قبل أيام من انطلاق المفاوضات الرسمية بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بشأن تنفيذ الـ”بريكست”، صعّدت لندن من لهجتها تجاه الاتحاد، وصل حد اتهام مؤسساته بالعمل على إفشال المفاوضات والتلميح بعدم نيتها دفع المستحقات المالية لتصفية حساباتها مع الاتحاد الأوروبي، فهل يؤثر تنفيذ الخروج على العلاقات بين الطرفين؟
“ماي” تتهم الاتحاد
اتهمت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الاتحاد الأوروبي بتوجيه تهديدات إلى بريطانيا ومحاولة التأثير على نتيجة الانتخابات البرلمانية البريطانية المقررة الشهر المقبل، من خلال تسريب مضامين المباحثات عن خروج المملكة من الاتحاد، معتبرة أنهم لا يريدون نجاح البريكسيت، ويأتي هذا الاتهام كمؤشر لتأزم العلاقة بين الطرفين.
ما فتئت ماي، تؤكد على موقفها بأنها ستكون مستعدة للانسحاب من محادثات الانفصال دون التوصل إلى اتفاق إذا لم يعجبها ما يقدمه الاتحاد الأوروبي
وعقب زيارتها للملكة إليزابيث لإبلاغها بحل البرلمان، قالت ماي من مقر مجلس الوزراء البريطاني، إن البعض في بروكسل يريدون إفشال مفاوضات الخروج من الاتحاد، ولا يرغبون في نجاح المملكة المتحدة، وكانت ماي دعت الشهر الماضي إلى انتخابات مبكرة في محاولة لكسب تفويض عام وأغلبية أكبر في البرلمان لمساعدتها في تنفيذ خطتها بالخروج من السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي والتوصل لاتفاق تجارة حرة مع الاتحاد.
رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي
وأضافت ماي “لقد ازداد الموقف التفاوضي للمفوضية الأوروبية تشددًا، ووجه سياسيون ومسؤولون أوروبيون تهديدات لبريطانيا، واختير توقيت كل هذه الأفعال بقصد التأثير على نتائج الانتخابات العامة“، ويأمل الاتحاد الأوروبي بدء المفاوضات عن المادة 50 بعد الانتخابات العامة المبكرة التي دعت إليها رئيسة الوزراء تيريزا ماي والمقررة في 8 من يونيو المقبل، وما فتئت تيريزا ماي، تؤكّد في كل مرة، على موقفها بأنها ستكون مستعدة للانسحاب من محادثات الانفصال دون التوصل إلى اتفاق إذا لم يعجبها ما يقدمه الاتحاد الأوروبي.
في وقت سابق، توقعت ماي أن تكون محادثات الانفصال عن الاتحاد الأوروبي صعبة نظرًا لـ”تشدد” الموقف الأوروبي تجاه المفاوضات، وقالت رئيسة الوزراء البريطانية، لهيئة الإذاعة البريطانية (بي. بي. سي) إن محادثات الانفصال عن الاتحاد الأوروبي ستكون صعبة في ظل الموقف المتشدد الذي تبناه زعماء الاتحاد تجاه المفاوضات الوشيكة (…) يظهر هذا وغيره من تعليقات زعماء أوروبا أنه ستكون هناك أوقات صعبة في هذه المفاوضات.
الاتحاد ينتقد “أوهام” لندن
هذه التصريحات البريطانية، جاءت بعد تصريحات أوروبية، قالت لندن إنها تأتي في إطار التهجم عليها، حيث حذرت المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل، بريطانيا، بأن عليها ألا تتوقع الحصول على الحقوق نفسها التي تتمتع بها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بعد خروجها من هذا التكتل، منتقدة بعض “أوهام” لندن الحالية.
