ترجمة حفصة جودة
جميعنا يعلم أن تناول الكثير من الأطعمة الضارة، تلك التي تحتوي على طاقة عالية وقيمة غذائية متدنية مثل الأطعمة السريعة والأطعمة المصنعة، يسبب زيادة الوزن وقد يؤدي إلى السمنة، هذه الأطعمة غالبًا ما تحتوي على نسبة مرتفعة من الدهون المشبعة والكربوهيدرات المكرر (أو السكر) والصوديوم، والذي يزيد من خطر الإصابة بأمراض السكري والقلب وبعض أنواع السرطان.
لكن تناول الطعام السيء له تداعيات أخرى مثيرة للدهشة، فقد فهمنا مؤخرًا أن أنماط الطعام غير الصحية من الممكن أن تؤثر على الرئتين، فتغيير نظامك الغذائي إلى نظام غني بالخضراوات والفواكه يساعدك على التنفس بشكل أسهل.
نظام غذائي صحي.. رئتين أكثر صحة
ركزت معظم الأدلة الوبائية التي تربط بين النظام الغذائي ووظيفة الرئة على مرض الانسداد الرئوي المزمن وربطت بين التدخين وتلف الرئة والربو، قامت العديد من الدراسات براقبة الناس لفترة من الوقت فوجدت أن أنماط الأطعمة غير الصحية مثل الحبوب المكررة واللحوم الحمراء والمدخنة والحلوى والبطاطس المقلية، تزيد من خطر ضعف وظائف الرئة والإصابة بالانسداد الرئوي، مقارنة بأنماط الطعام الصحية مثل الفواكه والخضراوات والأسماك والحبوب الكاملة.
تابعت إحدى الدراسات الحديثة بمتابعة 40 ألف رجل لمدة 13 عامًا، فوجدت أن تناول الفواكه والخضراوات بشكل كبير ارتبط بتناقص الإصابة بالانسداد الرئوي، أما المدخنون الحاليون أو السابقون ممن يتناولون فواكهًا وخضراوات أكثر من 5 مرات في اليوم كانوا أقل عرضة بنسبة 30 : 40% لتطور مرض الانسداد الرئوي مقارنة بهؤلاء الذين يتناولونهم أقل من مرتين في اليوم.
كشفت دراسة أجريت 3 سنوات على مرضى مصابين بالانسداد الرئوي أن المرضي الذين يتبعون نظامًا غذائيًا يتناولون فيه كميات كبيرة من الفواكه والخضراوات، شهدوا تحسنًا ملحوظًا في وظائف الرئة، أما بالنسبة للربو،/ فهناك العديد من الأدلة التي تؤكد أن النظام الغذائي الغربي والأطعمة السريعة والأطعمة المعلبة ترفع من خطر الإصابة بنوبات الربو وتراجع وظائف الرئة واللهاث وضيق التنفس.
قمنا باختبار تأثير النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات على مرضى الربو لمدة 3 أشهر، فوجدنا أن الأشخاص الذين يستهلكون الفاكهة والخضراوات أكثر من 7 مرات في اليوم أصبحوا أقل عرضة لخطر نوبات الربو، مقارنة بهؤلاء الذين يتسهلكون أقل من 3 مرات في اليوم.
في دراسة أخرى أجريت على الربو، استخدم العلماء نظامًا غذائيًا مصممًا بشكل أساسي للحد من ارتفاع ضغط الدم – النهج الغذائي لوقف ارتفاع ضغط الدم (DASH) – لمدة 6 أشهر، من بين أهداف هذا النظام استهلاك نحو 7: 12 حصة من الفواكه والخضراوات، بالإضافة إلى مرتين أو أربعة من منتجات الألبان منخفضة أو خالية الدسم والحد من تناول الدهون اليومية والصوديوم، أدى هذا النظام إلى تحسينات كبيرة في التحكم بالربو وفي نوعية الحياة عمومًا.
