ترجمة وتحرير: نون بوست
وصل الطفل إلى مركز ناصر الطبي، في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، قبل ظهر اليوم العاشر من حملة القصف الإسرائيلي. أصابت غارة جوية منزل عائلة محلية كانت تستضيف عائلة من النازحين من مدينة غزة في الشمال. وأصيب العشرات أو قتلوا. وسارع الأطباء في غرفة الطوارئ لتقييم الوافدين الجدد واكتشفوا جثة طفل رضيع.
كان مغطى بطبقة سميكة من الحطام. عندما بدأ المسعف بالضغط على صدر الطفل، جاء محمد زقوت، طبيب أطفال بارز ومدير المستشفى السابق، لفحص الرضيع وفحص تنفسه. وقال لنا أيمن الفرا، مسؤول الصحة في غزة الذي عمل في غرفة الطوارئ بالمستشفى منذ بداية الصراع، في مقابلة عبر الهاتف: “الحمد لله، لم يتعرض الطفل لأي إصابات. ولكن من هما والدا الصبي وما اسمه؟”
لم يكن الطفل أول مريض مجهول الهوية يعالجه الأطباء منذ أن بدأت إسرائيل قصف غزة. وأوضح عمر النجار، وهو متدرب يبلغ من العمر 24 سنة ويعمل في غرفة الطوارئ، في مقابلة عبر الهاتف أنه عندما تضرب غارة جوية منزلًا، فإنها غالبًا ما تصيب أو تقتل جميع أفراد الأسرة، ولا ينجو أحد للتعرف على القتلى والجرحى. وأوضح قائلا “لذلك نكتب “مجهول 1″، و”مجهول 2″، و”مجهول 3”. وكانت ولادة طفل مجهول الهوية، لكنه يتمتع بصحة جيدة، ظرفًا استثنائيا، لكن لم يكن لدى النجار الوقت الكافي لملاحظة ذلك. وقال لنا: “لا نشعر ببداية اليوم أو نهايته، لأننا نتواجد بشكل مستمر في غرفة الطوارئ”.
يعيش النجار في شرق خان يونس، في بلدة تبعُد نصف ميل عن الجدار المحصن الذي يمثل الحدود مع إسرائيل. (كان أجداده يعيشون في قرية بالقرب من مدينة يافا الساحلية، فيما يعرف الآن بإسرائيل، وقد فروا إلى غزة كلاجئين). وفي صباح يوم السابع من شهر تشرين الأول/ أكتوبر، كان النجار نائما في منزله عندما اخترق مقاتلو حماس الجدار الفاصل. وقتلوا 1400 إسرائيلي في البلدات المحيطة.
وفي اليوم التالي، أمر الجيش الإسرائيلي سكان بلدة النجار، عبر رسالة نصية، بالإخلاء الفوري. وقد فرت عائلة النجار إلى خان يونس، ولجأ والداه إلى منزل أحد أقاربهما في وسط المدينة، بينما انتقلت أخته الحامل وعائلتها إلى مدرسة تابعة للأمم المتحدة للاجئين.
وبدأ النجار نفسه يعيش بدوام كامل في المستشفى الذي يعمل فيه، وينام على أرضية مكتب الطب الباطني. وقام المسؤولون بتكليف طاقم المستشفى – حوالي ألف شخص – بالتناوب على مدار أربع وعشرين ساعة؛ وعادة ما يساعد النجار في أيام إجازته أيضًا. وعلى أية حال، قال: “ليس لدي مكان أعود إليه”. وفي اليوم الثامن من الغارات الجوية، علم أن القنابل الإسرائيلية دمرت منزله وسوّت المنطقة المحيطة به بالأرض.
وأخبرنا الفرا، مسؤول الصحة الذي يعمل في غرفة الطوارئ، أن مئات الأطباء والممرضات الآخرين يعيشون أيضًا في المستشفى، وينامون على وسادات في الممرات والمكاتب المزدحمة. وقال إنه “لا توجد غرفة ممرضات أو عيادة طبيب لا تضم عشرين موظفا”.
