هل تحب تناول الطعام وتجربة الأصناف المختلفة؟. هل تحلم بتناول البيتزا في إيطاليا، وسمك السلمون المشوي في فرنسا، وبلح البحر بالكريمة مع البطاطس المقلية في بلجيكا؟ هل تود زيارة الهند لتناول دجاج الجرام ماسالا على الطريقة الأصلية، أو السفر إلى ماليزيا من أجل تجربة الموتيارا الأصلية؟. هل لديك شغف بتجربة كل ما هو غريب وجديد في عالم الطعام؟!. هل تناولت “السوشي” من قبل، بالرغم من كل الأفكار المغلوطة التي تقول أنه سمك نيء؟ هل يُمكنك التفكير في تناول جراد مقلي أو كلاب مشوية، أو ضفادع مقلية؟!.
بيتزا إيطالية تقليدية
تناول الطعام، والتلذذ بتجريب العديد من الأصناف المختلفة، واحدة من أكثر المتع الحياتية المتاحة لفئة ليست كبيرة من البشر، فئة تملك الجرأة لتجريب أصناف غريبة -تبدو في بعض الأحيان مقززة- دون التقيد بأي أحكام مسبقة تتعلق بالموروثات الثقافية، والأعراف المجتمعية.
فالطعام بأصنافه المختلفة وطرق طهيه المتنوعة، يُعد سمتا يميز شعوب العالم. حيث تُعتبر الأطباق التقليدية التي يشتهر بها شعب ما، أحد ملامح التراث الأصيلة، والتي تنبع من العادات والتقاليد والثقافة الشعبية، ويحرص الأباء على توريثها إلى الأبناء، خوفا من ضياعها وسرقتها؛ كما فعلت دولة الاحتلال الصهيوني في السنين الأخيرة، حين لم تكتفِ بسرقة الأرض، وبدأت في تسجيل الأكلات الشعبية الفلسطينية الأصيلة، كالفلافل وسلطة الحمص والسلطة الخضراء، باسمها في المحافل الدولية، وصارت كلمة “اسرائيلي” تضاف في نهاية وصف هذه الأطباق العربية الأصيلة.
فلافل فلسطينية
في هذا التقرير، سنتجول في بعض بلدان العالم، لنستعرض معكم بعض أغرب الأكلات والأصناف، التي قد نراها -طبقا لموروثاتنا الدينية والثقافية- غريبة ومقززة وربما مثيرة للغثيان، في حين يراها البعض الأخر، واحدة من أكثر الأطباق شهية، وتستحق كل قرش يُدفع في مقابلها.
الهاجيس، أو النقانق الاسكتلندية
الهاجيس أو النقانق الاسكتلندية التقليدية
هل تعرف كيف تُصنع النقانق أو ما يُعرف في بعض البلاد بالسجق؟. إن كنت تعلم الوصفة، فأعتقد أنك لن تعارض تناول الهاجيس أو النقانق الاسكتلندية التقليدية إذا زرت اسكتلندا يوما ما. فالسجق الشائع حول العالم، عبارة عن الأمعاء الدقيقة للأغنام محشوة بخلطة -تختلف من بلدٍ لآخر- من اللحم المفروم والتوابل والثوم. أما الهاجيس الاسكتلندي أو الـ Haggis، فيُصنّع من معدة الخراف الصغيرة، ويتم حشوه بخلطة مفرومة من كبد ورئتي وقلب الخروف، بالإضافة إلى بصل مفروم وتوابل وشوفان وبعض الدهون، ثم يتم غليه في الماء الساخن لساعة على الأقل، ويقدم مع صلصلة النعناع واللفت والبطاطس المهروسة والمخبوزات الاسكتلندية.
هاجيس معروض للبيع في أحد الأسواق التجارية
ويتواجد الهاجيس دائما على طاولات الطعام الاسكتلندية في الاحتفالات الوطنية والأعياد، والمناسبات السعيدة، كما يباع نصف مطهي في الأسواق التجارية.
كما يوجد أيضا في المطاعم والأسواق التجاربة، هاجيس نباتي، محشو بالبقول والفاصوليا والشوفان والبصل.
لوتفيسك، أو أسماك المحلول القلوي
اللوتسفيك أو الأسماك المنقوعة في محلول قلوي
هل يمكنك تناول سمك منقوع في الصودا الكاوية؟!. إذا كنت لا تمانع، فعليك بتجربة هذا الطبق الاسكندنافي التقليدي والمنتشر في العديد من الدول الأوروبية وأميركا.
واللوتفيسك، عبارة عن سمك أبيض اللحم مجفف بالهواء بالبارد، وغالبا ما يكون سمك القد أو الـ cod، يتم نقعه لأيام في الماء البارد، مع تغيير الماء يوميا. ثم يُنقع يومان إضافيان في ماء بارد ومحلول الصودا الكاوية أو أي محلول قلوي آخر، دون تغيير هذا المخلوط السائل، حيث تتشبع الأسماك بهذا المخلوط، وينخفض فيها مستوى البروتين، وتصبح هلامية القوام.
