في هذا المقال سنطرق أبواب المنازل التونسية، “دار دار و بيت بيت وزنقة زنقة”، وسندخل تحديدا إلى المطبخ التونسي، حيث سنتعرف على أشهى الأكلات التونسية على الإطلاق والذي يفوح ويرد الروح وهو أكلة “العصبان”.
تعد العصبان أكلة مشتركة بين كل سكان المغرب العربي الذين يوحدون التسمية، وتعرف بأنها أكلة شعبية متميزة تعدها المرأة من الألف إلى الياء، وهي من الأكلات الشعبية، كذلك، في مصر حيث يسمى بـ”الممبار”.
العصبان يعد أساسا من “كرش” وأمعاء الأبقار أو الخرفان أو الماعز
ولأن العصبان يعد أساسا من “كرش” وأمعاء الأبقار أو الخرفان أو الماعز، ففي مواسم عيد الأضحى لا يخلو منزل من صناعة العصبان، فتتحولق حوله الصبايا لمساعدة الأم على التحضير، ويتنافسن على ذلك لأن الأشد كفاءة منهن سوف تحظى برضى أفراد العائلة والزوار وينسب إليها إعداده وتحضيره وخاصة لذته.
وقد كانت العائلات التونسية تخص إعداد العصبان وتربطه بموسم عيد الإضحى، ولكن في السنوات الأخيرة، بات تحضير الأكلة مرتبطًا بعدة عوامل منها عوامل نفسية وأخرى اقتصادية وحتى زمنية.
فمثلا لو رغب رب العائلة في “كسكسي بالعصبان” ، بدون استئذان ستراه يفاجئ زوجته بكل ما يقتضيه ويستوجب تحضير “العصبان”، وقد يرتبط كذلك إعداده بالقدرة على تحمل تكاليف الشراء وكل “قدير وقدرو” كما يقال باللهجة العامية.
هذا بالإضافة إلى التفرغ، لأن المرأة في تونس خرجت الى سوق العمل وباتت عاملة، ولا يوجد وقت فراغ للتحضير وإعداد الأكلة التي تتطلب جهدا كبيرًا، إلا في العطل والأعياد، ولكل بلد عاداته وتقاليده وطرقه التي تميزه و”كل بلاد وأرطالها” في طريقة إعداد وتحضير العصبان، حيث تبقى “الهريسة العربي الدياري” أهم عنصر يميز مذاق العصبان التونسي.
طريقة التحضير
في البداية نقوم بتنظيف الكرشة والأمعاء بشكل جيد جداً ثم نقوم بتقسيم الكرشة لأجزاء متساوية ونقوم بخياطتها على شكل الجيوب، أو كرات صغيرة الحجم ونترك جزءاً منها مفتوحاً وذلك لإدخال الحشو الذي سوف نعده لاحقا.
في مرحلة أخرى نقوم بتنظيف كل من اللحم والقلب والرئتين والكبد وبعد القيام بتنظيف هذه العناصر نقوم بتقطيعها قطعاً صغيرة ونضعها في قدر ممتلئ ماء ونتركها تغلي على النار مدة زمنية معينة.
من الملاحظ عند تحضير الأكلة أن رائحة الخليط متميزة وفواحة وكذلك عند الطهو، فرائحة العصبان تتجاوز النوافذ لتحرك أرنبة أنف المار
إضافة إلى عنصر اللحم تعتبر الخضار عنصرًا أساسيًا حتى تكتمل أكلة العصبان، فنقوم بتقطيع كل من البصل والسبانخ والمعدنوس والثوم ونضيف إليها كل من النعناع المجفف والطماطم المعلبة والهريسة العربي والزيت الطبيعي، والتوابل والفلفل الأسود والأرز ثم نظيف قطع اللحم التي سبق وقمنا بإعدادها ونمزجها جيداً بالأيدي ونتركها حتى ترتاح.
وفي النهاية نقوم بحشو أكياس الكرشة بهذا الخليط المتكون من عناصر غذائية أساسية يستفيد منها جسمنا وذو نكهة ومذاق طيب ونقوم بخياطة ما تبقى من الكيس حتى نحافظ على تماسك هذا الكيس العجيب، ذو الطابع المتميز والرائحة الزكية الذي تحبذه جل العائلات التونسية الغنية منه والفقيرة.
ومن الملاحظ عند التحضير أن رائحة الخليط متميزة وفواحة وكذلك عند الطهو فرائحة العصبان تتجاوز النوافذ لتحرك أرنبة أنف المار.