السبسي يستدعي الجيش إلى مناطق الثروات التونسية التي تشهد إضرابات

13509028_1117571048300951_1625748389945968682_n

في إشارة إلى عسكرة مناطق إنتاج الثروات الطبيعية في بلاده، أعلن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي اليوم أنّ ” الجيش التونسي سيحمي مناطق إنتاج الثروات من فوسفات وبترول وغاز.” وقال السبسي، خلال خطاب توجه به إلى الشعب التونسي اليوم الأربعاء بثه التليفزيون الرّسمي التونسي، “أعرف أنه قرار خطير وأن التعامل مع الجيش ليس سهلا..  لكن يجب اتخاذه.” وأثناء حديثه حذر السبسي” من تعطيل إنتاج تلك الثروات نتيجة الاحتجاجات المتكررة،” مشددا على أنّ “الدّولة مطالبة بحماية تلك الموارد”.

القرار الذي كان سببا لإقالة “الصيد”

هذا القرار الذي أعلن عنه السبسي، اليوم، كان أحد أسباب إقالة رئيس الحكومة التونسية السابق الحبيب الصيد، حسب عديد الخبراء، حيث كشف الصيد، خلال الجلسة العامّة لتجديد الثقة في حكومته بتاريخ 30يوليو 2016 بمجلس نوّاب الشعب، أنّه رفض “اقتراحا” قدمته إليه أطراف لم يُسمّها بتحويل منطقة الحوض المنجمي إلى منطقة عسكرية.

رغم أن المسؤولين القائمين على حكم تونس، ما فتئوا يؤكّدون عدم امتلاك الدولة لموارد نفطية، إلا أن هذه الاجراءات تؤكّد تخوفهم من هذا الملف

 وقال الصيد، آنذاك، إنه رفض هذا الاقتراح لأنه لا يعتقد أن حلّ إشكال تعطل إنتاج الفوسفاط يتم عبر الحل الأمني وعبر مقاربة شبيهة بـ “التعاطي مع ملف الإرهاب” وحفاظا على “جمهورية” الدولة، ويعتبر الفوسفاط أهم الموارد الطبيعية لتونس ويخضع استغلاله لاحتكار الدولة التي عهدت به إلى شركة فوسفات قفصة بالجنوب التونسي، وهي مؤسسة عمومية أنشئت منذ الاحتلال الفرنسي سنة 1897 وتشغل 6837 عاملاً بحسب إحصائيات رسمية تعود إلى يونيو 2015.

ورغم أن المسؤولين القائمين على حكم تونس، ما فتئوا يؤكّدون عدم امتلاك الدولة لموارد نفطية، إلا أن هذه الاجراءات التي تم اعلانها وأخيرها تحويل هذه المناطق إلى مناطق عسكرية، تؤكّد تخوف الماسكين بالسلطة من هذا الملف الذي يسعى التونسيين إلى فتحه ومعرفة إنتاج بلادهم من النفط والغاز ومدخراتهم وعائدات البلاد المادية منه، خاصة وأن الشركات النفطية لا تضع عدادات لحساب الإنتاج .

الاعتصامات متواصلة

تشهد محافظتي تطاوين وقبلي جنوب تونس، احتجاجات للمطالبة بحق هذه الجهات من ثرواتها الباطنية، ففي تطاوين، يعتصم الآلاف للأسبوع الثالث، في منطقة الكامور التي تعد المنفذ الرئيسي التي تمر منه أغلب شاحنات الشركات النفطية والغاز نحو حقول النفط بالصحراء التونسية، كما انتشرت خيام وتجمعات معتصمين بمناطق عديدة من المحافظة، وقطع المحتجون العديد من منافذ المدينة منها الطرقات التي تسلكها شاحنات النفط والغاز، والطريق المؤدية إلى المعبر الحدودي البري مع ليبيا الذهيبة – وازن.