وفي ظل فرار مئات الآلاف من سكان غزة من القنابل والغزو البري المتوقع من إسرائيل، انتقل أيضًا آلاف الأشخاص الأصحاء إلى مجمع المستشفيات. ومما أثار إحباط الأطباء أن النازحين ينامون في الساحات والممرات وحتى فوق الأسطح.
وأخبرنا النجار قائلا “لقد وضعوا حقائبهم جانبا، وأصبح هذا ملجأهم. لا يوجد مكان واحد فارغ”. وتؤدي الممرات والمصاعد المسدودة إلى إبطاء عمل الطاقم الطبي وتعيق نقل المرضى، كما أن تضخم عدد السكان يضغط على إمدادات المستشفى المحدودة من مياه الآبار. ولكن ما الذي يمكن للمستشفى فعله؟ قال لنا وليد أبو حطب، مدير طب الأم والجنين، “لا نستطيع أن نمنعهم من استخدام الحمامات أو المياه، لا سبيل إلى ذلك”.
وحتى الآن، ظل المستشفى بمثابة جزيرة آمنة. وقد دمرت الغارات الجوية المتكررة جزءا كبيرا من الحي المحيط به. ويبدو برج الطوب الأحمر الشاحب التابع لمركز ناصر الطبي في الصور وكأنه منارة تطل على بحر من الركام. ولكن مع استمرار الحصار، تتدهور الأوضاع في الداخل. وفي اتصال هاتفي معنا، سأل الفرا زميلا له “إبراهيم، هل جاء الخبز اليوم؟ ولكن أجابه بالنفي.
وأخبرنا الفرا وأطباء آخرون أنه منذ بدء الحرب، كان المستشفى يُطعم مرضاه وموظفيه الأرز فقط في وجبتي الغداء والعشاء، وأحيانًا يضيف الجبن والخيار في وجبة المساء. وقال الفرا إن “وزارة الصحة لا تستطيع توفير الفاكهة حاليًا، لأن الإمدادات محدودة للغاية. لقد زرت سوق الخضار في وقت سابق، وكانت الأسعار مرتفعة للغاية. لذلك لا يمكننا توفيرها”.
إن المستشفى، المصمم لاستيعاب 350 مريضا، مكتظ بشكل خطير، فقد ضاعف المسؤولون عدد الأسرة في غرفة الطوارئ بمعدّل ثلاث مرات إلى 60 سرير، وضاعفوا عدد غرف العمليات إلى 12 غرفة، ووسعوا وحدة العناية المركزة من 12 سرير إلى 40 سرير. ومع ذلك، حتى في وحدة العناية المركزة، اضطر الأطباء إلى وضع بعض الجرحى على الأرض أو في الممر، لعدم وجود أسرة كافية.
أخبرنا النجار، المتدرب، أن ضحايا التفجيرات يصلون دائمًا بأعداد غفيرة – عشرة على الأقل في المرة الواحدة. وقال لنا الفرا إن “جميع الإصابات خطيرة، وتتطلب عمليات جراحية وعناية مركزة”. وتابع حديثه قائلا “لقد نفد الدواء. واستنفدنا مخزون المخدر”. كما أن هناك نقص في أنابيب الصدر، ومرشحات غسيل الكلى، والمحلول الملحي، ومعدات تقويم العظام. وأخبرنا النجار أنه اضطر إلى إخبار مريض يعاني من جرح في وجهه أن يذهب إلى صيدلية محلية لشراء الإمدادات اللازمة لخياطة الجرح.
لكن الأزمة الأكبر التي يواجهها المستشفى تكمن في تضاؤل إمداداته من الوقود والكهرباء. وقال الفرا إن المستشفى يحرق عادة 1300 غالون من الوقود يوميا لإنتاج الكهرباء الخاصة به خلال فترات انقطاع التيار الكهربائي المتكررة التي تعاني منها غزة.
