في أقل من 48 ساعة منيت منظومة القضاء في مصر بضربتين موجعتين إحداهما تتعلق باستقلال القضاء والتغول في شؤونه الداخلية وسحب بعض صلاحياته لحساب السلطة التنفيذية، وذلك بعد تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي على قانون السلطة القضائية، والثانية تتعلق بالإخلال بإجراء محاكمات عادلة والتشكيك في نزاهة إجراءات التقاضي وذلك عقب التصديق على تعديلات بعض أحكام قوانين الإجراءات الجنائية الصادرة بقانون رقم 150 لسنة 1950 والتي تعد سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ القضاء المصري.
التصديق على القانونين – السلطة القضائية وتعديلات قانون الإجراءات الجنائية – يضع العديد من التساؤلات عن تأثير ذلك على العلاقة بين القضاة والنظام الحاكم، فضلاً عن ردود فعل الهيئات القضائية حيال هذا التغول مقارنة بما كانت عليه في عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي، في محاولة للإجابة على السؤال التالي: هل استقلال القضاء مسألة مبدأ لدى قضاة مصر أم يخضع لموقف القضاة من النظام الحاكم؟
قانون السلطة القضائية
بعد أربعة أشهر من السجال بين القضاة والبرلمان صدّق السيسي على مشروع تعديل قانون الهيئات القضائية بعد موافقة مجلس النواب له بأربعة وعشرين ساعة فقط، وهو ما تسبب في إحداث حالة من الجدل داخل الأوساط القضائية.
البداية تعود إلى 23 من ديسمبر الماضي، حين تقدم النائب أحمد حلمي الشريف وكيل لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، وأحد أعضاء جبهة “دعم مصر” البرلمانية الداعمة لنظام السيسي، بمشروع قانون خاص بطريقة تعيين رؤساء الهيئات القضائية الأربعة، النيابة الإدارية، قضايا الدولة، مجلس الدولة، محكمة النقض.
القانون بصيغته المقدمة يسمح لرئيس الدولة بتجاوز مبدأ الأقدمية المعمول به منذ القدم، مما يعد سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ القضاء المصري، فمن حق الرئيس هنا إذا ما تقدمت أي من الهيئات القضائية الأربعة ببعض الأسماء المرشحة أن يتجاوز أقدمهم سنًا ويختار دون معايير واضحة من بين الأسماء الأخرى، مما يشكل تهديدًا لنفوذ السلطة القضائية داخل النظام الحاكم، إذ إن اختيار رؤساء أكبر هيئات قضائية في الدولة يصبح في يد الرئيس، وهو ما يجعل خيوط أرفع التنظيمات القضائية في يد السيسي بلا توازن.
وعلى الفور أحال رئيس مجلس النواب هذا المشروع المقدم إلى الهيئات القضائية لأخذ رأيها، وفي 12 من مارس الماضي وبالإجماع تم رفض مشروع القانون رسميًا، واصفين ما تضمنه بأنه غير دستوري ويمثل اعتداءً على استقلال القضاء، متمسكين بمبدأ الأقدمية في التعيين.
وفي 26 من أبريل الحاليّ أقر البرلمان المشروع بتعديلاته متجاهلاً رأي القضاة، حيث وافق عليها بأغلبية الثلثين، وفي أقل من 24 ساعة يصدّق السيسي على القانون في واقعة غير مسبوقة.
قانون السلطة القضائية بصيغته المقدمة يسمح لرئيس الدولة بتجاوز مبدأ الأقدمية المعمول به منذ القدم، مما يعد سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ القضاء المصري
عمومية مجلس الدولة ترفض تعديلات قانون السلطة القضائية
قانون الإجراءات الجنائية
بعد أقل من يوم واحد فقط على تصديق السيسي على قانون السلطات القضائية، ها هو يقر تعديلات بعض أحكام قوانين الإجراءات الجنائية الصادر بقانون رقم 150 لسنة 1950، وقانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، وقانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين رقم 8 لسنة 2015، وقانون مكافحة الإرهاب الصادر بالقانون رقم 94 لسنة 2015
ورغم شمول تلك التعديلات لعدد من المواد القانونية في قوانين الإجراءات الجنائية، فإن أبرز تلك التعديلات ما يتعلق بالمادتين (277 و289) بشأن سماع الشهود خلال جلسات المحاكمة، والتي وصفها البعض بـ”المخلة بعدالة إجراءات التقاضي”.
