يخطط الرئيس التركي أردوغان لزيارة عدد من دول العالم في شهر مايو/ أيار الحالي استهلها بالهند يوم الإثنين الماضي واستمرت ليومين، وبعدها غادر إلى روسيا ليلتقي بالرئيس الروسي فلادمير بوتين ومن المقرر أن يستكمل جولته إلى كل من الكويت والصين والولايات المتحدة وبلجيكا في وقت لاحق من الشهر الحاليّ.
تركيا والهند
تمكن أردوغان في زيارته إلى كل من الهند وروسيا من توسيع شبكة العلاقات التجارية لبلاده، إذ ركز أردوغان في زيارته إلى الهند على رفع التبادل التجاري بين البلدين إلى حدود 10 مليارات دولار بحلول العام 2020 وتطوير الاستثمار المتبادل بينهما، ففي لقائه مع الرئيس الهندي براناب مكرحي قال أردوغان إن التبادل التجاري السنوي بين تركيا والهندي والبالغ 6.5 مليارات دولار “غير كافٍ” وينبغي زيادته، وأكد أردوغان أن البدء في مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين من شأنه أن يضفي على العلاقات التجارية زخمًا أكبر.
يُذكر أن اتحاد غرف التجارة والصناعة الهندية لديه مكتب في إسطنبول ومن المتوقع أن يلعب دورًا أكبر في العلاقات التجارية بين البلدين، وكذلك لدى مجلس المصدرين الأتراك ومجلس العلاقات الخارجية الاقتصادي مكتب في نيودلهي بالهند.
من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الهندي بنسبة 9.9% سنويًا بالقيمة الأسمية، ليتجاوز ألمانيا في عام 2020 التي تحل في المرتبة الرابعة عالميًا
تعطي تركيا أهمية بالغة للهند من الناحية الاقتصادية وبالأخص في المستقبل، وتنبع هذه الأهمية من عاملين: الأول حجم الاستثمارات الهندية في تركيا والبالغة 110 مليارات دولار في المجالات المختلفة، والعامل الثاني مرتبط بالإنجازات الكبيرة التي حققها الاقتصاد الهندي خلال الأعوام القليلة الماضية، إذ أزاح الاقتصاد البريطاني باحتلاله سادس أكبر اقتصاد في العالم من حيث الناتج الإجمالي المحلي، بعد الولايات المتحدة والصين واليابان وألمانيا وفرنسا.
واستنادًا إلى توقعات صندوق النقد الدولي، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الهندي بنسبة 9.9% سنويًا بالقيمة الأسمية، ليتجاوز ألمانيا في عام 2020 التي تحل في المرتبة الرابعة عالميًا.
ويعد الاقتصاد الهندي ضمن أكبر 20 اقتصادات في العالم حسب منظمة التجارة الدولية، وعضو في مجموعة العشرين لأكبر اقتصاديات العالم، ويبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي 2050 ترليون دولار بحسب البيانات الرسمية عام 2015 وغادر 137 مليون شخص الفقر بحلول العام 2015، إذ بلغ عدد الفقراء 270 مليون فقيرًا متراجعًا من نحو 400 مليون في العام 2005.
وتعد الخدمات التكنولوجية والمعلوماتية واجهة الاقتصاد الهندي وصاحبة أعلى مشاركة في الاقتصاد، حيث بلغت صادرات الهند 465 مليار دولار منها 155 مليار في البرمجيات حسب بيانات العام 2015، وتبلغ مساهمة الزراعة 25% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
التعاون مع الهند يجب أن يقوم على ضرورة إنشاء البنية التحتية اللازمة لقوانين الضرائب والجمارك والمالية والقطاعات الحساسة بين تركيا والهند
ويرى أردوغان أن التعاون مع الهند يجب أن يقوم على ضرورة إنشاء البنية التحتية اللازمة لقوانين الضرائب والجمارك والمالية والقطاعات الحساسة بين البلدين، من أجل استخدام هذه القدرات، وأنه يجب تخفيف الضغط على التبادل التجاري بين البلدين، عبر استخدام العملة المحلية بالتجارة في إشارة منه إلى إلغاء الدولار في التبادل التجاري بين البلدين وهو ما حصل بين العديد من الدول حول العالم، والجدير بالذكر أن العلاقات التجارية بين البلدين زاد حجمها في الأعوام العشر الأخيرة، إذ تضاعف بواقع سبع مرات خلال تلك الفترة.
