استأنف قضاة تونس اليوم، تحركاتهم الاحتجاجية على خلفية تردي ظروفهم المادية وظروف العمل بالمحاكم، حسب جمعية القضاة التونسيين، وقرر القضاة حمل الشارة الحمراء ودخول الجلسات وتأجيل النظر في القضايا، حتى يوم الجمعة.
احتجاجات على ظروف العمل
احتجاجات هذه المرة، ستتواصل لمدة خمسة أيام، وفق رئيسة جمعية القضاة التونسيين روضة القرافي التي قالت في تصريح صحفي لوكالة الأنباء الرسمية في تونس، إن القضاة غاضبون من تواصل تعنت الحكومة ووزارة العدل، وغلقها لباب الحوار مع القضاة بخصوص أوضاعهم المادية المتردية، وعملها على اتخاذ القرارات الأحادية والفردية في الشأن القضائي دون استشارتهم وتطبيق مبدأ التشاركية الذي نص عليه الدستور التونسي.”
تتهم جمعية القضاة التونسيين، حكومة بلادها ووزارة العدل بغلق باب الحوار مع القضاة وتجاهل مطالبهم
وأجل القضاة، اليوم الإثنين، النظر في جميع القضايا بمختلف أطوارها وتأخيرها لمدة 5 أيام في كامل المحاكم التونسية وذلك بقرار من أعضاء المجلس الوطني لجمعية القضاة التونسيين، وتتهم جمعية القضاة التونسيين، حكومة بلادها ووزارة العدل بغلق باب الحوار مع القضاة وتجاهل مطالبهم، مما أدى إلى تفاقم أوضاع قطاعهم إلى حد لم يعد بالإمكان التغاضي عنه، حسب قولهم، مؤكدين نيتهم الدخول في احتجاجات تصعيدية أخرى في حال عدم الإصغاء لهم.
دعوة للجلسة العامة الافتتاحية للمجلس الأعلى للقضاء
في غضون ذلك، من المنتظر أن يوجه رئيس البرلمان التونسي محمد الناصر، غدًا الثلاثاء، الدعوة لأعضاء المجلس الأعلى للقضاء المنتخبين منذ أكتوبر 2016، لعقد الجلسة العامة الافتتاحية للمجلس خلال هذا الأسبوع، بحسب ما ينص عليه القانون الجديد، ويعد المجلس الأعلى للقضاء أعلى هيئة قضائية يتم استحداثها بموجب الدستور التونسي الجديد إلى جانب المحكمة الدستورية، وسيُعهد إليه مهمة الحفاظ على استقلالية القضاء وحسن سيره في إطار دستور البلاد والاتفاقيات الدولية.
وكان الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي قد أنهى الأسبوع الماضي، الجدل القانوني والسجال الدستوري بين مختلف هياكل ومكونات السلطة القضائية في تونس، بختمه القانون الجديد للمجلس الأعلى للقضاء، وإصداره في الجريدة الرسمية، رغم مطالبة جمعية القضاة وعدد من المنظمات والأحزاب المعارضة بالامتناع عن التوقيع عليه.
ختم الباجي لهذا القانون جاء بعد صدور قرار من الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين التي تلقت طعنًا في دستورية التنقيحات التي تم إجراؤها من قبل عدد من نواب البرلمان، وقررت الهيئة إثر المداولة في الطعن المقدم لها إحالة مشروع القانون على الرئيس لختمه ونشره بالرائد الرسمي “لتعذر توفر النصاب القانوني للبت في دستوريته”، وتتيح التنقيحات المدخلة على القانون الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء انتخاب رئيس ونائب رئيس مؤقتين يمارسان مهامهما إلى حين سد الشغور بالمجلس.
في حال لم يستجب أعضاء المجلس عمدًا للدعوة الأولى لرئيس البرلمان، فإن القانون يعطيه إمكانية الدعوة مرة ثانية
ومنحت تعديلات القانون الجديد لرئيس مجلس نواب الشعب التونسي جميع الصلاحيات لدعوة أعضاء المجلس الأعلى للقضاء، وينص الفصل الرابع من القانون على أن “تتم الدعوة وجوبًا لانعقاد أول جلسة للمجلس الأعلى للقضاء من قبل رئيس مجلس نواب الشعب، وعند التعذر من قبل أحد نائبيه، في أجل أقصاه 7 أيام من تاريخ دخول هذا القانون حيز النفاذ ولا تكون الدعوة قابلة للطعن”، وفي حال لم يستجب أعضاء المجلس عمدًا للدعوة الأولى لرئيس البرلمان، فإن القانون يعطيه إمكانية الدعوة مرة ثانية، وإذا لم يحضر ثلثا الأعضاء، ينعقد المجلس بعد ساعة، على ألا يقل عدد الحضور عن 15 عضوًا من أصل 45.
الجمعية ترفض وتهدد
بدوره عبر مكتب جمعية القضاة التونسيين، في بيان، عن “أسفه وعميق خيبة أمله من قرار رئيس الجمهورية ختم قانون المجلس الأعلى للقضاء، رغم عدم بت هيئة مراقبة دستورية مشاريع القوانين وجدية الطعن فيه من قبل 37 نائبًا في مجلس نواب الشعب”، معتبرًا أن هذا التمشي سيؤثر على استقرار المؤسسة وتماسكها بما سيضعف استقلاليتها واستقلال القضاء.
وكانت جمعية القضاة قد أعلنت رفضها للمبادرة التشريعية التي تقدمت بها الحكومة لحل أزمة المجلس الأعلى للقضاء، معتبرة أنها “تفتح الباب على مصراعيه لتدخل السلطتين التنفيذية والتشريعية في الشأن القضائي”، وهددت بإمكانية الطعن في دستورية هذه المبادرة، والالتجاء إن لزم الأمر، إلى الهيئات الدولية، على غرار لجنة البندقية، لفض الإشكال القائم.
وفي وقت سابق قرر قضاة تونس الدخول في اعتصام مفتوح بمقر جمعية القضاة بقصر العدالة بوسط تونس العاصمة، تصعيدًا لاحتجاجاتهم ضد مسار تركيز المجلس الأعلى للقضاء، كما خرج المئات من القضاة في مسيرة احتجاجية انطلقت من أمام قصر العدالة بتونس العاصمة واستقرت بساحة الحكومة بالقصبة، رفعوا خلالها شعارات طالبوا فيها رئيس الحكومة يوسف الشاهد بـ”التوقيع على الأوامر المتعلقة باستكمال تركيبة المجلس الأعلى للقضاء”، ودعوا في أخرى إلى ضرورة تحييد القضاء عن التجاذبات السياسية واستقلاليته عن السلطة التنفيذية.
في وقت سابق قرر قضاة تونس الدخول في اعتصام مفتوح بمقر جمعية القضاة بقصر العدالة بوسط تونس العاصمة، تصعيدًا لاحتجاجاتهم ضد مسار تركيز المجلس الأعلى للقضاء
ويتكون المجلس الأعلى للقضاء في تونس من 45 عضوًا موزعين على ثلاثة مجالس قضائية، وهي مجلس القضاء العدلي ومجلس القضاء الإداري ومجلس القضاء المالي، وقد تم تحديد تركيبتها وفق ما جاء في الفصول 10 و11 و12 من القانون الأساسي عدد 34 لسنة 2016 والمؤِرخ في 28 من أبريل 2016، ويتم انتخاب 33 عضوًا فيما يعين الـ12 عضوًا الآخرين بصفتهم.