نساء قرغيزستان
بيشكك – تمر النساء في عدد من دول العالم بوضع دقيق للغاية، خاصة في ظل الصراعات المنتشرة في منطقة الشرق الأوسط، واستعباد تنظيم الدولة الإسلامية لعدد من اليزيديات، والعنف والاضطهاد البدني والنفسي الذي يسلط على النساء.
ومن أشد أنواع التعذيب النفسي والجسدي الذي يمكن تسليطه على المرأة أن يتم إجبارها على العيش كزوجة مع شخص لا تكن له أدنى مشاعر الحب، نتيجة الزواج بالإكراه.
في قرغيزستان الدولة التي تقع في آسيا الوسطى، ورغم اعتناق غالبية سكانها للإسلام الذي كرّم المرأة، تتزوج نساء قرغيزستان بالإكراه بعد أن يتم اختطافهن.
يوجد في العديد من دول العالم تقاليد غريبة قد يصعب على المرء تقبلها، منها ما يصل إلى حد الوحشية وتجريد الإنسان من أي شعور آدمي، في جمهوريات آسيا الوسطى التي استقلت عن الاتحاد السوفياتي تنتشر العديد من العادات غير المألوفة
ويوجد في العديد من دول العالم تقاليد غريبة قد يصعب على المرء تقبلها، منها ما يصل إلى حد الوحشية وتجريد الإنسان من أي شعور آدمي، في جمهوريات آسيا الوسطى التي استقلت عن الاتحاد السوفياتي تنتشر العديد من العادات غير المألوفة، رغم أن هذه المنطقة من العالم تعرف باعتناقها للإسلام آخر الرسالات السماوية وأتمها، بما أن القرآن كتاب لم يطاله التحريف.
ولكن الإسلام في هذه المناطق قد لا يكون نقيًا بالقدر الكافي نظرًا لالتقائه بممارسة قبلية وعشائرية وإثنية شاذة ترقى إلى مستوى العادات والتقاليد، التي رفضت شعوب قرغيزستان والشيشان وأنغوشيا وقازاقستان وتركمانستان التخلي عنها.
ففي عدد من المجتمعات القبلية، في آسيا الوسطى، يتم الزواج دون أن يعرف الحب طريقًا إلى قلب العروس، وفي الوقت الذي يسمح للمرأة من أقلية الكالاش، التي تسكن المناطق التي تقع على الحدود بين باكستان وأفغانستان، بتغيير الزوج بآخر يدفع ضعف مهرها لزوجها الأول، يتم في قرغيزستان اختطاف الفتيات من الطرقات والمدارس ومن منازلهن وحتى اغتصابهن بهدف إجبارهن على الزواج.
الزواج بالإكراه
من المتعارف عليه أن هذا النوع من الزواج يتم عندما يجبر الأهل أو العائلة الابن أو الابنة على الزواج بواسطة التهديد واستعمال العنف، لإجبار أحد الطرفين على الموافقة دون رضاه، إن الضغط الذي يعتبره الأهل في مصلحة العروسين، يعتبره أحد الطرفين نوعًا من الإكراه وأمرًا يتم ضد رغبته.
وعادة ما يتم فرض الزواج على المرأة أكثر من الرجل، لأن الاستقلالية المالية وقوة الشخصية من شأنهما أن يكونا عاملين يساعدان الرجل على التصدي للقرارات المسقطة من الأهل، يظل الزواج القسري أمرًا سائدًا في المجتمعات الأبوية، حيث يمكن أن يتم تزويج الفتيات حتى من دون سؤالهن عن رأيهن في العريس المتقدم لهن.
وفي العديد من المجتمعات، يحاول الأهل والعشيرة أو القبيلة إضفاء نزعة الشرعية على الزواج بالإكراه، من خلال تبريره دينيًا، والترويج إلى أن رفض الفتاة للعريس نوع من عقوق الوالدين.
في المجتمعات الإسلامية رغم أن التشريعات تحرم هذه الممارسة وتبيح للمرأة القبول أو الرفض وفق رغبتها التامة، يميل البعض إلى إمالة الميزان لصالح إرادة الأهل وإن تعارضت مع رغبة العروس
ففي المجتمعات الإسلامية، على سبيل المثال، ورغم أن التشريعات تحرم هذه الممارسة وتبيح للمرأة القبول أو الرفض وفق رغبتها التامة، يميل البعض إلى إمالة الميزان لصالح إرادة الأهل وإن تعارضت مع رغبة العروس، وغالبًا ما تنتزع الموافقة من قِبل الأهل والأقارب بواسطة الضغط النفسي والاجتماعي أو التهديد حتى بالقتل حرصًا على شرف العائلة أو الحجز أو ممارسة العنف النفسي.
