استدعت كل من الجزائر والمغرب سفيري البلدين على إثر أزمة المهاجرين السوريين العالقين على الحدود بين البلدين، بعد اتهامات من قبل حكومتي البلدين عن مسؤولية أولئك المهاجرين، بدفعهم إلى البلد الآخر.
المغرب يستدعي السفير الجزائري والجزائر ترد
وعلى إثر ذلك، استدعت وزارة الخارجية المغربية السفير الجزائري لديها للاحتجاج على ترحيل السلطات الجزائرية الـ55 مهاجرًا سوريًا نحو أراضيها، وعبّرت السلطات المغربية عن استغرابها لعدم مراعاة الجزائر أوضاع المهاجرين ودفعهم قسرًا نحو المغرب، مضيفة في بيان لها أن هذه “التصرفات منافية لقواعد حسن الجوار التي ما فتئت تدعو إليها المملكة”.
إلى ذلك، تثبت صور الناشطين لهؤلاء المهاجرين أن من بينهم نساء وأطفال وهم بحالة صعبة في ظل غياب أي مقومات الحياة، حيث أكدت الوزارة ضلوع السلطات الجزائرية في نقلهم إلى الحدود المغربية لأن التضاريس والظروف المناخية الصعبة لم تكن لتسمح لهم الوصول دون تلقيهم المساعدة والدعم من السلطات الجزائرية.
وقالت الخارجية المغربية في بيانها “إنه من غير الأخلاقي استغلال المعاناة النفسية والجسدية لهؤلاء الأشخاص، من أجل زرع الاضطراب على مستوى الحدود”، وتابع البيان الرسمي بأن “مثل هذه الممارسات لا تهدف سوى إلى لفت الانتباه والتسبب في موجة هجرة مكثفة وخارج السيطرة نحو المغرب”.
الجزائر لم تظل صامتة على “اتهامات المغرب” طويلًا، بل ردت وبلهجة حادة، واستدعت هي الأخرى سفير الرباط لديها، حسن عبد الخالق لإبلاغه برفضها الاتهامات المغربية بشأن المهاجرين السوريين في إشارة إلى بوادر أزمة دبلوماسية جديدة بين البلدين.
أكدت الوزارة ضلوع السلطات الجزائرية في نقلهم إلى الحدود المغربية لأن التضاريس والظروف المناخية الصعبة لم تكن لتسمح لهم الوصول دون تلقيهم المساعدة والدعم من السلطات الجزائرية
نفت الجزائر أن تكون قد قامت بطرد أو تسهيل تسلل لاجئين سوريين إلى المغرب عبر الحدود مع البلدين، وقالت الخارجية الجزائرية، في بيان لها إنها لاحظت في 19 من أبريل/ نيسان محاولة طرد 13 شخصًا نحو التراب الجزائري، ومن بينهم نساء وأطفال، وخلال نفس اليوم تم نقل 39 شخصًا آخر، منهم نساء وأطفال، لإدخالهم بطريقة غير شرعية إلى الجزائر.
وتعد هذه المرة الثانية التي تحدث فيها أزمة دبلوماسية بين البلدين في قضية اللاجئين السوريين، إذ سبق أن استدعت الخارجية الجزائرية في نوفمبر/ تشرين الأول 2014 سفير الرباط لديها لإبلاغه رفضها ما وصفته مزاعمًا بطرد لاجئين سوريين نحو التراب المغربي ووصفتها الجزائر بالمزاعم المفبركة ومحاولة ابتزاز سياسي.
نفت الجزائر أن تكون قد قامت بطرد أو تسهيل تسلل لاجئين سوريين إلى المغرب عبر الحدود مع البلدين
الجدير بالذكر أن الأزمة بين البلدين قديمة، إذ يفرض كل بلد على الآخر تأشيرة دخول، وكثيرًا ما يتبادل مسؤولو البلدين الاتهامات والتراشق الإعلامي فيما يتعلق بتندوف وبشار التابعتين للجزائر والتي يعتبرهما المغرب جزءًا من ترابها، بالإضافة إلى قضية الصحراء الغربية “البوليساريو” والتي تدعم الجزائر استقلالها وثورة شعبها ضد النظام الملكي في المغرب وهي أبرز النقاط الخلافية بين البلدين، فكلاهما له وجهة نظر مختلفة حيال البوليساريو.
المغرب العربي الأسوأ في استقبال لاجئي سوريا
اختلف البلدان على استقبال 55 لاجئًا سوريًا، علمًا أن منظمات حقوقية ومختصة بحقوق الإنسان أوردت في تقريرها العام الماضي أن كلاً من المغرب والجزائر من أسوأ البلدان في استقبال اللاجئين.
فبحسب تقارير لـ شبكة حقوق الإنسان فإن دول المغرب العربي الخمسة (المغرب، الجزائر، موريتانيا، تونس، ليبيا) تستضيف أعدادًا محدودة جدًا تقدر ببضعة آلاف وأنها الأسوأ في استقبالهم على عكس سياسة الباب المفتوح المنتهجة في تركيا والأردن ولبنان، وأشارت الشبكة أن الدول الخمسة تفرض إجراءات تعجيزية لعرقلة دخول اللاجئين السوريين إلى أراضيها حتى الذين يتمتعون بكفاءات عالية منهم.
دول المغرب العربي الخمس (المغرب، الجزائر، موريتانيا، تونس، ليبيا) تستضيف أعدادًا محدودة جدًا تقدر ببضعة آلاف
تشير الإحصاءات الرسمية أن الجزائر استقبلت نحو 24 ألف لاجئ سوري، بينما كشف ناشطون هناك أن العدد لا يتعدى الـ12 ألفًا وأغلبهم غادر إلى أوروبا بسبب الظروف المعيشية في الجزائر، فحسب ما يروي أحد اللاجئين هناك أن السوريون في الجزائر ممنوعون من شهادة الإقامة وممارسة التجارة أو شراء سيارة إلا من خلال مواطن جزائري، وأقامت الدولة للاجئين مخيمًا في “سيدي فرج” الساحلية يتوفر فيه كل الضروريات من مأكل ومشرب وملبس.
إلى ذلك ذكرت الخارجية الجزائرية أن بلادها “لم تتخلف يومًا عن واجبها في التضامن الأخوي إزاء الرعايا السوريين الذين استفاد ما لا يقل عن أربعين ألفًا منهم من ترتيبات توفر لهم تسهيلات في مجال الإقامة والاستفادة من العلاج الطبي والسكن، وكذا ممارسة نشاطات تجارية”. أما فيما يخص المغرب فقد سجّلت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين إلى حدود شهر مايو/ أيار 2016 نحو 6471 لاجئًا سوريًا، بيد أن هذا الرقم لا يجسد الواقع، لأن فئات كبيرة منهم غير مسجلين ويعيشون بشكل غير قانوني.
يُذكر أن اللاجئين السوريين فاق عددهم اللاجئين الفلسطينيين الذين هجرهم الاحتلال الإسرائيلي، وبحلول العام الحالي تم تسجيل أكثر من 6 مليون لاجئ سوري في دول الجوار خصوصًا في الأردن ولبنان وتركيا والعراق، وعبر مئات آلاف اللاجئين السوريين إلى الضفة الأخرى من المتوسط إلى أوروبا التي استقبلت نحو مليون وحظيت ألمانيا بالحصة الأكبر منهم.