ترجمة وتحرير: نون بوست
كتب هذا الموضوع كل من: روبرت فركايك، جوزي إنسور، وباتريك ساور، وهم محررين لدى صحيفة التلغراف
من المثير للاهتمام أن سفير بريطانيا في سوريا سابقا، الذي ظهر على قناة بي بي سي ليدافع عن نظام بشار الأسد، يدير منذ فترة مجموعة ضغط يشرف عليها والد زوجة الدكتاتور. في واقع الأمر، أثار بيتر فورد، البالغ من العمر 59 عاما، جدلا واسعا عندما صرح أن الرئيس بشار الأسد لن يقدم أبدا على تنفيذ هجوم بالغاز الكيميائي على أبناء جلدته. وفي الأثناء، كشفت صحيفة تلغراف أن فورد قد عين قبل أسابيع قليلة من الحادثة، أي يوم 4 نيسان/ أبريل، مديرا للجمعية السورية البريطانية التي تعد بدورها مثيرة للجدل.
في الحقيقة، أسس فواز أخرس، والد أسماء زوجة بشار الأسد هذه الجمعية. ويعمل أخرس طبيب قلب في لندن. وقد ارتبط اسمه بالنظام السوري خاصة وأنه من المقربين للأسد، فضلا عن أنه يعتبر المتحدث باسم النظام في الغرب. ووفقا للوثائق الصادرة عن وكالة “كومبانيز هاوس”، فقد تقلد فورد المتهم بالدفاع عن نظام بشار الأسد في الماضي، منصب مدير الجمعية السورية البريطانية، في 28 شباط/ فبراير من هذه السنة.
بيتر فورد: “الأسد قد يكون قاسيا، ومتوحشا ولكن من غير الممكن أن يقدم على عمل طائش، من شأنه أن يؤدي إلى تعمق الأزمة وتعقد الأمر أكثر بالنسبة له”
في أعقاب الهجوم الكيميائي الذي جد في محافظة إدلب، الذي أودى بحياة 70 شخصا، والذي دفع الولايات المتحدة الأمريكية لشن غارات جوية استهدفت قاعدة للنظام، ظهر فورد على البي بي سي، نافيا التهم التي نسبت للنظام السوري واضطلاعه في الهجوم البربري. وفي هذا الإطار، أقر السفير السابق في دمشق، في الفترة بين 2003 و2006، أنه من المستبعد أن قدم الرئيس السوري على استفزاز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في الوقت الذي اتخذت فيه واشنطن موقفا ليّنا مقارنة بسياسة باراك أوباما تجاه سوريا.
وفي هذا الصدد، أفاد بيتر فورد، أن “الأسد قد يكون قاسيا، ومتوحشا ولكن من غير الممكن أن يقدم على عمل طائش، من شأنه أن يؤدي إلى تعمق الأزمة وتعقد الأمر أكثر بالنسبة له. في الحقيقة، لم تحمل هذه العملية في طياتها أي تداعيات عسكرية إيجابية، كما أن الموقع الذي نفذ فيه الهجوم ليس له قيمة عسكرية إستراتيجية، أي أن الأسد لن يستفيد شيئا من استهدافه. كما أن الحادثة قد تغضب الروس. وبالتالي، من غير المعقول أن يورط الأسد نفسه في مثل هذه الوقائع”.
فواز أخرس، رئيس الجمعية السورية البريطانية، ووالد سيدة سوريا الأولى أسماء الأسد، في افتتاح مؤتمر الخدمات المصرفية في سوريا في دمشق سنة 2004.
في السنة الماضية، اتهم فورد، على وجه الخطأ قوات المعارضة باستهدافها قافلة مساعدات إنسانية تابعة للأمم المتحدة، في حين أثبتت التحقيقات أن العملية قد نفذتها إحدى القوتين: روسيا أو طيران النظام السوري. وفي الأثناء، لم تثبت الحسابات المالية للجمعية السورية البريطانية حقيقة تلقي فورد لراتب أو مكافأة مقابل عمله الجاد على رأس الجمعية.
في المقابل، تعالت الأصوات المنددة، في السنوات الأخيرة، بالدور الذي تضطلع به الجمعية في دعم بشار الأسد، مما دفع العديد من الشخصيات البريطانية المرموقة لتقديم استقالتها من مجلسها. وخلال السنة الماضية، وجهت أصابع الاتهام للجمعية على خلفية تنظيمها لحملة دعائية في دمشق، بدعم من كبار المسؤولين في النظام السوري.
في سنة 2012، قدم السير أندرو غرين، الذي شغل منصب سفير بريطانيا في سوريا في فترة ما، والذي يعتبر الرئيس المشارك في الجمعية، استقالته من مركزه على خلفية الرسالة الإلكترونية المسربة التي وجهها فواز أخرس إلى الأسد، والتي ضمنها نصائح حول كيفية دحض أدلة تعذيب المدنيين. وعقب استقالة أندرو غرين، انسحب العديد من المسؤولين في صلب الجمعية على غرار، براين كونستنت، أمين صندوق الجمعية، والسير غافين آرثر، عمدة سابق للندن.
