ترجمة وتحرير: نون بوست
كتب: جوناثان إيسلاي وجوردان فابيان؛ المراسلان الصحفيان لدى صحيفة “الهيل”
عندما أدى الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب اليمين الدستوري قبل ثلاثة أشهر تساءل العديد من الناس؛ كيف ستكون فترة حكم أكثر الرؤساء غير التقليديين؟ وبما أنه يوم السبت سيمرّ على تولي ترامب لدفة الحكم مائة يوم، هذا كل ما فهمناه من النهج الذي يعتمده.
على استعداد لتغيير آرائه
عموما، إلى جانب مواقفه الصارمة فيما يتعلق بالتجارة والهجرة والجريمة، دخل ترامب معترك الحياة السياسية مع عدد ضئيل جدا من المعتقدات السياسية. ولذلك، نجده لا يتوانى عن تغيير مواقفه تبعا للتغيرات التي تطرأ على الساحة السياسية.
في وقت سابق من هذا الشهر، لاحظنا أن ترامب في يوم واحد فقط أخذ قرارات مصيرية في أربعة مواضع مختلفة؛ نائب رئيس مجلس المحافظين للنظام الاحتياطي الفدرالي، جانيت يلين؛ تحالف الناتو؛ ممارسات العملة الصينية وبنك التصدير والاستيراد.
تراجع ترامب بعد مائة يوم من توليه سدة الحكم عن اتهام الصين بأنها تتلاعب بالعملة
في الحقيقة، تراجع ترامب بعد مائة يوم من توليه سدة الحكم عن اتهام الصين بأنها تتلاعب بالعملة. فضلا عن ذلك قرر الرئيس الجديد أيضا الإبقاء على بنك التصدير والاستيراد الأمريكي، بعد أن انتقده في فترة حملته الانتخابية كما رحب بفكرة العمل مع جانيت يلين.
أما فيما يخص حلف شمال الأطلسي فقد صرح ترامب “صحيح أنني قلت إن الناتو قد عفا عليه الزمن، لكن الآن الناتو لم يعد من الكيانات التي عفا عليها الزمن”. مما لا شك فيه كان قرار ترامب بإطلاق صواريخ كروز على سوريا، أكبر دليل على تغييره للاستراتيجية التي يعتمدها، خاصة وأنه في فترة حملته الانتخابية كان قد أكد على رفضه التدخل العسكري للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط.
من خلال الهجوم الذي شنه على سوريا، يبدو أن الصور التي بثت على القنوات التلفزية للأطفال الأبرياء الذين قتلوا واصيبوا في الهجوم الذي شنته القوات النظامية بالأسلحة الكيميائية، هي التي ساهمت في تغييره لوجهة نظره وقراره باستهداف جيش الرئيس السوري، بشار الأسد. وفي هذا الصدد، قال ترامب كان لرؤية “الأبرياء؛ بمن فيهم النساء والأطفال الصغار وحتى الرضع الجميلين تأثير كبير على موقفي. في الحقيقة، موقفي تجاه سوريا والأسد قد تغير كثيرا”.
“يعد ما قام به ترامب دليل على نضجه، فلقد اجتمع بفريقه ودرس عواقب قراراته السياسية ويبدو أنه الآن اتخذ المسار الصحيح”
عموما، أعطى الهجوم الذي شنه ترامب على سوريا استراحة لأنصاره، في حين وصفها آخرون بأنها دليل قاطع على التطور الإيجابي الذي يمر به ترامب. وفي شأن ذي صلة، أفاد المحلل السياسي لغرفة التجارة الأمريكية، سكوت ريد “يعد ما قام به ترامب دليل على نضجه، فلقد اجتمع بفريقه ودرس عواقب قراراته السياسية ويبدو أنه الآن اتخذ المسار الصحيح”.
بالنسبة لترامب الفوز هو الأهم
في الحقيقة، كلمة “الخاسر” هي الكلمة التي غالبا ما يستعملها ترامب لإهانة خصومه، حتى إنه إلى حد الآن استعملها مئات المرات. في المقابل، نفس هذه الكلمة يخشى أي رئيس أن تستعمل ضده، لكن ترامب يهاب هذه الكلمة أكثر بكثير من غيره.
من جانب آخر، يواجه ترامب احتمال إنهاء أول مائة يوم في منصبه دون تحقيق أي إنجازات تشريعية مهمة يتبجح بها. وعلى الرغم من أن ذلك لا يعني بالأساس أنه رئيس فاشل، إلا أنه يعد مقياس مرجعي للنجاح وضعه ترامب لنفسه من خلال قائمة الطموحة التي قال خلال حملته الانتخابية إنه سيعمل على تحقيقها.