عواقب الزواج بالإكراه
لا تبدي العديد من الفتيات مقاومة شرسة للتعبير عن عدم رضاها عن الزوج المتقدم خوفًا من خسارة أهلها، لكن ذلك يؤدي إلى عواقب خطيرة حيث تجبر المرأة على العيش مع شخص لا تطيقه، فتنظر إلى العلاقة الزوجية وكأنها نوع من الاغتصاب وإلى الأبناء وكأنهم أبناء الخطيئة، وليس أمامها إلا التأقلم مع ما أُكرهت عليه إما بالصبر أو بالمعاناة، والألم النفسي الذي لا ينتهي.
يسبب الزواج القسري أضرارًا نفسية وجسدية، حيث يؤكد عدد من الحقوقيين المهتمين بقضايا التمييز ضد المرأة أن انقطاع الفتيات عن المدرسة وتعلم المهنة وإدخالهن إلى دائرة الأمية والاتكالية يرجع في الكثير من المجتمعات إلى الزواج بالإكراه، وفي حال معارضة الفتيات لهذا النوع من الزواج، قد تكون النتيجة الحتمية تسليط عقوبات تأديبية تأخذ شكل الشتائم والضرب لتصل أحيانًا إلى القتل حرصًا على شرف العائلة.
بعد إتمام الزواج بالإكراه قد تستمر الحالات إلى التعذيب النفسي والجسدي للمرأة نظرًا لغياب عاطفة الحب وعدم تقديس الحياة الزوجية، وفي حال امتناع المرأة عن تلبية الطلبات الجنسية للرجل الذي تزوجها عنوة
وبعد إتمام الزواج بالإكراه قد تستمر الحالات إلى التعذيب النفسي والجسدي للمرأة نظرًا لغياب عاطفة الحب وعدم تقديس الحياة الزوجية، وفي حال امتناع المرأة عن تلبية الطلبات الجنسية للرجل الذي تزوجها عنوة، قد تكون النتيجة الاغتصاب الذي يحميه بعقد مدني أو شرعي، بحيث لا ينال المغتصب جزاءه.
ومن نتائج الزواج بالإكراه شعور المرأة بحالة خوف مستمر، قد يؤدي إلى الاكتئاب وإلحاق الضرر بالجسد والانتحار، بالإضافة إلى إصابتها بأمراض نفسية أو عضوية مزمنة نتيجة ممارسة العلاقة الجنسية بالإجبار، لكن أن تتزوج المرأة من خاطفها ويتزوجها دون رغبتها ورغبة أهلها، هو ما يمكن اعتباره أقصى درجات الوحشية.
في قرغيزستان.. المرأة تتزوج خاطفها بالإكراه
تقع قرغيزستان على امتداد الحدود الشرقية لمنطقة آسيا الوسطى، وتحدها كل من كازاخستان والصين وطاجيكستان وأوزبكستان، وهو بلد لمجتمع قبلي يتكون من غالبية مسلمة (80%) من المسلمين السنة الذين يتبعون المذهب الحنفي، و16% من المسيحيين الأرثوذكس، و4% من أتباع الديانات الأخرى.
في هذا البلد، تشبه العلاقات الأسرية إلى حد بعيد العلاقات التجارية، حيث ينظر إلى المرأة على أنها سلعة تباع وتشترى، وقد تكون الدواب أعلى قيمة من المرأة.
في قرغيزستان تعاني النساء من ظاهرة الاختطاف من أجل الزواج، حيث تشير التقديرات إلى أن امرأة من بين كل ثلاث نساء متزوجات في هذا البلد، تزوجت نتيجة الزواج بالإكراه.
وتفيد تقارير إعلامية أن 16 ألف عروس يتم اختطافها سنويًا أي بمعدل عروس كل 40 دقيقة، إلا أن العائلات لا تقدم بلاغات من أجل استرجاع بناتهن، بالإضافة إلى ذلك يمكن النظر إلى المرأة القرغيزية التي بلغت عمر الرابعة والعشرين ولم يتم التقدم لخطبتها أو لم يتم اختطافها، على أنها عانس.