وفي الوقت الراهن، قطع الاحتلال الإسرائيلي الكهرباء بشكل كامل، وعندما تحدثنا، قال الفرا إن ما يتبقى من الوقود لا يكفي سوى يومين أو ثلاثة أيام أخرى. ومن أجل الحفاظ على الطاقة اللازمة للعمليات الجراحية والعناية المركزة، قام المستشفى بالفعل بقطع الكهرباء عن العديد من وحداته، مثل طب الأطفال والطب الباطني. وأضاف الفرا أن “ثلاجات المشرحة توقفت بالطبع عن العمل، لذلك لا يمكننا الاحتفاظ بالمتوفين، وأعدادهم غفيرة. ونخشى أن نضطر إلى إنشاء مقابر جماعية”. وأخبرنا النجار أن مستشفى آخر في غزة كان يخزن الموتى في شاحنات المثلجات.
ويهدد نقص الكهرباء أيضًا بإغلاق وحدة غسيل الكلى، على الرغم من أنها تخدم حاليا سيلا من المرضى الجدد من شمال غزة. وقال الفرا إنه “سيموت الآلاف من الناس”. ودون الكهرباء، ستتوقف المضخات التي تسحب المياه من آبار المستشفى عن العمل. وأوضح الفرا قائلا “لقد وصلنا إلى النقطة التي يتعين علينا فيها الإغلاق. سيموت المرضى أمامنا، ولن نتمكن من فعل أي شيء”.
وفي وقت مبكر من يوم 20 تشرين الأول/أكتوبر، وجهت وزارة الصحة في غزة “نداء استغاثة عاجل إلى جميع أصحاب محطات الوقود وكل من لديه أي لتر من مادة الديزل، طالبة التبرعات “لإنقاذ حياة الجرحى والمرضى”.
أخبرنا الفرا أنه بتوجيه من وزارة الصحة في غزة، بدأ مديرو المستشفيات في الحفاظ على الموارد من خلال حرمانهم من الرعاية التي يقدمها المستشفى عادة للمرضى الذين تعتبر فرص شفائهم ضئيلة، مضيفًا: “نتخذ قرارًا بعدم وضعهم على جهاز التنفس الصناعي، ونعطي الفرصة لمن لديه أمل في العيش”.
وقال الفرا إنه في 17 تشرين الأول/ أكتوبر، قام المستشفى على مضض بإخراج ثلاثة مرضى يعانون من وحدة العناية المركزة. وكان أحدهم صبياً في العاشرة من عمره اخترقت شظية دماغه. وقال لنا: “من خلال تلاميذه، تمكنا من استنتاج أنه من المحتمل أن يكون ميتًا دماغيًا. ونحن بحاجة إلى أسرة للمرضى الآخرين”. (توفي الصبي في تلك الليلة، كما أكد الفرا في وقت لاحق).
ولم يرغب أطباء آخرون في مناقشة مثل هذه المقايضات المؤلمة. وأصر أبو حطب، رئيس قسم طب الأمومة، على أن المستشفى لا يرفض الرعاية إلا في حالات نادرة. وقال لنا: “لو حدث هذا مع حالة أو حالتين، لكان ذلك فقط بعد أن قال العديد من الأطباء أن الحالة ميؤوس منها تماما”، مضيفًا: “لسوء الحظ، سيتعين علينا القيام بأشياء بعيدة جدًا عن الممارسات المثالية في الطب”.
لكن فرا ونجار قالا إنه حتى غرفة الطوارئ أصبحت انتقائية بشكل متزايد بشأن المرضى القادمين الذين يحصلون على رعاية مكثفة. وقال فرا إن “الحالات الميؤوس يتم منحها مكانًا تتم متابعتهم فيه عن كثب، لكنهم لا يحصلون على التدخل الذي يحصلون عليه عادةً. وذلك لأن العمل معهم سيجعلنا نخسر الوقت الذي يمكن أن نقضيه في إنقاذ الآخرين”.