روسيا وتركيا إلى مزيد من التعاون
تزداد العلاقات قربًا بين كل من روسيا وتركيا مع كل زيارة متبادلة بين الرئيسين اللذين يطمحان إلى زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 100 مليار دولار سنويًا، والتأكيد على سرعة إنجاز المشاريع التي تقوم بها روسيا في تركيا على رأسها المحطة النووية جنوبي مرسين، وعلى الرغم من اللقاءات بين مسؤولي الجانبين، فكلا البلدين لا تزالان تفرضان حظرًا على بعض المنتجات تحول دون عودة البلاد إلى الوضع السابق ما قبل الأزمة.
هبط حجم التبادل التجاري بين تركيا وروسيا من 35 مليار دولار إلى نحو 28 مليارًا عام 2016
إذ قررت تركيا إيقاف إصدار تراخيص استيراد زيت عباد الشمس والقمح والذرة، من روسيا بسبب إبقائها على عقوبات حظر على سلع ومنتجات زراعية في مقدمتها البندورة والعنب والخيار والتفاح والكمثرى والفراولة إلى جانب لحوم الدجاج والديك الرومي.
وقبل حادثة إسقاط طائرة السوخوي الروسية على الحدود السورية التركية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، كانت تركيا توفر للسوق الروسية 65% من وارداتها من الطماطم وأكثر من ربع اليوسفي المستورد ونحو ربع الواردات من الخيار، إلا أن روسيا توقفت عن استيرادها بعد حادثة إسقاط الطائرة وهبط حجم التبادل التجاري من 35 مليار دولار إلى نحو 28 مليارًا عام 2016.
تربط موسكو رفع الحظر عن البندورة التركية بتراجع أنقرة عن الضرائب التي فرصتها على القمح المستورد من روسيا، وتعد الأسواق الروسية مهمة بالنسبة للمصدرين الأتراك بسبب حجمها، إذ بلغت قيمة الصادرات التركية إلى روسيا من الخضار نحو 875 مليون دولار قبل عام 2015، حصة البندورة منها 259 مليون دولار.
ومن المتوقع أن يتم رفع الحظر عن منتجات كلا البلدين في الأيام المقبلة، في إطار تعزيز العلاقات التجارية أكثر والوصول إلى 100 مليار دولار تبادل تجاري بين البلدين.
بلغت قيمة الصادرات التركية إلى روسيا من الخضار نحو 875 مليون دولار قبل عام 2015، حصة البندورة منها 259 مليون دولار
على كل حال فاللقاء بين الزعيمين لم يحمل أي جديد على صعيد العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وما جرى هو تفاهمات لأمور سابقة وتذليل للصعوبات لرفع الحظر عن المنتجات التركية/ الروسية المتبادلة بين البلدين، فيما ركز لقاء الزعيمين على الملف السوري بشكل أعمق والتفاهمات الجارية بشأنه.
لا يزال الرئيس التركي يحاول توسيع شبكة العلاقات التجارية مع دول العالم بغرض زيادة صادرات بلاده والارتقاء بالاقتصاد إلى مستويات أعلى، مستغلاً حالة الاستقرار التي تمر بها البلاد بعد الاستفتاء على التعديلات الدستورية التي جاءت نتيجتها “نعم”، إذ تحسنت الليرة التركية إلى أفضل مستوياتها منذ 4 أشهر بالغة 3.54 ليرة أمام الدولار، ومن المتوقع أن تكون زيارات الرئيس المقبلة إلى الصين والكويت والولايات المتحدة متماهية مع الطموحات الاقتصادية لتركيا.