المادة (277)
– قبل التعديل كانت تنص على “يكلف الشهود بالحضور بناء على طلب الخصوم بواسطة رجال الضبط قبل الجلسة بـ24 ساعة غير مواعيد المسافة، ويعلن لشخصه أو في محل إقامته بالطرق المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية، إلا في حالة التلبس بالجريمة فإنه يجوز تكليفهم بالحضور في أي وقت ولو شفاهيةً بواسطة أحد مأموري الضبط القضائي أو أحد رجال الضبط ويجوز أن يحضر الشاهد بغير إعلام بناءً على طلب الخصوم، ومع عدم الإخلال بأحكام الفقرة الأولى من هذه المادة، يحدد الخصوم أسماء الشهود وبياناتهم ووجه الاستدلال بهم، وتقرر المحكمة من ترى لزوم سماع شهادة أي منهم، ويجب عليها أن تسبب ذلك في حكمها”.
– بعد التعديل تنص على “… تقرر المحكمة من ترى لزوم شهادة أي منهم”، مما يعني أن المحكمة من حقها أن تختار من يأتي للشهادة ومن لا يأتي، وبات لها حرية الاختيار في ذلك، ورغم رفض تشريع مجلس الدولة لهذا التعديل أكثر من مرة فإنه لم يؤخذ بهذا الرأي حين تم مناقشة التعديلات داخل مجلس النواب.
المادة (289)
– قبل التعديل كانت تنص على “للمحكمة أن تقرر تلاوة الشهادة التي أبديت في التحقيق الابتدائي أو في محضر جمع الاستدلالات أو أمام الخبير، إذا تعذر سماع الشاهد لأي سبب من الأسباب شرط قبول المتهم أو دفاعه للاستغناء عن الشاهد”.
– بعد التعديل تنص المادة على “للمحكمة أن تقرر تلاوة الشهادة التي أبديت في التحقيق الابتدائي أو في محضر جمع الاستدلالات أو أمام الخبير، إذا تعذر سماع الشاهد لأي سبب من الأسباب” مع حذف الفقرة الأخيرة من المادة والتي كانت تنص على “شرط قبول المتهم أو دفاعه للاستغناء عن الشاهد”، مما يعني أن المحكمة أصبحت الوحيدة المتمكنة من استدعاء الشهود لسماعهم، ويمكنها في حالة تعذر حضور شاهد أن يتم تلاوة شهادته في التحقيقات دون إذن المتهم ودفاعه.
وقد أثارت تلك التعديلات موجة من الجدل، حيث اعتبرها مجلس الدولة مخالفة صريحة للمادة (96) من الدستور والتي تنص على أن “المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة، تكفل له ضمانات الدفاع عن نفسه، وتوفر الدولة الحماية للمجني عليهم والشهود والمتهمين والمبلغين عند الاقتضاء، وفقًا للقانون”.
ومن ثم فإن مثل هذه التعديلات تخل بلا شك بحق المدانين والمتهمين في الحصول على محاكمة عادلة، إذ إنها قد تحرمهم من الاستعانة بالشهود، وفي الوقت نفسه ربما تفرض عليهم شهودًا رغمًا عنهم وفق ما تراه المحكمة وهيئتها الموقرة حسبما نصت التعديلات.
