مراسلون بلا حدود: تونس تواصل التصدّر عربيًا والنرويج الأولى في حرية الصحافة

capture-decran-2017-04-24-a-10

كشف التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي أصدرته منظمة “مراسلون بلا حدود” لسنة 2017، اليوم الاربعاء، تصدر تونس المرتبة الأولى عربيًا في مجال حرية الصحافة، فيما قفزت النرويج للمرتبة الأولى عالميًا في مكان فنلندا التي تراجعت للمرتبة الثالثة، وذلك بسبب كثرة الضغوط وتضارب المصالح.

تونس تواصل الصدارة

للمرّة الثانية على التوالي تواصل تونس تصدر قائمة الدول العربية في التصنيف العالمي لحرية الصحافة، حسب منظمة مراسلون بلا حدود، رغم تراجعها بمرتبة عن السنة الماضية، حيث تعتبر تونس الدولة العربية الوحيدة التي نجحت حتى الآن في انتقالها الديمقراطي بعد الثورة.

يُنشر التصنيف العالمي لحرية الصحافة سنوياً منذ عام 2002 بمبادرة من منظمة مراسلون بلا حدود

إلاّ أن هذا التصنيف الذي وضع تونس في المرتبة الأولى عربيا، راجع إلى عدم اعتماد منظمة مراسلون بلا حدود دولتي موريتانيا وجزر القمر اللتين تقدمتا على تونس في التصنيف دولًا عربية لأسباب غير معروفة (55 و56 على التوالي). واحتلت تونس المرتبة 164 في سنة 2010 قبل سقوط نظام بن علي والمرتبة 133 في 2012 و126 في 2015، والمرتبة 96 في 2016، وأخيرًا المرتبة الـ 97 من جملة 180 بلدًا في هذا التصنيف الجديد.

يُنشر التصنيف العالمي لحرية الصحافة سنوياً منذ عام 2002 بمبادرة من منظمة مراسلون بلا حدود، حيث يعمل على قياس حالة حرية الصحافة في 180 بلداً، انطلاقاً من تقييم مدى التعددية واستقلالية وسائل الإعلام واحترام سلامة الصحفيين وحريتهم، علماً أن جدول ترتيب 2017 يأخذ بعين الاعتبار الانتهاكات المرتكبة بين 1 يناير و31 ديسمبر من عام 2016.

تونس الدولة الوحيدة التي نجحت في الانتقال الديمقراطي

ويتم احتساب المؤشرات العامة والإقليمية بناء على النتائج المسجلة في مختلف البلدان،علماً أن هذه النتائج تقوم على أساس استبيان معياري بعشرين لغة مختلفة، حيث يشارك خبراء من جميع أنحاء العالم في التحليل النوعي، إذ كلما ارتفع المؤشر، كلما كان الوضع أسوأ. وبفضل انتشاره الواسع، أصبح التصنيف العالمي لحرية الصحافة يمثل أداة أساسية في عملية الدفاع والتأثير على نحو متزايد.

منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط، المنطقة الأصعب والأخطر

في تقريرها، الصادر اليوم، أكّدت منظمة مراسلون بلا حدود، أن منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط، تمثّل أصعب وأخطر منطقة لكل من يرغب في ممارسة العمل الصحفي، إذ توجد 8 دول تنتمي لهذه المنطقة في القائمة السوداء للتصنيف.

وتراجعت مصر (161، -2) الذي ضرب بها النظام هناك بقوانين الحريات عرض الحائط، وغير آبه بالانتقادات الدولية بتاتاً لتدني مستوى الحريات، حيث يضيق الخناق على فضاء الحريات العام ويحاول بكل وقاحة الإجهاز على التعددية الإعلامية، موجهاً سياطه على نقابة الصحفيين، بينما يدفع الفاعلين الإعلاميين باستمرار نحو هاوية الرقابة الذاتية. كما تراجعت البحرين (164، -2)، حيث تدفع الأصوات المعارضة أو الحرة ثمناً باهظاً لانتقاد السلطة عبر تويتر أو من خلال مقابلات صحفية، إلى قاع الترتيب مقارنة بالسنة الماضية، علماً أن “القائمة السوداء” أضحت تشمل ما لا يقل عن 21 دولة يُعتبر فيها وضع الصحافة “خطيراً للغاية”، وتشترك كل من مصر والبحرين في الزج بالصحفيين في السجن عقب اعتقالات جماعية – أكثر 24 صحفي معتقل في مصر، و14 في البحرين – مع إبقائهم خلف القضبان لمدة طويلة إلى حد كبير، وفقًا للتقرير.