اعتصام “الكامور” في تطاوين

ويتفق الأهالي هناك على حاجة المنطقة إلى إجراءات حكومية تنقذها من حالة التهميش التي تعيشها، على غرار الكثير من الجهات الداخلية في البلاد، حيث نتج عن هذا الأمر وضع متردٍ على جميع المستويات، ويطالب أهالي محافظة تطاوين، الحكومة التونسية بالتوظيف داخل حقول النفط، ورصد 20% من عائدات الطاقة لفائدة الأنشطة الاجتماعية في الجهة، إضافة إلى تشغيل فرد من كل عائلة، وإنشاء فروع للشركات الأجنبية داخل المحافظة.

يعتبر المعتصمون في القلعة أن عقد الإيجار الموقع مع الشركة على مساحة تمتد لـ 60 هكتارًا ولمدة 30 عامًا كان بمقابل رمزي وزهيد

أما في قبلي فتتواصل احتجاجات أهالي المنطقة على عدم تجاوب سلطات البلاد لمطالبهم بعد الاعتصام الذي نفذوه أمام محطة الغاز، وأغلق المحتجون المحطة وأوقفوا إمدادات الغاز، ويطالب المحتجون بتحيين أو تجديد العقد المبرم مع شركة الغاز بخصوص استغلالها لأراضٍ شاسعة من مدينة القلعة لمدة 30 عامًا بثمن زهيد وتحمل الشركة لمسؤوليتها التي يفرضها عليها القانون المنظم لاستغلال المعادن والثروات الباطنية”.

ويعتبر المعتصمون في القلعة أن عقد الإيجار الموقع مع الشركة على مساحة تمتد لـ 60 هكتارًا ولمدة 30 عامًا كان بمقابل رمزي وزهيد (9 آلاف دينار/ نحو 3600 دولار) ويحتاج لمراجعة، كما يطالب المحتجون بتعويض عن سنوات الاستغلال السابقة.

الجيش يعوض فشل الحكومة

منذ بداية الاحتجاجات عملت الحكومة على السيطرة عليها والحد من فعاليتها واحتوائها عبر تقديم وعود وقرارات لفائدة الجهة وساكنيها، إلا أن هذه القرارات كانت ضعيفة ولا تستجيب لمطالب المحتجين حسب قولهم.

وزير الدفاع التونسي يتفقد قوات الجيش المتمركزة في الصحراء

إزاء هذا الفشل الحكومي في التعامل مع المحتجين وقرار قوات الأمن عدم التدخل لفضّ هذه الاحتجاجات، استدعى الرئيس التونسي الجيش لتحلّ محلّ الحكومة، والمناطق المعنية بهذا القرار، هي الحوض المنجمي بمحافظة قفصة والحقول البترولية بجهتي قابس وتطاوين وقبلي وجزيرة قرقنة.

وكان وزير الدفاع التونسي فرحات الحرشاني، قد بداية الشهر الحالي، أن الوحدات العسكرية ستعمل على تأمين المنشآت الحيوية والنفطية في محافظة تطاوين وغيرها من الجهات في ظل التهديدات الإرهابية والوضع الذي تشهده ليبيا المجاورة وفق تصريحه للتلفزة الوطنية.

تعرف تونس تباطؤا في نموها الاقتصاد فقد سجلت في العام الماضي 2016، إلى 1% مقارنة مع 1.1% في 2015

 

وتقول السلطات التونسية إن الدولة تكبّدت خسائر مالية كبيرة نتيجة هذه الاحتجاجات المتكررة التي عطلت الإنتاج في المناطق التي تحتوي على الثروات الطبيعية، وتعرف تونس تباطؤا في نموها الاقتصاد فقد سجلت في العام الماضي 2016، إلى 1% مقارنة مع 1.1% في 2015، وفق أرقام رسمية نشرها المعهد الوطني للإحصاء (حكومي) في وقت سابق.