وفق التعديلات الجديدة فإن المحكمة من حقها أن تختار من يأتي للشهادة ومن لا يأتي، وبات لها حرية الاختيار في ذلك، ورغم رفض مجلس الدولة لهذا التعديل فلم يؤخذ بهذا الرأي
انتفاضة مؤقتة
بعد دقائق من تمرير البرلمان لقانون السلطة القضائية بتعديلاتها الجديدة هددت نوادي قضاة الهيئات الأربعة التي شملتها التعديلات، بالاعتصام بل والإضراب عن العمل، إلى جانب مقاطعة الإشراف القضائي على الانتخابات، حيث أعلن نادي قضاة مصر عقد جمعية عمومية في الخامس من مايو المقبل وطرح فكرة تقديم استقالة المجلس احتجاجًا على ما أسموه “انتهاك استقلال القضاء”.
وفي السياق نفسه وصف المستشار سمير البهي رئيس نادي قضاة مجلس الدولة، التصديق على التعديلات بأنه “إعلان بوفاة استقلال القضاء في مصر وانتهاء الحريات” و”عقاب لمن يخالف الهوى السياسي”، محذرًا من مغبة هذه الخطوة التي ستؤثر على الاستثمار وصورة مصر أمام العالم، قائلاً: “العالم سيعرف أن القضاء في مصر لا استقلال له”، محذرًا “المعركة مع القضاء والأزهر محفوفة بالمخاطر على النظام والدولة”.
أما عن وسائل التصعيد فأشار البهي إلى أن النادي “سيلجأ في جميع الأحوال إلى كل الأساليب القانونية المتاحة، ولا يجب أن نختزل الأمر في المحكمة الدستورية العليا، فهناك مجالس خاصة”.
أما المستشار محمود زكي، نائب رئيس مجلس الدولة، فأشار أن مثل هذه التعديلات لا طائل منها ولا فائدة من ورائها، متسائلاً كيف لرئيس الجمهورية أن يمثل – حال اتهامه أو تقديم بلاغات ضده في القرارات التي يتخذها بصفته – أمام رئيس مجلس الدولة وهو الذي قام بتعيينه من قبل؟ هل يجوز أن يكون المرؤوس رئيسًا وأن يكون الرئيس مرؤوسًا بمعنى أن يكون الأقل أقدميه رئيسًا على من هو أكثر أقدميه منه؟
رئيس نادي قضاة مصر عن قانون السلطة القضائية: إعلان بوفاة استقلال القضاء في مصر وانتهاء الحريات
هدوء العاصفة
الانتفاضة التي قام بها القضاة عقب موافقة البرلمان على القانون في السادس والعشرين من أبريل الحالي سرعان ما تبخرت بعد أقل من 24 ساعة فقط، وذلك حين صدَق السيسي على القانون ليضع القضاة في ورطة، خاصة أنهم لجأوا إليه لوقف تنفيذ القانون لكنه لم يستجب لهم وأقره في وقت قياسي عقب خروجه من مجلس النواب.
ومن ثم تراجعت نبرة التهديد والتصعيد التي اعتمد عليها كبار القضاة عقب تمرير المشروع برلمانيًا، حيث رفض البعض فكرة التدويل بينما طالب آخرون بضرورة تطبيق القانون والالتزام به حتى يتسنى لهم الطعن عليه أمام المحكمة الدستورية.
أما عن القرارات التصعيدية التي أعلنتها أندية قضاة مصر عقب تمرير البرلمان للمشروع، أشار المستشار عبد العزيز أبو عيانة رئيس نادي قضاة الإسكندرية، أن جميع تلك القرارات أعلنها القضاة في مواجهة القانون قبل إصداره، تم تجميدها بمجرد تصديق السيسي على القانون، مكتفيًا بأن “القضاة لا يملكون سوى تطبيق القانون، ولكنهم سوف يعقدون اجتماعًا تشاوريًا لرؤساء جميع أندية القضاة في القاهرة والأقاليم لبحث كيفية التصدي للقانون، إما بالطعن عليه أمام المحكمة الدستورية العليا، أو إعداد تعديلات على القانون ومطالبة البرلمان، بإصدارها”.
