خرجت نتيجة الانتخابات الداخلية لحركة المقاومة الإسلامية حماس على لسان رئيس المكتب السياسي لحركة حماس المنتهية ولايته خالد مشعل، لتعلن فوز إسماعيل هنية برئاسة المكتب خلفًا له بعد انتخابات جرت اليومين الماضيين.
ليغادر بذلك خالد مشعل منصبه الذي تولاه منذ العام 1996، حيث لا تتيح لوائح حماس الداخلية له بالترشح مجددًا، فيما نقلت ونقلت وكالة الأناضول التركية عن مصدر في المكتب السياسي لحماس أن جلسة الانتخابات جرت في العاصمة القطرية الدوحة وفي غزة في وقت متزامن، بواسطة نظام الربط التلفزيوني (الفيديو كونفرنس).
وكان من المفترض أن يسافر عدد من قادة حركة حماس من قطاع غزة إلى قطر، وعلى رأسهم هنية للمشاركة في الانتخابات وحضور تدشين وثيقة حماس السياسية الجديدة، إلا أن إغلاق معبر رفح خلال الأيام السابقة حال دون ذلك، بعد تذرع السلطات المصرية بالأوضاع الأمنية.
إسماعيل هنية
تفاصيل الانتخابات
ذكرت مصادر إعلامية مقربة من حماس أن المنافسة خلال الانتخابات الأخيرة جرت بين ثلاثة من القادة، وهم في الأساس نائبا خالد مشعل إسماعيل هنية وموسى أبو مرزوق، والعضو السابق في المكتب السياسي محمد نزال، وقد أتى إنضمام نزال لسباق الترشح بعد أن ظل فترة مقتصرًا على هنية وأبو مرزوق، في حين كانت المصادر تشير بقوة منذ البداية إلى حظوظ هنية الأوفر.
شارك في الانتخابات الداخلية آلاف من أعضاء الحركة في القطاع، بحسب المصادر المتابعة للانتخابات، وكان من بين الفائزين بعضوية المكتب السياسي في غزة الدكتور محمود الزهار والمهندس عماد العلمي وصلاح البردويل وعطا الله أبو السبح، كما أعيد انتخاب أحمد بحر لرئاسة مجلس شورى الحركة في القطاع
وكانت الانتخابات قد بدأت مراحلها وترتيباتها قبل شهور عدة، حيث شملت ثلاث مناطق تتواجد فيها الحركة بكوادرها وقيادتها، تسميها الحركة في أدبياتها بالأقاليم، وهي إقليم عزة، والضفة والخارج، ويأتي في آخر هذه المراحل عقد انتخابات رئيس الحركة المعروف باسم “رئيس المكتب السياسي”.
وكانت حركة المقاومة الإسلامية حماس قد انتخبت يحيى السنوار مسؤولًا لمكتبها في قطاع غزة، وخليل الحية نائبا له، في منتصف فبراير الماضي، وقد أثار فوز السنور برئاسة الحركة في غزة خلفًا لهنية موجة من النقاشات الداخلية والخارجية، إذ أن السنوار الأسير المحرر هو أحد أبرز القيادات في الجناح العسكري للحركة “كتائب الشهيد عز الدين القسام”.
وقد شارك في الانتخابات الداخلية آلاف من أعضاء الحركة في القطاع، بحسب المصادر المتابعة للانتخابات، وكان من بين الفائزين بعضوية المكتب السياسي في غزة الدكتور محمود الزهار والمهندس عماد العلمي وصلاح البردويل وعطا الله أبو السبح، كما أعيد انتخاب أحمد بحر لرئاسة مجلس شورى الحركة في القطاع.
واستكملت حماس انتخاباتها الداخلية في الضفة الغربية بعد ذلك في تكتم إعلامي، وكذلك خارج فلسطين قبل انتخاب رئيس المكتب السياسي، الذي كان مقررًا في منتصف مارس الماضي، لكنه تأجل إلى شهر مايو، فيما يبدو لما بعد إعلان الوثيقة السياسية الجديدة.
وقد أشارت مصادر إعلامية إلى أن نسبة التغيير التي حصلت في الصفوف القيادية للحركة تجاوزت الـ 50 %، ومن ضمنها تقرير نشره موقع عربي21، حيث أوردت مصادر خاصة أن: “تطور نسبي في حضور الشباب والمرأة في الصفوف القيادية المختلفة وهي إشارة إيجابية لضخ المزيد من الدماء الشابة في الحركة على كافة المستويات”.
هنية ومرحلة التحديات
يتسلم قيادة الحركة في هذا التوقيت إسماعيل عبد السلام أحمد هنية، رئيس وزراء الحكومة الفلسطينية العاشرة، ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس تحت قيادة مشعل، في فترة زمنية تعج بالتحديات الداخلية والخارجية.
