ترجمة حفصة جودة
مع تسبب القصف الإسرائيلي المستمر على غزة في عدد هائل من الضحايا، وجدت طواقم الدفاع المدني نفسها في مواجهة خيارين: إما قضاء ساعات في محاولة استعادة الجثث وإما تركها تحت الأنقاض والذهاب إلى المناطق الأخرى لإنقاذ من لا يزالون أحياءً.
وبينما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن آلاف القتلى والمصابين نتيجة الهجمات الإسرائيلية، فإن الدفاع المدني يقول إن هناك المئات ما زالوا تحت الأنقاض.
مع النقص الشديد في معدات الإنقاذ والاستهداف المتكرر لطواقم الدفاع المدني، قال الدفاع المدني إنه يتبع الآن خطة إعطاء الأولوية لهؤلاء الذين ما زالوا على قيد الحياة، بدلًا من انتشال جثث الموتى.
يقول خليل سيفان، أحد أفراد الدفاع المدني: “عندما نصل إلى إحدى المناطق المستهدفة ونجد أحياءً تحت الأنقاض نواصل الحفر حتى نصل إليهم، أما إذا تأكدنا أن من تحت الأنقاض قضوا نحبهم فإننا نترك المكان ونذهب إلى منطقة أخرى استُهدفت أيضًا”.
“يقع القصف في عدة مناطق مختلفة في نفس الوقت، حيث تُستهدف عشرات المناطق خلال 10 دقائق فقط، وأعداد العاملين في الدفاع المدني قليلة ولا نملك إلا معدات محدودة للغاية، لذا إما أن نقضي ساعات في محاولة استعادة عدد من الجثث، وإما نعطي الأولوية للجرحى المحاصرين تحت الأنقاض قبل أن ينضموا لعداد الموتى”.
حتى الآن، قُتل على الأقل 8 آلاف مدني فلسطيني غالبيتهم من النساء والأطفال منذ بدء حملة القصف الإسرائيلية العنيفة على غزة يوم 7 أكتوبر، وذلك بعد أن باغتت حماس “إسرائيل” بهجوم مفاجئ على مدنها الجنوبية، وقد قُتل جراء ذلك نحو 1400 إسرائيلي وأسرت حماس أكثر من 200 إسرائيلي.
تفاقمت الأزمة بسبب نقص الوقود اللازم لتشغيل الجرافات التي تعتمد عليها أطقم الدفاع المدني لإزالة أنقاض المباني متعددة الأدوار والوصول إلى الضحايا
يقول سيفان الذي يعمل في مقرات الدفاع المدني الغزي بالبُريج وسط غزة، إن هناك المئات من المدنيين ما زالوا موتى تحت الأنقاض، ويضيف “لسنا بحاجة إلى وصف حجم الخسائر الضخم في قصف جوي واحد، فبإمكانك أن تتخيل المشهد في أحد الأحياء بعد عدة دقائق من انهيار عدد من المباني”.
“هنا، نضطر إلى إعطاء الأولوية لهؤلاء الذين ما زالوا على قيد الحياة تحت الأنقاض، هذا الخيار نلجأ إليه فقط عند المقارنة بين أحياء وأموات، لكننا لا نتخذه أبدًا عند المقارنة مع الأحياء”.
“إذا علمنا أن هناك من لا يزالون أحياءً تحت الأنقاض، فإننا نقضي ساعات لإخراجهم، لكننا لا نستطيع أن نتركهم مطلقًا”، أضاف سيفان أن استمرار استهداف أطقم الدفاع المدني مع نقص المعدات يجعل محاولات إنقاذ الجميع شبه مستحيلة.
يقول: “لقد تعرضنا للاستهداف مرات كثيرة في مناطق مختلفة منذ بدء العدوان، وأفراد طواقمنا يتحولون من منقذين إلى ضحايا، لا يمكن لأي دولة أن تتعامل مع هذا العدد من القصف الجوي الذي يستهدف مناطق مختلفة في وقت واحد وهذا العدد الكبير من الضحايا، هل لك أن تتخيل ذلك في غزة؟”.
تفاقمت الأزمة بسبب نقص الوقود اللازم لتشغيل الجرافات التي تعتمد عليها أطقم الدفاع المدني لإزالة أنقاض المباني متعددة الأدوار والوصول إلى الضحايا.
في عداد المفقودين
قالت وزارة الصحة الفلسطينية إنها تلقت 1650 بلاغًا على الأقل من عائلات تقول إن لها أقارب مفقودين ما زالوا تحت الأنقاض منذ يوم الجمعة الماضي، ووفقًا لما قاله أشرف القدرة – المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة – فهناك نحو 940 طفلًا ما زالت جثثهم تحت أنقاض منازلهم أو منازل العائلات التي لجأوا إليها.
وفقًا لوزارة الصحة فقد مُحيت نحو 688 عائلة بأكملها – تضم ما يقارب 4807 أشخاص – نتيجة القصف الجوي والمدفعي والبحري الإسرائيلي على قطاع غزة المحاصر
في حي الشجاعية، قُصف عشرات المباني السكنية دون تحذير مسبق من الجيش الإسرائيلي لإخلائها، ونتيجة لذلك قُتلت عائلات كبيرة بأكملها، وما زال هناك عدد كبير من المفقودين تحت الأنقاض.
عندما اشتد القصف الأسبوع الماضي، انتقل أبناء عم آمنة مغني وأطفالهم إلى منزل شقيقتهم في حي الشجاعية الذي يعد من أكثر المناطق ازدحامًا بالسكان في قطاع غزة، كان هناك نحو 30 شخصًا في المنزل عندما وقع القصف الذي دمر المنزل تمامًا.
تقول مغني: “لا أستطيع أن أتذكر اليوم، لكنني أتذكر جيدًا أنني استقلبت مكالمة هاتفية من أحد أقاربنا وقت الظهر يخبرني أن المنزل قُصف وقد قُتل كل من كانوا بداخله”.
تضيف مغني “بعد يومين من الهجوم كانت جثثهم لا تزال في مكانها، ولم يستطع الدفاع المدني الوصول إلى منزلهم لأنه يقع في شرق الشجاعية وهي منطقة خطيرة للغاية، لم أستطع أن أتواصل مع عائلتي خلال الخمس أيام الماضية لأسألهم إذا كانوا قد انتشلوا جثثهم من تحت الأنقاض، لكنني أعتقد أنها ما زالت هناك”.
وفقًا لوزارة الصحة فقد مُحيت نحو 688 عائلة بأكملها – تضم ما يقارب 4807 أشخاص – نتيجة القصف الجوي والمدفعي والبحري الإسرائيلي على قطاع غزة المحاصر، يقول سيفان: “عندما ينتهي الهجوم ونتمكن من استعادة جميع الجثث من تحت الأنقاض، سنجد أن عدد الضحايا غالبًا ضعف العدد الحاليّ”.
المصدر: ميدل إيست آي