تواصل دولة الاحتلال الإسرائيلي عدوانها الهمجي على قطاع غزة للشهر الثاني على التوالي، متسببة في مقتل نحو 10 آلاف فلسطيني وجرح آلاف آخرين، فيما تبدو الجهود الدبلوماسية مكبلة أو عاجزة عن خلق أي بصيص أمل لهدنة أو وقف إطلاق نار – ولو محدود – لإدخال المساعدات للناجين من المحرقة الإسرائيلية في القطاع المحاصر.
مع انتهاء الشهر الأول للعدوان، نستعرض في نقاط سريعة عبر هذا التقرير أبرز الأحداث التي جرت خلال 31 يومًا على الصعد السياسية والميدانية والإنسانية.
قصف همجي
خلال الشهر الأول للحرب على غزة، تعمد جيش الاحتلال قصف الوحدات السكنية ودور العبادة (مساجد وكنائس) والمدارس والمستشفيات ومراكز الإيواء، متسببًا في مجازر كبرى بحق الفلسطينيين.
تعرضوا للقصف ليلاً ووصلوا إلى المستشفى جثثاً بعد 5 ساعات بسبب انقطاع الاتصالات وتعذر الوصول إلى سيارات الإسعاف#طوفان_القدس#غزة_تقاوم pic.twitter.com/9ic1Utytb5
— نون بوست (@NoonPost) November 6, 2023
دمر القصف الإسرائيلي نحو 220 ألف منزل، كما دمر بشكل كلي 55 مسجدًا، إضافة إلى تضرر 112 مسجدًا بشكل جزئي، وتم قصف 220 مدرسة منها 38 دمّرت بالكامل، وطالت الغارات 15 مرفقًا صحيًا و51 عيادة تم تدميرها بالكامل، و150 سيارة إسعاف، وخرج 16 مستشفى رئيسي من أصل 35 في القطاع عن العمل.
انهيار القطاع الصحي
تعاني مستشفيات غزة من شبح الانهيار التام، وفق اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فالأطباء منهكون وهناك شح بالمستلزمات الطبية والوقود، في ظلّ القصف المتواصل على المنشآت الصحية وتواصل حصار القطاع ومنع المساعدات الطبية من الوصول لغزة.
أعداد الشهداء في ارتفاع متواصل
أحصت وزارة الصحة في غزة 9770 شهيدًا منذ بداية العدوان الإسرائيلي على القطاع، بينهم 4800 طفل و2550 امرأةً و596 مسنًا، فضلًا عن إصابة أكثر من 24 ألف فلسطيني، وارتكب الاحتلال 1031 مجزرة منذ بداية العدوان على القطاع.
1.6 مليون نازح
أجبر العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة نحو 1.6 مليون فلسطيني بالقطاع على النزوح داخليًا بينهم 117 ألف نازح يقيمون في مرافق صحية ونحو 69 ألفًا 400 يقيمون في 149 ملجأ طوارئ تابع لوكالة الأونروا، وفق بيانات حكومية.
حرب موازية في الضفة
يواجه الفلسطينيون في الضفة الغربية حربًا موازيةً لما يجري في قطاع غزة، وإلى اليوم استشهد 153 فلسطينيًا وأصيب 2200 بجروح بينهم بحالات حرجة، في الضفة بما فيها مدينة القدس الشرقية وفق معطيات وزارة الصحة الفلسطينية.
فلسطينيون يضطرون لنقل المصابين على عربات بدائية بسبب استهداف الاحتلال لسيارات الإسعاف ونفاذ الوقود في قطاع غزة.#غزة_تستغيث pic.twitter.com/buxNHXPRIh
— نون بوست (@NoonPost) November 5, 2023
كما اعتقل الكيان الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي نحو 2150 فلسطينيًا بالضفة الغربية، وفق نادي الأسير الفلسطيني، وتشمل هذه الحصيلة من جرى اعتقالهم من المنازل وعبر الحواجز العسكرية، ومن اضطروا لتسليم أنفسهم تحت الضغط، واحتجاز أفراد من عائلاتهم كرهائن.
التهديد بإلقاء قنبلة نووية على غزة
قال وزير التراث بالحكومة الإسرائيلية عميحاي إلياهو، إن إلقاء قنبلة نووية على غزة هو حل ممكن، مضيفًا أن قطاع غزة يجب ألا يبقى على وجه الأرض، وعلى “إسرائيل” إعادة إقامة المستوطنات فيه، ورأى أن للحرب أثمانًا بالنسبة لمن وصفهم بـ”المختطفين” الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية.
