تمردت جزيرة “مينوركا” الإسبانية الواقعة وسط الجزء الغربي من البحر الأبيض على الواقع وأبت أن تظل في كنف الشقيقة الأكبر لها جزيرة “مالوركا” التي تبعد عنها نحو 40 كلم فقط، وأصبحت منافسًا قويًا لها، والفضل يرجع إلى طبيعتها الجميلة وساحلها النظيف بشقيه الرملي والحجري وتحسن الخدمات المقدمة للسياح في مختلف المجالات.
وعلى الرغم من أن مساحة الجزيرة لا تتجاوز 720 كم مربع وطول ساحلها يصل إلى 200 كم، فيما يبلغ عدد سكانها نحو 80 ألف نسمة إلا أنها تحظى بحماية اليونسكو بسبب طبيعتها الخاصة وآثارها العريقة.
لو أنك زائر عربي، عند التجول في الجزيرة ستلاحظ البصمات العربية فيها، الأمر الذي يظهر من خلال نمط بناء المنازل والأبواب والنوافذ، حيث أقام العرب فيها سنوات طويلة بعد الحقبة البيزنطية
وتنقسم الجزيرة إلى 8 أقاليم أهمها “مامون” و”سيوتا ديلا” و”فيربريمس” و”ايس كاستيل”غير أن أكثرها ضجيجًا هي العاصمة التي تسمى “ماو” بالإسبانية و”ماهون” بالإنجليزية بسبب الحركة التجارية النشطة فيها ووجود الميناء الرئيسي فيها.
لو أنك زائر عربي، عند التجول في الجزيرة ستلاحظ البصمات العربية فيها، الأمر الذي يظهر من خلال نمط بناء المنازل والأبواب والنوافذ، حيث أقام العرب فيها سنوات طويلة بعد الحقبة البيزنطية.
عند الوقوف على تاريخ المدينة نجد أن المصادر التاريخية الإسبانية تقول إن الجزيرة شهدت استيطانًا بشريًا منذ العصور الحجرية الأولى، وفيها منزل يقال إنه الأقدم في أوروبا، أما ثقافيًا فقد تأثرت الجزيرة بحضارات المتوسط، لا سيما الحضارتين اليونانية والرومانية.
وبالنظر إلى موقعها المهم، فقد كانت منطلقًا لهجمات وغزوات القراصنة على قوافل التجارة الرومانية، أما خلال احتلال الرومان لها وضمها مع “مايوركا” إلى الإمبراطورية الرومانية من قبل الإمبراطور أغسطس، فقد شهدت ازدهارًا في التجارة البحرية لها مع إيطاليا.
وقد جاء دور العرب بعد الحقبة البيزنطية، حيث تم ضم الجزيرة من قبل الخليفة في قرطبة عام 903، وتم إطلاق اسم “المنقورة” عليها، وحكمت الجزيرة لفترة طويلة من قبل سعيد حاكم القرشي الذي أعلنها ولاية مستقلة، ثم من قبل ابنه إلى حين احتلالها من قبل ألفونسو الثالث نهاية القرن الثالث عشر، حيث أنهى الوجود الإسلامي بها.
وقد هاجمها الأتراك في القرن السادس عشر، ودمروا عدة مدن فيها، ثم حل فيها البريطانيون عام 1708، حيث تم اعتبار ماهون عاصمة للجزيرة، وقد ظلوا فيها حتى عام 1803.
سكان هذه الجزيرة الساحرة فيعملون في الصيد وإنتاج الجلديات المختلفة لا سيما الأحذية، وكذلك صناعة الجبن، ويعتمدون أيضًا وبشكل رئيسي على السياحة
ولم يتم إنهاء الصراعات عليها إلا بعد التوقيع عام 1802 على اتفاقية امينز التي ضمت بموجبها مينوركا إلى إسبانيا بشكل رسمي ونهائي.
أما عن جغرافية المكان، جزيرة “مينوركا” غنية بالحجارة، وفيها هضاب في المناطق الداخلية، لكنها ليست مرتفعة، فالقمة الأعلى فيها وهي “مونتي تورو” لا يزيد ارتفاعها على 375 مترًا فوق سطح البحر.
أما سكان هذه الجزيرة الساحرة فيعملون في الصيد وإنتاج الجلديات المختلفة لا سيما الأحذية، وكذلك صناعة الجبن، ويعتمدون أيضًا وبشكل رئيسي على السياحة، ولذلك يتعاملون مع الأجانب بشكل ودي جدًا الأمر الذي يشعر السائح أنه بين أناس يعرفهم منذ فترة طويلة.
وتوفر الجزيرة للزائرين والسياح فرصة ممارسة الغوص والتجول في طبيعتها الجميلة إما سيرًا على الأقدام أو على الدراجات الهوائية، فضلاً عن التمتع بشواطئها الرملية والصخرية الجميلة والنظيفة.
فندق “ألكوفار فيل” من الأماكن المشهورة في الجزيرة، والسبب يرجع إلى توفيره جميع سبل الراحة في الجوار الريفي لـ”مينوركا”، إضافة إلى موقعه المتميز الذي يبعد عن شواطئ الجزيرة التي لم تطلها يد التلوث حتى الآن، بضع دقائق.
ويعتبر هذا الفندق الواقع جنوب شرق الجزيرة محمية طبيعية في حد ذاته، حيث إنه ذلك القصر المهيب الذي تبدو عليه علامات الزمن والذي يرجع إلى القرن الرابع العشر الميلادي، ويجسد المدرسة الكلاسيكية المحدثة في الفن المعماري البريطاني الذي يحوي بين جنباته غرف الفندق الفريد الطابع.
كما يوجد على ظهر الجزيرة فندق آخر تغلب عليه الحداثة في التصميم، بالإضافة إلى طابع خاص جدًا يتميز به هذا الفندق، حيث يجمع الفندق الحديث بين أنشطة سياحية عدة متنوعة، كل هذا وما تم ذكره بالجولة التي أخذنا فيها القارئ العزيز إلى الجزيرة، توفره “مينوركا” لؤلؤة الجزر الإسبانية، لتتربع على عرش الأماكن المميزة سياحيًا على مستوى العالم.