ثم يتم إعادة نقعها مرة أخرى لعدة أيام في ماء بارد متغيّر، لخفض نسبة القلوية في السمك، حيث يصل تركيز أيون الأيدروجين أو الـ pH إلى 11 -12 في السمك، ومن ثم تُصبح جاهزة للطهي.
شريحة لوتسفيك جاهزة للأكل، ومقدمة مع بطاطس مسلوقة وبسلة مهروسة بالزبدة
يُطهى اللوتفيسك بعدة طرق، لكن لا يضاف في أيٍ من هذه الطرق؛ أي سوائل أو ماء، ويُقدم مع الزبدة السائلة والبسلة أو البطاطس المهروسة.
حساء السحالي المجففة
سحالي مجففة معروضة للبيع في أحد الأسواق الأسيوية
إذا ما تجولت في أسواق هونج كونج والصين، ستجد كميات كبيرة من السحالي المجففة المعروضة للبيع. حيث يتم اصطياد هذه السحالي، وتجفيفها، وبيعها في أزواج “ذكر وأنثى” من أجل صنع حساء لذيذ منها. حيث يُعد حساء السحالي المجففة واحدًا من أكثر الأطباق الشائعة في الثقافة الأسيوية، ويحل محل حساء الدجاج الشائع في العديد من البلدان.
ويتم تجفيف السحالي قبل بيعها لإعداد هذا الحساء الذي يّدعي سُكّان قارة آسيا أنه يحتوي على العديد من العناصر الغذائية اليومية المهمة التي يحتاجها الجسم، وينصحون به لما له من فوائد طبية جمّة، على حد اعتقادهم، حيث أن التجفيف يُساعد على حفظ السحالي لفترة طويلة بغرض طهيها في أي وقت، كما يُحافظ على قيمتها الغذائية.
يتم سلق السحالي المجففة في الماء مع اليام “أحد أنواع الدرنات التي تُشبه إلى حد كبير البطاطا أو ما يُعرف بالبطاطس الحلوة، والتمور الصينية، والبصل، والملح والفلفل.
ويُقدم الحساء بعد انتشال السحالي منه بعد انتهاء عملية الطهي، لمرضى نزلات البرد، والسعال، ولمن يعانون من نزلات معوية فيروسية، حيث يعمل على تسكين الآلام، وتخفيف الحُمّى، وتنظيف الجهاز الهضمي. كما يُعتقد أيضا أن حساء السحالي يرفع القدرة الجنسية، ويمد الجسم بطاقة هائلة، ويرفع قدرة الإنسان على القيام بالأعمال الشاقة.
سحالي مقلية ومعدة للأكل بعد صنع الحساء منها
أما السحالي التي تم استخدامها من أجل صنع هذا الحساء المفيد، فيتم نزع الجلد والعظام منها، وتقديمها للأكل، حيث يُقال أن طعمها يُشبه إلى حد كبير طعم الأسماك.
الإسكامول أو كافيار النمل الأسود
الإسكامول أو بيض النمل الأسود
هل تناولت الكافيار من قبل؟ أو تُحب تناول “بطارخ” الأسماك؟ إن كانت الإجابة بنعم، فربما لن تُمانع في تناول هذا الطبق.
الإسكامول/ Escamoles طبق شهير في المكسيك، والمعنى الحرفي لاسمه هو “الكافيار المكسيكي”، ويُعد من بيض أو يرقات النمل الأسود الضخم السام Liometopum، الذي لا يتورع عن اللدغ والقرص، في حال هاجمت المستعمرة أثناء وجوده. ويُعتبر هذا الطبق من الأطباق الشائعة في المكسيك، بالرغم من غلو ثمنه لعدم توافره إلا في الفترة من فبراير وحتى مايو من كل عام، ويعد طبقا من أطباق عيد الفصح/القيامة.
إسكامول معروض للبيع في أحد أسواق المكسيك
أول من قام بصنع هذا الطبق، كان السكان الأصليين للمكسيك قبل وقت طويل من الغزو الاستعماري للمنطقة، ثم انتقلت هذه الوصفة للأجيال التالية، ولا زالت تتربع على عرش الأطباق المكسيكية التقليدية.
ويتم حصاد هذه اليرقات عن طريق الحفر تحت جذور الصبار الضخمة الموجودة في المناطق الجافة في المكسيك وأمريكا الجنوبية، عن طريق كشط التربة بلطف، حتى ظهور مستعمرة النمل، والتي تكون مليئة بمحصول وفير من هذه اليرقات/البيض.
خبز التاكو المكسيكي محشو بالإسكامول والمايونيز وأوراق البصل الأخضر
هذا الطبق يحتوي على نسبة عالية من البروتين والأحماض الأمينية الهامة، وحجم البيضة يصل إلى حجم حبة الفاصوليا، وطعمها “زبدي” يُشبه طعم الجبن الدسم إلى حد كبير، أو الذرة المقلية، ويُقدم مقلي كنوع من أنواع المقبلات، أو مطهي في حشوات “التاكو” أو يُخلط مع البيض والخضار في وصفات العجّة.