مواجهات عنيفة على الأرض
تحاول الآليات العسكرية الإسرائيلية في الأيام الأخيرة، التوغل داخل أراضي قطاع غزة، لكن المقاومة الفلسطينية تصدت لها وأجبرتها في أكثر من مرة على التراجع في محاور عدة منها محاور ببلدة بيت حانون (شمال) وشمال غرب مدينة غزة (حي الزيتون) وجنوبها (حيي تل الهوى).
أسلحة محرمة دوليًا
يستخدم الكيان الإسرائيلي في حربه ضد غزة أسلحة غير معتادة، تتسبب في إصابات وجروح غامضة، تشبه الإصابات التي تتسبب بها القنابل العنقودية الخطيرة.
من جهتها، أكّدت وزارة الصحة في غزة أن جيش الاحتلال يستخدم قذائف من النوع المحرم دوليًا، فالشظايا تخترق الجسم وتحدث انفجارات بداخله، وحروقًا فظيعة تؤدي لإذابة جلود المصابين بها وفي بعض الأحيان إلى الموت.
بريطانيون يفترشون الأرض في محطة برمنغهام المركزية مطالبين بوقف المجازر الإسرائيلية وتنفيذ هدنة في غزة#غزة_الآن #غزة_تستغيث pic.twitter.com/e42mk5988k
— نون بوست (@NoonPost) November 2, 2023
وتوصلت “هيومن رايتس ووتش”، استنادًا إلى فيديوهات تمّ التحقق من صحتها وروايات شهود، إلى أن قوات الاحتلال تستخدم الفسفور الأبيض في عملياتها العسكرية ضد غزة، كسلاح قادر على التسبب بحروق شديدة، غالبًا ما تصل إلى العظام، ويكون شفاؤها بطيئًا، وقد تتطور إلى التهابات وفي بعض الأحيان تكون قاتلة.
أسرى إسرائيليين
خلال عملية طوفان الأقصى، أسرت المقاومة الفلسطينية نحو 250 إسرائيليًا، وأعلنت أنها تريد مبادلتهم بنحو 10 آلاف أسير فلسطيني في سجون الاحتلال الإسرائيلي، بينهم 5192 معتقلًا “أمنيًا”، من ضمنهم مقاتلو حماس.
أفرجت المقاومة عن بعض الأسرى، كما قال الناطق الرسمي باسم كتائب القسام أبو عبيدة في كلمة مسجلة: “أبلغنا الوسطاء أننا سنفرج عن عدد من الأجانب في الأيام المقبلة، انسجامًا مع رغبتنا التي أعلنا عنها بعدم الاحتفاظ بهم أو استمرار احتجازهم في غزة”.
خيار “هانيبال”
فعّل الكيان الإسرائيلي في حربه ضد غزة خيار “هانيبال” الذي يمنح جيش الاحتلال الإذن بقتل الأسرى الإسرائيليين بحجة استهداف محتجزيهم، وقد أعلنت كتائب القسام عن مقتل أكثر من 50 من الأسرى والمحتجزين بسبب قصف الجيش الإسرائيلي لهم.
51 مليار دولار
وفق أرقام أولية لوزارة المالية الإسرائيلية، ستبلغ تكلفة الحرب التي يخوضها كيان الاحتلال ضد قطاع غزة ما يصل إلى 200 مليار شيكل (51 مليار دولار)، حسب ما ورد في صحيفة كالكاليست الاقتصادية الإسرائيلية.
طرد السفراء
تنديدًا بالهجوم العسكري الإسرائيلي العدواني وغير المتناسب الذي يجري في قطاع غزة، قررت بوليفيا، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع تل أبيب، فيما استدعت كل من كولومبيا وتشيلي سفيريهما في تل أبيب للتشاور، واتهم الرئيس الكولومبي “إسرائيل” بارتكاب “مذبحة للشعب الفلسطيني”.
عربيًا، لحقت الأردن والبحرين بركب الدول الثلاثة، وقرّرا استدعاء سفيرهما لدى تل أبيب “فورًا” تعبيرًا عن موقفهما الرافض والمدين للحرب الإسرائيلية المستعرة على غزة.
القتلى الإسرائيليون
بلغ عدد ضباط وجنود الجيش الإسرائيلي الذين قتلوا منذ بدء الحرب على قطاع غزة يوم 7 أكتوبر الماضي 348 قتيلًا، فيما بلغ العدد الإجمالي للقتلى الإسرائيليين 1541، كما أصيب 5431 بجروح، بعضهم خطيرة.
