في بدايةٍ تشبه كثيرًا هذا المشهد من فيلم “توايلايت”، تجلس فيها بيلا وإداوارد في مكان جميلٍ يشبه جنةٍ واسعة، لا ترى فيها سواهما، ولا يرون فيها أحدًا، فتنهار على مسامعك جميع موسيقى الفرح، التمرد، الهرب، الحب، بعيدًا عن الناس، أو تتذكر كلمات أغنية واحدة “بلا ولا شي.. وحدك، بلا ولا شي..”.
ربما ليست تلك المشاهد المفضلة لدي، أو ربما أبتذل كثيرًا تلك الأحاديث عن الرومانسية، على الرغم من كتابتي الكثير عنها في سن المراهقة، ولكني أيضًا لن أقول إنني شخصية لا تتعلق الآن على نحوٍ جدي، أو لا تفعل ما تكرهه أحيانًا، أنا أفعل تمامًا ما أكرهه، ربما أبذل ما تبذله كل أنثى من أجل رجلٍ واحد!
المشهد الذي بدأ به فيلم الأنمي Wolf Children كان مختلفًا، أن تستشعر أن ما سيحدث فيما بعد هو تغيير هائل في حياة تلك الفتاة الهادئة الجميلة عندما تشاهد هذا الغريب القادم من بعيد، ربما سيبعثر عالمها الخاص
ولكن المشهد الذي بدأ به فيلم الأنمي Wolf Children كان مختلفًا، أن تستشعر أن ما سيحدث فيما بعد هو تغيير هائل في حياة تلك الفتاة الهادئة الجميلة عندما تشاهد هذا الغريب القادم من بعيد، ربما سيبعثر عالمها الخاص، أو ربما يزيده جمالًا فوق جماله، أو أنه قد يفعل الأمرين.
ولكن بالنظر إلى أن الفتاة التي تحكي عن قصة والدتها في الخلفية، فقد أخبرتنا في تلك اللحظة أن هذا القادم من بعيد سيكون مستذئبًا، وأن والدتها ستتزوجه، فقد أمكنني التكهن بما سيأتي فيما بعد، فتاة أحبت مستئذبًا، سيحاربان معًا مثلًا ضد لا أعرف من حتى يرتبطان، أو يثوران على العادات والتقاليد، أو ربما يعيشان معًا حياةً هادئة حتى يرحل عنها كبير السن، أو ترحل هي، أو ربما لا أدري ما الذي سيحدث، فتلك الجملة بأنها ستتزوج مستذئبًا لم تجعلني أتوقع الكثير سوى المزيد من الحكايات الرومانسية المبتذلة!
ولكن هذا لم يحدث تمامًا، فقصة الفيلم انتهت قبل أن تبدأ، ذكرني هذا بفيلم UP، إن القصة الأصلية ليست سوى خلفية لأحداث أعمق، وهو ما كان هذا الفيلم عليه أيضًا، أن تبدأ القصة بدايةً هادئة، بل رائعة، ولكن تغييرًا يحدث فيقلب الأحداث رأسًا على عقب، وتبدأ القصة فعلًا!
من الغريب كيف يمكن للمرأة أن تمتلك قلبًا رغم خفَّته فإنه يقدر على التكفُّل بما لا يستطيع عشرات الرجال التكفُّل به، أن تبذل دون أن تسترد شيئًا في المقابل، لا أقول إنها لا تريد مقابلًا، فأنا لا أصدق ما يقولونه عن كون الأم – مثلًا – لا تريد شيئًا من أولادها مقابل ما تقدمه لهم، فهي حتمًا ترغب في أن تحصد ثمار ما فعلت من اهتمامٍ، أو مجرد امتنانٍ بسيط، أو ترى المقابل في سلامة أبنائها، كما أن عاطفة المرأة سواء كانت زوجة أو أمًا ليست بيدها، فهي لا تهتم لأنها تريد ذلك حقًا، هي تفعل هذا على الرغم من أنها قد لا تريده أحيانًا، ولكنها تفعله على أي حال.
تبذل الأم كل شيءٍ من أجل أبنائها بإخلاصٍ تام، كأن تقوم بعصر قطعة ليمون لآخرها، حتى تجف تمامًا، ولكن هذا الحال لا يحدث مع الأم، فعاطفتها لا تجف أبدًا
إن الذي يُفجِّر الحب في قلب امرأة هو رجل، على الرغم من أنه قد يرحل، أو أنه قد يكون أحمقًا بما فيه الكفاية ليجعلها تندم على يومٍ عرفته فيه، ولكن الندم أو الألم لا يأتيان إلا من قلبٍ أحب، فيرحل الرجل ليترك في قلبها حبًا أعظم، كأنها تنتقم منه عن طريقه، ليظهر حبًا آخر لا يُضاهيه شيئًا، وتبذل حينها أضعاف ما تبذله من أجل رجل واحد، أن تبذل كل شيءٍ من أجل أبنائها بإخلاصٍ تام، كأن تقوم بعصر قطعة ليمون لآخرها، حتى تجف تمامًا، ولكن هذا الحال لا يحدث مع الأم، فعاطفتها لا تجف أبدًا!
الذي جعلني أشعر أنني بالفعل أشاهد قصة خيالية، ليس الرجل المستذئب، أو أطفاله المستذئبون الصغار، ولكن تلك الابتسامة التي ظلت تعلو شفاه تلك الأم التي واجهت الكثير وحدها، والتي أبكتني ابتسامتها أكثر من أي شيء آخر، هذا الصمود اللعين الذي ترغب أن يتزحزح قليلًا ليعبر عن حزنك أنت، أو ربما ضعفك أنت، لا تتخيل أن تحدث لك تلك الظروف لتظهر بنصف قوتها، أو تتحمل هذه الظروف أصلًا، تلك الابتسامة التي تمرَّدت على الكثير، لتخبرك أن البطل قد يكون أمًا، أو يخبرك أنه إن لم تكن الأم بطلةً فمن سيكون! فسبحان الذي فجَّر من ضعف إحداهنَّ قوة، يتقوَّى بها الرجال، وتكون سندًا لا يُضاهيه سند.