لكل ثقافة نظام قيم خاص بها، وإذا أردنا أن نكون ضمن المجتمعات الذكية ثقافيًا، يجب علينا أن نوضح هذا النظام المتعلق بالقيم في ثقافتنا، وعلى أساسه يتحدد لنا كيفية التعامل مع كل ما هو مختلف عنا، بمعنى أننا يجب أن نتحلى بالمرونة والصبر والتقبل والثقة لكل من قام بتطبيق تلك القيم التي نؤمن بها ولكن بشكل مختلف عن تطبيقنا لها كليًا.
يخلق هذا الاختلاف بين الثقافات أحيانًا نوعًا من أنواع التوتر أو الغضب، خصوصًا في مجال العمل، وبالأخص ذلك الذي يحدث بين الثقافة الجماعية “Collectivist” ونظيرتها الثقافة الفردية “Individualistic”، فهما ثقافتان من قطبين مختلفين تمامًا، أحدهما يمجد نفسه إن كان جزءًا من مجموعة قوية، ويعرف نفسه فيه طبقًا لعلاقاته الاجتماعية، والأخرى تعتمد على الاستقلالية التامة في تحديد خصائص الفرد طبقًا لشخصيته وقدراته وما يجعله مميزًا عن باقي المجموعة.
يميل الأشخاص أصحاب الثقافة الفردية إلى مساعدة الشخص طالما ينتمي إلى نفس الأيدولوجية، أو نفس الخصائص التي تميز كل فرد منهم فقط، ولكن يختلف الأمر في الثقافات الجماعية، والتي يبدي أصحابها استعدادًا لمساعدة كل من كان ضمن مجموعتهم، وأيضًا كل من كان خارجها.
تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية من أكثر البلاد التي تتمتع بالثقافة الفردية، وتشاركها في ذلك البلاد الشمال أوروبية وكذلك أستراليا، حيث يلتزم أهل تلك البلاد بكل ما كان الأفضل للفرد، وبالتالي سيعود ذلك بالنفع على المجتمع بالتبعية، بينما يتمتع الشرق الأوسط ومعه الصين وسنغافورة بثقافة جماعية واضحة وشديدة القوة والاختلاف عن الثقافة الفردية، ولهذا هم ملتزمون أشد الالتزام بتطبيق كل ما كان الأفضل للمجموعة أو للعائلة أو للمجتمع.
لا تتوقع أن يكون ما سبق على مستوى الأفراد فحسب، بل تتبع الحكومات في تلك الدول نفس الثقافات، حيث تسن الحكومة الأمريكية القوانين التي تصب في مصلحة الفرد قبل المجموعة، ولا يكون للمجموعة أثر في تغييرها، حتى لو كانت تسير عكس مصلحتهم.
“أنا ونحن” والفرق بين الثقافات
إذا أخذنا من الولايات المتحدة الأمريكية مثالًا، وآخر من الشرق الأوسط لنرى كيف يتعامل كل منهما مع الآخر في مجال العمل، سنجد الاختلاف جليًا بين الثقافة الفردية والثقافة الجماعية، فإذا أخذنا مثالًا بسيطًا بين طريقة تواصل كل منها بالآخر، سنجد أن الأمريكي يستخدم “أنا، هو، أنت” كثيرًا بين سطور كلماته، ذلك لأنه يحب أن يحدد مسؤولية كل فرد داخل المجموعة، ويوجه الكلام له تحديدًا بدلًا من المجموع.
أما الشخص القادم من الشرق الأوسط والذي يتمتع بثقافة جماعية، تراه يستخدم كثيرًا “نحن وأفعال الجمع”، ذلك لأنه لا يحب توجيه المسؤولية لشخص بعينه، ويحب أن يعمل كفريق وليس كأفراد، فيرى الأمريكي ذلك تهرب من المسؤولية، بينما يرى الشرق أوسطي ذلك نوعًا من أنواع البرودة في التعامل وعدم احترام الفريق.
عادات العمل المختلفة
على الرغم من أن لكل من الثقافة الفردية والثقافة الجماعية خصائص تميزها، فلكل قاعدة شواذ، وهذا يظهر في الثقافة العامة التي تهيمن على المجتمع والتي يتدخل فيها العادات والتقاليد والنظم المجتمعية التي يسير عليها مجموعة كبيرة من الناس لمدة معينة من الزمن والتي لا يكون لها مبررًا في كثير من الأحيان.