أيضًا تمكنت المقاومة، من تدمير العديد من الآليات العسكرية الإسرائيلية والدبابات التي حاولت التوغل في قطاع غزة، منها مدرعة “النمر” (Panther) المصفحة بالكامل، التي تبلغ تكلفتها نحو 3 ملايين دولار أمريكي، وتصنف وفقًا لمميزاتها وملحقاتها ضمن ناقلات الجند المصفحة الأكثر أمانًا في العالم.
أسلحة المقاومة
خلال معركة “طوفان الأقصى” استخدمت المقاومة الفلسطينية الطائرات المسيرة والطائرات الشراعية، وغواصات بحرية وطرادات بحرية سريعة، فضلًا عن القوارب القابلة للتفخيخ والعبوات الناسفة العائمة لمهاجمة الأهداف الإسرائيلية.
كما كشفت المقاومة عن قذيفة الياسين 105 المطورة محليًا، التي تخترق الدبابات، فضلًا عن عبوات العمل الفدائي وصواريخ الكورنيت الروسية التي تخترق المدرعات وصاروخ “متبّر1” وهو صاروخ أرض-جو محلي الصنع، يُستخدم في التصدي لطائرات الهليكوبتر، إلى جانب منظومة “رجوم”.
مد تضامني كبير
انتفضت أغلب العواصم العربية والغربية دعمًا لفلسطين، ففي الولايات المتحدة شهدت واشنطن ونيويورك وسان فرانسيسكو مظاهرات حاشدة غير مسبوقة داعمة للفلسطينيين، ونفس الشيء في كندا التي عرفت أبرز مدنها مظاهرات كبرى تضامنًا مع الفلسطينيين وتنديدًا بالجرائم الإسرائيلية.
وفي باريس ولندن وبرلين ومعظم العواصم الأوروبية خرجت مظاهرات كبرى – رغم التضييق والقمع الأمني – داعمة للفلسطينيين ورافضة للعدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، وخلالها تم اعتقال المئات.
مظاهرة حاشدة تجوب شوارع تورنتو بكندا دعماً للفلسطينيين واحتجاجا على جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحقهم#غزة_الآن #طوفان_القدس pic.twitter.com/kH1k8cAM9Z
— نون بوست (@NoonPost) November 5, 2023
كما شهدت أغلب الدول العربية، باستثناء الإمارات والسعودية، فعاليات تضامنية كبرى مع الفلسطينيين، أبرزها تلك الفعاليات في الأردن والعراق وتونس، إذ تتواصل المظاهرات هناك دون توقف منذ بداية العدوان.
بالتزامن مع ذلك، شهدت ملاعب الكرة أيضًا فعاليات تضامنية مع فلسطين، خاصة في تونس والمغرب وبريطانيا، إذ تفنن جماهير فريقي الترجي والنادي الإفريقي التونسيين في الدفاع عن القضية الفلسطينية، وكذلك فعلت جماهير الوداد في المغرب وسيلتك في إنجلترا.
تضامن رسمي مع الفلسطينيين
أبدت العديد من الدول رفضها للعدوان الإسرائيلي على رأسها روسيا، ففي تركيا، فقد أكد رئيسها رجب طيب أردوغان أن بلاده لا يسعها الصمت إزاء ما يحصل، وأنها ستفعل كل ما بوسعها سياسيًا وإنسانيًا وعسكريًا إن اقتضى الأمر، ووصف أردوغان “إسرائيل” بـ”دولة إرهاب”، وهدد بإعلانها “مجرمة حرب أمام العالم”.
وفي روسيا، أكد الرئيس فلاديمير بوتين رفض بلاده قتل الأطفال والنساء والمسنين وترك مئات الآلاف من الناس بلا مأوى وغذاء وماء ورعاية طبية في كارثة إنسانية حقيقية.
أما الرئيس الصيني شي جين بينغ، فقد أعرب عن رغبة بكين في وقف الحرب بين الكيان الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية في أسرع وقت ممكن.
فيما اتهمت كوريا الشمالية الولايات المتحدة بالوقوف وراء الحرب الحالية بين الكيان الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، وحملتها المسؤولية الكاملة عن الحرب التي وصفتها بالمأساة.
