هل يمكنك أن تعد خمسة أفلام عربية للرسوم المتحركة، ماذا عن المسلسلات إذًا؟، هل واجهت صعوبة في تذكر أسماء الأفلام، واضّطرك الأمر أن تبحث طويلًا عن الإجابة؟ ولكن بالطبع يختلف الأمر كثيرًا إذا ما قارنا ذلك بأفلام الأنيميشن الأجنبية، وخصوصًا العالمية المُنتجة من شركة والت ديزني.
لقد تربى أغلبنا على أفلام الكرتون الأجنبية، فكان للإنتاج الياباني جزءًا كبيرًا منها، وكان الجزء الآخر يعود إلى شركة ديزني، التي حفرت في طفولتنا قيمها التي أوصلتها إلينا عن طريق شخصياتها الكرتونية من أميرات وأمراء ديزني المشهورين، فكان لنا حظًا كبيرًا من التعرف على الثقافة الأمريكية قبل أن تكون لنا الفرصة على التعمق في الثقافة العربية من الأساس.
هيمنت ثقافة التلقين على ثقافة الإبداع مذ أن هيمنت ديزني على إنتاج أفلام الرسوم المتحركة عالميًا ومعها الشركات اليابانية، ولأن أفلام الرسوم المتحركة جزءًا أساسيًا في التربية، بل يكاد يغلب على بقية الأجزاء الأخرى أحيانًا مع زيادة انشغال الوالدين إن كان كليهما يعمل، فتكون ديزني قد استطاعت النجاح في الوصول لشريحة كبرى من أطفال الأجيال المختلفة لإيصال رسائلها إليها.
هيمنت ثقافة التلقين على ثقافة الإبداع مذ أن هيمنت ديزني على إنتاج أفلام الرسوم المتحركة عالميًا ومعها الشركات اليابانية
حتى وإن كان أول فيلم كرتوني طويل منذ عام 1937، وهو “بيضاء الثلج” أو “سنووايت” فإننا جميعًا مازلنا نتذكره بكامل تفاصيله، ويحفظ أطفالنا القصة ظهرًا عن قلب، إلا أن هذا لم يحدث حتى الآن مع أي فيلم كرتوني عربي تم إنتاجه، ربما لأننا فشلنا في تسويق الأنيميشن العربي فضلًا عن فشلنا في دعمه من الأساس.
تُعاني صناعة الرسوم المتحركة من نقص حاد في الدعم والتمويل الثقافي في البلدان العربية، فعلى الرغم من أن ظهور الرسوم المتحركة في العالم العربي كان في مصر عام 1935 على يد الفنان “أنطوان سليم”، إلا أنه لم يتم إنتاج أول فيلم للرسوم المتحركة باللغة العربية سوى في عام 1997، وهو فيلم “السندباد البحري”، أي بعد مرور ما يقرب من 80 عامًا على إطلاق ديزني أول فيلم لها.
يلعب دور دعم الحكومة، أو تحديدًا وزارة الثقافة دورًا مهمًا في تنمية هذا النوع من أنواع الأفلام، ليس لأنها إحدى جوانب الترفيه فحسب، بل لأن لها عاملًا مؤثرًا في تربية وتعليم الجيل الناشىء، حيث تقول بعض الدراسات أن في مرحلة ما من طفولة تلك الأجيال، تكون نسبة تشكيل أفلام الرسوم المتحركة من ثقافتهم تقارب الـ 90٪.
تكون نسبة دعم الحكومة اليابانية لأفلام الرسوم المتحركة تُمثل 50٪-70٪ من تكاليف الإنتاج
لهذا نجد أن في اليابان على سبيل المثال، تكون نسبة دعم الحكومة اليابانية لتلك الأفلام تُمثل 50٪-70٪ من تكاليف الإنتاج، كما هو الحال في فرنسا أيضًا حيث يكون على الحكومة أن تتكلف بنصف الميزانية المخصصة لإنتاج الفيلم أو المسلسل الكرتوني.
الانتاج العربي من الرسوم المتحركة
لقطة من الفيلم السعودي “بلال”
هل هذا يعني أننا لا نمتلك انتاجًا حقيقيًا من الرسوم المتحركة العربية؟ بالطبع لا، ناهيك عن الدبلجة العربية لسائر الإنتاج الأجنبي من ديزني وغيرها من الشركات اليابانية، يملك الوطن العربي إنتاجًا لأفلام الأنيميشن بالفعل، وعلى الرغم من أنه لم يكن باستطاعته منافسة إنتاج شركة ديزني العالمية، إلا أن في العقد الأخير، ظهرت شركات عربية من المتوقع أن تُحدث ثورة في عالم الأنيميشن العربي، إليك أهمها؛
عبد العزيز المزيني
المزيني هو فنان و رسام كاريكتير سعودي، أسس شركته الخاصة لإنتاج رسوم وفيديوهات الرسوم المتحركة، وتتطرق رسومات المزيني إلى مواضيع سياسية في المنطقة، حيث تسخر من شخصيات سياسية وقضايا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتقدم رسوماته الثنائية الأبعاد كاريكاتيرات لمواضيعه حيث يبالغ بملامح الوجه والتصرفات ليقدم رسالة محددة.