السبسي يطلب مساعدة الاعلام

أثناء خطابه، قال الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، إن على الاعلام أن يساعدهم في عملهم، وأن يصطف إلى جانبهم، دعوة السبسي هذه تأتي في سياق محاولات عديدة لمؤسسة رئاسة الجمهورية والمستشارين العاملين هناك بالسيطرة على الاعلام والمؤسسات الإعلامية التونسية ومحاولة فرض أجندتهم عليها وتوجيه الرأي العام من خلالها.

السبسي يطلب ودّ الاعلام

وكان موقع “نواة”، قد نشر وثيقة مسرّبة قال إنها صادرة عن الرئاسة التونسية وتهدف لوضع خطة عمل لتمرير نسخة جديدة من مشروع قانون “المصالحة الاقتصادية” الذي اقترحه الرئيس الباجي قائد السبسي، وتنص الوثيقة، التي تم إعدادها خلال اجتماع الديوان الرئاسي في 29 مارس الماضي، على وضع خطة متكاملة للدفع مجدداً بقانون المصالحة، من بيها خطة إعلامية للدعاية لقانون المصالحة في صيغته الجديدة، يجري خلالها عقد لقاءات مع عدد من مالكي وسائل الاعلام وبعض الشخصيات الإعلامية المؤثرة في الرأي العام.

وسبق لنقيب الصحفيين التونسيين ناجي البغوري، أن أكّد تلقي نقابة الصحفيين عديد الشكاوى المتعلقة بوجود تعليمات منبثقة من رئاسة الجمهورية وفيها محاولة لتوجيه الإعلام، وقال البغوري في هذا الصدد “تلقينا العديد من الشكاوى من قِبل الصحفيين متعلقة بوجود تعليمات هي في الأصل منبثقة عن رئاسة الجمهورية، وفيها محاولة لتوجيه الإعلام والسيطرة عليه خاصة الإعلام العمومي”.

مشروع قانون المصالحة

إلى جانب إعلانه أنّ ” الجيش التونسي سيحمي مناطق إنتاج الثروات من فوسفات وبترول وغاز”، ركّز الرئيس التونسي في كلامه على مشروع قانون “المصالحة الوطنية في المجال الاقتصادي والمالي”، حيث قال إن مشروع هذا القانون أمام نواب البرلمان وهو سيّد نفسه، واعتبر السبسي أن “هناك جهات سياسية تدعو الى النزول إلى الشارع ضد مبادرة يطرحها الرئيس (قانون المصالحة الاقتصادية) وترفض عمل البرلمان.” وقال السبسي، “لا داعي إلى النزول إلى الشارع ولدينا مؤسسات شرعية ودستورية وبالإمكان الرفض بقول لا عبر التّصويت ضمن تلك المؤسسات.

احتجاجات ضد مشروع قانون المصالحة

ويقرّ مشروع هذا القانون، الذي اقترحه السبسي عام 2015، العفو عن قرابة 400 رجل أعمال تورطوا في قضايا فساد، والعفو عن الموظفين العموميين، وأشباههم بخصوص الأفعال المتعلقة بالفساد المالي، والاعتداء على المال العام، ما لم تكن تهدف إلى تحقيق منفعة شخصية. ولاقى مشروع القانون معارضة شديدة من المجتمع المدني في تونس، لكن الرئاسة تعتبر بأن الوضع الاقتصادي، الذي يزداد صعوبة يحتّم عقد مصالحة مع رجال الأعمال، لبعث مشاريع تساهم في إنعاش التنمية.

وتعليقا على إعلان رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، شفيق الصرصار، ونائبه وأحد أعضاء الهيئة استقالتهم من الهيئة، قال السبسي، “: مهما كانت الأسباب (لاستقالة رئيس هيئة الانتخابات) فإنها لا ترقى إلى مشاكل تونس الكبرى.” وشدّد على أنّ “مصلحة تونس فوق كل المصالح الحزبية وأن كل المشاكل تفض عن طريق الحوار والتوافق بين جميع الحساسيات الحزبيّة.”