وقال نجار إن قبول المريض يمكن أن يستغرق ما يصل إلى ساعتين لأنه يجب إقناع الأطباء بإخلاء السرير عن طريق إخراج مريض آخر. ففي 12 تشرين الأول/ أكتوبر، وصل صبي صغير إلى المستشفى مصابًا بجرح في الرأس يتطلب إجراء عملية جراحية، لكن جميع غرف العمليات كانت ممتلئة، ولم يكن هناك جهاز تنفس مجاني، وهو ما كان ضروريًا لإبقائه على قيد الحياة. يتذكر النجار تلك اللحظات قائلاً: “قيل لنا أنه لا توجد أسرة متبقية في وحدة العناية المركزة، لكننا أخبرنا وحدة العناية المركزة: لا، يجب أن يدخل، فهذا لن ينجح”. وبعد أربع ساعات من المفاوضات المتوترة، قامت العناية المركزة بتوفير جهاز تنفس للصبي عن طريق فصل مريض كبير السن ونقله إلى خزان الأكسجين. لقد تم إنقاذ حياة الصبي، كما أخبرنا النجار. بينما كان مصير المريض الأكبر سنًا غير واضح.
إن الأطباء أيضاً يموتون في غزة. فكما أخبرنا النجار أنه يعرف العديد من القتلى في الغارات الجوية، من بينهم: عميد كلية الطب، وصديق كان يعمل في أحد مستشفيات مدينة غزة، وجراح حروق كان في زيارة قصيرة لمنزله، وطبيبة أسرة، إلى جانب زوجها ووالدتها وأطفالها. بالإضافة إلى ضحية أخرى، وهو طبيب أمراض بارز، كان مستشارًأ شخصيًا للنجار. وأخبرنا عن لحظات تلقيه الخبر، قائلًا: “لم أستطع تمالك نفسي، مشيت إلى الزاوية وبدأت في البكاء”. كل يومين، يغادر النجار المستشفى لفترة وجيزة للاطمئنان على عائلته، ويشعر بالقلق من أن قنبلة قد تنهي حياته في الطريق. وأشار: “ترى أيضًا أكوامًا من القمامة من حولك، وأشخاصًا ينامون على الأرض في الخارج، ومنازل مدمرة. كل هذا يجعلك قلقًا”.
وفي اليوم الخامس من الحرب، سمع النجار صوت ضربة على مسافة ليست بعيدة عن المستشفى. وكان أول مريض يصل إلى غرفة الطوارئ أحد أقاربه. وقد أصيب بكدمات بالغة وحروق في أماكن عديدة، كما أصيبت إحدى يديه. وكان قريبه واعيًا بما فيه الكفاية ليبلغ أن والدي النجار – اللذين كانا يقيمان في منزل مجاور لموقع الانفجار – قد نجوا. لكن القصف أدى إلى مقتل خمسة من أقاربهم، أحدهم أصيب بتشوهات جعلت من الصعب التعرف عليها. وأخبرنا النجار أن ابن عمه جاء إلى المستشفى للتعرف على الجثث.
قال لنا نجار: “حاولوا أن تحافظوا على تماسككم”. ولكن بعد ذلك، في 17 تشرين الأول/ أكتوبر، سمع نبأ انفجار دمر المستشفى الأهلي العربي في مدينة غزة، مما أسفر عن مقتل المئات، وفقًا للتقارير الأولية. (يقول الجيش الإسرائيلي ووكالات الاستخبارات الأمريكية إن صاروخًا معطوبًا أطلقه مسلحون فلسطينيون أصاب مستشفى مدينة غزة؛ بينما ألقت حماس باللوم على غارة جوية إسرائيلية). وفي اللحظة نفسها، كان العديد من أفراد عائلة بارزة مصابين في خان يونس يصلون إلى مركز ناصر الطبي. وقال لنا النجار: “لم أتمكن من تحمل ذلك. وكان من المفترض أن أساعد الجرحى، لكنني ذهبت إلى الزاوية وسقطت على الأرض”. لقد استغرق الأمر عشر دقائق لاستعادة رباطة جأشه واستئناف علاج المرضى.
