ترجمة وتحرير نون بوست
سلّطت سلسلة من جرائم القتل الوحشية والدموية، التي جرت مؤخرا في الولايات المتحدة، الضوء من جديد على عصابة “أم أس-13″، وهي عصابة شوارع، تأسست في لوس انجلوس، ولها جذور تصل إلى السلفادور.
وفقا لتقرير صدر عن مركز الشرطة، فإن آخر جريمة قتل ارتكبتها هذه العصابة حدثت يوم الاثنين، فى لونغ آيلاند، حيث تم العثور على جثث أربعة ذكور من بينهم ثلاثة مراهقين، ملقاة في الغابة. وعلى خلفية هذه الحادثة، غرّد الرئيس ترامب على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” واصفا العصابة “بالسيئة”، فضلا عن أن النائب العام جيف سيسيونس تعهّد بالقضاء عليها. في المقابل، ألقى كلاهما اللوم على سياسة الهجرة المتبعة في عهد أوباما. ولكن من هي عصابة “أم أس-13″؟ ولماذا تم إلقاء اللوم في هذه القضية على أوباما؟
عصابة مشهورة بالعنف الشديد
نشأت هذه العصابة في لوس أنجلوس خلال الثمانينات، حيث شكّلها المهاجرون الذين فرّوا من الحرب الأهلية الطويلة والوحشية في السلفادور. فضلا عن ذلك، ينمي أعضاء آخرون من هذه العصابة لبقاع مختلفة من العالم على غرار هندوراس، وغواتيمالا، والمكسيك.
في الحقيقة، إن حرفي “أم أس” هما اختصار لعبارة “مارا سالفاتروتشا”. وبالتالي، تعني كلمة “مارا”، عصابة، في حين تعني كلمة “سالفا”، جمهورية السلفادور، ويُرمز بكلمة “تروتشا”، لذكاء الشارع. أمّا رقم 13، فهو يمثل ترتيب حرف “أم” في الأبجدية.
في الواقع، تُعرف عصابة “أم أس-13” بعنفها الشديد والدموي واستعمالها للسواطير في جرائم القتل التي ترتكبها. والجدير بالذكر أن هذه العصابة تركزت في الأحياء التي تهيمن عليها العصابات المكسيكية، ثم توسعت لاحقا إلى أجزاء أخرى في البلاد. ووفقا لمكتب التحقيقات الفيدرالي، انتشرت هذه العصابة إلى أجزاء أخرى من الولايات المتحدة وتمكنت من التمركز في 46 ولاية.
خلال سنة 2012، وصفت وزارة الخزانة الأمريكية العصابة بأنها “منظمة إجرامية عبر وطنية”. وكانت أول عصابة الشوارع تحصل على شرف الانضمام إلى قائمة أكبر العصابات في العالم على غرار عصابة لوس زيتاس المكسيكية، وياكوزا اليابانية، وكامورا الإيطالية.
وفقا للشرطة، فإنه من بين الجرائم البارزة التي قامت بها العصابة هي مقتل اثنين من طالبات المدارس الثانوية اللواتي تعرضن للهجوم بالمنجل أثناء سيرهما في حيهما في نيويورك، خلال الشهر الماضي
مبادرات وحشية
اتُّهمت عصابة “أم أس-13” بتجنيد الفقراء والمراهقين المعرضين للخطر. ويقال إن شروط الانضمام لهذه العصابة تشمل قفز المترشح وتعرضه للضرب المبرح لمدة 13 ثانية، وثم يتم سكب الماء عليه. فضلا عن ذلك، يجب على الراغب الانضمام لهذه العصابة، أن يقوم بتنفيذ جريمة قتل كدليل على ولاء للعصابة.
علاوة على ذلك، إن أي شخص راغب في التخلي عن عضوية هذه العصابة ومغادرتها قد يتعرض لخطر كبير، نظرا لأن الوشم الذي يوجد على جسم معظم المنتسبين يبقى مدى الحياة. كما يقال أيضا إن هذه العصابة تقتل أي شخص يرغب في مغادرتها والتخلي عنها.
وفقا لتقرير صدر عن مكتب التحقيقات الفيدرالي، سنة 2008، فإن أعضاء عصابة “أم أس-13″يتراوح بين 6 آلاف و10 آلاف عضو في الولايات المتحدة، مما يجعلها إحدى أكبر العصابات الإجرامية في البلاد. وأضاف المكتب أن هذه العصابة انتشرت حاليا خارج البلاد.