فواز أخرس لجأ إلى قناة تخاطب إلكترونية خاصة للتواصل مع بشار الأسد وتوجيهه، خاصة فيما يتعلق بالسبل الملائمة للتعامل مع الانتقادات المتصاعدة في ظل تواصل الممارسات القمعية للنظام في وجه المعارضة
والجدير بالذكر أن الدكتور فواز أخرس قد لجأ إلى قناة تخاطب إلكترونية خاصة للتواصل مع بشار الأسد وتوجيهه، خاصة فيما يتعلق بالسبل الملائمة للتعامل مع الانتقادات المتصاعدة في ظل تواصل الممارسات القمعية للنظام في وجه المعارضة. وقد تضمنت رسائله تعليمات واضحة حول الطرق المناسبة لمواجهة مقاطع الفيديو التي تفضح قيامه بتعذيب الأطفال.
في ذلك الوقت، أورد السير أندرو، أن “ما يحدث محزن للغاية. لقد بذلت الجمعية الكثير من الجهد وحققت العديد من الإنجازات ولكن من الصعب الآن أن يتواصل ذلك. وعلى ضوء التسريبات الأخيرة، قرر الأعضاء الخمسة البريطانيون للمجلس الاستقالة”. وفي أيلول/ سبتمبر 2011، أقر بنك “أتش إس بي سي”، أنه لن يقوم بتمثيل الجمعية البريطانية السورية، بعد الآن.
وقد تعرض الدكتور فواز أخرس، الذي يعمل طبيب قلب بالتوازي بين بين لندن ودمشق، لحالة من الارتباك إثر تسريبات البريد الإلكتروني سنة 2012، التي أثبتت دوره في توجيه الرئيس الأسد بشأن كيفية التعامل مع الأزمة السورية. فضلا عن ذلك، كشفت التسريبات أنه، وفي الوقت الذي كان فيه شبح العنف يخيم على الدولة السورية، كانت أسماء الأسد تتسوق عبر الانترنت بحثا عن سلع فاخرة، بما في ذلك الأعمال الفنية والمفروشات والمجوهرات.
الرئيس السوري بشار الأسد وزوجته أسماء الأسد أمام “لو بيتي باليه” بباريس، بعد حضورهما مؤتمر تأسيس الاتحاد من أجل المتوسط سنة 2008
في الأسبوع الماضي، ألقى الرئيس السوري بشار الأسد أول خطاب علني له يتمحور حول الهجوم الكيميائي، حاول من خلاله إثبات براءته، على الرغم من تواتر الأدلة التي تثبت تورط القوات الحكومية. وفي الأثناء، نشر موقع الجمعية السورية البريطانية بيانا ورد فيه: “الجمعية السورية البريطانية حزينة للغاية من مشاهد العنف فضلا عن الخسائر البشرية التي خلفها الهجوم، عقولنا مع أصدقائنا في سوريا. نأمل من صميم قلوبنا أن تنتهي الاضطرابات التي عصفت بالبلاد منذ آذار/ مارس سنة2011، سنواصل بذل كل ما بوسعنا لتقوية العلاقات بين الشعب البريطاني والشعب السوري في هذا الوقت العصيب، والعودة إلى خلق بيئة بناءة بين مختلف الأطراف الفاعلة”.
صرح المتحدث باسم البث التلفزيوني في القناة: “أثناء ظهور بيتر فورد في مختلف وسائل الإعلام التابعة لبي بي سي، هذه السنة، تم إبراز وجهة نظره من القضية السورية في كل مرة تم تقديمه في إحدى البرامج، حتى يتسنى للمشاهدين فهم رؤاه السياسية
من جانبها، حاولت قناة “بي بي سي” يوم أمس، تبرير لجوئها لفورد حتى يعلق على الأحداث في سوريا. وفي هذا السياق، صرح المتحدث باسم البث التلفزيوني في القناة: “أثناء ظهور بيتر فورد في مختلف وسائل الإعلام التابعة لبي بي سي، هذه السنة، تم إبراز وجهة نظره من القضية السورية في كل مرة تم تقديمه في إحدى البرامج، حتى يتسنى للمشاهدين فهم رؤاه السياسية. فعلى سبيل المثال، تم وصفه في العديد من المناسبات على أنه “من أشد المنتقدين لسياسة الغرب أو أنه “جزء من مجموعة تعتقد أن بشار الأسد هو الحل في سوريا”.
في المقابل لم نتمكن من الاتصال بالسيد فورد، حتى يدلي بإفادته في هذا الشأن.
المصدر: تليغراف