بدأ المزيني مشواره مع الرسوم المتحركة منذ أن شارك في تأسيس شركة “فنر برودكشن” Fanar Productions في توسيع مغهوم الرسوم المتحركة من خلال تركيزه على شخصيات إماراتية محلية، وذلك لأن مشروع الشركة يهدف إلى نشر الثقافة الإماراتية من خلال الرسوم المتحركة.
“كرايزي بيرانا” Crazy Piranha
هي شركة إنتاج للرسوم المتحركة مقرها الأردن، وهي شركة تقوم بتطوير بعض الرسوم المتحركة القوية والصادمة التي تختلف عن الكثير من استوديوهات الرسوم المتحركة، تتناول الشركة في إنتاجها الموضوعات الغريبة التي لا يتطرق إليها كثير من شركات الإنتاج العربية من خلال فيديوهاتها القصيرة، وبعد ظهور أعمالها في التلفزيون الأمريكي ” Comedy Central”و “MTV” حفرت “كريزي بيرانا؛ اسمًا لها في عالم الرسوم المتحركة العالمية.
نشمي مان من الأردن
أطلقت الشركة برنامجها الخاص بها “نشمي مان” Nashmi Man، وهو نسخة “سوبر مان” العربية، ممثلًا في الرجل الأردني ولكن مع قوى خارقة.
تأسست استوديوهات كورل ستون عام 2009 على يد الريادي الأردني فادي البرغوثي، وهي تطوّر محتوى أصلي للشبكات التلفزيونية، والبوابات الإلكترونية والشركات المشغلة للاتصالات واستوديوهات المنتجة لألعاب الفيديو، وبعد دعمها المتواصل للمحتوى العربي في مجال الرسوم المتحركة، أطلقت الشركة برنامجها الخاص بها “نشمي مان” Nashmi Man، وهو نسخة “سوبر مان” العربية، ممثلًا في الرجل الأردني ولكن مع قوى خارقة.
“خرابيش” Kharabeesh
“خرابيش” اسم اختير بشكل مناسب لوصف ما توحي به الرسوم الكرتونية باللغة العربية لهذا الاستوديو الأردني، ، لا تنتج “خرابيش” فيديوهات للرسوم المتحركة فقط، بل تتمحور فيديوهاتها حول الفيديوهات الموسيقية وبرامج حوارية. ويركّز المحتوى بشكل خاص على القضايا السياسية في العالم العربي مع فيديوهاته الأكثر شعبية، التي يشاهدها الملايين في العالم العربي.
مسامير من السعودية
يقوم استوديو “نجركوم” بإنتاج “مسامير”، وهي سلسلة أفلام كرتونية قصيرةتعتمد تصميماً بسيطاً يسلّط الضوء بشكل ساخر على تحديات الحياة اليومية والسياسية، وبالأخص في المملكة العربية السعودية، وبدأت السلسلة عام 2011 وهي من 24 حلقة تدعمها شركة التسويق السعودية “آي دي” (AD). ولدى السلسلة شعبية كبيرة في المملكة على قناتها في يوتيوب.
تونس 2050
تتعمق الرسوم الأنيقة الثلاثية الأبعاد لسلسلة “تونس 2050” في الحياة اليومية للعائلات العادية، التي تعيش في المستقبل في عام 2050، وهذه السلسلة مستوحاة من سلسلة “سمبسونز” الشعبية The Simpsons، تعرض شخصيات كوميدية تواجه التحديات اليومية في تونس الخيالية. وقد أنشئت السلسلة على يد التونسي رياض غرياني وفريقه من استوديو التصميم “سي جي أس” CGS، وعُرضت خلال رمضان 2011 في جميع أنحاء شمال أفريقيا على شاشة تلفزيون “هانيبال” Hannibal.
تشهد منطقة الخليج العربي على وجه التحديد ثورة في عالم الرسوم المتحركة، بدأت معالمها مع أول فيلم سعودي للرسوم المتحركة “بلال”، الذي استغرق قرابة العشر سنوات من العمل حتى يظهر للنور،كما أنه وصل إلى “مهرجان كان” كأول فيلم عربي للرسوم المتحركة في ذلك المهرجان، كما وعدت الشركة المنتجة بإنتاج مزيدًا من الأفلام التي تُجسد الشخصيات الإسلامية في أعمالها المقبلة.
يأتي المسلسل الإماراتي “إمارة” هو الآخر كأول مسلسل للرسوم المتحركة في الإمارات العربية المتحدة، ممثلًا الفتاة العربية كبطلة للمسلسل، يُقدم المسلسل من شركة Eating Stars Studios الإماراتية، ويتوقع عرضه في شهر رمضان المقبل.
يبدو أن العالم العربي لن يقبل بالتلقين المباشر بعد الآن، ويتحرك بخطوات سريعة نحو الدفع بالأفلام والمسلسلات ذات الخلفية العربية والإسلامية في أفلام الرسوم المتحركة، التي ستنهي عصر الدبلجة والتقليد، وربما سنشهد قريبًا بديلًا عربيًا للرسوم المتحركة عن شركة ديزني.