كيف تحسن الفواكه والخضروات من صحة الرئة؟
عادة ما يعاني الأشخاص المصابون بمشاكل في الجهاز التنفسي مثل الانسداد الرئوي والربو من التهاب الشعب الهوائية، حيث تصبح أنسجة هذه الشعب منتفخة وحساسة وتنتج الكثير من المخاط، فيصيب قنوات التنفس الكثير من الضرر يكون دائمًا في بعض الأحيان، يؤدي ضيق الشعب الهوائية إلى صعوبة خروج ودخول الهواء من وإلى الرئتين.
قد يصبح ضيق التنفس مرضًا يهدد الحياة بسرعة كبيرة، كما أن نقص تدفق الهواء له تأثير كبير على أنشطة الحياة اليومية ويسبب أعراض مثل السعال والصفير وضيق الصدر عند الأشخاص المصابين بالربو والانسداد الرئوي، تعتبر الفواكه والخضراوات مصدرًا غنيًا للعديد من العناصر الغذائية مثل الألياف سهلة الذوبان ومضادات الأكسدة والتي ثبت أنها تقلل من التهاب الشعب الهوائية.
الألياف الغذائية تحد من التهاب الرئة
توجد الألياف الغذائية في شكل ألياف قابلة للذوبان أو غير قابلة للذوبان، تتعرض الألياف القابلة للذوبان للتخمير بواسطة بكتيريا الأمعاء لإنتاج أحماض دهنية قصيرة السلسلة، هذه الأحماض ترتبط بمستقبلات محددة على سطح الخلايا المناعية والتي تحد من التهاب الشعب الهوائية، لقد وجدنا أن جرعة واحدة من تلك الألياف القابلة للذوبان تعمل على تنشيط هذه المستقبلات لتحد من التهاب الشعب الهوائية في غضون 4 ساعات فقط.
تستطيع الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة أن تثبط من نشاط الجينات المسببة لالتهاب الشعب الهوائية أيضًا، وذلك من خلال عملية تسمى التعديل الجيني، لذا فإن تناول كمية كبيرة من الألياف القابلة للذوبان يزيد من فرص حماية الشعب الهوائية من الالتهاب عن طريق تنشيط المستقبلات المناعية المضادة للالتهاب وتثبيط الجينات المتحكمة في الالتهاب.
مضادات الأكسدة مضادة للالتهاب أيضًا
تعتبر مضادات الأكسدة الموجودة في الخضراوات والفواكه مثل فيتامين سي والكاروتينات والفلافونويد مفيدة للجسم، حيث إنها تحمي من الآثار المدمرة للجزيئات الحرة وهي جزيئات عالية التفاعل تنتجها الخلايا الالتهابية النشطة والتي تستطيع أن تدمر الشعب الهوائية، ربطت بعض الدراسات الرصدية بين مضادات الأكسدة وصحة الرئة.
ومع ذلك فالبيانات الناتجة عن تجارب المكملات المضادة للأكسدة على الربو لم تكن مقنعة، أظهرت القليل من الدراسات أن تأثيرها النافع يعود على الأرجح إلى استخدام المواد الغذائية الفردية، ويبدو أن مضادات الأكسدة المتعددة الموجودة معًا في الخضراوات والفواكه والتي لها أدوار مترابطة، لها تأثير وقائي حاسم، لذا فإن إجراء تعديلات غذائية باستهلاك الكثير من الفواكه والخضراوات يعتبر استراتيجية أفضل.
في بعض الأحيان تحاصرنا رسائل التغذية في وسائل الإعلام لتخبرنا ما نأكله وما لا نأكله، وفي بعض المرات تبدو النصائح متناقضة ومربكة، لذا هذه رسالة بسيطة جدًا ومركزة للأشخاص الذين يعانون من أمراض الجهاز التنفسي، تناولوا الكثير من الفواكه والخضراوات.
ليس هناك ما تخسره من تناولهم لكنك ستجني الكثير، ففضلاً عن مساعدتك على تحقيق وزن صحي والحد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكر والسرطان، فإنها ستساعدك أيضًا على تحسين صحة رئتيك.
المصدر: ذا كونفرزيشن