زعماء الاتحاد نصحوا البريطانيين بألا تساورهم “أوهام” الدخول سريعًا في علاقة جديدة تحافظ على أسواق الاتحاد الأوروبي مفتوحة
وتنقسم مفاوضات “بريكست”، حسب المفوضية الأوروبية التي تحدد المبادئ التوجيهية الرئيسية لها إلى ثلاثة فصول هي حماية حقوق المواطنين الأوروبيين والبريطانيين، الرؤى المالية المستقبلية، ومسألة الحدود الإيرلندية وحدود جبل طارق التابع لبريطانيا، وكان زعماء الاتحاد الأوروبي نصحوا خلال اجتماع قمة في بروكسل السبت، البريطانيين بألا تساورهم “أوهام” الدخول سريعًا في علاقة جديدة تحافظ على أسواق الاتحاد الأوروبي مفتوحة أمامهم وأن يستعدوا لتعقيدات قضايا مثل حقوق الإقامة لمواطني الاتحاد الأوروبي، وأقر الاتحاد مجموعة من الشروط القاسية لخروج بريطانيا.
البرلمان الأوروبي
وكشفت تقارير صحفية، عدم نيّة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي السماح لبريطانيا بالوصول بشكل كامل إلى السوق الداخلية للاتحاد دون أن تبقي بريطانيا في المقابل على حرية تنقل المواطنين الأوروبيين على أراضيها وهو ما ترفضه لندن، ولم تفلح محادثات رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر وكبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي في محادثات الانفصال ميشيل بارنييه في لندن، الأربعاء، في تهدئة تلك المخاوف، حسب مسؤولين في الاتحاد الأوروبي، وقال بارنييه إن الانفصال لن يتم “بسرعة وبلا ألم.”
المسائل الشائكة
خلال المفاوضات المرتقبة بين الطرفين، من المنتظر أن تكون هناك مسائل شائكة، حسب عديد من التقارير، من بينها “تسوية مالية” يطالب بها الاتحاد الأوروبي بريطانيا لتغطية التزاماتها، التي تتعلق بالميزانية وبالانسحاب من هيئات كالبنك المركزي الأوروبي أو البنك الأوروبي للاستثمار وكذلك بمساهمتها في صناديق أوروبية على غرار صندوق دعم اللاجئين في تركيا، بالإضافة إلى إيجاد اتفاقية للعلاقات التجارية المستقبلية بين الطرفين.
“حي المال” لندن
قبل ذلك، قال وزير الخروج من الاتحاد الأوروبي في بريطانيا ديفد ديفيس إن بلاده لا تخوض مفاوضات “بريكست “كمتسول بل كطرف مفاوض، رافضًا احتمال دفع بريطانيا ستين مليار يورو للاتحاد الأوروبي، وقدرت المفوضية الأوروبية، المبلغ الذي يجب على بريطانيا أن تدفعه بـ60 مليار يورو (64 مليار دولار)، ويعتقد المسؤولون البريطانيون من جانبهم أن الرقم الحقيقي يجب أن يكون قريبًا من 20 مليار يورو في نهاية المطاف.
تعتبر بريطانيا من أكبر المساهمين في ميزانية الاتحاد الأوروبي
وأشارت تقارير صحفية إلى إمكانية أن تصل فاتورة بريطانيا لتصفية حساباتها مع الاتحاد الأوروبي إلى مئة مليار يورو، لكن ديفيس نفى علمه بذلك ووصف الأمر بأنه “أولى المناورات” من الاتحاد الأوروبي، لكنه اعترف في الوقت نفسه بأن مفاوضات الخروج ستكون صعبة، وأضاف الوزير البريطاني، “في حال الخروج من الاتحاد (دون اتفاق) لن يتم دفع أي مبلغ، لكن لا أحد يريد هذه النتيجة، نريد اتفاقًا ونعتقد أننا قادرون على التوصل إلى اتفاق، قلنا بوضوح إننا سنحترم التزاماتنا الدولية وواجباتنا القانونية، لكن لن يحددها طرف لنا، ستكون موضع مفاوضات“، وتعتبر بريطانيا من أكبر المساهمين في ميزانية الاتحاد الأوروبي.