وحتى بعد فوزه بالرئاسة، تابع ترامب الإدلاء بالوعود التي سيحققها في أول مائة يوم له، بما في ذلك إعطاء منصب القاضي، أنطوني سكاليا في المحكمة العليا لقاض محافظ آخر ألا وهو نيل غورسوتش. لكنه فيما بعد قام بدعم أعضاء أخرين.
كان ترامب يسعى لخفض سقف التوقعات التي وضعها لأول مائة يوم له في السلطة. ولذلك، نشر يوم الجمعة على حسابه على تويتر “مهما كان الأشياء التي أنجزتها في أول مائة يوم لي في الحكم، ستعمل وسائل الإعلام على تغاضيها”
في الوقت الذي كان ترامب يعمل جاهدا لإلغاء واستبدال قانون أوباما كير رغم معارضة حزبه له، حظرت المحاكم قرار حظر السفر الذي وضعه، وهو أكثر الإجراءات التنفيذية التي وضعها ترامب إثارة للجدل. وهو يفسر رغبة ترامب وموظفيه الملحة لإقناع الكونغرس بإجراء تصويت آخر على قانون الرعاية الصحية هذا الأسبوع، قبل أن يمر مائة يوم على توليه السلطة. ولكن من غير المرجح أن يحصلوا على موافقة الكونغرس، خاصة وأن قادة الحزب الجمهوري في مجلس النواب أشاروا إلى أنهم لن يصوتوا على اقتراح لن يوافق عليه عدد كاف من الأعضاء.
وفي خضم كل ذلك، كان ترامب يسعى لخفض سقف التوقعات التي وضعها لأول مائة يوم له في السلطة. ولذلك، نشر يوم الجمعة على حسابه على تويتر “مهما كان الأشياء التي أنجزتها في أول مائة يوم لي في الحكم، ستعمل وسائل الإعلام على تغاضيها”.
اكتشف أن مهمة الحكم أصعب بكثير مما تبدو عليه
خلال حملته الانتخابية، كان ترامب يتفاخر بأن المهارات التي يكتسبها كرجل أعمال ناجح وبارع في عقد الصفقات ستجعل منه رئيسا عظيما، بيد أنه بعد ثلاثة أشهر له من تولي الحكم تفطن إلى أن حكم البلاد أصعب بكثير مما كان يظن.
من جانب آخر، شعر ترامب بالارتياح إزاء تعقيد القضايا الشائكة التي تناولها كقائد عام، بدءا من الشأن السوري والصين وصولا إلى الجهود الرامية لإصلاح نظام الرعاية الصحية في البلاد. وخير مثال على ذلك، هو التصريح الذي أدلى به في شباط/فبراير الفارط، إذ قال ” لم يكن أحد ليتوقع أن الرعاية الصحية يمكن أن تكون معقدة لهذه الدرجة”.
فضلا عن ذلك، كان الرئيس صريحا بشكل غير اعتيادي حول الأمور التي تفطن لها فيما يتعلق بشأن البرنامج النووي لكوريا الشمالية. كما طالب ترامب مرارا وتكرارا بكين بالإسراع لحل المشكلة، إلا أنه تراجع عن ذلك عقب اللقاء الذي جمعه بالرئيس الصيني، شي جين بينغ.
فيما يخص حظر السفر، على الرغم من أن البيت الأبيض وعد بتمريره، إلا أن افتقار الموظفين للخبرة الحكومية أضر بتنفيذ هذا القرار
وفي لقاء مع صحيفة “وول ستريت جورنال” صرح ترامب “بعد الاستماع للرئيس الصيني لمدة 10 دقائق، أدركت أنه ليس من السهل تحقيق ذلك، فلقد شعرت بأنهم يتمتعون بسلطة هائلة على كوريا الشمالية. … وهو ما لم أكن أتوقعه”.
فيما يخص حظر السفر، على الرغم من أن البيت الأبيض وعد بتمريره، إلا أن افتقار الموظفين للخبرة الحكومية أضر بتنفيذ هذا القرار. وفي شأن ذي صلة قال الخبير الاستراتيجي الجمهوري، تشارلي بلاك “أعتقد بأنه أراد أن يفي بالوعود التي قطعها، لكن أحيانا تصل إلى مبتغاك وتطمح للإيفاء بوعودك لتكتشف آنذاك أن تحقيقها ليس بالأمر الهين”.
