بعد أن استطاع الإنسان أن يتجاوز حدود خياله وتحقيق أول انطلاقة له في عالم الفضاء عام 1957، منذ أن أطلقت روسيا أول قمر صناعي ومنذ أول هبوط للإنسان على سطح القمر عام 1969، فقد بدأ فضول العلماء بالازدياد للتعرف بشكل أكبر على هذا العالم الواسع، ليبدأ العالم مرحلة عصر غزو الفضاء ولتكون أول أهدافه من هذا الغزو هو الاستكشاف والبحث العلمي.
كما هو الحال على الأرض، فلقد تنافست دول العالم العظمى على غزو الفضاء بالأقمار الصناعية وفرق الرواد والمركبات الفضائية، ذلك حتى عام 1998 عندما اجتمعت دول العالم على بدأ تدشين أكبر وأول محطة فضائية دولية. إلا أن هذا المشروع كان باهظ الثمن.
المحطة الفضائية الدولية
بدأت فكرة بناء المحطة عام 1984 بعد خطاب الرئيس الأمريكي رونالد ريغان الذي أعلن أن الولايات المتحدة الأمريكية تعتزم إنشاء محطة فضائية خلال الأعوام القادمةـ عام 1993 صرح رئيس أمريكا بيل كلينتون أن عمليات بناء المحطة الفضائية قيد التخطيط وذلك بالمشاركة مع أوروبا واليابان وكندا وروسيا. عام 1998 بدأ صنع هذه المحطة وانتهى عام 2011. وهي بمثابة قمر صناعي كبير صالح لعيش البشر عليه ويمكن رؤيته بالعين المجردة وذلك لأنه تم استخدام أكثر من فدان كامل من الألواح الشمسية التي تمد المحطة بالطاقة وهذا ما يجعلها أكثر جسم لامع في السماء بعد القمر. على ارتفاع 350 ألف متر من حيث الموقع لهذه المحطة وتُكمل دورة كاملة حول الكرة الأرضية كل 90 دقيقة، لتصبح الإنجاز الذي لا يمكن الاستغناء عنه، وفي نفس الوقت الاختراع الأكثر تكلفة في العالم.
تنفق وكالة ناسا حوالي 3 مليارات دولار كل عام لتسديد احتياجات هذا المشروع.
تكلفة المحطة الفضائية بلغت ما يقارب 160 مليار دولار، كان للولايات المتحدة الأمريكية الجزء الأكبر من التكلفة والتي بلغت حوالي 100 مليار دولار، بينما تشاركت أوروبا وروسيا واليابان وكندا بباقي التكلفة.
بلغت ميزانية وكالة ناسا لتطبيق هذا المشروع خلال الأعوام الماضية إلى 58 مليار دولار، إلا أن التكلفة زادت بمبلغ 54 مليار دولار وكانت النفقات تدفع لإرسال مكوكات فضائية للمحطة لإجراء أعمال صيانة، إضافة إلى نفقات الطاقم المناوب في المحطة وعلى احتياجاته ومتطلباته. إذ تنفق الوكالة حوالي 3 مليارات دولار كل عام لتسديد احتياجات هذا المشروع.
ما الفائدة من المحطة الفضائية الدولية؟
يذكر موقع ناسا، أن هذا الإنجاز كان نقطة الانطلاق الكبيرة في غزو الفضاء، ليس فقط لأنه سمح بالمكوث في عالم الفضاء واستكشاف ما يخفيه من علوم وأسرار وعجائب، وإنما لأنه سمح للعلماء والخبراء بالقيام بالأبحاث والتكنولوجيات غير الممكنة على سطح الأرض وبهذا تكون المحطة منصة للاكتشاف العلمي والابتكار البشري. بجانب ذلك، يعد إنجاز المحطة من أعظم المشاريع العالمية الذي جمع ما يقارب 16 دولة في العالم وهذا دليل على التعاون العالمي المشترك.
هناك عدد كبير من الدراسات التي يعمل عليها رواد المحطة وذلك مثل معرفة تأثير انعدام الجاذبية الأرضية لوقت طويل على جسم الإنسان واختبار تقنيات حديثة، إضافة إلى إجراء رحلات فضائية إلى الكواكب والجسيمات الفضائية الأخرى.
يجري فريق الطاقم المناوب في المحطة حوالي 35 ساعة أسبوعياً في إجراء بحوث في مختلف المجالات العلمية الفضائية والفيزيائية والبيولوجية وذلك لتطوير المعرفة العلمية التي تفيد الناس على كوكب الأرض.
يقول جون هولدرت المستشار العلمي للبيت الأبيض “إن محطة الفضاء الدولية مختبر فريد من نوعه يتيح آفاقاً واسعة للعلم والمجتمع” وتضيف جولي روبينسون نائبة المسؤول عن البرامج العلمية لمحطة الفضاء الدولية “إن الهدف من استخدام المحطة يتمثل في التوصل إلى استكشافات علمية لا يمكن التوصل إليها إلا في حالة انعدام الجاذبية” وتشير إلى أن هناك عدد كبير من الدراسات التي يعمل عليها رواد المحطة وذلك مثل معرفة تأثير انعدام الجاذبية الأرضية لوقت طويل على جسم الإنسان واختبار تقنيات حديثة، إضافة إلى إجراء رحلات فضائية إلى الكواكب والجسيمات الفضائية الأخرى.
هذا ويذكر أن الذراع الآلي للمحطة والذي يعمل بدقة وتقنية عاليتين، ساعد بشكل كبير في عمليات الدماغ الجراحية، إذ أن هذه التنقية أنقذت حياة العديد من الناس في العالم.
ما قدمته هذه المحطة للعالم لم ينته بعد، فلقد طور الباحثون تقنيات التصوير بالرنين المغناطيسي عن بعد، التقنية التي تسمح بتشخيص الحالات المرضية للأفراد المتواجدين في أماكن معزولة وغيرها الكثير من الحلول التي تم البحث عنها وتطويرها على متن هذه المحطة.
هل يستحق هذا الاختراع مثل هذه التكلفة الباهظة؟
قال مدير شركة اينيرغيا الروسية المصنعة للصواريخ الفضائية، فلاديمير سولنتسيف “إن نسبة الاستفادة العلمية من المحطة الفضائية الدولية تبلغ 30% فقط” استناداً على هذا التصريح وجد البعض أن التكلفة المدفوعة في إنشاء هذه المحطة وما يلزم من صيانة وإصلاحات دورية لها أنها أموال ذهبت سدى وإيراداتها قليلة مقابل نفقاتها وأنه من الأجدر أن يتم استغلال هذه الأموال في أبحاث واختراعات تكون فائدتها مضمونة لسكان الأرض.