ازدواجية في المواقف
“إن القاضي جيرارد رايسنر، رئيس الاتحاد الدولي للقضاة، غادر القاهرة حاملاً معه ملفًا كاملاً باعتداءات النظام بسلطتيه التنفيذية والتشريعية على السلطة القضائية، منذ تولي الدكتور محمد مرسى رئاسة الجمهورية، وسيجري تشكيل لجنة لبحثه، استعدادًا لإرسال محقق خاص من الاتحاد للوقوف على حقيقة الانتهاكات التي يتعرض لها القضاء”، هذه كانت تصريحات المستشار أحمد الزند، رئيس نادي القضاة السابق، في 22 من مايو 2013، حيث اعتبرت حينها أول خطوات التصعيد ضد مرسي بسبب ما أسماه الزند “انتهاكات” ضد القضاة في أعقاب الإعلان الدستوري والإطاحة بالنائب العام الأسبق المستشار عبد المجيد محمود.
الزند هدد أيضًا بتدويل القضية وذلك حين خاطب الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما مطالبًا إياه بالتدخل لإنقاذ القضاة من تغول سلطة الإخوان حينها، قائلاً في تصريحات له: “المؤتمر الدولي لاستقلال القضاء خطوة على طريق تدويل الأزمة، دون تراجع”.
وعلى الفور وبعد ساعات من الإعلان الدستوري وإقالة المستشار عبد المجيد محمود، انتفض قضاة مصر ضد هذا التغول وسط غضب شديد رافقه حملة إعلامية غير مسبوقة من أجل الدفاع عن استقلال القضاء ورفض أي محاولات للمساس به أو التدخل في شؤونه من قريب أو من بعيد، محذرين أن أي محاولة لفرض إملاءات السلطة التنفيذية على القضاء ستفضي إلى سقوط الدولة وتفكك أركانها.
واليوم وبعد أن صدّق السيسي على قانون السلطات القضائية الذي يسمح له بإحكام السيطرة على الهيئات الأكبر في القضاء، ماذا كانت ردة فعل القضاة والداعمين لاستقلال القضاء؟
البرلماني السابق وعضو حزب الدستور مصطفى النجار، في مقال له منشور بصحيفة “المصري اليوم” أشار إلى أن “ردود الأفعال الهزيلة تجاه ما حدث تُنبئ عن ازدواجية رهيبة مقارنة بما حدث في عهد الإخوان، فعقب الإعلان الدستوري الذي اتخذه الرئيس الأسبق محمد مرسي انتفض الإعلام وشن الإعلاميون هجومًا حادًا ووصفوا ما حدث بأنه انقلاب على الدستور وتغوّل من السلطة التنفيذية على السلطة القضائية وشكّل السياسيون جبهة الإنقاذ، وعلى المستوى الشعبى كانت القضية محل تعاطف الجماهير باستثناء مؤيدي الإخوان بالطبع”.
وتابع: الغريب أن كثيرًا من الإعلاميين والسياسيين اليوم لا نسمع لهم صوتًا، اعتراضًا على ما حدث، بل يطبل بعضهم ويوالس ناصحًا القضاة بالصمت وعدم إثارة مشاكل مع السلطة التنفيذية!
واختتم البرلماني السابق مقاله بأن “استقلال القضاء في خطر أيام الإخوان، بينما لا توجد أي مشكلة الآن تمس استقلال القضاء لأن الاعتراض على ما حدث سيُغضب السلطة ويجعلهم في مربع المعارضين للسلطة”.
مصطفى النجار أشار إلى أن “ردود الأفعال الهزيلة تجاه ما حدث تُنبئ عن ازدواجية رهيبة مقارنة بما حدث في عهد الإخوان”
القضاء والنظام.. معارك لا تتوقف
يسجل التاريخ المعاصر معارك دامية بين القضاة والأنظمة الحاكمة لا سيما تحت عباءة الحكم العسكري بدءًا بعبد الناصر وصولاً إلى عبد الفتاح السيسي، إلا أن ذلك لا يحول دون خضوع القضاة في معظم الأحيان لرغبة السلطة وتحويلها إلى عصا لترسيخ أركان النظام وتأديب المعارضين من خلالها، ونستعرض هنا أبرز ملامح تلك المعارك.