المرشح ترامب هو الرئيس ترامب
في أول 100 يوم له في الحكم، قام ترامب بتعديل بعض مواقفه المتعلقة بالسياسة الخارجية وهو ما أعطاه فكرة أيضا عن صعوبة التعامل مع الكونغرس، لكن في أغلب القضايا رفض ترامب تغيير أسلوبه. في الواقع، مازال ترامب في عداء مع منتقديه سواء كان ذلك أرنولد شوارزنيجر أو أعضاء منظمة “تجمع الحرية”، الذي نسفوا خطة الرعاية الصحية للحزب الجمهوري.
وعلى الرغم من أن التغريدات التي ينشرها على موقعه في تويتر تضر بصورته، إلا أنه لم يتخلى عنها. فضلا عن ذلك، ادعى ترامب أن أوباما استأجر “برج ترامب الدولي”، بيد أن هذا التصريح خلق جدلا استمر لأسابيع، إلا أنه لم يقدم أي دليل على كلامه.
في المقابل، يبقى ترامب حساسا على صورته العامة، التي تغذي حربه مع الإعلام. ولذلك، يبدو كما لو أن الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي الجديد لم تنتهي، إذ أن مناصريه لم يتوقفوا إلى حد الآن من التملق على غرار مرشحهم، الذين يلتفون حوله بالآلاف.
يشعر العديد من المسؤولين في واشنطن بالإحباط من الأسلوب الذي يعتمده ترامب. في المقابل، يظن مؤيدي ترامب بأن ما يقوم به هو دليل على موثوقيته
عموما، يشعر العديد من المسؤولين في واشنطن بالإحباط من الأسلوب الذي يعتمده ترامب. في المقابل، يظن مؤيدي ترامب بأن ما يقوم به هو دليل على موثوقيته. وفي هذا الشأن قال صاحب بيت خبرة “المبادئ الأمريكية للمحافظين”، فرانك كانون، “ستكون الولايات المتحدة أفضل حالا إذا استمر مزيد من السياسيين في التصرف بنفس الطريقة في الفترة الفاصلة بين يوم انتخابهم واليوم الأول لهم في مناصبهم”.
العائلة أولاً
ظهرت ابنة الرئيس الأمريكي الجديد إيفانكا ترامب وزوجها جاريد كوشنر كاثنين من مستشاري ترامب الأكثر ثقة. في الحقيقة، يتعامل كوشنر، البالغ من العمر 36 سنة، مع مجموعة متزايدة من الطموحات المتأتية من الجناح الغربي الذي على يبعد خطوات من المكتب البيضاوي.
وقد كلف ترامب صهره، بالإضافة إلى أمور أخرى، بقيادة مكتب البيت الأبيض المهتم بالبنية الأساسية لتكنولوجيا المعلومات، ومكافحة إدمان المواد الأفيونية والتعامل مع قضايا قدامى المحاربين. من جانب آخر، ساعد كوشنر ترامب في تنظيم لقاء له مع الرئيس الصيني، شي جين بينغ. وعمل كمنسق للمُشرعين في كابيتول هيل حول قضايا مثل إصلاح العدالة الجنائية وتقديم المشورة بشأن السياسة الخارجية الأمريكية تجاه كندا والمكسيك. علاوة على ذلك، عمل كوشنر كمبعوث للعراق وأعرب عن اهتمامه بالتوسط في صفقة سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
على الرغم من أن المهام المكلفة بها إيفانكا ليست واضحة، إلا أنها غالبا ما تحظر المناسبات البارزة التي تعقد في البيت الأبيض ويقال إنها تقدم المشورة لأبيها بشأن مجموعة واسعة من المواضيع
وفي الوقت نفسه، تراجع البيت الأبيض عن الالتزام بحصول أطفال ترامب على تصاريح أمنية، إلا أن ترامب استثنى ابنته إيفانكا التي حصلت مؤخرا على مكتب في الجناح الغربي في الطابق الثاني بجوار مستشارين آخرين ألا وهما؛ كيليان كونواي ودينا باول. وعلى الرغم من أن المهام المكلفة بها إيفانكا ليست واضحة، إلا أنها غالبا ما تحظر المناسبات البارزة التي تعقد في البيت الأبيض ويقال إنها تقدم المشورة لأبيها بشأن مجموعة واسعة من المواضيع.
المصدر: الهيل