الخاش أو الپـاچـه
الخاش أو الپـاچـه، المُعد من حوافر/أقدام الماشية
تعني كلمة ” پـاچـه” في اللغة الفارسية، “رأس وحافر”. حيث يُعد هذا الطبق من رؤوس وحوافر الماشية. وهذا الطبق وإن اختلفت أسماؤه، واحدا من الأطباق التقليدية المنتشرة في ألبانيا، أرمينيا، أذربيجان، البوسنة والهرسك، بلغاريا، جورجيا، إيران، العراق، ومنغوليا، وتركيا، مصر. حيث يُعرف باسم: بيس paçe ، خاش khash ، خص Խաշ ، وكيلي باكا kakaj šürpi، كما يُطهى بطريقة مختلفة قليلا في مصر ويقدم مع الأرز الأبيض والخبز المحمص ويُطلق عليه “فتة كوارع”.
طبق خاش مُعد على الطريقة الأرمينية
وترجع أصول هذا الطبق إلى أرمينيا في القرون الوسطى، ويتم طهو هذا الطبق بعد تنظيف رأس الحيوان وحوافره “الكوارع والمقادم” جيدا، ونقعها في الماء البارد، للتخلص من الروائح، وغليها طوال الليل دون إضافة الملح أو أي بهارات ومُنكهات أخرى، حتى نحصل على حساء سميك، تنفصل فيه اللحوم عن العظم، ثم يُقدم ساخنا بعد إضافة الملح، وأحيانا الثوم والخل والليمون والبهارات المفضلة. ويُقدم الخاش أو الپـاچـه مع الخضروات المطبوخة، والأجبان، ويكثر تواجد هذا الطبق في الحفلات والأعياد في أرمينيا وأذربيجان وبلغاريا، ، ويقدم في صبيحة الأعياد للتخلص من آثار الإفراط في تناول الكحول في دول شرق أوروبا.
فتة كوارع على الطريقة المصرية
كما يقدم مع صلصلة الثوم والخل والخبز المحمص في إيران والبلاد العربية وتركيا.
للخاش أو حساء الكوارع فوائد كثيرة، فهذا الطبق غني بالأحماض الأمينية الأساسية، كما يمنح شعورًا بالدفء والطاقة، ويعزز من القدرة الجنسية.
شيراكو، أو الأطفال البيضاء
طبق الشيراكو الياباني
تعني كلمة شيراكو باللغة اليابانية الأطفال البيضاء. ويتكون هذا الطبق من كيس الحيوانات المنوية لذكور أسماك القد أو الـ cod، أو سمك الفوجو، ويقول عنه اليابانيون أنه المرادف الذكوري للكافيار “بيض الأسماك الإناث”.
يحتوي هذا الطبق على نسبة عالية من البروتين، خالي تماما من الكوليسترول، والأحماض الدهنية المشبعة، وطعمه كريمي ومذاقه اسفنجي.
شيراكو مستخرج من السمك ومعد للبيع
ويتم استخراج كيس الحيوانات المنوية من أسماك القد أو الفوجو في شهر ديسمبر، حيث موسم تزواج الأسماك، ويُطهى بعدة طرق، أشهرها سلقه في الماء المغلي ثم رفعه من وعاء الطهي وإضافة الصلصات اليابانية التقليدية من البصل الأخضر المفروم وصوص الصويا والفجل المبشور، أو يقلى ويقدم مع الزبدة والخضروات والمكرونة المسلوقة، أو يتم نقعه في سائل الفلفل الحار ويقدم مع الأرز الأبيض.
أرجل الدجـاج
أقدام دجاجة مسلوقة ومعدة للأكل
إحدى الوجبات الخفيفة المنتشرة في الصين، كمبوديا، أندونيسيا، كوريا، وتايلاند، ماليزيا أوكرانيا، روسيا، رومانيا، بيرو، والفلبين وفيتنام ،وتُعامل معاملة رقائق البطاطس “الشيبسي” في أمريكا. ويكثر تناولها كوجبات خفيفة “سناكس” بين الوجبات الرئيسية، وتباع في الشوارع مقلية أو مشوية بتتبيلة خاصة، أو مسلوقة في حساء، حيث يُعتقد في أنها تُسبب نضارة البشرة، وتُضفي رونق الشباب على النساء، بسبب احتواء أرجل الدجاج على نسبة عالية من الكولاجين.
أرجل دجاج مطبوخة
تُطهى الأرجل، بعد إزالة الأظافر، والطبقة الخارجية الرقيقة من الجلد، ومعظم الأنسجة الصالحة للأكل على القدمين هلامية، مكونة من الجلد والأوتار، مما يعطي القدمين نسيجا متميزا مختلفا عن بقية أجزاء الدجاج، وطعما مرغوب فيه.
أرجل دجاج معدة للبيع في أحد الأسواق التجارية
وفي الصين والأسواق الأسيوية، تباع أرجل الدجاج معبأة في محلات البقالة والأسواق التجارية، لتُطهى في المنازل، بعدة طرق تقليدية مختلفة، منها المقلي، والمنقوع في خل الأرز، والمسوى على البخار ومضاف إليه ثوم وصوص الصويا، والمشوي على الفحم.