منظمة مراسلون بلا حدود، كشفت في تقريرها، استمرار معاناة الإعلاميين في منطقة المغرب العربي أمام العديد من الخطوط الحمراء المفروضة

ولا يزال المصور الصحفي المصري محمود أبو زيد، المعروف باسمه المستعار شوكان، حسب المنظمة، قيد الاعتقال التعسفي منذ ثلاث سنوات، لا لشيء سوى أنه غطى التدخل الأمني الدموي لتفرقة اعتصام نظمته جماعة الإخوان المسلمين، التي تعتبرها السلطات المحلية منظمة إرهابية. وتحتل سوريا التي أصبحت أكثر دول عالم فتكاً بحياة الصحفيين، المرتبة 177، فيما تحتل السودان المرتبة 174، وجيبوتي في المرتبة 172، بينما احتلت المملكة العربية السعودية المرتبة 168 واليمن المرتبة 166.

تواصل الانتهاكات ضد الصحفيين في مصر

منظمة مراسلون بلا حدود، كشفت في تقريرها، استمرار معاناة الإعلاميين في منطقة المغرب العربي أمام العديد من الخطوط الحمراء المفروضة من دول لا تبدو مستعدة لفسح المجال أمام الصحافة المستقلة للقيام بدورها المتمثل في مراقبة الأنظمة الحاكمة في شمال أفريقيا. وجاء في التقرير الذي نشر اليوم، “بعد مضي ست سنوات على موجة “الربيع العربي”، تُظهر نسخة 2017 من التصنيف العالمي لحرية الصحافة استمرار العداء الذي يكنه قادة دول المغرب العربي لوسائل الإعلام، ولا سيما عندما يتطرق الصحفيون لقضايا تهم الرأي العام من قبيل الفساد والتهرب من دفع الضرائب أو جماعات الضغط.

وفي هذا الصدد، قالت ياسمين كاشا، مسؤولة مكتب شمال أفريقيا في منظمة مراسلون بلا حدود، “من المؤسف أن يفضل السياسيون في بلدان شمال أفريقيا التسامح مع الصحفيين الذين يعلقون على الخبر ويعتمدون على الاتصال المؤسساتي على حساب أولئك الذين يرفضون لعبة التوافقات” مضيفة أن “مواصلة الكفاح للحصول على معلومات مستقلة وتعددية وحرة أصبحت اليوم ضرورية في المنطقة أكثر من أي وقت مضى“.

النرويج في الصدارة

تظلّ أوروبا المنطقة الجغرافية الأفضل تصنيفاً على مستوى المؤشر العام، رغم كونها القارة التي شهدت أكبر تدهور في غضون خمس سنوات، حيث بلغ معدل تراجعها ما لا يقل عن 17.5٪، علماً أن مؤشر منطقة آسيا-المحيط الهادئ مثلاً شهد تغييراً بنسبة 0.9٪ خلال الفترة ذاتها.

أظهر تصنيف مراسلون بلا حدود، ارتفاع في عدد البلدان حيث تُعتبر حالة حرية الصحافة خطيرة للغاية

واحتلت النرويج المرتبة الأولى في صدارة التصنيف العالمي، متبوعة بالسويد في المرتبة الثانية وفنلندا (فقدت الصدارة لأول مرة منذ ست سنوات) في المرتبة الثالثة، وفي المقابل، يتذيل جدول الترتيب الثلاثي الجهنمي المتكون من تركمانستان (178) وإريتريا (179) وكوريا الشمالية (180)، وأظهر تصنيف مراسلون بلا حدود، ارتفاع في عدد البلدان حيث تُعتبر حالة حرية الصحافة خطيرة للغاية، كما يتضح مدى المساوئ والويلات التي تؤدي إلى تقويض حرية الإعلام في مختلف أنحاء العالم.

ارتفاع التهديدات

في غضون خمس سنوات، تراجع المعيار الذي تستخدمه مراسلون بلا حدود بنسبة تصل إلى 14٪، إذ سُجل خلال هذا العام تفاقم في وضع ما يقرب من ثلثي (62.2٪) البلدان التي تشملها الدراسة، بينما تراجع عدد الدول حيث تُعتبر حالة وسائل الإعلام “جيدة” أو “جيدة إلى حد ما”، وذلك بنسبة 2.3٪. ويقول تقرير المنظمة إنه لم يسبق أن تعرضت حرية الصحافة لتهديدات بالوتيرة التي تشهدها حالياً، علماً أن المؤشر العام أضحى مرتفعاً أكثر من أي وقت مضى (3872).

ارتفاع عدد الانتهاكات ضد الصحفيين عالميا

وكشفت نسخة 2017 من التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي نشرته مراسلون بلا حدود أن الانتهاكات المرتكبة ضد حرية الإعلام لم تعد بالضرورة حكراً على الأنظمة الاستبدادية والدكتاتورية. ذلك أن هذه الحرية المكتسبة مبدئياً أصبحت عُرضة للخطر على نحو متزايد حتى في بعض الدول الديمقراطية.