ولد هنية عام 1963 في مخيم الشاطئ، بعد أن لجأت أسرته إلى هناك من مدينة عسقلان عقب النكبة، ثم تعلم في الجامعة الإسلامية بقطاع غزة. وفي عام 1987 تخرج من الجامعة الإسلامية بعد حصوله على إجازة في الأدب العربي.
صعد اسم هنية إلى الصفوف القيادية سريعًا، خاصة مع ظروف الاغتيالات التي مرت بها الحركة
كان هنية أحد قادة العمل الطلابي الإسلامي في الجامعة تحت راية “الكتلة الإسلامية” الذراع الطلابي لجماعة الإخوان المسلمين في فلسطين، وكان عضوًا في مجلس طلبة الجامعة الإسلامية في غزة بين عامي 1983 و 1984، ثم تولى في السنة التالية منصب رئيس مجلس الطلبة.
اعتقلت السلطات الإسرائيلية هنية عام 1989 لمدة ثلاث سنوات، ثم نفي بعدها إلى مرج الزهور على الحدود اللبنانية الفلسطينية مع مجموعة من قادة حماس، حيث قضى عامًا كاملًا في الإبعاد، إلى أن عاد ليترأس مكتب مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين، حيث عُرف بقربه الشديد من الشيخ.
وعقب ذلك صعد اسم هنية إلى الصفوف القيادية سريعًا، خاصة مع ظروف الاغتيالات التي مرت بها الحركة آنذاك، إذ اغتيل الشيخ المؤسس ياسين على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، واغتيل بعده الدكتور عبد العزيز الرنتيسي.
إلى أن ترأس هنية في ديسمبر 2005 قائمة التغيير والإصلاح التي فازت بالأغلبية في الانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية عام 2006، حيث اختارته الحركة لتولي منصب رئيس وزراء فلسطين، ولكنه أقيل من قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد أحداث قطاع غزة التي عرفت باسم “الحسم العسكري”، إذ استولت حماس وذراعها العسكري على مقاليد الحكم في غزة، بعد أن اتهمت فتح بمحاولة “الانقلاب” على الانتخابات التشريعية، وعملت حكومة هنية بعدها تحت الحصار وعدم الاعتراف الدولي إلى أن تنازل عنها طواعية حسب تصريحه إلى حكومة رامي الحمد الله في إطار جهود ساعية للمصالحة الداخلية الفلسطينية.
ليترك هنية موقعه في 2017 في مكتب حماس غزة كرئيسًا له ليحيى السنوار القيادي المفرج عنه، ويتأهب فيما يبدو للرحيل خارج غزة ليباشر مهام منصبه الجديد كرئيس للمكتب السياسي للحركة.
مصير مشعل
وبهذه النتيجة يترجل قائد حماس الأقوى خلال السنوات الماضية عن منصبه خالد مشعل، وسط تكهنات حول دوره المستقبلي في الحركة، ففي حين يكتفي مصدر مقرب من الحركة بالقول إن “مشعل سيبقى جزءا مهما من قيادة الحركة وأن النقاش في الخيارات بشأنه مفتوحة عقب الانتهاء من الانتخابات”، تكشف المصادر الخاصة لموقع “عربي21” في تقرير حول انتخابات الحركة أن مشعل أصر على رفض استلام أي منصب تنفيذي في الحركة بعد انتخاب القائد الجديد، بل إنه يكتفي حاليا بتعريف موقعه بأنه “عضو مجلس شورى الحركة والرئيس السابق لها”.
توصل نون بوست إلى معلومات من مصادر خاصة داخل الحركة، تفيد بأن مشعل ربما سيتقلد منصب رئاسة مجلس الشورى داخل الحركة
وكان نون بوست قد وجه سؤال مصير مشعل إلى القيادي الحمساوي فوزي برهوم سابقًا وأجاب بقوله أن “خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للحركة سيغادر موقعه، ولكنه ولم يغادر الدور”، مؤكدًا أن “الحركة مقبلة على المرحلة الاخيرة من انتخاباتها الداخلية، وهذه الانتخابات هي من سيحدد الموقع الجديد لمشعل داخل مؤسسات الحركة، بحيث أنه سيؤدي دوره من خلال موقعه الجديد والذي تحدده الانتخابات”.
فيما توصل نون بوست إلى معلومات من مصادر خاصة داخل الحركة، تفيد بأن مشعل ربما سيتقلد منصب رئاسة مجلس الشورى داخل الحركة، بحيث سيكون في الوقت نفسه عضوًا للمكتب السياسي وربما نائبًا للرئيس فيه.