يدافع الرجال عن هذا التقليد المنتشر في قرغيزستان بدعوى أن هذا التقليد الشعبي ورثوه عن أسلافهم، وتقول مريم خان، وهي إحدى النساء المختطفات، إنها كانت متوجهة إلى مكان عملها سيرًا على الأقدام في شوارع العاصمة بيشكيك، عندما هاجمها مختطفوها وأركبوها عنوة إلى سيارة نقتلها إلى إحدى القرى النائية، ليتم إجبارها على الزواج من رجل لم تلتق به من قبل، وتفيد بأنه تم احتجازها إلى أن وافقت على الزواج من خاطفها.
وصرحت إحدى المختطفات الأخريات: “لم أكن أريد الزواج، بكيت لأكثر من ساعتين ثم وافقت بعد عجزي عن مقاومة الضغوط التي فرضت عليّ من عائلة خاطفي، كما لم يكن بإمكاني الفرار”.
في المعتقدات القرغيزية تنتشر مقولة شعبية تفيد بأن المرأة التي تصل إلى منزل زوجها باكية يوم زفافها تضمن الحصول على حياة زوجية سعيدة
وفي المعتقدات القرغيزية تنتشر مقولة شعبية تفيد بأن المرأة التي تصل إلى منزل زوجها باكية يوم زفافها تضمن الحصول على حياة زوجية سعيدة، لكن المؤسف أن بعض النساء يتعرضن للاغتصاب بعد الخطف، ونظرًا للعادات المجتمعية الأبوية تلتزم غالبيتهن بالصمت ولا يقدمن شكاوى.
ومع أن القانون يحرم هذا النوع من الخطف ويعاقب عليه بالسجن، فإن عادة خطف النساء للزواج منهن منتشرة بشكل واسع في قرغيزستان، بل في ازدياد، ويوضح أحد الخبراء في شؤون هذه المنطقة أن “هذه العادة تدل على العنف الشديد الذي تتعرض له النساء في قرغيزستان، وفي ذلك إشارة إلى غياب الديمقراطية في هذا البلد”.
تلتصق هذه العادة بالشعب القرغيزي كدليل على الفحولة، في السابق كان الهدف من خطف الزوجة إظهار قوة الزوج الذي يريد أن يثبت لها أنه قادر على مواجهة الظروف الصعبة في بلد وعر وقليل الموارد، أما اليوم فيتم اختطاف المرأة والتعامل معها كفريسة يخطفها ويجبرها الرجل على الزواج منه.
الغريب في قرغيزستان أن سرقة المواشي قد تكلف السارق 11 عامًا خلف القضبان، في حين أن مختطف المرأة ومغتصبها يجازى بالزواج منها دون رضاها ولا رضى أهلها
والغريب في قرغيزستان أن سرقة المواشي قد تكلف السارق 11 عامًا خلف القضبان، في حين أن مختطف المرأة ومغتصبها يجازى بالزواج منها دون رضاها ولا رضى أهلها، وقد يتبادر إلى الذهن السؤال: لماذا لا تهرب النساء من بيت الزوج المكرهة على الارتباط به؟ يسود في المجتمع القرغيزي اعتقاد بأن من تهرب من بيت زوجها تصيبها اللعنة وتعيش تعيسة طول حياتها.
يرجع عدد من الخبراء انتشار هذه الظاهرة في البلاد إلى الحالة الاقتصادية المتدهورة، حيث إن الأسر تفرض مهورًا عالية قد تصل إلى 4 آلاف دولار على الرجل الذي يتقدم للزواج بعد الحصول على موافقة العروس وأهلها.
وفي أوائل العام 2013، أعلنت الرئاسة القرغيزية أن الرئيس ألمازبيك أتامباييف وقع مرسومًا يقضي برفع العقوبة القصوى لخطف العروس إلى السجن من 7 إلى 10 سنوات، وذلك بهدف الحد من ظاهرة واسعة الانتشار، وقبل ذلك المرسوم كانت العقوبة المسلطة على المختطف تتراوح بين 3 و5 سنوات سجنًا.
وتؤكد السلطات القيرغزية أن هذه التعديلات في القانون الجنائي هدفها حماية حقوق الفتيات اللواتي لم يبلغن بعد سن الزواج وهو 17 عامًا، إلى جانب، إلزام المجتمع باحترام حقهن في اختيار الزوج المناسب لهن، وترجو السلطات أن يشكّل تشديد العقوبة عائقًا جديًا أمام الرجال الذين يخطفون إحدى الفتيات للزواج منها دون إرادتها.