عندما سُئل النجار عن شعوره تجاه حماس – التي تسيطر على غزة – والهجوم الذي أدى إلى رد إسرائيل الانتقامي، قال إنه لا يستطيع الإجابة. أخبرنا زملاء له أن النجار، مثل العديد من الشباب الفلسطينيين، كان يشعر بالتوتر منذ فترة طويلة تجاه قيادة جميع الفصائل السياسية الفلسطينية المتنافسة. بالنسبة لنا، قال فقط إن محنة الحرب دمرت ما تبقى من الأمل الذي وضعه في “المجتمع الدولي”.
وقال النجار: “لا أحد يستطيع إدخال المساعدات الإنسانية، كيف سيوقفون الحرب؟ كيف سينصفوننا ويعطوننا دولة”؟ وقال إن القوى العالمية “منحازة لإسرائيل وتخشى منها – فمن أين سيأتي الحل”؟
وكان الفرا، مسؤول الصحة، أقل حراسة. وقال إنه منذ حوالي عشرين عامًا، كان يعمل لمدة سبعة أشهر في جناح القلب في مركز تل أبيب سوراسكي الطبي. (يتذكر غادي كيرين، طبيب القلب الإسرائيلي هناك، العمل بحرارة مع طاقم ناصر. والذي قال لنا: “هناك العديد من الأشخاص العظماء في غزة”. ثم قال عن حماس: “للأسف، هذه المجموعة الإرهابية تدمر حياة أكثر من مليوني شخص”). ولقد أخبرنا الفرا أن تجربته في العالم خارج غزة عززت اقتناعه بأن حماس والجيش الإسرائيلي أخطأوا في استهداف المدنيين. وأضاف أن هجوم حماس يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر كان “غير مقبول على الإطلاق”.
وأشاد الفرا بالزعيم الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي اسحق رابين، اللذين أطلقا في التسعينيات اتفاقيات أوسلو التي مهدت الطريق لحل الدولتين. وقال: “نريد أن نعيش في سلام، جنباً إلى جنب، لكن قتل عائلات بأكملها بهذه الطريقة – لن يجعل هناك أي فرصة للسلام والتعايش. إن التطرف وضيق الأفق كان سببًا في هذه الكارثة، والتي سوف تنعكس في جميع أنحاء المنطقة. فلكل فعل رد فعل. وكل من فقد أحد أفراد أسرته يريد الانتقام. وهذا يؤدي في كلا الجانبين إلى العنف والتطرف”.
ونظرًا لسيطرة حماس على غزة؛ فإن قلة قليلة من السكان هم من انتقدوا الهجوم علنًا. لكن الفرا أصر على أنه على الرغم من الوفيات الناجمة عن الغارات الجوية الإسرائيلية؛ إلا أن هناك العديد من سكان غزة الآخرين الذين ما زالوا يشاركونه وجهات نظره السلمية. وقال: “نحن أناس نحب الحياة. ونحب السلام . وهذه حروب مميتة تجلب الدمار للجميع”.
ونشرت صفحة المستشفى على فيسبوك صورة للرضيع مجهول الهوية بعد يوم من وصوله، وعرض العديد من سكان خان يونس على الفور تبني الطفل واعتباره طفلهم. فأجاب أحدهم أن الطفل اسمه محمد محمود حنا، وقد أصيب جميع أفراد عائلته بجروح خطيرة في القصف؛ حيث قُتل والده وثلاثة أو أربعة من إخوته، وفقدت والدته ساقيها وأصيبت بجروح أخرى. لكن أجداده لم يصبوا بأذى، وبعد أقل من يومين من وصول الصغير محمد إلى المستشفى، جاءوا لاستعادته.
وبينما كان الفرا يتحدث، سمعنا صوتًا في الخلفية يخبره أنهم يحتاجون الهاتف ضروري للعمل. قال لنا فرا: “هناك قصف آخر الآن”. سألناه إذا كان بإمكاننا الاتصال به لاحقًا. وأشار إلى أن “القصف أصبح أكثر كثافة”. وقبل أن يغلق الخط قال: “لاحقا إن شاء الله”.
المصدر: نيويوركر