فيديو مروع يظهر عشرات الشهداء من النساء والأطفال بقصف الاحتلال للنازحين على طريق الرشيد الساحلي#غزة_الآن #غزة_تستغيث pic.twitter.com/qV717glyk2
— نون بوست (@NoonPost) November 3, 2023
من جهتها، دعت جنوب إفريقيا الأمم المتحدة لتشكيل قوة سريعة لحماية المدنيين في القطاع، وفي إسبانيا، أدانت وزيرة الحقوق الاجتماعية الإسبانية إيوني بيلارا ما تقوم به “إسرائيل” في قطاع غزة من أفعال قالت إنه يمكن اعتبارها “جريمة حرب وإبادة جماعية مبرمجة”.
بدوره دعا المرشد الإيراني، الدول الإسلامية إلى وقف تصدير النفط والغذاء للكيان الإسرائيلي، أما البرلمان الليبي فقد دعا سلطات بلده لوقف تصدير النفط والغاز إلى الدول الداعمة للكيان الإسرائيلي، في حالة عدم توقف الحرب.
مواقف عربية خجولة
خلال أيام الشهر الأول للحرب الإسرائيلية على غزة، بدت مواقف القادة العرب مخزية في الغالب، إذ امتهن القادة إصدار بيانات التضامن والتنديد فقط، دون وجود خطوات فعلية على الأرض.
لم يكتف القادة بذلك فقط، بل بعضهم شارك في المجازر أيضًا، فمصر مثلًا لم تتحرك لفتح معبر رفح بصفة دائمة وهي المسؤولة عنه، ولم تسمح للمساعدات الإنسانية المتراكمة عند المعبر بالوصول إلى غزة.
إمعانًا في جـ،ـرائمهم وطغيانهم.. قصف إسرائيلي متجدد أمام #مستشفى_القدس في غـزة#غزة_تستغيث pic.twitter.com/Ccl4FlAgb2
— نون بوست (@NoonPost) November 4, 2023
وكشفت الحرب على غزة، الخذلان العربي للقضية الفلسطينية، فحتى القمة الطارئة التي ستعقد لمناقشة هذا الملف تم تحديد موعد 11 نوفمبر/تشرين الثاني لعقدها، أي أن الوضع الآن لا يتطلب قمة.
أما الإمارات فقد قالت إن الهجمات التي تشنها “حماس” ضد المدن والقرى الإسرائيلية، تشكل تصعيدًا خطيرًا وجسيمًا، وأعربت دولة الإمارات العربية المتحدة عن تعازيها لأسر الضحايا الإسرائيليين.
وفي تونس أبدى الرئيس قيس سعيد معارضته لمشروع قانون تجريم التطبيع، المعروض على أنظار البرلمان، قائلًا إنه يمثل خطرًا على الأمن الخارجي لتونس، وهو الذي كان يقول إن التطبيع خيانة عظمى.
دعم غربي مطلق للإسرائيليين
خلال الشهر الأول من العدوان الإسرائيلي على غزة، أبدى قادة الغرب تضامنًا مطلقًا وغير مشروط مع الكيان الإسرائيلي، وتمّ مده بالسلاح والمساعدات المالية والاستخباراتية من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا.
لم تثن الجرائم البشعة بحق الفلسطينيين، قادة الغرب عن مواصلة دعم الإسرائيليين، حتى إنهم أفشلوا مشاريع قرارات أممية لوقف الحرب وإقرار هدنة إنسانية لتجنب مزيد من المجازر، وطالبوا الكيان الإسرائيلي بمواصلة الحرب لحين تحقيق أهدافه.
“لو كنا أوكرانيين لكان الجميع وقف إلى جانبنا”.. فلسطيني أمريكي الأصل ينتقد ازدواجية المعايير الغربية بالاستجابة لمعاناة الفلسطينيين في غزة#طوفان_القدس pic.twitter.com/jY6XybDax3
— نون بوست (@NoonPost) November 6, 2023
كما دعت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر، لترحيل داعمي المقاومة، وقالت إنه يجب ترحيل داعمي حركة المقاومة الإسلامية “حماس” من البلاد طالما كان ذلك ممكنًا، وهددت ألمانيا والنمسا بوقف المساعدات للفلسطينيين.
ظهر الدعم الغربي للإسرائيليين في ميادين الكرة أيضًا، إذ سارعت العديد من الفرق لمعاقبة لاعبيها الذين أبدوا تضامنًا مع الفلسطينيين، مثلما حصل مع الجزائري يوسف عطال والمغربي أنور الغازي، كما منعوا تضامن الجماهير مع القضية الفلسطينية.