من أحد مطارات فرنسا، كتب المدون التونسي ياسين العياري وهو يستعد للعودة إلى تونس: “أنا مستعد لتحمل تبعات أفعالي كاملة بما يمليه القانون”، مضيفا: “لا أحمل أمتعة، لا أحمل مخدرات، لا أحمل عملة أجنبية.. من هو قادر على وضع اسمك في قائمة الممنوع من السفر دون إذن قضائي فهو قادر على كل شيء”.
ويتوقع ياسين، وهو من أبرز المدونين الذي خاضوا “حرب الفايسبوك” في وجه نظام الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي، أن يتم إيقافه فور وصوله إلى مطار تونس وتنفيذ الحكم القضائي الصادر في حقه غيابيا والقاضي بسجنه لمدة ستة أشهر على خلفية الشكاية التي تقدم بها الأمين العام السابق للحزب الاجتماعي التحرري المنذر ثابت من أجل الثلب والتحريض على قتله.
وكانت وجهة النظر التي تقدم بها ياسين العياري والتي أدت إلى إصدار هذا الحكم بحقه تتمثل في قوله بأن السكوت على المنتمين للنظام السابق وعدم القصاص منهم سيجعلهم يعودون من جديد كما فعلوا في مصر، وذكر ياسين آن ذاك عددا من الأسماء من بينها اسم المنذر ثابت.
ومن وجهة نظر ياسين فإن الحكم الصادر في حقه سياسي بالأساس، وباطل من عدة نواحي (حسب رأي ياسين) :
– كون إجراء منعه من السفر قبل أسابيع تم دون علم وكيل الجمهورية(النيابة العامة) ودون إذن قضائي.
– بعض الأدلة المقدمة لم تسجل في ملف القضية
– قيام فرقة مكافحة الإجرام بتتبع القضية دون إذن من وكيل الجمهورية
– اعتماد الفصل 50 من المرسوم 105 في القانون التونسي لملاحقة ياسين، في حين أن القانون خاص بالصحفيين المحترفين وهو ما لا ينطبق على ياسين
– التهمة الموجهة إلى ياسين إن صحت فهي مرتكبة في مكان إقامته في فرنسا وليس في تونس، وبالتالي فإن البحث فيها من إختصاص المحاكم الفرنسية
– حكم بستة أشهر مع النفاذ تحت تهمة التحريض على القتل، في حين أن كلامه يمكن فهمه في أقصى الإجتهادات على أنه عنف وليس قتلا
– حتى في حالة ثبات أن كلامه يمثل تحريضا على العنف، فإن العنف لم يقع
وبرز اسم ياسين العياري في السنوات القليلة التي سبقت الثورة التونسية وكذلك في السنوات التي تلتها في عدة مواقف، أهمها:
– حملة “سيب صالح” والتي أطلقها ياسين رفقة عدد من الشباب التونسي أيام زين العابدين بن علي، والتي تهدف إلى رفع الحجب عن مواقع الانترنت والذي بلغ مواقع عديدة مثل يوتيوب وأحيانا فايسبوك.
– “الرجل الذي قال لا”، وهي الإشاعة التي يقول البعض بأنها قسمت ظهر النظام، إذ سرب ياسين العياري في أيام الثورة إشاعة تقول بأن قائدة الجيش التونسي آن ذاك الجنرال رشيد عمار رفض تعليمات من بن علي بالتعامل مع المتظاهرين بالقوة ورفض مساعدة قوات الداخلية للتصدي للثورة الشعبية التي خرجت آن ذاك.
– استشهاد العقيد الطاهر العياري، والد ياسين العياري، في شهر ماي 2011، فيما يعرف بأحداث الرّوحية والتي وقعت خلالها مواجهات مع مجموعة إرهابية، وهو أوّل ضابط سامي يستشهد في تاريخ الجيش الوطني والقوات المسّلحة التونسية وأعلى رتبة عسكرية تسقط في جبهة قتال مباشرة في تاريخ الجمهورية التونسية.
– الجنرال رشيد عمار، وقبل استقالته المفاجئة من قيادة الجيش التونسي، شن المدون التونسي حملة شرسة على الجنرال عمار، ونفى عنه صفة الانحياز للثورة واتهمه بقضايا فساد كثيرة وقال بأنه يتآمر مع آخرين للانقلاب على الحكم في تونس، وانتهت هذه الحملة مع استقالة رشيد عمار المفاجئة في شهر يونيو 2013.
– رجل الأعمال كمال اللطيف، اسم قل ما يغيب عن تدوينات ياسين العياري، إذ يرى ياسين أن كمال اللطيف المعروف بأنه صانع زين العابدين بن علي يقود قوى “الثورة المضادة”، ويقول ياسين أن اللطيف يدير شبكات نافذة داخل وزارة الداخلية وداخل منظومة القضاء وكذلك في كل مفاصل الدولة.
وفي تدوينته الأخيرة قبل السفر إلى تونس، لمح ياسين العياري إلى شركائه في النضال ضد بن علي، دون ذكر أسمائهم، ومن أبرزهم لينا بن مهني وسليم عمامو، متهما إياهم بخذلان مبادئهم في أول محاكمة سياسية تشهدها تونس: “لو فتحتم أفواهكم في أول حكم سياسي في تونس، لأحرجتموني و لأستحقيتم الإحترام، فشكرا. . ما أجمل الفرز..”.