بطاقة العمل أهم من الصفقة
في اليابان ذات الثقافة الجماعية، لا يمكن أبدًا أن تستلم بطاقة العمل الخاصة بصاحب العمل الياباني بيد واحدة، ولا يصح أن تضعها فورًا في جيبك، فتلك من أكثر الأخطاء الشائعة التي يقع فيها رجال الأعمال عندما يعقدون صفقات تجارية مع الكوكب الياباني، فالتقاط بطاقة العمل بإهمال وعدم قراءة ما فيها لبضعة ثوان ومن ثم وضعها في حافظ البطاقات أمام صاحب العمل قد ينهي الصفقة التجارية المعقودة بين الطرفين أحيانًا كثيرة.
النوم في المكتب مقبول
لا تخشى من صرامة المؤسسات اليابانية كثيرًا، فإن كانوا صارمين بخصوص الوزن، فهم ليسوا كذلك إن وجدك مديرك وأنت تغط في نومك على مكتبك، فالنوم في المكتب مقبول في ثقافة العمل اليابانية، بل يعني هذا أنك موظف مجتهد، ومخلص في عملك حتى إنك لا تحصل على وقتٍ كافٍ للنوم في منزلك، ولهذا اضطرك الأمر أن تنام على مكتبك.
الصحة قبل العمل
يجب عليك أن تنتبه لما تأكله وأنت تعمل في اليابان، وخصوصًا لو كنت تعديت الأربعين من عمرك، فهناك قانون في اليابان يُسمى بقانون “الميتابو”، وهو القانون الذي يسمح للمؤسسة أو الشركة التي تعمل بها، من تحديد وزنك وقياس خصرك بعد أن تتعدى سن الأربعين، ذلك لأنها لا تسمح بوجود موظفين يعانون من الإفراط في الوزن أو مصابون بأمراض تتعلق بوزنهم الزائد، ولهذا تقوم بقياس الوزن لتحدد من سيجبر على نظام حمية غذائية.
طرد الموظفين ممنوع
ربما هو حلم لكثير من الموظفين حول العالم، إلا أنه تحقق في الهند حيث تنص الحكومة الهندية على أن طرد أي موظف ممنوع في حالة تعدي عدد موظفي الشركة في المجمل مئة موظف، وإن أراد مدير الشركة أن يطرد أحدهم، يجب عليه أن يأخذ الإذن من الحكومة أولًا، لكي توافق على طرده.
تشترك البرتغال مع الهند في ذلك القانون، إلا أن في البرتغال لا يمكنك طرد الموظف في أي حالة من الأحوال، إلا إذا قدمت طلبًا رسميًا للحكومة مع كل الأدلة التي تعزز أسبابك لطرده، أو يمكنك اختيار الحل الأسهل وهو أن تترجى الموظف لكي يستقيل هو بنفسه.
ممنوع دخول المرأة
تنص الحكومة الصينية على عدم عمل المرأة في كل المهام التي تحددها الحكومة بأنها أعمال “منهكة جسديًا”، منها العمل في النجارة، أو كل عمل يتطلب حمل الأثقال، ولكن حتى لو أرادت المرأة العمل في تلك المهام، لا يمكنها الإضراب أو الاعتصام، ذلك لأن الإضراب عن العمل غير قانوني في الصين، ويُعاقب عليه القانون.
دخول الحمام غير قانوني
لا يوجد قانون يعطي للموظف حق استراحة دخول الحمام في أثناء وقت الدوام في الولايات المتحدة الأمريكية، فيمكنه دخوله ضمن استراحاته المقننة، مثل استراحة الغداء، إلا أن المدراء لهم الحق في منع موظفيهم عن دخول الحمام إن أرادوا، لأن القانون لا يحمي الموظفين في تلك الحالة.
ادفع لكي تشتكي المدير
في المملكة المتحدة لا يمكنك أن تشتكي مديرك بتلك السهولة، فيجب عليك أن تدفع جزءًا من راتبك تحدده لك الشركة لكي تقاض مديرك في المحكمة، ربما يكون هذا يوم سعيد لأسوأ المدراء في المملكة المتحدة.
الإضراب ممنوع
تشترك كل من مصر والإمارات العربية المتحدة في تجريم إضراب العمل، حيث يحق لمدير العمل أن يطرد المضربين عن العمل وأن يقوم بأخذ غرامة مالية من كل واحد منهم تعويضًا عن التسبب في الإضرار بدوام العمل، كما يخص هذا القانون الموظفين الأجانب تحديدًا في الإمارات، أما في مصر، فكان تجريم الإضراب حديثًا بعد استخدام كثير من العمال الإضراب سلاحًا للاعتراض على النظام الحاكم في البلاد وليس فقط المؤسسة.