ونظرا لأن حملة مكافحة العصابات التي جاءت في أواخر التسعينيات، قد قامت بترحيل مئات من أعضاء العصابات إلى بلدان أمريكا الوسطى، إلا أن هذه العصابات تمكّنت من إنشاء فروع أخرى ومن توسيع نشاطها. وتشير التقديرات إلى أن الأعضاء المتواجدين في بلدان أمريكا الوسطى يبلغ عددهم قرابة 60 ألف شخص على الأقل.
فضلا عن ذلك، تبلغ العائدات السنوية للعصابة حوالي 31.2 مليون دولار (23.4 مليون جنيه استرليني)، والمتأتية بالأساس من بيع المخدرات والابتزاز، وذلك وفقا للمعلومات الواردة من شرطة سلفادور، والتي حصلت عليها صحيفة “الفارو”.
نشأت هذه العصابة في لوس أنجلوس خلال الثمانينات، حيث شكّلها المهاجرون الذين فرّوا من الحرب الأهلية الطويلة والوحشية في السلفادور
“القتل، والاغتصاب، والابتزاز“
وفقا للشرطة، فإنه من بين الجرائم البارزة التي قامت بها العصابة هي مقتل اثنين من طالبات المدارس الثانوية اللواتي تعرضن للهجوم بالمنجل أثناء سيرهما في حيهما في نيويورك، خلال الشهر الماضي. وفي الحقيقة، كانت هذه الجريمة بمثابة هجوم انتقامي ردّا على نزاع بسيط نشب بينهما.
في هذه القضية، اتُهم أربعة من أعضاء عصابة “أم أس-13”. كما اتُهم اثنان آخران في الوقت نفسه بقتل أحد أعضاء العصابة نظرا لأنه انتهك بروتوكول العصابات. وفي الشهر نفسه، اتّهم اثنان من أعضاء العصابة في هيوستن، بولاية تكساس باختطاف ثلاث فتيات في سن المراهقة واحتجازهن رهائن واغتصابهن قبل إطلاق النار على إحداهن وإلقائها في الطريق.
الزيادة الكبيرة في نشاط هذه العصابة كان خلال فترة حكم جورج بوش، أي عندما تفاقمت موجات الهجرة غير الشرعية في أمريكا الوسطى، وملأت عمليات القمع السجون، وانخفض تمويل برامج إعادة التأهيل
وفي إحدى الصور التي التُقطت لبعض أعضاء هذه العصابة أثناء محاكمتهم يظهر شخص يدعى ميغيل ألفاريز فلوريس، البالغ من العمر 22 سنة، ودييغو هيرنانديز-ريفيرا، البالغ من العمر 18 سنة، وهما يضحكان ويلوحان بأيديهما للكاميرا. ووفقا لمتخصص في مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي حقق مع أعضاء هذه العصابة، فإن شعار هذه العصابة هو “القتل، والاغتصاب، والابتزاز“.
إلقاء اللوم على أوباما
في الواقع، وجّه كل من ترامب وسيسيونس أصابع الاتهام إلى الرئيس السابق باراك أوباما، الذي ساهم، على حد قولهما، في انتشار شعبية هذه العصابة، مدعيان أن سياساته المفتوحة في مجال الهجرة قد غذّت نموّ وانتشار “أم أس-13”. في المقابل، تجدر الإشارة إلى أن هذه العصابة تشكلت وازدهرت في الولايات المتحدة قبل فترة طويلة من وصول أوباما إلى السلطة حيث اعتُبرت “أم أس-13” خلال التسعينيات بمثابة تهديد كبير. بالإضافة إلى ذلك، تم إنشاء فرقة عمل متخصصة، تابعة لمكتب التحقيقات الفيدرالي، من أجل تفكيك هذه العصابة والقضاء عليها، سنة 1994.
وفي هذا السياق، قال فولتون تي أرمسترونج، وهو باحث في مركز دراسات أمريكا اللاتينية إن “الزيادة الكبيرة في نشاط هذه العصابة كان خلال فترة حكم جورج بوش، أي عندما تفاقمت موجات الهجرة غير الشرعية في أمريكا الوسطى، وملأت عمليات القمع السجون، وانخفض تمويل برامج إعادة التأهيل”.
وفي نفس السياق، أفاد مؤلف كتاب عن جرائم العصابات في الولايات المتحدة، يدعى إيوان غريللو، أنه “لم يلحظ وجود أي دليل على أن إدارة أوباما هي المتسببة بأي شكل من الأشكال في وجود العصابات أو في تنامي أنشطتها في الولايات المتحدة”. والجدير بالذكر أن إدارة أوباما أعطت الأولوية لترحيل مجرمي العصابات، بمن فيهم أعضاء “أم أس-13″، وذلك ضمن برامج الترحيل التي أقرّتها. ولذلك، يعتبر موقع “بوليتيفاكت” أن إدّعاءات ترامب كاذبة.
المصدر: بي بي سي