا يكمل إصلاحات من سبقه للحكم لا حاكمًا يلعن أسلافه ويعتبر زمانه زمان “عمر بن عبد العزيز .”
نريد حاكمًا لا يورث الحكم لأبنائه أو أصهاره، حاكمًا يجالس الفقراء ويعطف عليهم ويقضي حوائجهم دون أن ينتظر منهم جزاءً ولا شكورا.
نريد حاكمًا لا يخاف صولات الغائلين ولا يخشى بطش المتجبرين، ثقته في الله وشعبه لا تزعزعها صروف الدهر، يعامل الدول بالندية ويدافع عن مصالح شعبه باستماتة ووطنية.
نريد حاكمًا نظيف اليد، كريم الكف، حسن الخلق، طيب السريرة، لا يغره تزلف المتزلفين، وينتقي حاشيته كما ينتقي رجل الحرب سهامه، فيكونون أعوانًا له على الحق وصمام أمان للبلاد والعباد .
لا توجد هذه المواصفات في الكثير من حكام العرب، فهل يمكن لإحدى دول الغرب “الكافر” أن تعيرنا حاكمًا يحكمنا ولو لبضع سنين لعله يصلح ما أفسده القوم
نريد حاكمًا يعامل شعبه بحب وعطف، يهديهم الورد الأحمر في أعياد الحب بدلاً عن القنابل والغازات السامة كما يفعل حكام الشام.
نريد حاكمًا من الناس، يعيش معهم آمالهم وآلامهم، لا حاكمًا متجبرًا متكبرًا يخاطب مواطنيه من برجه العاجي ولا يدرى شيئًا عن أحوالهم وطموحاتهم
نريد حاكمًا خادمًا لشعبه وليس قاتلاً لهم ولأحلامهم العاجلة والآنية.
لا توجد هذه المواصفات في الكثير من حكام العرب فهل يمكن لإحدى دول الغرب “الكافر” أن تعيرنا حاكمًا يحكمنا ولو لبضع سنين لعله يصلح ما أفسده القوم، ويعيد الروح لجسد أمة منهك، وقديمًا قيل “في الغرب إسلام دون مسلمين وفي الشرق مسملون دون إسلام .”