عبد الناصر.. مذبحة القضاة
يعد عبد الناصر أبرز من انتهكوا القضاء وأهانوا القضاة، ففي عهده صدر قرار بعزل رئيس محكمة النقض و200 من القضاة، كذلك عزل جميع أعضاء مجلس إدارة نادي القضاة في ذلك الوقت.
وفي مارس 1954 تم الاعتداء على الدكتور عبد الرازق السنهوري، رئيس مجلس الدولة وأحد أبرز رجال القانون في مصر حينها، من قبل مجموعة من البلطجية بأوامر من أجهزة الأمن، ثم عزله وبعض مستشاري المجلس.
السادات.. محكمة القيم
في بداية حكمه غازل السادات القضاة من خلال إعادة المفصولين منهم في عهد عبد الناصر إلى مناصبهم مرة أخرى، لكن سرعان ما انقلب عليهم مرة أخرى وإن اختلفت الوسائل والآليات.
اعتمد السادات على نظام الانتقائية في اختيار المقربين منه لندبهم إلى دول الخليج وما في ذلك من حصول على امتيازات مادية وعينية غير مسبوقة في هذا التوقيت، مع منع المغضوب عليهم من هذه المنح، كما أنشأ “محكمة القيم، ومحكمة العيب” للسيطرة على القضاة وترويض المعارضين منهم.
مبارك.. اعتداءات الأمن ومحاصرتهم
مرت العلاقة بين مبارك والقضاة بفترات طويلة من الوئام والانسجام في ظل الامتيازات الهائلة التي منحها إليهم في مقابل تمرير المشروعات والقوانين التي تساعد في ترسيخ حكمه وتحقق له السيطرة الكاملة على مقدرات الدولة كافة، إلا أن ذلك لا يمنع من وقوع بعض الأزمات بين الجانبين.
وتتصدر تلك الأزمات ما وقع عقب إقرار برلمان مبارك لقانون السلطة القضائية حينها والذي رفضه نادي القضاة وتيار الاستقلال الذي وصفه حينها بـ”الخطوة التي تهدد مستقبل القضاء”، وقد خرجت مظاهرات من القضاة للتنديد بهذا القانون، إلا أن قوات الأمن حاصرتهم وتم الاعتداء والقبض على الكثير منهم.
مرسي.. الإعلان الدستوري
رغم قصر المدة التي قضاها الرئيس الأسبق محمد مرسي في الحكم فقد اصطدم بالقضاة مبكرًا وذلك حين أقر إعادة مجلس الشعب مرة أخرى بعد إعلان القضاء بطلان انتخاباته، فضلاً عن الإعلان الدستوري وعزل النائب العام حينها، وهو ما اعتبرته السلطة القضائية تعديًا على اختصاصاتها وتهديدًا لاستقلاليتها.
لا شك أن القضاء أحد أبرز أركان دولة ما بعد الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو 2013، كما أنه أكثر المستفيدين من تلك المرحلة في ظل ما حصل عليه من امتيازات مادية لم يحصل عليها طيلة تاريخه، ومن ثم فإن الحديث عن صدام مرتقب وتصعيد من قبل السلطات القضائية ضد الدولة هو من قبيل الخيال ليس أكثر.
الصراع بين الطرفين – الدولة والقضاء – صراع نفوذ في المقام الأول، فكل طرف يسعى للحصول على أكبر قدر من المكاسب في ظل حالة الفوضى التي تحياها البلاد منذ سنوات، وبصرف النظر عن نتائج هذه التفاعلات، ومن الفائز فيها والخاسر، إلا أنه في النهاية من الصعب أن ينفك هذا النوع من التحالف بين النظام والقضاة.